قراءة في كتاب داعش واخواتها 1 من القاعدة الى الدولة الاسلامية

أحمد العربي

سنعتمد في القراءه… على الكتاب وعلى الخلاصه المعرفيه المتكونه لدينا. وعلى التعامل النقدي. حول كل موضوعات الكتاب ووجود داعش على الارض وتداعيات افعالها الان وفي المستقبل..

.أولاً البنيه الفكريه..

1. ان داعش وقبلها القاعده تعود بجذورها لاساس الرأي الاسلامي القائل. بضرورة وجود حكم اسلامي كفريضه على المسلمين. ولهذه الفكره جذورها البعيده. سواء من قراءة خاصه لنصوص الاسلام كقرآن وحديث. او من حياة الرسول ص. او من دولة الخلافه وما بعدها حتى سقوط الخلافه العثمانيه.

2. ان القول بضرورة تجديد الاسلام وبناء دولة للمسلمين. ظهرت في اواخر القرن التاسع عشر. كرد على الاستعمار الاوربي لاغلب بلاد المسلمين. وكدعوه للتقدم بمواجهة تخلف طال البلاد الاسلاميه. ومن رواد تلك المرحله جمال الدين الافغاني ومحمد عبده ورشيد رضى. وعبد الرحمن الكواكبي وخير الدين التونسي..

3. سرعان ما تبلورت الدعوة الاسلاميه في اتجاهين مختلفين الاول دعوي يرى بالانطلاق من التربيه والتغلغل في المجتمع وبناء النموذج الفردي والجماعي والعمل للوصول للحكم بوسائل سلميه.. والاخر اعتمد على العمل لبناء الدوله المسلمه كشرط لبناء الحياة الاسلاميه. وبكل الوسائل. بما فيها الاسلوب العنفي. والاسلوبان اشتقى من مسار حركة الاخوان المسلمين اصلا لمؤسسها الشيخ حسن البنا. الذي اغتيل مبكرا. وترك جماعته بين خطها الاساسي الدعوي. وجناحها العسكري الذي سرعان ماتبلور خارج الجماعه. وترعرع على فكر سيد قطب وابو الاعلى المودودي..

4. اعتمد الاتجاه العنفي للتيار السياسي الاسلامي. على قراءة خاصه للاسلام والمسلمين. فمن الزامية وجود الدولة الاسلاميه. الى ضرورة فرضها بالعنف. الى تكفير الدوله الغير مسلمه واعتبارها جاهليه. الى تكفير المسلمين لعدم ثورتهم على الدوله الغير مسلمه. الى العمل لبناء الطليعه المسلمه التي تفرض الدولة الاسلاميه بالقوة. باسقاط الدول الكافره. والزام الناس على الحياة وفق الشريعه الاسلاميه. وتشكلت تنظيمات اسلاميه في كل البلاد الاسلاميه تقريبا تتكلم وتتصرف وفق هذا المنطق. مسترشدة بكتاب سيد قطب معالم في الطريق. ووجد في مصر جماعة الجهاد والجماعه الاسلاميه. وفي سوريا الطليعه المقاتله. وفي الجزائر الجماعة الاسلاميه المقاتله…الخ. وكلها خاضعت صراعات مع الانظمه ودخلت السجون وبلورت افكارها اول باول..

5.كانت ردة فعل الانظمه على هذه الجماعات استئصاليه وقمعيه. وهذا ادى لردة فعل اكثر جذريه تبلورت في السجون وخلقت مجموعات متخندقه فكريا وذات شعور قهري من ظلم الانظمه وشعور بالرساليه. والاصرار على العمل بمزيد من العنف. الذي كان موجها للانظمه واركانها وجنودها وامنها اولا. ثم لتصبح بعد ذلك موجهة لكل ابناء المجتمع. سواء لخطأ باعتقادهم او لكونهم خانعين للسلطات …

6. استند التيار الاسلامي العنفي فكريا على قراءة بعض النصوص القرآن والحديث. على انه هناك فرض إلهي على المسلمين لبناء حكم الله في الارض. واستندوا ايضا على قراءاة خاصه. توصم الناس كلهم اما بالكفر او دون ذلك حسب تصنيفاتهم إلا جماعتهم. والتكفير عندهم يستوجب القتال والكافر دمه مهدور. واعتمدوا كذلك على قراءة للعالم باعتباره عالم الكفار سواء الملحدين او الصليبيين او الجاهليين المدعين الاسلام وكلهم حكام طاغوت يستوجب حربهم. واعتبر الجهاد اعلى درجات الاسلام وهو قائم لقيام الساعه وعليهم ان يجاهدوا حتى النصر ببناء دولة الخلافة الاسلاميه او يستشهدوا.. والحرب مفتوحه دوما.. مع العالم كله تقريبا…

7. تدرج التيار العنفي في تبرير هدر حياة عموم الناس. فمن تكفير الحاكم المحدد. لتكفير صنف الحاكم دون تحديد. لتكفير بعض المسلمين. لتكفير كل المسلمين لكونهم لا يستجيبوا لدعوة الجهاد. او لخلاف مع رؤية المجاهدين. ولا يوجد حرمة للمختلف الديني فالمسيحي ليس ذميا وهو عدو محارب. سواء ابن البلاد او الغربي الاوربي والامريكي. وكذلك الموقف من المذاهب والطوائف الاسلاميه. فتكفير الشيعه والعلويين والدروز والاسماعليين وكل المختلفين بكونهم محرفين للدين وكفار استوجب هدر دمهم. وهذه الافكار بتطرفها تغلغلت في التيار الاسلامي العنفي حتى اصبحت شائعة بأحدث تشكيلاتها داعش …

8. والتكفير اصبح قاعدة هدر الاخر المختلف حتى من ذات الخلفيه الفكريه. فداعش تهدر دم جبهة النصرة وتحاربها. وكذلك تهدر دم كل مختلف عنها حتى لوكان يقف معها في خندق الصراع مع الانظمه. كالنظام السوري والعراقي. بل ترى ان قتال المختلفين عنها كمرتدين اولى عندها من قتال الانظمه ككفار مستندين لقراءه خاصة لمسار محاربة المرتدين ايام ابي بكر الصديق..

