الصراع مع القاعدة في سورية || شر لا بد منه..؟!!.

أحمد العربي

حذرنا…طالبنا بالتوحيد والضبط والعزل…اليوم جبهة اخرى تفتح…نحن امام المجهول …ان لم نعرف ماذا نصنع…؟.وكيف…؟…

اولا.نعلم ان الربيع العربي والسوري منه لم يكن يمتلك من شروط الثورة إلا أسبابها الموضوعية. من مظلومية طالت كل شيء في حياة الناس: الحرية المغتصبة. والكرامة المهدورة والعدالة الغائبة ولقمة العيش التي كانت صعبة المنال وقرينة للذل والمهانة. كنا مهدوري الكرامة ومستباحين داخلا وخارجا… مُنعنا وعبر نصف قرن تقريبا من ان نشكل قوة سياسية قادرة أن تمثل الشعب وتقوده لمصالحه بمواجهة الأنظمة الاستبدادية التابعة. كان مصيرنا السجون والمقابر والمنافي.. واحتلت الانظمة الفضاء السياسي للبلاد كما احتلت كل شيء. لذلك عندما قام ربيعنا السوري وتحول لثورة مسلحة كان كالوليد الذي خاض معاركه طفلا يحتاج للوعي والعلمية وإدراك الصديق والعدو والقوى الدولية والفاعلة. من مع النظام ولماذا ؟. من مع الثورة ولماذا ؟ .وإلى أي مدى وكيف.؟.. كنا بحاجة للبندقية. و التنظيم و الرؤية السياسية. و ممثلين سياسيين للثوار على الأرض. بصدق وإيمان ومسؤولية.. كل ذلك بدأ من الصفر .وكان هناك معيقات.؟!!.

ثانيا.عندما كنا في المرحلة السلمية من ثورتنا .كنا باهرين للعالم ولانفسنا ايضا.. فربع الشعب السوري كان في الشارع.. وهذا ما لم يحصل في التاريخ ابدا… وعندما تحولنا للعمل الثوري المسلح. لمواجهة عنف النظام ووحشيته. وقرارة أن يعيدنا عبيدا في مزرعته. كان اغلب شبابنا منخرطون في الثورة.. وعندما تحولنا للعمل الميداني المباشر.. كنا نشكل مجموعات صغيرة تتحرك لضرب مواقع النظام وتجمعاته… ولان كل العالم كان معنيا بما يحصل عندنا. اولهم النظام الوحشي وامتداده في إيران وحزب الله وعراق المالكي وداعمه الدولي روسيا. كان قرارهم التمسك بالحكم بأي ثمن. ودعم النظام استراتيجيا بكل شيء . كان موقف الغرب محكوما بضوابط مصلحته. أهم أركانها (إسرائيل) التي ارتأت أن تحويل سوريا بؤرة صراع بين أعدائها افضل حالا

 لمصلحتها. وكذلك مصالح الغرب الاستراتيجية .بالنفط وغيره. والحكومات التابعة مطلقا للغرب والتي تعمل حتى يتوقف الربيع العربي في سوريا وأن يتم قتله حيث انتصر..

ثالثا.على مدى الأعوام التي مرت في سوريا في صراع الشعب ضد النظام. كان واقع حال اللاعبين الدوليين يتصرف على أن في سوريا ازمة تدار لمصالح الكل وبالدم السوري وليس لها أن تحل بالقريب العاجل. فالشعب منع النظام بالمطلق أن يعيد سيرته الأولى الاستبدادية. وتُرك النظام يقتل الشعب ويدمر البلد. وترك يزيد من التحشيد الطائفي.. وفيما يتعلق بالثوار فقد سمح إمدادهم بما يجعلهم يستمروا بالصراع ولا ينتصروا على النظام… ومنعوا من التوحد عبر تعدد مصادر الدعم . وعبر خلق الولاءات الفرعية للفرقاء الإقليميين الداعمين للثورة. وهذا يتراكم مع أن الثوار بدؤوا من الصفر المطلق في كل شيء : بنية تنظيمية وفكرية وسياسية ، لا يمتلكون غير شرعية الثورة. ووضوح العدو وضرورة الصراع معه..

