احتجاجات السويداء مستمرة ورفع علم الثورة لأول مرة

ليث أبي نادر

غصّت ساحة الكرامة في السويداء السورية، اليوم الجمعة، بآلاف المحتجين القادمين من قرى وبلدات ومدن المحافظة كافة، في تظاهرة شهدت لأول مرة رفع علم الثورة التي انطلقت في مارس/ آذار 2011 أملاً في الحرية وإسقاط النظام الديكتاتوري.

وتستمر التظاهرات في السويداء وعموم الجنوب السوري منذ أيام، بسبب تردي الوضع المعيشي وانعدام الأمل بحدوث تغيير في مناطق سيطرة النظام الذي قاد حملة قمع وحشية ضد الثورة، أدت في ما بعد لتفكك البلاد وانهيار اقتصادها وغرقها في حرب أهلية مستمرة حتى يومنا هذا.

وشهدت ساحة الكرامة، مركز التظاهرات في مدينة السويداء، اليوم الجمعة، إقبالاً غير مسبوق في تاريخ المحافظة مقارنة بسنوات الحرب، للمطالبة بإسقاط النظام، ما يعيد آمال السوريين بتجدد الثورة.

وقال مصدر من بلدة القريا معقل القائد العام للثورة السورية الكبرى ضد الاستعمار الفرنسي، إن المئات من أبناء القرى التابعة إدارياً للبلدة، لبّوا دعوة أطلقها نشطاء، أمس الخميس.

وشكل انضمام أشخاص مؤثرين على ساحة المحافظة بمواقف مؤيدة للاحتجاجات، دوراً مهماً في اتساع رقعة التظاهرات وزيادة أعداد المقبلين عليها، كان من بينها انضمام شيخ عقل الطائفة الدرزية “حكمت الهجري” إلى الأصوات التي نادت بالتغيير السياسي.

وأعقب ذلك بعد أيام انضمام شيخي العقل الآخرين “حمود الحناوي” و”يوسف جربوع” الذين أعلنا أيضاً دعمهما للشارع بعد سنوات من اتخاذهما موقفاً قريباً من دعم النظام.

وأمس الخميس، أعلن العميد المتقاعد “نايف العاقل” انضمامه للاحتجاجات وتأييده المطلق لحق الشعب في تقرير مصيره بالتغيير السياسي وفق قرارات الأمم المتحدة.

هذه المواقف المتخذة من قبل المؤسسة الدينية، والهيئات السياسية والاجتماعية، كان لها أثر كبير في استقطاب مئات المواطنين، واتساع رقعة الاحتجاجات، وكسر حاجز الخوف والتردد، وفق مراقبين.

وقالت مصادر محلية لـ”العربي الجديد”، إن المجالس الدينية والقوى المجتمعية في قرى وبلدات المحافظة دعت المدنيين للانضمام إلى الاحتجاجات تأكيداً على أن التغيير السياسي مطلب جميع أبناء الوطن على حدٍّ سواء.

وقال الناشط الإعلامي “حمزة المعروفي” لـ”العربي الجديد”: “الصورة والمشهد في السويداء أصبحا أكثر وضوحاً، وبات جلياً أن الشارع بشكل شبه كلّي فقد ثقته بالنظام وبالقائمين على مؤسسات الدولة. المواطن بات مقتنعاً بأن زوال الأسباب لن يكون إلا بزوال المسبب”، مضيفاً: “لن يكون مجدياً بعد الآن إطلاق الوعود من قبل الجهات التابعة للنظام. الناس وصلت لقناعة أن الشجرة التي لا تثمر إلا شوكاً يجب اقتلاعها واستبدالها بشجرة تثمر ما ينفع”.

وتابع “المعروفي” أن “أكثر ما يثير العواطف ويحمس ويحفز في المشهد هو عودة مشايخ الطائفة ومشايخ العشائر كتفا بكتف كجدار متين يقول للسلطات الأمنية محاولاتكم بزرع الفتنة باءت بالفشل”.

