آليات توظيف النظام السوري القوانين التي وضعها للسيطرة على عشرات الآلاف من المنازل والأراضي والعقارات في محافظة حمص

مدير الشبكة السورية لحقوق الإنسان يحصل على الجائزة الفرنسية الألمانية لحقوق الإنسان

12-12-2023

سياسة تدمير مدروسة اتبعها النظام السوري بهدف الاستيلاء على المنازل والأراضي والعقارات من خلال ترسانة قانونية غير شرعية

أصدرت الشبكة السورية لحقوق الإنسان اليوم تقريراً بعنوان “آليات توظيف النظام السوري القوانين التي وضعها للسيطرة على عشرات الآلاف من المنازل والأراضي والعقارات في محافظة حمص”، أشارت فيه إلى سياسة التدمير المدروسة التي اتبعها النظام السوري بهدف الاستيلاء على المنازل والأراضي والعقارات من خلال ترسانة قانونية غير شرعية.

جاء التقرير في بابين وستة فصول، تعرَّض الباب الأول إلى “انخراط سكان محافظة حمص في حراك الشعب السوري وتداعيات ذلك على حياتهم وملكياتهم العقارية” عرض مسار تطور الحراك الشعبي نحو الديمقراطية في محافظة حمص ورد فعل النظام السوري العنيف على المطالب السلمية للشعب السوري، ثم استعراض أبرز الانتهاكات الفظيعة التي مارسها النظام السوري فيها منذ بداية الحراك في آذار/ 2011، كما رصد هذا الباب أيضاً حجم الدمار الذي ألحقه النظام. في حين تناول التقرير في الباب الثاني حالتي الدراسة المنتقاة ضمن هذا التقرير: الأولى لـ “حي باب عمرو” في مدينة حمص، والثانية لمدينة “القصير” في ريف المحافظة، في محاولة من الشبكة السورية لحقوق الإنسان تنويع مجالات الدراسة بين المدينة والريف في محافظة حمص. واستعرض التقرير في هذا الباب أبرز الانتهاكات المرتكبة فيهما وما نجم مِن دمار في تلكما المنطقتين، وتأثير ذلك في عملية الهجرة القسرية لسكان المحافظة واستغلال النظام السوري ذلك من أجل الاستيلاء على الملكيات العقارية.

اعتمد التقرير على المنهج الاستقصائي والتحليلي، مِن خلال تتبع شهادات حية، وخرائط تفاعلية، وصور توثيقية، وفيديوهات؛ بغرض الوصول إلى النتائج المتحصَّل عليها، وبالأخص في جوانب متابعة تطورات الأوضاع ميدانياً، وقدَّم التقرير بناءً على ذلك مَسحاً استقصائياً مصغَّراً للحوارات والشهادات من المئات من الضحايا مِن مناطق مختلفة في محافظة حمص، كانوا ضحايا لانتهاكات ملكياتهم العقارية من طرف النظام السوري وأعوانه في المحافظة. وبالنسبة للخرائط التفاعلية، بما فيها صور الأقمار الصناعية، اعتمد التقرير على المعايير التي تطبقها وحدة الأمم المتحدة للأقمار الصناعية – الأونوسات (UNOSAT) التابعة لمعهد الأمم المتحدة للتدريب والبحوث – اليونيتار (UNITAR) لتقييم مستويات الضرر على الأبنية العمرانية.

