بعد الاتفاق بين إسرائيل وحماس الذي جرى بوساطة دولية، تثير الهدنة المؤقتة تساؤلات بشأن إمكانية أن تكون هذه الصفقة نقطة انطلاق نحو وقف كامل لإطلاق النار، لا سيما في ظل مساع عربية لتحقيق هذا الهدف.
وكان مسؤول صرح لرويترز دون الكشف عن هويته، الأربعاء، بعد التوصل لاتفاق بين إسرائيل وحماس، بأن محادثات بين ملك الأردن عبد الله الثاني، والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، جرت، الخميٍس، “ستركز على كيفية تحويل الهدنة المؤقتة إلى وقف دائم لإطلاق النار” يضع حدا للقصف الإسرائيلي في غزة ويتفادى كارثة إنسانية.
وفي ظل ضغوطات من قبل عائلات المختطفين، فإن الحكومة الإسرائيلية، بدورها، يمكنها البناء على هذه الهدنة المؤقتة لإطلاق سراح المزيد من الرهائن لدى حماس والفصائل الفلسطينية الأخرى.
ومع ذلك، استبعد محللون أن يكون هناك “وقف شامل” لإطلاق النار في هذه الفترة من الحرب، رغم الهدنة التي تمتد 4 أيام.
ويعتقد المحللون الذين تحدثوا لموقع “الحرة”، أن إسرائيل “ماضية في حربها لتحقيق أهدافها، وأبرزها القضاء على حماس”.
وقال زميل أبحاث سياسة الشرق الأوسط بالمعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية، حسن الحسن، إن الوقف الشامل لإطلاق النار سيبقى “سيناريو بعيد المنال”، لا سيما في حال خُرقت الهدنة الحالية من قبل أي من الطرفين.
وأضاف الحسن في حديثه لموقع “الحرة”، أن “عدم وصول الطرفين لاتفاق على تمديد الهدنة مقابل إطلاق سراح عدد أكبر من الرهائن الإسرائيليين والسجناء الفلسطينيين، من شأنه أيضا أن يبدد الآمال بإنهاء هذه الحرب المستعرة”.
“لا تراجع لما قبل 7 أكتوبر”
وصباح الجمعة، بدأ سريان هدنة من 4 أيام بين إسرائيل وحماس في قطاع غزة، يتلوها الإفراج عن دفعة أولى من 13 رهينة من المدنيين، بعد ظهر الجمعة، في أول تهدئة منذ بدء الحرب التي سقط فيها آلاف القتلى.
وكانت قطر الوسيط الرئيسي إلى جانب مصر والولايات المتحدة، قد توصلت إلى اتفاق الهدنة القابلة للتجديد، حيث يتم خلالها تبادل 50 رهينة محتجزين في غزة بـ 150 سجينا فلسطينيا في إسرائيل.
وفي حين يأمل الوسطاء العرب أن تمهد الهدنة الطريق أمام وقف شامل لإطلاق النار، صرح رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتانياهو، عن نية إسرائيل استئناف العمليات العسكرية فور انتهاء الهدنة المؤقتة، كما قال الحسن.
وقال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، أفيخاي أدرعي، الجمعة، إن “الحرب لم تنتهِ بعد”، وإن “تعليق النيران لأغراض إنسانية يأتي بشكل مؤقت”.
ودعا أدرعي في منشور عبر منصة “إكس”، سكان القطاع بالبقاء جنوبا، وعدم الاقتراب من شمالي قطاع غزة، على اعتبار أنها “منطقة حرب خطيرة يمنع التجول فيها”.
واستبعد الكاتب الإسرائيلي، إلحنان ميلر، أن تؤدي هذه الهدنة المؤقتة إلى “وقف شامل” لإطلاق النار، قبل تحقيق إسرائيل لأهدافها.
وقال ميلر لموقع “الحرة”: “إن هذه الهدنة مؤقتة، ويمكن تمديدها إلى 10 أيام بحد أقصى. لا أتوقع أن يتم تمديدها بعد ذلك”.
وتابع: “لا يمكن أن ترجع إسرائيل إلى ما قبل هجوم 7 أكتوبر، وتقبل بوجود منظمة إرهابية على حدودها”.
في الطرف المقابل، يذهب المحلل السياسي الفلسطيني، أشرف العكة، في الاتجاه ذاته، بقوله إن “إسرائيل ماضية قدما في حربها” ضد حركة حماس.
واستطرد العكة في حديثه لموقع “الحرة”، بالقول إن “إسرائيل لم تحقق الأهداف المعلنة وغير المعلنة لعمليتها العسكرية، كما حددتها، مما يدفعها لاستكمال الحرب”.
وأضاف: “أمامنا أيام طويلة وشاقة وأشهر لاتساع هذه الحرب، في ظل نية الطرف الإسرائيلي توسيعها باتجاه الجنوب”.
ودلّل على رأيه بقوله، إن إسرائيل “تعتقد أن البنية العسكرية الأساسية (لحماس) والمنظومة المعقدة للأنفاق، موجودة في جنوب غزة”.
وكانت شرارة الحرب قد اندلعت يوم السابع من أكتوبر الماضي، بعد هجمات شنتها حركة حماس على إسرائيل، أسفرت عن مقتل 1200 شخص معظمهم مدنيون وبينهم نساء وأطفال، بحسب السلطات الإسرائيلية.
واختطفت الحركة 240 رهينة من إسرائيل للقطاع الفلسطيني الساحلي الذي تسيطر عليه حماس منذ عام 2007.
ومنذ ذلك الحين، تنفذ إسرائيل قصفا مستمرا، ثم أطلقت عملية توغل بري داخل القطاع، مما أوقع 14854 قتيلا، معظمهم مدنيون وبينهم نساء وأطفال، حسب سلطات القطاع الصحية.
وقالت السلطات الصحية في غزة، إن بين القتلى 6150 طفلا، وأكثر من 4 آلاف امرأة.
“رؤية دولية تجاه الحل الشامل”
ومن خلال هذه الهدنة المؤقتة، تسعى إسرائيل إلى “تخفيف الضغط المحلي بالسعي لتحرير الرهائن المختطفين لدى حماس، عبر خيار التفاوض في ظل فشل الرهان على الحل العسكري لتحقيق ذلك”، كما قال الحسن في حديثه لموقع “الحرة”.
وفي موازاة ذلك، قال الحسن إن حكومة نتانياهو تسعى إلى “تخفيف الضغوط الدولية الرسمية والشعبية عليها، لتحسين الوضع الإنساني الكارثي في قطاع غزة، لا سيما مع تنامي الضغط على إدارة الرئيس الأميركي، جو بايدن، من قبل القاعدة الانتخابية للحزب الديمقراطي بسبب دعم إدارته غير المشروط لسياسات إسرائيل، التي ترتكب المجازر بحق المدنيين الفلسطينيين”، على حد تعبيره.
وتصف المنظمات الإنسانية الدولية الوضع في غزة بـ “الكارثي” بعد أن فرضت إسرائيل “حصارا مطبقا” على القطاع.
وبموجب الاتفاق، تم السماح بدخول عدد متزايد من القوافل الإنسانية وإمدادات الوقود إلى القطاع الفلسطيني الذي يقطنه 2.3 مليون نسمة.
وعن سيناريو إنهاء هذه الحرب، قال ميلر إن الانسحاب الإسرائيلي من قطاع غزة “سيتم، لكن بشرط اجتثاث المواقع والأنفاق ومنصات إطلاق الصواريخ” التابعة لحركة حماس.
وأوضح أن “هناك حاجة لتواجد الجيش في ظل وجود الأنفاق والمنشآت العسكرية تحت المستشفيات والمباني”. واستشهد بتصريحات لوزير الدفاع الإسرائيلي، يوآف غالانت، قال فيها إن الحرب “ستستمر لشهرين آخرين”.
وعشية بدء الهدنة، قال غالانت، الخميس، إنه بمجرد انتهاء الهدنة المؤقتة “القصيرة” مع حماس، سيتم استئناف الحملة العسكرية “بكثافة” لمدة شهرين آخرين على الأقل.
وتحدث غالانت أمام وحدة عسكرية تابعة للبحرية، قائلا إن “هذه فترة راحة ستكون قصيرة. المطلوب منكم في هذه المهلة هو التنظيم والاستعداد والتحقيق وإعادة التزود بالسلاح والاستعداد للمواصلة”، بحسب صحيفة “تايمز أوف إسرائيل”.
وأضاف: “سيكون هناك استمرار؛ لأننا بحاجة إلى استكمال النصر وخلق الزخم للمجموعات التالية من الرهائن، الذين لن يعودوا إلا بالضغوط”.
وفي هذا الصدد، رأى العكة أن أي وقف شامل لإطلاق النار، يجب أن يشمل “رؤية دولية تجاه حل شامل للتعايش، وإقامة دولة فلسطينية بجانب إسرائيل، وفقا للشرعية الدولية”، بحسب قوله.
ومضى قائلا إن “ما عدا ذلك لن يحل جذور هذا الصراع”.
المصدر: الحرة نت
هل تنجح جهود بعض الأنظمة العربية لتحويل الهدنة المؤقتة إلى وقف دائم لإطلاق النار” يضع حدا للقصف الصه.يو.ني في غزة وتفادى كارثة إنسانية؟ إن وقف شامل لإطلاق النار يجب أن يشمل “رؤية دولية تجاه حل شامل للقضية الفلسطينية وإقامة دولة فلسطينية بجانب إسر.ائيل، وفقا لقرارات الشرعية الدولية فهل المجتمع الدولي والغرب جاهزين لذلك ؟.