رابعا.من هنا جاءت نشأة الثورة المسلحة .عفوية وعشوائية. وبلا استراتيجية واضحة. ومفتقدة الخطة والآلية عمل تضعها في طريق تحديد الهدف والتحرك له . عبر السلوك للوصول للهدف…. في هذا المناخ حضرت القاعدة. ولم تكن بعيدة ، بعضهم خرج من سجون النظام في سوريا والعراق. وبعضهم على الأرض في العراق. والبعض جاء من أنحاء العالم. فهنا معركة مع نظام يكفرونه .ونصرة المسلمين ومحاربة الغرب عبر المعركة في سوريا. وبناء دولتهم الإسلامية الموعودة. كانت البداية بجبهة النصرة وكانت قد ملأت فراغا .من غياب الدعم والإمداد. وامتدت في شباب الثورة السورية. مقدمة الحاضنة والسلاح والمال.. وكانت اقرب لأجندة الثورة. وثوابتها اسقاط النظام ومحاسبته وبناء دولة يرضى عنها الشعب.. ولكن ذلك لم يرق لقيادة القاعدة . وحصل خلاف بينهم تولد عنه النصرة وداعش.. التي عرفت بتاريخها في العراق. قوة عسكرية باطشة.تحمل رؤية فكرية مختلفة مرفوضة اسلاميا من الكثير. تكفر الاخرين وتقصيهم. وتقتل من لا يعلن الولاء لها. تعتمد أسلوب التفجيرات في المناطق الآمنة وبين الناس. تستسهل هدر دم الناس للوصول لأهدافها. المهم هي بنية مغلقة ومبهمة مرفوضة شعبيا. وتعتمد شرعية القوة التي تملكها .مغطية نفسها بشرعية دينية مدعاة…

خامسا.عندما حضرت القاعده الى سوريا. رفعنا الصوت عاليا. انه يجب ان يكون هناك توافق بين كل الثوار على الأرض. حول موقف استراتيجي موحد من النظام. وآلية مواجهته. طالبنا بالتوحد الميداني.. وطالبنا بوجود آلية ضابطة للكل . وملزمة ومحددة لمسار العمل العسكري بمواجهة النظام. وبالتعامل مع المناطق المحررة. ومع الشعب ايضا .وطرحنا فكرة ميثاق شرف للعمل المسلح بين الفرقاء. وطالبنا بوجود اتفاق القوة .الذي يعني عمل المجموع لضبط المخطئ أو المسيء للثورة او الشعب. ولو بالقوة لمصلحة الثورة… كل ذلك لم يحصل . لأسباب بعضها لعدم نضج الثوار سياسيا لإدراك ذلك. وبعضهم لان  داعميهم اوهموهم بقوتهم هكذا متفرقين. وبعضهم كالقاعدة لا تؤمن إلا بمن يتبعها بيعة مطلقة: يعني أن تكون معي او تكون عدوا

سادسا. على الأرض فرض التفرق وتعدد الولاءات وغياب استراتيجية عمل موحدة. وصراع السيطرة ولمن الهيمنة .فرض نفسه كمقدمة للصراع وبين الكل. للأسف..؟!. ولأن القاعدة كانت تمتلك رؤية وتعرف ماذا تريد.. فقد عملت لتحويل المناطق المحررة لمشروعها. عبر إعادة احتلالها وفرض هيمنتها. ولم تواجه من احد. وذلك لان الثوار تصرفوا وفق أولوية الصراع مع النظام. والحقيقة انهم بسبب تفرقهم كانوا اضعف من ان يواجهوا القاعدة. فهي الأقوى وتصرفت هكذا: اخذت مواقع وقتلت ناشطين وقادة للثوار. تصرفت بعنجهية تذكر بالنظام وأفعاله. في البداية اعتمدت ضرب بعض الحركات مثل أحفاد الرسول و اسمتهم صحوات والبعض صمت عنهم واعتقد ان الخلفيّة الإسلامية المدّعاة تحميهم أو تجعلهم متقاربين.. ولكن كان لا بد من وصول الحالة الا مرحلة الصراع. لاختلاف الأجندات و صراع الهيمنة. قانون الاتفاق أو الصراع يحكم كل عمل سياسي. خاصة في مناخ ثورة تتشابك معها كل الأطراف دولياً وإقليمياً ومحلياً…