قال التقرير إن النظام السوري توسع في الأعوام الخمس الأخيرة، أي منذ عام 2018، في عمليات الاستيلاء على الملكية العقارية للمواطنين السوريين، وذلك استناداً إلى قوانين ومراسيم قام بوضعها بشكل غير قانوني منذ عام 2011، مستغلاً في ذلك حالة النزاع الداخلي المسلح، وسيطرته المطلقة على مجلس الشعب ومختلف الهيئات التشريعية والتنفيذية الأخرى، وقد استمر بوضع تلك القوانين على مدى سنوات النزاع الداخلي المسلح. وأشار التقرير إلى أن هذه القوانين يمكنها أن تطال جميع أبناء الشعب السوري، ويؤكد التقرير أنَّ هذه القوانين تستهدف بشكل مباشر ثلاث فئات بشكل أساسي، وهذه الفئات هي أولاً: المشردون قسرياً (اللاجئين والنازحين) والبالغ عددهم قرابة 12 مليون مواطن سوري بحسب المفوضية العليا لشؤون اللاجئين. ثانياً: المختفون قسرياً البالغ عددهم قرابة 112713 ألف مواطنٍ سوري. ثالثاً: القتلى من المدنيين والعسكريين والبالغ عددهم قرابة نصف مليون مواطن سوري، والذين لم يُسجل الغالبية العظمى منهم أنهم ماتوا في دوائر السجل المدني. وبحسب التقرير فإنه مما لا شك فيه أنَّ الغالبية العظمى من هذه الفئات معارضون للنظام السوري، وكانوا ضحايا للانتهاكات التي مارسها منذ آذار/2011.

ذكر التقرير أن هناك ترابطاً وثيقاً بين العديد من الانتهاكات وانتهاك حقوق المنازل والأراضي والملكية، لأن الانتهاكات الفظيعة سوف تجبر السكان على الرحيل، ممَّا يجعل ممتلكاتهم قابلة للاستحواذ عليها وفق النصوص التي وضعها النظام السوري. وأشار التقرير إلى أبرز الانتهاكات التي أجبرت الأهالي على الرحيل، وأصبحوا مشردين قسرياً، ذكر التقرير مقتل ما لا يقل عن 30571 مدنياً على يد أطراف النزاع والقوى المسيطرة في حمص منذ آذار/ 2011 حتى آب/ 2023. كما وثق ما لا يقل عن 20 مجزرة ذات صبغة طائفية، وقع جُلها في السنوات الأولى من الحراك الشعبي. بحسب التقرير فإن ما لا يقل عن 7374 شخصاً لا يزالون قيد الاعتقال أو الاختفاء القسري على يد أطراف النزاع والقوى المسيطرة في محافظة حمص منذ آذار/ 2011 حتى أيلول/2023. وسجل التقرير مقتل ما لا يقل عن 2421 شخصاً بسبب التعذيب على يد أطراف النزاع والقوى المسيطرة في محافظة حمص منذ آذار/ 2011 حتى آب/ 2023، الغالبية العظمى من هذه الانتهاكات نفذها النظام السوري وحلفاؤه.

وثَّق التقرير ما لا يقل عن 3636 برميلاً متفجراً ألقاها سلاح الطيران التابع لقوات النظام السوري على محافظة حمص منذ تموز/ 2012 حتى آب/ 2023، تسببت في مقتل 708 مدنياً، كما وثق 7 هجمات على الأقل تم فيها استخدام الأسلحة الكيميائية على محافظة حمص، منذ أول استخدام موثَّق للأسلحة الكيميائية في 23/ كانون الأول/ 2012 إلى غاية آب/ 2023، كانت جميعها على يد قوات النظام السوري. وسجل ما لا يقل عن 18 هجوماً بالذخائر العنقودية منذ أول استخدام موثَّق لها في تموز/ 2012 وحتَّى آب/ 2023، تسببت في مقتل ما لا يقل عن 6 مدنيين، كما سجل مقتل 110 مدنيين في محافظة حمص جراء انفجار الألغام الأرضية منذ آذار/ 2011 حتى آب/ 2023.

تناول التقرير حالتي دراسة في محافظة حمص؛ الأولى لحي باب عمرو والثانية لمدينة القصير واستعرض أبرز الانتهاكات التي ارتكبت فيهما وتتبع عمليات الاستيلاء على الملكية العقارية للمواطنين السوريين ورصد حجم الدمار الذي لحق بهما وقدم مقارنةً بين حجم الدمار الذي ترصده الأقمار الصناعية وحجم الدمار على الأرض حتى يعطي للقارئ صورةً عن عمليات النهب والاستيلاء التي استهدفت الأراضي والعقارات وحجم الدمار الحقيقي الذي لحق بالعديد مِن المدن والقرى والأحياء في مختلف أنحاء محافظة حمص.

استنتج التقرير أن المؤشرات الخرائطية تشير بقوة إلى أنَّ القصف المدفعي والجوي لعدد من المدن والأحياء والأرياف في محافظة حمص كان مُفرطاً جداً من طرف النظام وحلفائه، ما يؤكد أن هذا الاستهداف لم يكن بغرض عسكري وإنما لأهداف أخرى تتمثَّل في تدمير أكبر قدر ممكن من الملكيات العقارية بهدف السيطرة عليها، وبالتالي إجبار أصحابها على الهجرة منها أولاً، ثمَّ ضمان عدم عودتهم إليها مرة أخرى، مما يمكنه لاحقاً من استغلال الممتلكات والأراضي التي سيطر عليها في عملية إعادة الإعمار وهذا هو هدفه الأساسي من جميع المراحل السابقة، بغض النظر عن الانتهاكات التي ارتكبها وعن الخسائر المادية الفادحة وتفقير الشعب السوري عبر السيطرة على ممتلكاته وأراضيه.

أوصى التقرير المجتمع الدولي والأمم المتحدة بضرورة إدانة هيمنة النظام السوري على السلطات الثلاث (التشريعية، والقضائية، والتنفيذية)، وفضح ممارساته في تدمير منازل السوريين بهدف السيطرة عليها عبر قوانين تستهدف بشكل أساسي النازحين واللاجئين والمختفين قسرياً والقتلى غير المسجلين، لعل هذه الإدانة تساهم في إبطال ما بني على هذه القوانين لاحقاً، وهذا أحد أهم أهداف التقرير.

دعا التقرير الدول المانحة والمستثمرين والوكالات الإنسانية العاملة في سوريا، إلى توقيف تقديم أموال للنظام السوري من برامج إعادة بناء وتأهيل الأبنية، واستحداث آلية جديدة لذلك حتى لا توظف هذه الأموال في عملية انتهاك حقوق الملكية للقاطنين أو للمشردين قسرياً، أو المفقودين، أو تدعم الكيانات التي تنتهكُ حقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي.

كما أوصى المفوضية السامية لشؤون اللاجئين بإدانة ممارسات النظام السوري لعمليات النهب الواسعة والممنهجة للسيطرة على الممتلكات والأراضي السكنية والزراعية التي تعود ملكيتها إلى اللاجئين والنازحين، وتقديم تقرير إلى مجلس الأمن وإلى المبعوث الدولي إلى سوريا بهذا الخصوص كونها أحد العوائق الأساسية في وجه عودتهم. والتأكيد على أنه لا يمكن الحديث عن تطبيع العلاقات مع النظام السوري دون حل مسألة اللاجئين وهذه المسألة لا يمكن حلها بعيداً عن إعادة كامل الحقوق العقارية لأصحابها الأصليين في سوريا.
إلى غير ذلك من توصيات إضافية..

المصدر: الشبكة السورية لحقوق الإنسان

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

  1. “الشبكة السورية لحقوق الإنسان” بتقريرها “آليات توظيف النظام السوري القوانين التي وضعها للسيطرة على عشرات الآلاف من المنازل والأراضي والعقارات في محافظة حمص” وضَّح خطته اللا قانونية واللا شرعية ، موصياً المفوضية السامية لشؤون اللاجئين بإدانة ممارسات لنظام دمشق للسيطرة على ممتلكات النازحين واللاجئين والمعارضين .

زر الذهاب إلى الأعلى