يخشى السوريون أن يؤدي الاتفاق الجديد بين طهران وواشنطن، إلى تغاضي الولايات المتحدة عن نفوذ إيران في سوريا، خصوصاً أن إدارة الرئيس جو بايدن تعتبر امتداداً لسياسة إدارة الرئيس الاسبق باراك أوباما الديمقراطية والتي طاولتها انتقادات من الداخل الأميركي بسبب التراخي في التعامل مع النفوذ الإيراني في سوريا والمنطقة العربية إثر الاتفاق النووي في العام 2015، قبل أن تعلن إدارة دونالد ترامب، الجمهورية، الخروج من الاتفاق في 2018.
وتوصلت طهران وواشنطن في وقت سابق الخميس، إلى اتفاق يقضي بإطلاق سراح 5 أميركيين محتجزين في إيران، مقابل إفراج الولايات المتحدة عن 6 مليارات مجمّدة لإيران في كوريا الجنوبية والعراق، بوساطة دولة قطر.
خفض توتر بسوريا والعراق
ولأن القوتين متواجدتان بقوة على الجغرافية السورية، فكان لا بدّ من أن يمر الاتفاق في سوريا، وهو ما أكدته صحيفة “نيويورك تايمز” الأميركية، إذ نقلت عن مسؤولين أميركيين أن إيران طبقت الشروط الأميركية في الاتفاق حيث “لن تسمح لميلشياتها بمهاجمة القوات الأميركية في سوريا والعراق”.
وبحسب الصحيفة، فقد أقرّ ضابط كبير في الجيش الأميركي بتراجع عمليات الميليشيات الموالية لإيران ضد القوات الأميركية، كما نقلت عن الباحث في “معهد واشنطن للسياسات في الشرق الأوسط”، هنري روما أن “اتفاق (تبادل) الأسرى هو عامل مركزي في جهود واشنطن وطهران لخفض التوتر بين الدولتين”.
ويبدو أيضاً أن هجمات فصائل شيعية مرتبطة بإيران على القوات الأميركية تراجعت في العراق، كما يشير دبلوماسي من دولة حليفة للولايات المتحدة. وقال دبلوماسي لوكالة “فرانس برس” إن “التوتر لا يزال قائماً لكن الحكومتين تتواصلان وهذا يحدث فارقاً”.
اتفاق خطير
ويرى الدبلوماسي السوري السابق في واشنطن بسام بربندي أن الاتفاق “خطير جداً ويحتوي على بنود ملغمة كثيرة”، أبرزها المتعلقة بسوريا، ويتمثل في إيقاف هجمات الميليشيات الإيرانية ضد القوات الأميركية والذي لم يتم توضيح المقابل الذي ستقدمه الولايات المتحدة.
والخوف بحسب بربندي لـ”المدن”، ينطلق من أن يكون مقابل وقف الهجمات الإيرانية هو إطلاق واشنطن يد طهران وميليشياتها للتوسع أكثر في الجغرافية السورية، وهو ما حصل عقب الاتفاق النووي في 2015، إذ سيطرت إيران على حلب وكان لواشنطن دورٌ مساهمٌ في ذلك.
ويقول الدبلوماسي السوري إن إدارة أوباما لا تختلف عن إدارة بايدن كثيراً، وتعتمدان على مبدأ المقايضة في الاتفاقات، متوقعاً أن يكون المقابل والقادم هو “تمكين دور إيران في سوريا وتقويته، مع الحفاظ على أمن إسرائيل”.
المشروع الأميركي انتهى؟
وسبق الاتفاق الجديد، أنباء عن وجود مشروع أميركي يهدف الى السيطرة على الحدود السورية- العراقية من خلال عملية عسكرية تشارك فيها الفصائل المدعومة من القوات الأميركية ضد الميليشيات الإيرانية في دير الزور.
ولا يعتقد المعارض السوري في واشنطن أيمن عبد النور أن يكون الاتفاق قد تناول وضع الميليشيات الإيرانية في شمال شرق سوريا، موضحاً أن المحرك لما تريده واشنطن هو حماية جنودها من أي هجمات قد تؤدي إلى سقوط قتلى بصفوفهم إضافة إلى تشديد الضغط على النظام السوري.
ويقول عبد النور إن المشروع الأميركي للسيطرة على الحدود ليست إيران هي المقصود الأول منه، إنما حماية جنودها بالدرجة الأولى، وإضعاف شبكات تهريب المخدرات ومنع وصول أسلحة عبر الطرق البرية من إيران.
وبحسب المعارض السوري، فإن المشروع الأميركي “لا يزال صالحاً، ولا علاقة له بالاتفاق الجديد بين إيران والولايات المتحدة”.
ويؤكد عبد النور أن تحرير الأموال الإيرانية لا يعني جعلها تحت تصرف طهران، إنما سيتم تحويلها إلى سويسرا ثم إلى قطر قبل أن يتم تحريكها لشراء الغذاء والأدوية بعد مراجعة وتوقيع وزارة الخزانة الأميركية، ولذلك فإنها لن تستطيع استغلال هذه الأموال في دعم ميلشياتها في سوريا.
المصدر: المدن