سابعا. الان ابتدءنا رحلة جديده مريره لا نريدها لكنها حتمية. الصراع مع القاعدة.. وإلغاء حضورها وتحجيم فاعليتها. التوحد الحاصل حجمها كثيرا لكن لن ينهيها على المدى القريب. قد تنتقل للعمل التفجيري وتعتبر الثوار أعدائها كما النظام. وقد تعتبر الشعب عدوها لأنه لم يحتضنها.. نحن موعودون مع عمليات تنكيل وتفجير وقتل مجاني خارج المعركة مع النظام.. هكذا يريد أعداء الشعب وهكذا يحصل… المهم تحجيمهما واستئصالها وفتح باب التوبة والانسحابات منهم . والمهم ان يعود اولادنا الذين وجدوا عند القاعدة المال والسلاح والهيبة. ويجدوا ذلك في ثورتهم وثوارهم… وان ننتقل نهائيا من الفرقة للتوحد على رؤية استراتيجية تعتمد المصلحة الوطنية السورية. والشعب السوري مرجعها. وان تتكامل مع السياسيين وتأخذ الثورة والشعب للنصر بأذن الله

اخيرا. نحن الان امام استحقاقات كثيرة .وان لم ندرك ماذا نريد ؟. وكيف نصل له؟. فنحن نتحول لمجرد أدوات الغير لضرب الشعب .ولمصلحة كل الاعداء والشعب هو الضحية.. أمامنا القاعدة وتحجيمها ؟. امامنا جنيف وكيف نتصرف.؟. أمامنا الائتلاف وكيف يكون بحجم مسؤوليته التاريخية أمام الشعب.؟. امامنا مؤتمرات دولية لأجل القضية السورية  وكيف يكون خطوة على طريق الثورة.؟. وامامنا اجتماعات كثيرة للمعارضة  كما يجب معرفة كيف نكون كلنا في المسار الصحيح واضحين ومتفاهمين .؟.. وفي المسيرة متوحدين…

.الدم السوري المستباح ينادي فهل من مستجيب..؟

قبل الختام وبعد مضي سنوات على كتابة هذا النص:

 لقد أصبحت القاعدة أمرا واقعا في سوريا تحت مسمى هيئة تحرير الشام “النصرة”. ولو انها أعلنت تخليها عن القاعدة وفكرها وانها تسيطر على جزء من المناطق المحررة: ادلب وجوارها. صنعت لنفسها هيكل سياسي وعسكري ذاتي غير متوافق مع القوى العسكرية الممثلة للثورة المتواجدة في الشمال السوري. وغير متوافقة مع الائتلاف وما نتج عنه من هيئات . يعيشون وفق علاقة حسن الجوار. نعلم انهم محكومين بعلاقاتهم الدولية والإقليمية أكثر من كونهم ممثلين عن الثورة والشعب السوري…

حال “النصرة” والثورة السورية والمعارضة : الائتلاف وغيره والشعب السوري داخل سوريا وخارجها ليس بخير…

.7 . 1 . 2014…

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

  1. التطرف لا يعبر عن الثورة وخاصة التطرف الإيديولوجي لأنه سيكون عابر للحدود الوطن فلا يعبر عن متطلبات الوطن ، وتنظيم القاعدة ومخرجاتها من “داعش” و “جبهة النصرة” أو “هيئة تحرير الشام” هي تنظيمات متطرفة لا تعبر عن تطلعات ثورتنا وأهدافها لذلك الصدام معها حتمي لأنها تشكل سلطة أمر واقع لا شرعي .

زر الذهاب إلى الأعلى