9.هذه البنية الفكريه والسلوكيه. لم تستطع ان تنمو الا في ظروف صراع وجود وحياة وموت يومي. في صراع دائم سواء في افغانستان او العراق ومن ثم سوريا. واغلب المنتسبين لداعش هم شباب شبه امي دينيا ولا يوجد لديهم بدائل. وهم يحمون انفسهم من الموت عبر القتل للاخر. وهم ضحايا تعبئه فكريه تتغذى بوسائل التواصل الاجتماعي. وتنمو وسط مظلوميه عالميه تطال المسلمين. ومشهديه مريعه للقتل اليومي والفظائع التي تطال الناس في بلاد المسلمين خاصة سوريا والعراق واليمن وليبيا وفلسطين وغيرها…

10. ان البنية الفكريه للتيار الاسلامي العنفي الذي بدأ من الجهاز الخاص للاخوان المسلمين. وتوصل بآخر تطوراته لداعش عابرة للقاعده والنصره.. بنية فكرية هشه.لا قوة لادلتها النقليه ولا العقليه. فموضوع الحكم السياسي عند المسلمين هو من باب المباحات ومتروك لرأي عموم الناس ومصالحهم في مجتمعاتهم. عبر آليات شورويه. اقرب للمفهوم الديمقراطي في العصر الحديث. المحكوم بمصالح العباد وبآرائهم بكيفية حكمهم. لتحقيق الحرية والعدالة والحياة الافضل .. وهذا ما توصل اليه اغلب التيار الاسلامي السلمي في اغلب البلاد العربيه والاسلاميه. في تركيا وسوريا ومصر وتونس والاردن .. الخ.

11. ومع ذلك ما زال هناك حاجه ماسه. لنزع الشرعيه والمشروعيه. عن اي دعوة للحكم باسم الاسلام او باسم الله. التي تقتل وتكفر وتظلم الناس تحت هذا الادعاء الغير صحيح والمتناقض موضوعيا مع الاسلام. ومع ارادة الله المتمثله بارادة الناس وحياتهم الافضل.. وهذا التنوير الاسلامي يغادر الى غير رجعه موضوع السياسه وتداعياتها. من حقل الدين الى حقل العلم ومرجعيته مصالح العباد وكيفية تحقيق الحياة الافضل..

12. وهذا يتطلب ايضا. مغادرة حقل التعادي بين البشر على قاعدة اختلافهم دينيا او طائفيا او مذهبيا. واخراج موضوع التكفير وتداعياته من التداول. والتعامل مع كل مختلف دينيا او طائفيا او رؤية. بصفته مختلف محترم فكريا. ومرجعنا سوية الصالح العام المتحدد علميا والمقر ديمقراطيا.(شوربا) عبر وسائل الديمقراطيه المعتمده..

13. لقد تبين ان كل من يصل لموقع قياده او سلطه في اي حزب اسلامي او جماعه ما. فانه يعكس مزاجه الخاص ومصالحه ومصالح عصبته الخاصه في سلوكياته ويغلفها برؤى فكريه وسياسيه. اقصائيه واحيانا تكفيريه ونتائجها احيانا هدرا لحياة البشر.. لذلك كانت طريقة الحكم الديمقراطي الشوروي هي اقرب اساليب الحكم للتعبير عن مصالح مجموع الناس وتحقيق مقاصد الشريعه الاسلاميه. واقلها مظلوميه واقدرها على اعادة بناء الحياة السياسيه وتجاوز الاخطاء السياسيه وبناء الحياة الافضل للجماعه الانسانيه في كل تنوعها في الدولة الوطنيه.

14. الديمقراطيه بصفتها كل متكامل من السلوكيات المجتمعيه وللسلطه وفي الدوله. هي المطلوبه. بدء من دستور توافقي الى قانون ملزم لكل ابناء المجتمع. لانتخابات نيابيه ديمقراطيه. لحكم للاغلبيه النيابيه. الى تداول السلطه. الى حرية الصحافه. وبناء جمعيات المجتمع المدني والاهلي والنقابات والجمعيات..الخ. وكلها تتكامل في التعبير عن الجماعة الوطنية وكيفية بناء الحياة الافضل وتحقيها…

.ان التنوير العقلي والديني اصبح ضرورة مطلقه. ضرورة وجود الانسان في بلادنا وضرورة. لبناء حياته الافضل واسقاط الدول المستبده والافكار المستلبه لعقله وانسانيته. ومنع كل اعدائه من استغلاله.. والعمل لبناء دولة الحريه والكرامه الانسانيه والعداله الاجتماعيه والدبمقراطيه والحياة الافضل…

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى