تدرس كليات الصحافة المختلفة الطلبة على مجموعة من المبادئ الأساسية التي على الصحافي أن يحترمها ولا يتخطاها أثناء عمله، خاصة تلك التي تتعلق بالمهنية والموضوعية والابتعاد عن الذاتية وإبعاد المشاعر في نقل الخبر مهما كانت قساوته أو ما يحمله من معاني الحزن أو الفرح وغيرها من المشاعر الإنسانية التي من الصعب إخفاؤها، خاصة عندما يتعلق الأمر بالمذيع الذي ينقل للمشاهد مجموعة من الأخبار ومطلوب منه أن يتجرد تماما من مشاعره.
طبيعة الأخبار تتطلب من المذيع التجرد من المشاعر
عندما يعطي المخرج إشارة البدء للمذيع. من هنا على هذا الأخير أن ينطلق في نقل الأخبار الممزوجة بأنباء مفرحة ومحزنة وأخبار روتينية من زيارات روتينية وغيرها. ما يتطلب من المذيع أن تكون له شخصية متوازنة متحكمة في مشاعرها، لأنه ينتقل من خبر إلى آخر وقد يكونان متناقضان في كل شي، لذلك مطلوب من المذيع أن يكون متجردًا من مشاعره أثناء نقله لتلك الأخبار.
إن هذه المسألة ليست سهلة ومن الصعب القيام بها، لكنها من المبادئ المهمة التي تركز عليها النظريات التلفزيونية، رغم أن البعض منها سمح ببعض المرونة في التفاعل مع الأخبار الأكثر تأثيرا، نظرا لصعوبة الموقف.
المذيع إنسان ليس روبوت
لأن له مشاعر، فهو إنسان، وهذا ما جعله يتميز عن باقي الكائنات والمخلوقات، فمن غير المنطقي أن يكون الخبر في حد ذاته كتلة من المشاعر تتطلب التعبير عنها، ويكون هو جامدا، كأن يكون الحدث تاريخيا أو موت شخصية مؤثرة، أو فوز المنتخب الوطني أو حالة إنسانية محزنة، فتجد المذيع بشكل عفوي يتفاعل مع هذه المواقف، وهنا تختلف ردة فعل كل مذيع، قد تبدو من خلال تعابير الوجه، أو نبرة الصوت، أو البكاء والضحك.
هناك أمر آخر يجهله المشاهد، أن المذيع وهو يقدم الأخبار على تواصل مع المخرج، وهذا يعني أنه قد يتعرض إلى موقف قد يدفعه إلى البكاء أو الغضب أو الضحك بسبب كلمة يسمعها عبر سماعته وبشكل عفوي تجده يدخل في حالة هستيرية، دون أن تكون الأخبار التي يقرؤها لها أي علاقة في ذلك، وهذا يجعل المشاهد يتساءل عن سبب ضحك أو انفعال المذيع المفاجئ غير المرتبط بالأخبار.
المبالغة في إبداء المشاعر غير مرغوب
كما قلنا سابقا، هناك مجموعة من الأخبار أو ما وراء الكواليس التي يتعرض لها المذيع تدفعه إلى التفاعل معها، وأشرت إلى أن المذيع يبقى إنسانًا له مشاعر ومن الطبيعي أن يبدي بعضا منها، لكن لابد من عدم المبالغة، أو ضرورة التحرك السريع للمخرج للخروج من بعض المواقف المحرجة التي يتعرض لها المذيع والتي تدخله في نوبة بكاء أو ضحك، حتى لا يؤثر ذلك على صورة المذيع لاحقا، كما على المذيع أن يكون حريصًا على التحكم في نفسه أو الخروج من ذلك الموقف بذكاء وبطريقة لبقة، وهذا ما يجعل المشاهدين يلتمسون له الأعذار.
تصور مثلا أن يكون الخبر عن وفاة شخصية مهمة ويدخل المذيع في نوبة ضحك قد تتسبب في حالة من الاستنكار الشديد من المتابعين، خاصة أننا في زمن الهاشتاغات، رغم أن المذيع حدث له ذلك بسبب موقف مع المخرج، لكن الأمور خرجت عن مسارها لتصل إلى المشاهد الذي لا يعرف كل هذه الخلفيات، لذلك على المذيع أن يتدارك كل هذه الأمور بسرعة كبيرة، وأن يحاول إعطاء إشارة للمخرج للتنسيق والخروج بسلاسة من هذه المواقف التي قد تشكل جدلا كبيرا، إن كان على مستوى المذيع أو القناة التي يعمل فيها، لأن الأمور قد تفسر بطريقة خاطئة قد تتسبب الكثير من المشاكل .
المصدر: إيلاف