قرأت متمعنا هذا الإعلان، ولا شك أن صائغيه، يحاولون أن يشقوا طريقًا بين أنقاض ما نحن فيه، لكنهم أرهقوا أنفسهم دون أن يستطيعوا تحقيق هدفهم:
1- في الأساس ليست المشكلة في سوريا مشكلة صياغات، وإنما مشكلة إرادات ، ومصالح، وارتباطات، وحينما نريد أن نعزل هذه كلها، لا يبقى من نستطيع أن نبني معهم المستقبل الذي نريد.
أن أقر أن الكثير من القوى التي تشكل اليوم المشهد السوري إرادتها مشوبة، وقدرتها الاستقلالية ضعيفة، لكن من يريد أن يتحرك لصنع شيء ليس بإمكانه أن يعزل أو ينعزل عن جميع هؤلاء، عليه أن يتبين طريقا لجمع هؤلاء.
2- نقطة البدء في الحديث عن الحيز الجغرافي الراهن لسوريا، وبعده الحضاري والتاريخي، حديث لا أساس علمي له، فالجغرافيا السورية الراهنة، ليس لها بعد تاريخي حضاري، بشكل ما قد تجد ملامح هذا البعد في جغرافية سوريا الطبيعية، أما الراهنة فهي نتاج “سايكس – بيكو”.
هذه حقيقة مؤسسة لما بعدها، إذ حينما نلتزمها، يصبح تحرير فلسطين والالتزام تجاه الشعب الفلسطيني، جزء من الالتزام “الوطني” السوري.
3- واستتباعا لما سبق فإن الحديث عن “المجال العربي والاقليمي”، في تحديد علاقة سوريا التي نريد مع الخارج، لا يستقيم، لأن العربي والاقليمي لا يجتمعان بلفظ الخارج، المحيط العربي محيط انتماء الى منظومة أمة واحدة، سواء كان لهذه الأمة دولة أو كانت مجموعة دول، وتحديد العلاقة مع دول هذه الأمة لا تقوم على القواعد نفسها التي تقوم عليها العلاقة مع تركيا، او السنغال، او تشاد أو أثيوبيا.
4- وترابطا مع الفقرتين السابقتين لا معنى للحدث عن تجريم الارتباط مع قوى خارجية، لأن الخارج ليس واحدا،
5- باختصار ودون التوقف عند كل نقطة في هذا الإعلان فإن السؤال الذي يجب أن نطرحه على أنفسنا: إلى من يوجه هذا الاعلان، إذا كان للشعب السوري الذي أطلق ثورته في مارس /آذار 2011، فإن هذا الشعب، لم يتحرك لتغيير طبيعة وانتماء سوريا والسوريين، وإنما تحرك يريد الحرية، والعدالة، والكرامة، والنظام الديموقراطي الذي يحدده هو، ويعبر عن إرادته هو، ويمتلك هو آليات تغييره. ثم أضافت الجرائم التي ارتكبها هذا النظام منذ انطلاق الثورة هدف تحقيق العدالة الانتقالية تمكينا للانتقال السلمي الى المستقبل وإطفاء لروح الانتقام التي تستعر في نفوس ذوي الضحايا وتعويضا لهم، كذلك أضاف الى أهدافه ما يستلزمه ضرورة إعادة بناء ما دمره النظام في السنوات الماضية، ومواجهة ما زرعه ونماه من قوى التطرف.
أما إذا كان هذا النداء يستهدف القوى التي نمت في مسار حركة الثورة وما أصاب هذا المسار من انحرافات، هنا يكون واجبا علينا أن نبحث في: النظام الاتحادي، والنظام الاسلامي، والنظام العلماني، وطبيعة الشعوب السورية المكونة لفسيفساء المجتمع السوري و……….الخ.
مع التأكيد على سلامة طوية من عمل على هذا المشروع، وإدراكا لما آل إليه وضعنا من سوء، من شأنه أن يخرج الحليم عن حلمه، ويصيب البصير في نظره، فإننا نرى وسنرى مستقبلا الكثير من هذه المحاولات، التي يكون دافعها حب سورية، لكن الصواب يجانبها في التعبير عن هذا الحب. وإذا كنا لا نملك أدوات التغيير، فلا أقل من أن نتمسك بأهم شيء في أي عملية تغيير وهو “صحة الرؤيا”، وهذا أمر نملكه ونستطيع أن تجليه وندعمه بالوعي والبناء والحوار.