نقلت إسرائيل رسائل إلى السعودية، تحضّ من خلالها ولي عهد المملكة والحاكم الفعلي الأمير محمد بن سلمان، على التقدم بالصفقة الأمنية-العسكرية مع إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن، لأنه سيكون من الصعب أن تحظى صفقة كهذه بأغلبية في الكونجرس تحت إدارة جمهورية.
وكشفت صحيفة “يديعوت أحرونوت” العبرية الجمعة، إن إسرائيل تخشى من قرار قد يتخذه بن سلمان، بتأجيل الصفقة مع الولايات المتحدة، والتي تشمل تطبيع العلاقات بين الرياض وتل أبيب، إلى ما بعد انتخابات الرئاسة الأمريكية، نهاية 2024.
وتضع السعودية شروطاً أمام إدارة بايدن بشأن هذه الصفقة، تشمل تزويدها بأسلحة متطورة والموافقة على تطوير برنامج نووي مدني سعودي، تعارضه إسرائيل، واتفاق دفاعي أمريكي-سعودي.
ويستوجب اتفاق كهذا موافقة ثلاثة أرباع مجلس الشيوخ عليه، وهذه أغلبية ليست متوفرة لدى إدارة بايدن، وفق الصحيفة العبرية.
ورغم أن للحزب الديمقراطي أغلبية ضئيلة في مجلس الشيوخ، لكنها ليست كافية لتمرير الصفقة لسببين، االأول، هو أن قسماّ من السيناتورات يتحفظون على الصفقة مع السعودية وينتقدونها بشدة.
أما السبب الثاني، فهو أنه حتى لو أيّد جميع السيناتورات من الحزب الديمقراطي الصفقة، فإن إدارة بايدن ستكون بحاجة إلى تأييد 17 سيناتورا آخر من الحزب الجمهوري.
ولفتت “يديعوت أحرونوت” إلى أنه من أجل حشد تأييد سيناتورات ديمقراطيين، ستصبح إسرائيل جماعة ضغط (لوبي) لصالح إدارة بايدن، من أجل إتمام الصفقة قبل انتخابات الرئاسة.
وعلى الرغم من عدم وجود اتفاق حتى الآن بين الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية، يوضح الموقع الإسرائيلي أن “الهدف الذي حددته إدارة بايدن هو محاولة تحقيق الاتفاق بحلول ربيع عام 2024.. وهذا يعني أنه في غضون بضعة أشهر إلى نصف عام، ستصل الصفقة إلى الكونجرس”.
وحسب التقديرات الإسرائيلية، فإنه سيكون من الصعب أن يصادق الكونجرس على صفقة كهذه في ظل إدارة جمهورية، وستكون الصعوبة أكبر بكثير في حال عودة الرئيس السابق دونالد ترامب إلى البيت الأبيض.
ففي هذه الحالة سيعارض الديمقراطيون أي خطوة يقوم بها.
في المقابل، ترى الصحيفة أن بإمكان إسرائيل مساعدة إدارة بايدن بحشد أغلبية ديمقراطية وقسم من الجمهوريين كي يؤيدوا الصفقة مع السعودية.
وأضافت الصحيفة، أن السيناتور الجمهوري ليندسي جراهام الذي زار السعودية وإسرائيل مؤخراً، عبّر عن تأييده لتطبيع العلاقات بين السعودية وإسرائيل، وأكد أنه سيدعم إدارة بايدن في حال وافقت على شروط السعودية، بحيث يؤدي ذلك إلى تطبيع بينها وبين إسرائيل.
ونقلت الصحيفة عن مسؤول إسرائيلي رفيع أن إدارة بايدن ارتكبت خطأً بتعاملها مع رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، بعدم دعوته إلى واشنطن، وبالانتقادات التي وجهتها إلى خطة إضعاف جهاز القضاء.
وأضاف: “بذلك ضللت إدارة بايدن العرب بالاعتقاد أنه لا يوجد دعم أميركي لإسرائيل، وشجعت السعودية بشكل غير مباشر على وضع شروطها، وذلك إلى جانب السياسة الأميركية المتصالحة مع إيران”، بشأن اتفاق نووي.
من جهته، قال وزير الخارجية الإسرائيلية إيلي كوهين للصحيفة، إن “للولايات المتحدة مصلحة في دفع اتفاق سلام بين السعودية وإسرائيل، إذ أنه سيسهم باستقرار إقليمي، ويخفض أسعار الطاقة، ويشكل إنجازاً مهماً للرئيس بايدن قبيل الانتخابات”.
واعتبر كوهين أن “للسعودية أيضا مصلحة في اتفاق كهذا، وليس أقل من مصلحة إسرائيل، إذ أنه سيساعدها على مواجهة التهديد المركزي عليها، وهو إيران، ويفتح الباب أمام إمكانيات جديدة من التعاون الاقتصادي والتكنولوجي مقابل إسرائيل”.
وأضاف: “رئيس الحكومة (نتنياهو) يقود المسألة أمام الأمريكيين، وبتقديري، ستنضم دول إسلامية أخرى من أفريقيا وآسيا الى اتفاقية من هذا النوع”.
يشار إلى أن فكرة تطبيع العلاقات الإسرائيلية السعودية رسميا مطروحة للنقاش منذ أن منح السعوديون موافقتهم الضمنية على تطبيع الإمارات والبحرين للعلاقات مع إسرائيل في 2020.
لكن الرياض ترفض حتى اليوم التطبيع مع إسرائيل، مشترطة تطبيق مبادرة السلام العربية التي أطلقها الملك السعودي الراحل عبدالله بن عبدالعزيز، عام 2002.
وتنص المبادرة العربية على إنشاء دولة فلسطينية معترف بها دوليا على حدود عام 1967، عاصمتها القدس الشرقية، وعودة اللاجئين وانسحاب إسرائيل من هضبة الجولان المحتلة، مقابل الاعتراف وتطبيع العلاقات مع إسرائيل.
في المقابل، يسعى المسؤولون الأمريكيون منذ شهور للتوصل إلى ما قد يكون اتفاقا تاريخيا بين السعودية وإسرائيل، لكن تقدما لم يحرز بعد.
والأسبوع الماضي، قال بايدن، إن اتفاقا ربما يكون في الطريق مع السعودية بعد محادثات أجراها مستشاره للأمن القومي جيك سوليفان، ومبعوث الشرق الأوسط بريت ماكجورك، مع مسؤولين سعوديين في جدة، بهدف التوصل إلى تطبيع للعلاقات بين المملكة وإسرائيل.
المصدر: الخليج الجديد