علـى حافة الاحتلال، وفي إطلالة وجدانية على مـا بقـي محتـلاً مـن الجولان الحبيب .. كانت لي وقفة، رنوت منها على تلال وجبال، ووديان وسهول، اخضوضرت ولمعت من بعيد، تألقت وسمت حتى طاولت عنان السماء .. وبين موقع القدم وامتداد النظر، لامست الجولان في الحنين والشوق لأرض لم أطأها بقدمي، بل وطأتها بروحي وعقلي وانبثاق الروح الوطنية في دواخلي، وقفت أجيل النظر مع ثلة من الأحباب، وكل همي أن أظل ملامس لماهية الوطن المحتل، ومواكب لأرض ما زال الكثيرون من أهلها يحلمون بعودتها أو بالعودة إليها .
ولسان حالهم يقول : سنعود حفاة عراة.. مشياً على الأقدام ساعة تحين العودة، يراها البعض بعيدة، ويراها أهلها قريبة، وبين هذا وذاك يعبق سماء الوطن الجولاني المحتل، برائحة الكرز والدراق والأجاص .. وتعكس مرآة مياه الجولان تاريخ وتاريخ، وتشرئب العيون إلى زمن قادم ستعود فيه الأرض المغتصبة عنوة، ويعود الناس إلى ترابهم الذي غابت عنهم رائحته منذ زمن .
في جولتنا الوجدانية لأراضي جولانية متاخمة لحدود الأرض التي احتلت عام 1967 وجدت ما لم أكن أتوقع وجوده، فما زال الوطن السوري بجزئه المنهوب على حافة الأمل .. الذي يحتاج للعمل .. استوقفتنا الهمجية الصهيونية البلهاء التي طالت الحجر والشجر والبشر، فتركت من القنيطرة ركاماً ما برحت شاهدة وشهيدة على كل ما جرى يوم خرج المحتل مرغماً .. فكان الحقد الصهيوني الذي عوَّد الناس تاريخياً على الدمار .. فنرى القنيطرة حطاماً .. لم يسلم منها لا جامع ولا كنيسة، لا مدرسة ولا مشفى .. وهي إن بقيت كما هي فإنما حتى لا ينسى الآخرون أن همجية صهيونية إسرائيلية كانت قد مرت من هنا .. وتركت بصماتها التدميرية الحاقدة .. والتي تدل على أن ما أخذ بالقوة لا يسترد إلا بالقوة، وأن عدواً بهذا الوضوح لا ولن يفهم إلا لغة القوة .. وأن لا جولان سيعود .. إلا إذا أعددنا لهم ما استطعنا من القوة ومن رباط الخيل العصري والحديث الذي به وبه فقط نرهب هذا العدو الغاصب ونجبره على إعادة ما احتل من أراضينا العربية في الجولان وفلسطين وجنوب لبنان .
في طريق العودة ونحن نغادر أرض الجولان الباقي معنا .. زرعنا وردة من أمل، وحفرنا في الذاكرة عشقاً لا ينتهي لوطن ما زال بعيداً عن أهله وناسه .. تطأه يد المحتل .. وتعيث فيه فساداً .. لكن وردة الأمل ستظل تنتش بذوراً بعد بذور إلى يوم ليس ببعيد يوم يعود الجولان إلى حضن الوطن الأم .
نشر بتاريخ 18 تشرين أول / أكتوبر 2013
جولة وجدانية لأراضي الجولان المتاخمة لحدود الأرض التي احتلت عام 1967 ، ما زال الوطن السوري بجزئه المنهوب على حافة الأمل . لنزرع وردة الأمل، لتحفر في الذاكرة عشقاً لا ينتهي لوطن ما زال بعيداً عن أهله وناسه .. تطأه يد المحتل .