وقال: “ها نحن اليوم كما كان أجدادنا في معارك الشرف ضد المستعمر الفرنسي والمحتل العثماني”.

وكان لافتاً في تظاهرات اليوم، رفع علم الثورة السورية في كل من ساحة الكرامة في السويداء وصرح الثوار في بلدة القريا، والتفاف الكثير من المحتجين حوله، ما يؤشر على سقوط رمزية النظام وحزب البعث في المحافظة.

وقالت الناشطة المدنية “سما رضوان”: “منذ اللحظة الأولى التي أسقط بها الثائرون في المحافظة لافتات حزب البعث وطردوا أعضاءه من المقار في عدة مناطق بالمحافظة ومنعوا قيادات فرع الحزب من الدخول إلى مقرهم ومزقوا صور رأس النظام، كانوا قد أعلنوا سقوط هذا النظام رمزياً وضمنياً وأن لا عودة بعد الآن للاعتراف به كنظام دولة وطنية”.

وأشارت إلى أن هذه الخطوات من قبل المحتجين تؤكد أن الشرعية سقطت عن النظام في محافظة السويداء “وبات المطلب الأول تغييره من الجذور”.

“لا مستقبل لسورية بوجود الأسد”

على الصعيد الدولي، قال السيناتور الجمهوري، ورئيس لجنة الشرق الأوسط في الكونغرس الأميركي، جو ويلسون، إن سورية “ليس لها أي مستقبل ولن تستقر أبداً في ظل وجود رأس النظام السوري بشار الأسد”، معرباً عن امتنانه لوقوفه إلى جانب “سورية الحرة”.

وقال ويلسون، عضو مجلس النواب الأميركي، في تغريدة له على حسابه الشخصي في موقع “إكس” (تويتر سابقاً): “لقد ألهمت الاحتجاجات المتعددة الأعراق والطوائف في أنحاء سورية ضد الأسد الوحشي هذا الأسبوع العالم أجمع”، مُشيراً إلى أن “هذه الاحتجاجات أظهرت أن سورية ليس لها مستقبل ولن تستقر أبداً في ظل الأسد”.

وقال إنه “في يوم الجمعة، جمعة محاسبة الأسد، من المقرر تنظيم احتجاجات أكبر”.

وقال ويلسون في تغريدة أخرى: “أتطلع إلى قيام الكونغرس قريباً بتمرير قانون مكافحة التطبيع مع نظام الأسد الذي وافق عليه الحزبان الجمهوري والديمقراطي”، لافتاً إلى أن “الشعب السوري عانى من الفساد المطلق على أيدي القتلة الجماعيين (الرئيس الروسي فلاديمير) بوتين والأسد”.

وأضاف: “من يسعى للتطبيع والتوصل إلى اتفاقات مع الأسد فإنه يتاجر بالموت”.

وكان ويلسون قد قدم مشروع قانون “منع التطبيع مع النظام السوري”، في مايو/ أيار العام الجاري، وذلك مع رئيس لجنة الشؤون الخارجية بمجلس النواب الجمهوري مايكل ماكول، وأيضاً مع النائبين، الجمهوري فرينش هيل، والديمقراطي بريندان بويل، اللذين يشاركان في رئاسة تكتل “سورية حرة وديمقراطية ومستقرة”، مع نواب آخرين.

ويمنع مشروع القانون الحكومة الاتحادية الأميركية من الاعتراف بأي حكومة سورية بقيادة الأسد، أو تطبيع العلاقات معها، كما يوسع “قانون قيصر” الأميركي الذي يفرض مجموعة عقوبات صارمة على النظام منذ 2020.

وكان المبعوث الألماني إلى سورية ستيفان شنيك قد أشاد، أمس الخميس، على صفحته الرسمية في موقع “إكس” بـ”شجاعة أهالي السويداء و درعا المطالبين بالعدالة والحرية”، داعياً إلى الوقوف مع المحتجين سلمياً وإطلاق سراح المعتقلين.

المصدر: العربي الجديد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى