يستمر ارتفاع الأسعار في سورية، رغم تراجع المبيعات والقدرة الشرائية للمواطنين، لتسجل الخضر والفواكه والمنتجات الحيوانية، الارتفاع الأكبر، بعد عودة تصدير إنتاج السوريين إلى منطقة الخليج العربي، سعياً خلف الدولار.
وسجل سعر طبق البيض بسورية “30 بيضة” أعلى سعر منذ عام 2011 بعد تخطيه اليوم 55 ألف ليرة، ليرتفع سعر البيضة “بالمفرّق” إلى 2000 ليرة سورية، وارتفع بالمقابل سعر كيلو الفروج إلى 30 ألف ليرة، وشرحات الدجاج 58 ألف ليرة، في حين قفز سعر أجنحة الدجاج التي كانت ترمى ولا تستهلك بالسابق، إلى 30 ألف ليرة.
ولم يعد تهاوي سعر صرف الليرة، سبباً مقنعاً، بحسب الاقتصادي محمد حاج بكري، الذي يوضح لـ”العربي الجديد” ثبات سعر الصرف منذ فترة عند 13500 ليرة للدولار الواحد.
ويرى الاقتصادي السوري أن ارتفاع سعر المنتجات النباتية سببه التصدير، لكن الإنتاج الحيواني، يعود لقلة العرض المترافق، مع تهديم هذا القطاع وارتفاع أسعار الأعلاف الذي زاد عدد العازفين عن التربية والإنتاج، وتراجع دور القطاع الحكومي برفد احتياجات السوق من الفروج والبيض وحتى منتجات الألبان.
تراجع الإنتاج
وكان مدير عام المؤسسة العامة للدواجن بحكومة بشار الأسد، سامي أبو الدان، قد أشار إلى تراجع إنتاج بيض المائدة، وإنتاج أكثر من 82 مليون بيضة مائدة منذ بداية العام حتى نهاية شهر أغسطس/ آب الماضي، وتراجع إنتاج بيض التفريخ إلى مليون و675 ألف بيضة تفريخ، و859 ألف صوص.
ويضيف مدير مؤسسة الدواجن الحكومية أن تكلفة إنتاج البيضة في القطاع العام هي أعلى منها في الخاص، بسبب أجور العمالة، حيث يعمل القطاع الخاص بنظام العائلات، ويوفر العديد من التكاليف، مضيفاً أن تكلفة البيضة على المؤسسة بين 1650- 1680 ليرة، وبالنسبة لأسعار الفروج، فإن تكلفة الكيلو الحي 27 ألف ليرة.
وخرج، بحسب مصادر سورية رسمية، الآلاف من مزارع تربية الدواجن بمدن شمال شرق سورية “دير الزور، الحسكة، الرقة”، وإغلاق المداجن بمدن شمال غرب “إدلب وريف حلب واللاذقية”، ولم يبق بسورية اليوم أكثر من 1500 مزرعة، من أصل أكثر من 12 ألف منشأة عام 2011، وكان يعمل بهذا القطاع نحو 1.2 مليون سوري.
ولم تقتصر ارتفاعات الأسعار على الدواجن والبيض، إذ تؤكد مصادر من دمشق لـ “العربي الجديد” ارتفاع أسعار المنتجات الحيوانية بأكثر من 50% خلال شهر، والخضر والفواكه بأكثر من 60%، إذ وصل سعر كيلو لحم الخروف “من دون دهن” إلى 200 ألف ليرة سورية، وارتفع سعر كيلو اللبن “زبادي” إلى نحو 8 آلاف ليرة، والحليب إلى 6500 ليرة، واللبنة إلى نحو 30 ألفاً، ليتعدى سعر كيلو الجبنة الشلل 70 ألف ليرة سورية.
ويشير الاقتصادي السوري، محمود حسين، إلى أن تراجع المبيعات بالأسواق، نتيجة عدم القدرة الشرائية، يزيد من الأسعار بسورية، بدل أن يكسر الأسعار، كما المعتاد وقوانين السوق، لأن فساد الإنتاج الحيواني بحال لم يبع باليوم نفسه، بسبب انقطاع التيار الكهربائي، يقلل من العرض، ويضيف تكاليف الطاقة إلى السعر النهائي.
خلل في المداخيل
ويلفت الاقتصادي السوري لـ”العربي الجديد” إلى الخلل الكبير بين دخل السوريين بالداخل والإنفاق، بحده الأدنى، فمتوسط إنفاق الأسرة يفوق 6.5 ملايين ليرة، في حين الأجور، وبعد الزيادة، لا تصل إلى 260 ألف ليرة شهرياً، منبهاً إلى أن السوريين يلجؤون إلى سد تلك الفجوة، عبر بيع ممتلكاتهم، ونهج طرائق تزيد من تفتيت المجتمع وتبديد قيمه الفوقية “مؤسف ما وصل إليه الحال من فساد ومخدرات ودعارة”.
ويضيف حسين أنه وبواقع غلاء المنتجات الغذائية وحرمان السوريين، بل وزيادة أمراض سوء التغذية، نرى حكومة بشار الأسد تزيد تصدير الإنتاج السوري “زيت الزيتون، بطاطا، بندورة..” إلى منطقة الخليج العربي، ما يزيد من ارتفاع الأسعار ونسبة الجياع الذين ينتظرون تحويلات ذويهم من الخارج، لتدبر أبسط طرق العيش والحد الأدنى للبقاء على قيد الحياة.
ولا تقتصر ارتفاعات الأسعار على المنتجات الحيوانية، بل قفزت أسعار الخضر والفواكه، بالنسبة نفسها، بعد أن سجل سعر كيلو البطاطا 7 آلاف ليرة، والباذنجان 4 آلاف ليرة، والبندورة “طماطم” أكثر من 5500 ليرة، وسجل سعر كيلو التفاح 6 آلاف ليرة، والليمون 4 آلاف ليرة، والإجاص 13 ألف ليرة.
ويقول عضو لجنة تجار ومصدري الخضر والفواكه بدمشق، محمد العقاد، إن الصادرات السورية من الخضر والفواكه إلى دول الخليج تعتبر جيدة وبأفضل حالاتها، وخصوصاً الفواكه، ولا سيما إلى السعودية، ومن المتوقع أن تتحسن أكثر خلال الأيام القادمة.
ويضيف العقاد، خلال حديث سابق نشرته صحيفة “الوطن”، المقربة من نظام الأسد، أن حركة الأسواق الداخلية “بطيئة جداً، وتراجعت بأكثر من 50% عن العام الماضي”.
ويكشف عضو لجنة المصدرين أن تصدير الخضر والفواكه السورية إلى دول الخليج بازدياد “لدينا 40 براداً يومياً تذهب للخليج وخاصة السعودية”، مقدراً حجم الصادرات خلال الأسبوع الواحد بنحو 5 آلاف طن من الخضر والفواكه.
وسبق لبرنامج الأغذية العالمي، التابع للأمم المتحدة، أن حذر من أن معدلات الجوع في سورية بلغت مستويات قياسية في بلد ينهشه نزاع دام ويرافقه انهيار اقتصادي ومالي مزمن.
وقال البرنامج، في بيان، إنه بعد نحو 12 عاماً على اندلاع النزاع “لا يعرف 12 مليون شخص من أين ستأتي وجبتهم التالية، فيما 2,9 مليون معرضون لخطر الانزلاق إلى الجوع”، ما يعني أن 70% من السوريين “قد يكونون غير قادرين قريباً على وضع طعام على المائدة لعائلاتهم”.
المصدر: العربي الجديد