صدرت رواية :حتى توارت بالحجاب عن مكتبة الأسرة العربية في اسطنبول للكاتب د أحمد سامر العش وهي أول عمل اقرأه له .
تبدأ رواية حتى توارت بالحجاب من الحديث عن بطلها أحمد الناجي الوحيد من تدمير منزلهم الذي أودى بحياة عائلته كاملة، حيث تم انتشاله من تحت الأنقاض، وتم بتر احدى ساقيه.
أحمد الآن يسكن في احدى مخيمات الشمال السوري. يسكن في خيمة، يعتمد في حركته على عكاز. يعيش على المساعدات التي تصل للمخيم وتوزعها مؤسسات اغاثية.
احمد يعيش في يأس مطبق مع إحساس بالعجز وأن لا أمل له في المستقبل. يعيش منعزلا عن محيطه يجتر معاناته وما عاشه من مأساة وفقده لأهله…
حصل مع احمد ما قلب حياته رأسا على عقب. لقد ساعد شيخا يكاد يختنق من قضمة تفاح كادت تودي بحياته. وجعله يلفظها خارج فمه. عادت له روحه. اراد الشيخ ان يكافئ احمد ، لعله من رجال الله ، فقال اطلب ماتشاء. وهكذا حصل احمد على خاصية التغلغل في شخصية الآخر بمجرد الملامسة، وأن يعيش معه حياته كاملة، حتى يخرج منه الى غيره. كما يشاء احمد…
ذهل أحمد من هذا وخاف من التجربة ولم يعش يقين صحتها إلا عندما و صافح أحد الرجال من الذين يحضرون اللوازم الاغاثية لأهل المخيم حيث يعيش احمد…
عاش احمد في عوالم هذا الرجل وكشف مقدار الزيف والانتهازية فيما يعملون، وحتى الغش وسرقة بعض المعونات من هذا الرجل ومن معه في فريقه. ثم انتقل أحمد بعد هذا الى رئيس فريق المساعدة الاغاثية، واكتشف انه جزء من شبكة أكبر تعمل على مستوى أوسع وتحصل على مكتسبات ليس لهم حق بها، يستقطعونها من حقوق أهل المخيم. وان مستوى معيشتهم وحياتهم مترف وهم بعيدين سلوكيا ووجدانيا عن ما يعيشه أهل المخيم اللاجئين المظلومين. ثم انتقل أحمد إلى أحد المانحين الدوليين الأجانب. واكتشف انه جزء من شبكة تابعة للحكومة البريطانية تعمل منذ سنوات في المجال الإغاثي، وأنها تجعله ستارا للتغلغل وسط الناس المنكوبين. وتجمع معلومات استخبارية وتخدم خططا للدول. ومن ذلك الداعم الدولي ينتقل احمد الى مسؤوله ليكتشف ان هناك شبكة من المتنفذين من رجال المال والسياسة والحكومة، يبرمجون كل ذلك ضمن خططهم لاستثمار ما يحصل عالميا في أي بلد ويخططون لما يريدون وينفذون ما يريدون على الأرض. ومن هذا المسؤول يصل أحمد لرئيسة وزراء بريطانيا التي عاصرت موت الملكة البريطانية اليزابيت قبل عام، و استقالت بعد فترة. ومنها إلى الملك الابن تشارلز. وعلم كيف يتم تنصيبه ملكا عبر طقوس غريبة سريّة، يتواجد فيها رجل معمر لسنين طويلة. اعور ومقيد ومكتوب بالعربية على وجهه كافر.
الى هنا يعود أحمد الى وعيه مكتشفا نظام التحكم العالمي بنا وبكل ما يحصل معنا. يعود احمد محملا بالثقة بالنفس والامل وقرر أن يعمل قدر إمكانه. فالحياة مستمرة ولا يأس مع الحياة.
تنتهي الرواية وأحمد يعمل في أرض يزرع وينتج ويواجه الحياة بكل جدارة وثقة.
في التعقيب على الرواية أقول:
الرواية قصيرة جدا حوالي ٧٠ صفحة، غير ذلك تتابع الرواية موضوعاً واحداً وهو نمط حياة الإنسان ضمن وضعه الاجتماعي . بصفة فردا ضمن بيئته، كذلك متابعة التسلسل الهرمي لما يعرف بالنظام العالمي الخفي المتحكم بكل ما يحصل في الدنيا. أو هكذا يعتقد من يؤمن بهذه الفرضية…
بينما من المفترض أن تكون شبكة حياة أبطال الرواية عموما ممتدة مجتمعيا وبالمكان والزمان والظروف المحيطة. وأحيانا تمتد أحداثها لسنوات طويلة. وتتابع متغيرات حياة ابطالها. لتظهر واقع الحياة المعاشة عند الكل مع احتمالات مستقبلية لكل ذلك…
الرواية فقيرة بهذه المعطيات. لعلها رواية رسالة مختصرة أراد الكاتب توصيلها لنا على شكل رواية.
كذلك كنت انتظر ان يحدثنا الكاتب عن الظروف التي صنعت حالة أحمد الشاب السوري. لا يكفي أن نقول أنه نجا من قصف وأن أهله ماتوا…الخ. المأساة السورية تحتاج أن تفرش كأرضية لهكذا عمل روائي ولو أن عشرات الروايات تحدثت حول ما حصل في سوريا. لكن الواقع السوري في ماضيه وحاضره ومستقبله وصيرورته، يحتمل المئات من الأعمال الأدبية والفكرية والسياسية.
ولأن الناقد مؤتمن أن يقول رأيه بمصداقية وفاء لضميره و نقدا بناء للنص كما يرى. ليضيء للكاتب طريقا يعتقد الناقد أنه صحيحا. لذلك واضحا وصريحا.
مع ذلك كانت الرواية سلسة وجذّابة بحيث قرأتها في جلسة واحدة، فيها رسائل مهمة. عن حياة حكام العالم؛ الانحراف الأخلاقي والسلوكي واستباحة الحرمات وضياع القيم وغياب الأخلاق. زعيمهم أعور الدجال على وجهه مكتوب كافر. واغلب القادة مثليين ومنحرفين أخلاقيا. هذه رسالة يوصلها الكاتب لنا أننا نحن المسلمين مستهدفين. وان قيمنا وأخلاقنا مستهدفة تماما كما بلادنا وشعوبنا التي استبيحت على كل المستويات…
لن أتوسع حول ما حصل ويحصل في سوريا…
ان ذلك يحتاج حديثا آخر…
