أرض من تراب الله

مصعب عيسى

لكم ما تطلبون..من جثث ودم

ولي ما أحلم

لي جذر يمتد في عمق التراب

إلى زمن البداية والولادة

لنا اصل كسائر القبائل

وعلى هذه الأرض أقمنا صلاتنا

وعرسنا …والعزاء

وقلنا للعابرين في تاريخنا

لن تمكثوا الا قليلا ..

لنكمل حياتنا على مهل ..رويدا

كما نحن نشاء

كلما اتتنا طائرات الخراب …ليلا

لتعيث في الأفق …رمادا وحطام

قمنا في الفجر …واقمنا صلاة العودة

 جماعات وفرادى ما اسطتعنا

ورتلنا ما تيسر  من  سورة  الفتح والاسراء

وكلما هبطت قذيفة على الحي

اطلنا التأمل في الملكوت

ونهضنا نرتب حلمنا من جديد

ونحتسي قهوة الصباح …بكل ما اوتينا من حياة

هنا نبقى

هنا نحيا

هنا نقاوم

وهنا نموت وندفن ..

لن نرحل

نحن الساميون ايها القادمون من بلاد الخزر

نحن  كنعان …ايها المارقون على شاطئ البحر

نحن العُرب التي لم تباد …ايها الشذاذ من كل الآفاق

ونحن فلسطين …التي كانت …ولم تزل

من عصر اليبوس ..إلى سفر الخروج

تحضّروا من جديد للعبور …

هيؤوا حقائبكم للرحيل

عودوا من حيث أتيتم ..

أنّا كنتم

أو إلى حيث تريدون

نحن ابناء الحياة

وانتم موت عابر إلى حين

طويلة هي رحلة الفردوس .

. لكنها بدأت

والقدس التي انتظرت. .

غدت قريبة …

على مسافة رشقة …أو رشقتين

طوفان التراب يستعر في خاصرة  الجسد

قريبا من الله هنا

.. بعيدا عن الصنم الذي تأله هناك

قريبا من السماء

بعيدا بعيدا  عن قريش وصحراء العرب

على هذا الدرب …سار المسيح

وعلى هذا الطريق …قامت قيامته المجيدة

حقا قد قامت …

حقا قد قالت

وحقا قد قاومت ..حتى الرمق الاخير

يا معشر الثائرين

يا معشر الخارجين عن ملة الأنظمة

انتم  سنة الله وصحبه ..

وأحفاد علي والحسين

وانتم  الفاروق…وعهده

في القيامة واولى القبلتين

وانتم بدر .. وأُحد …وأصحاب الخنادق

وانتم مؤتة وحنين

وهم خيبر … وأصحاب الفيل

وهم روم …وجاهلين

وكفر وأحزاب مشركين ..

وملك وأعراب منافقين …

يا معشر القابضين على الجمرة

أحيوا لنا الفكرة

اقيموا حد الردة

على أصحاب التسوية …والمطبعين

وسجلوا بالدم …وصايا الارض :

هذي ارض كنعان التي حشرت

معشر الانبياء… والصالحين

سنكتب صحائف عودتنا

وانجيل قيامتنا

وكتاب قضيتنا

سنعلن تاريخا لسيدة الأرض

أن الثورة مرت من ارض غزة

وان مسيرة العودة …

على بعد مقلاع وقذيفة

في حرم القدس وفي الضفة

والحرية قاب رشقتين أو أدنى

أقرب من اصبع ملثم

الى عينيه الثاقبتين ..

كنجمتين في سماء فلسطين

يصفعهم كلما تطاولوا..

يعطيهم درس في الحرب

وفي السياسة

ودرسا في الخطابة

ونهجا في البلاغة

يدير العالم بأسره كأنه يحتسي رشفة ماء

من تحت لثام كوفيته الحمراء

الا ان نصر الله لقريب

لا وقت للرمز …أو السفسطة

لا وقت للوحي والقافية ..

لا وقت الا لكي نشهد المجزرة

لو كان محمدا بيننا لقال:

فلسطين مني …من احبها احبني

ومن تركها …بغضني

يا بني   هاشم في الحصار

يا ايها  المتروكون في شعاب غزة

تحت الرماد …لا ماء ولا دواء ولا هواء ولا سماء

لا شيء الا البغاء يتساقط حمما

وبراكين …

من اليسار ومن اليمين..

يا اصحاب الكوفية والمقاومة

…وأصحاب الفخامة والسمو

انتم الاعلون …لو كانوا يعلمون

وانتم ايها العابرون في ارضنا

لكم ما تشاؤون من سماء وطائرات

ولنا …قطعة من التراب على شاطئ البحر

تحملنا ونحملها …ونأويها وتأوينا

كلما تربص الدم فينا

وكلما تناقص منسوب الامل

 وكلما

تزايد حقد الإخوة الأعداء

يابحر ..ايها المتلبد  بالضباب

كن بردا وسلاما على القاطنين هناك

يا ارض…بلون الدم والطين

 كوني آمنا على الطالعين من جوفك

 اناء الليل واطراف النهار

يحملون فلسطين على أعناقهم

يأتون من كل فج عميق

يضرمون نار الله  في برج الغزاة

يعطون للعالم درسا في الثبات

انتم أنبياء الله في زمن الجاهلين

ايها العابرون في بلادنا إلى حين

ما بيننا وبينكم ليس جدار ..أو غلاف

ما بيننا وبينكم مساحة كاملة

ومسافة فاصلة ….للتحريف

والتأويل والتزوير ..

وعلينا كما على الأنبياء

أن نصحح تاريخا …ونعيد للجغرافيا تضاريسها

وان نكتب بالدم …اسماءنا والالقاب

لم تمت بيروت فينا …يا ملثم

لم تمت الكرامة …على ضفاف الاردن

لم تمت قبية ..وتل الزعتر

كلما زارنا النسيان ..في الخيمة

اثرنا الذاكرة …فبكينا صبرا ..

وضمدنا شاتيلا بوشاح

واضأنا شمعة على كفر قاسم

وتلونا سوره الحديد ..على دير ياسين

وذكرنا البلاد كلها  قرية قرية

وحارة حارة …والقينا السلام على الخيام

 خيمة خيمة …

وقرانا سورة الشهداء

شعب يرقص بين دخان الدواليب

وعلى هدير النار المستعرة

كيف له أن يهزم

شعب يمتهن الموت  ..كيف له أن يندثر

شعب قبض على جرحه …بملح وحفنة من تراب

كيف له أن يرحل

لا نصرا  بدون دم

لا املا بدون حلم

ولا حرية بدون ألم

نحن الكافرين بدين الأنظمة

ونحن الثائرين على الطغمة

ونحن القابضين على الجمرة

لكم ما تفكرون

ولنا حلمنا الذي يراودنا عن النفس منذ تغربنا عن الفردوس

لنا ارض من تراب الله

ولنا الوصايا .. والبرتقال

ولنا صحف إبراهيم وموسى والرسل

ولنا طين بلون وجوهنا

ولنا اشتقاقات  الدحنون

ولكم ما للغزاة على مر العصور

سترحلون

وترحلون

وترحلون

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

  1. شعر جميل وطني معبر عن حالة التدمير والقتل الذي يتم بغزة [لكم ما تطلبون..من جثث ودم .. ولي ما أحلم .. لي جذر يمتد في عمق التراب .. إلى زمن البداية والولادة ….. ولكم ما للغزاة على مر العصور .. سترحلون .. وترحلون .. وترحلون]

زر الذهاب إلى الأعلى