دخلت الاحتجاجات التي تشهدها مدينة السويداء، جنوب سوريا، والمستمرة للأسبوع الثالث على التوالي، منعطفاً جديداً تمثل في قيام مجموعة من المتظاهرين بتحطيم نصب تذكاري للرئيس السوري الراحل حافظ الأسد تزامناً مع إحيائهم لذكرى اغتيال الشيخ وحيد البلعوس الذي كان يعتبر من أبرز المعارضين للنظام السوري في المحافظة الجنوبية.
وترافقت الخطوة التصعيدية للمحتجين والتي لم تلق حتى الآن أيّ رد فعل من سلطات دمشق، مع مسار تصعيدي على المستوى السياسي تمثل في دعوة بعض القوى السياسية في السويداء لعقد مؤتمر عام لاختيار هيئة سياسية تتولى إدارة شؤون المدينة، الأمر الذي قد يزيد الشرخ بين جناحي الاحتجاجات، الأول الذي تقوده مشيخة العقل ويحرص على بقاء المطالب ضمن الإطار المعيشي والخدماتي بعيداً من المطالب السياسية، والجناح الثاني الذي رفع شعار إسقاط النظام وصمّ آذانه عن توصيات الوجهاء والشيوخ بضرورة التهدئة واللجوء إلى الحوار.
تحطيم تمثال الأسد الأب
وأقدم محتجون في محافظة السويداء على تحطيم تمثال حافظ الأسد، وذلك بعد مطالباتهم برحيل الرئيس بشار الأسد.
وتواصلت الاحتجاجات الشعبية في محافظة السويداء بجنوب سوريا لليوم السادس عشر على التوالي، للمطالبة برحيل الأسد وإحداث تغيير سياسي في البلاد، في وقت نصب متظاهرون خيمة اعتصام وسط ساحة السير “الكرامة”.
وتوافد عشرات المحتجين إلى الساحة وسط مدينة السويداء، الاثنين الماضي، حاملين لافتات تنادي بالحرية والإفراج عن المعتقلين وتطبيق القرار الدولي 2245.
وذكرت شبكة “السويداء 24” المحلية، أن المحتجين وقفوا دقيقة صمت في ساحة الاعتصام، إحياء لذكرى الشيخ وحيد البلعوس ورفاقه، والمدنيين الذين قضوا في تفجير مثل هذا اليوم من عام 2015.
وأضافت أن عدداً من المحتجين في المدينة حطموا تمثال الأسد الأب، كما أزال متظاهرون آخرون صورة له عن واجهة مبنى المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية.
وتذكّر هذه الخطوة بالمشاهد التي سادت في العديد من الميادين السورية عامي 2011 و2012 وتضمنت تحطيم عشرات التماثيل للرئيس السوري الراحل، ويعتبرها مراقبون سوريون بمثابة انعطافة حادة في احتجاجات السويداء قد تؤدي إلى تصعيد كبير لا سيما في ظل عجز الوجهاء والمسؤولين عن التوصل إلى صيغة تضمن التهدئة في المدينة على منوال ما كان يحدث في الاحتجاجات السابقة التي شهدتها السويداء في السنوات الماضية.
مؤتمر عام لاختيار هيئة سياسية
وفي خطوة قد تترك تداعيات خطيرة على مصير الاحتجاجات التي تشهدها مدينة السويداء لا سيما في ظل الاتهامات الموجهة إليها بالعمل على فرض حكم ذاتي للمحافظة، بدأت قوى سياسية ووطنية في السويداء العمل على التحضير لمؤتمر سياسي سيعقد في المدينة خلال الأيام المقبلة.
وجاءت الدعوة للمؤتمر بتاريخ 7 تموز (يوليو) الماضي وبناء على دعوة وجهت من قبل مجموعة قوى وطنية سياسية في السويداء.
ومن الأهداف التي يطرحها المؤتمر، تأسيس هيئة سياسية مدنية تهدف إلى تشكيل لجان محلية، وتكلف كل لجنة إدارة ملفات خدماتية – سياسية – اقتصادية ضمن محافظة السويداء بهدف سد الفراغ الناتج عن فساد مؤسسات الدولة وتورط الأجهزة الأمنية فيه.
وسوف تقدم الهيئة السياسية المدنية إلى المجتمع الدولي رؤيتها السياسية لمستقبل سوريا ومشاركتها في العمل السياسي لإعادة بناء الدولة.
ووفق بيان الدعوة، فإن الهدف من المؤتمر، خدمة المجتمع من خلال تحالف القوى السياسية التي تعمل ضمن اللجنة، والعمل على تأمين الخدمات للمجتمع وفق القدرات المتاحة. وأشار البيان إلى أن للهيئة التي سوف يتم تشكيلها عدداً من المبادئ:
-التأكيد على وحدة الأراضي السورية ورفض أي مشروع انفصالي، وتعزيز مفهوم الإدارة اللامركزية، وطرح مفهوم الإدارة الذاتية ضمن إطار الخدمات وتأمين احتياجات المجتمع.
كذلك تم طرح البدائل المحلية من خلال تأسيس هيئة سياسية مدنية تساهم في تشكيل لجان عمل محلية تقوم على خدمة المجتمع. وتمت مناقشة العمل على خروج المحافظة من واقعها المتردي نتيجة صعوبة الأحوال المعيشية وانتشار الفساد في مؤسسات الدولة.
-بعد انتخاب الهيئة السياسية المدنية، وضع خطط لمواجهة ظاهرة انتشار المخدرات في المجتمع نتيجة دعم الأجهزة الأمنية لها.
واعتبر البيان أن اللجنة التحضيرية عملت طوال الأشهر السابقة على تذليل العقبات و تقريب وجهات النظر بين كل طبقات المجتمع ومن ثم حشد الطاقات لدعم كل السبل السلمية للمطالبة بحقوق الشعب ولديها مهمة محددة في بناء جسم سياسي وطني يساهم في سد الفراغ الحاصل نتيجة غياب مؤسسات الدولة منذ شهور طويلة.
ووفقاً لـ بيان القوى، فإنه اعتباراً من يوم 5 أيلول (سبتمبر) سوف تبدأ اللجنة التحضيرية للمؤتمر، بالعمل على ارسال الدعوات لكل القوى الوطنية والسياسية والثورية في المحافظة.
المصدر: النهار العربي