تؤشر الشكاوى الأردنية المتتالية من استمرار تدفق شحنات المخدرات والأسلحة عبر الحدود السورية، إلى خطوة ما، يبدو أن عمّان عازمة على اتخاذها في الفترة المقبلة.
والملاحظ من خلال التصريحات الأردنية الأخيرة أن اللهجة تجاه النظام السوري تغيرت. فبعد أن كانت عمّان تتهم النظام السوري وميليشيات تابعة لإيران بالمسؤولية عن تهريب المخدرات، بدأت تشكك بقدرة النظام على ضبط الحدود. وهو ما جاء على لسان وزير الداخلية الأردنية مازن الفراية.
وقال فراية في تصريح لوكالة “عمون”، إن كل شاحنة تدخل معبر جابر-نصيب، نفترض أنها تحمل مخدرات ما لم يثبت عكس ذلك. وبعد أن أكد على ضبط الحدود السورية-الأردنية من الجانب الأردني، قال: “لكن سيطرة النظام عليها من الجانب السوري بحدودها الدنيا”.
الابتعاد عن العرب
وتزامنا مع حديث الوزير الأردني، أُثيرت مداولات عن احتمالية لجوء الأردن إلى عقد اتفاق “أمني” مع سوريا، على غرار اتفاق “أضنة” بين سوريا وتركيا، الذي أتاح لتركيا ملاحقة الجماعات التي تشكل تهديداً على أمنها في الداخل السوري.
ويقول صلاح ملكاوي المحلل السياسي المقرب من دوائر صنع القرار الأردني، إن النظام السوري لم يستثمر حتى الآن أي مسعى أو مبادرة أردنية بهدف تقريب وجهة نظره مع الدول العربية، وفضل البعد عن المحيط العربي.
ويضيف لـ”المدن”، أن النقاش الأردني بخصوص قضية التهريب ينقسم إلى فريقين. الأول، يرى أن النظام محايد ويقف موقف المتفرج. أما الفريق الثاني، فيتهم النظام بالتورط حتى أذنيه في المخدرات. بمعنى أن النظام لم يقدم أي مبادرة إيجابية للرد بالمثل على الأردن.
وحسب ملكاوي، فإن الأردن ينتظر مبادرة من جانب النظام كعربون تقارب، إن كان النظام يسعى فعلاً لاستقرار المنطقة، ويقول: “المتوقع أن يتعامل الأردن عسكرياً مع بؤر ومجموعات التهريب داخل الأراضي السورية”.
واستهدف الأردن في الفترة الماضية، مرتين بطائرات حربية مواقع تابعة لتجار وتهريب المخدرات في الجنوب السوري، لكن من دون أن يُعلن عن ذلك رسمياً.
أما بخصوص احتمال التوصل إلى اتفاق أمني مع النظام السوري شبيه بـ”اتفاق أضنة”، يقول المحلل السياسي الأردني: “عندما وقع النظام الاتفاقية مع تركيا في العام 1998 كان هو سيد نفسه، وحينها قطع علاقته مع حزب العمال الكردستاني، لكن اليوم الوضع مختلف، والنظام لا يمتلك قراره”.
خطأ الأردن
من جهته، يقلل الباحث في مركز “الحوار السوري” الدكتور محمد سالم، من حظوظ التوصل إلى اتفاق بين الأردن والنظام السوري، مرجعاً ذلك إلى عدم استعداد النظام لتقديم أي تنازل للأردن، معتبراً أن الأردن “أضعف” من أن يفرض على النظام أي اتفاق، إلا إذا كان هذا المقترح يحظى بدعم أميركي وإسرائيلي.
ويضيف لـ”المدن”، أن اتفاق أضنة فتح المجال أمام دور تركي عسكري في الشمال السوري، متسائلاً: “هل لدى الأردن القدرة على الدخول عسكرياً في الجنوب السوري”، ويقول: “بتقديري لا يمتلك الأردن الثقل والقوة التي تمتلكها تركيا”.
وفي رأي سالم، فإن الأردن تخلت عن أوراقها في الداخل السوري، عندما تخلت عن فصائل المعارضة، ويقول: “أصيب الأردن بمقتل عندما تخلى عن فصائل الجنوب التي تشكل عمقاً استراتيجياً، بسبب سوء التقدير أو ربما بسبب ضعف الإمكانات”.
لكن المحلل السياسي ملكاوي يرفض المقارنة بين بلاده وتركيا في هذا الشق، ويقول: “الجيش الأردني لا يغادر أراضيه، وليس جيشاً معتدياً أو غازياً”. ويضيف أن “الأردن يحتاج لمسائل قانونية حتى يستطيع –إن أراد- التوصل إلى اتفاق أمني، فعلى سبيل المثال الأردن يحتاج إلى ملف متكامل يثبت تورط وضلوع النظام في تهريب المخدرات، لعرضه على المجتمع الدولي”.
المصدر: المدن