يقع ما يعرف بـ”ممر الغذاء بين الهند والشرق الأوسط” في قلب التحالف النامي والمتطور بين الهند ودولة الإمارات، وهو مشروع ضخم مدفوع برغبة الإمارات ضمان أمنها الغذائي والتحول إلى ممر غذائي لدول الشرق الأوسط، مستغلة تطور قطاع الزراعة الهندي ووجود أراض شاسعة صالحة للزراعة الوفيرة، للتحوط من اضطرابات سلاسل التوريد الغذائية العالمية، والذي زاد عقب الحرب الروسية الأوكرانية.
ما سبق كان خلاصة تحليل نشره موقع “إنفست إندياInvest India” الحكومي الهندي، وترجمه “الخليج الجديد”، حول تزايد التعاون بين أبوظبي ونيودلهي في هذا الإطار.
وقد شجع تعزيز العلاقات الدبلوماسية والاقتصادية بين الإمارات والهند الجانبين للاستثمار بقوة في مجال الأمن الغذائي، حيث تلتزم الهند بالاستثمار في بنيتها التحتية الزراعية والغذائية بتمويل إماراتي، وهو التزام ثنائي يعود بالنفع على الجانبين، لكنه يقدم للإمارات شريانا استراتيجيا لاستمرار ازدهار أمنها الغذائي، وتحولها خلال الفترة المقبلة إلى ممر لسلاسل توريد غذائية متطورة وممولة تكنولوجيا لدول الشرق الأوسط.
التجارة الثنائية والاستثمار
وبشكل عام، سجلت التجارة الثنائية بين أبوظبي ونيودلهي مستويات قياسية في السنة المالية 22-23 ، حيث قفزت من 72.9 مليار دولار (السنة المالية 21-22) إلى 84.5 مليار دولار (السنة المالية 22-23)، بمعدل نمو ملحوظ بنسبة 16% على أساس سنوي.
وتشمل القطاعات الرئيسية الوقود المعدني والآلات الكهربائية والأحجار الكريمة والمجوهرات والسيارات.
وتعمل اتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة (CEPA) الموقعة في فبراير/شباط 2022 بين البلدين كمحرك نمو للتجارة الثنائية بين الهند والإمارات العربية المتحدة وتهدف إلى تعزيز التجارة بشكل أكبر، وتستهدف ما يزيد على 100 مليار دولار من البضائع وأكثر من 15 مليار دولار في الخدمات في غضون خمس سنوات.
استثمارات في الغذاء
ويرصد التقرير حركة استثمارات كبيرة من الإمارات في قطاع الزراعة والإنتاج الغذائي في الهند، حيث استهدفت أبوظبي بناء ممر غذائي، حيث قامت العديد من الشركات التي تتخذ من الإمارات مقراً لها، بما في ذلك مجموعة إعمار وموانئ دبي العالمية ، باستثمارات كبيرة لبناء مجمعات غذائية وتوفير حلول سلاسل التوريد في الهند.
ويضيف التقرير أنه في خلال السنة المالية 2022-23، برزت الإمارات كثاني أكبر مستورد للمنتجات الزراعية من الهند ، بقيمة 1.9 مليار دولار (6.9% من إجمالي الصادرات الزراعية الهندية خلال تلك الفترة)، وكان الأرز والقمح على رأس قائمة الأصناف بقيمة 486 مليون دولار و 150 مليون دولار على التوالي.
تقنيات أمريكية وإسرائيلية
وخلال قمة “I2U2” بين الإمارات والهند والولايات المتحدة وإسرائيل، أعلنت أبوظبي عن استثمار ملياري دولار لبناء مجمعات طعام في الهند من شأنها الاستفادة من التكنولوجيا الزراعية المتقدمة، والتكنولوجيا النظيفة، وتقنيات الطاقة المتجددة من تل أبيب وواشنطن.
وتلعب شراكات إسرائيل في مجال التكنولوجيا الزراعية والتكنولوجيا النظيفة دورًا محوريًا في دعم جهود الهند لتحقيق أهدافها.
واكتسبت الهند خبرة لاستخدام التقنيات الإسرائيلية في ميكنة البستنة والري الدقيق وإدارة ما بعد الحصاد، حيث تستخدم تقنيات الري بالتنقيط الإسرائيلية على نطاق واسع في الهند.
بالإضافة إلى ذلك، تساهم الشركات والخبراء الإسرائيليون بمعرفتهم لتعزيز صناعة الألبان في الهند.
ماذا تريد الإمارات وماذا تفعل؟
يقول التقرير إن الإمارات، التي تعتمد بشكل كبير على استيراد المواد الغذائية الأساسية، وضعت هدفًا يتمثل في الوصول إلى الغذاء والاستعداد لأزمة سلسل التوريد العالمية.
وباعتبار الهند ثاني أكبر منتج للغذاء في العالم، فهي حليف حاسم في محاولات الإمارات لتحسين الأمن الغذائي.
علاوة على ذلك، نظرًا لموقعها المتميز في منطقة الخليج، فإن الإمارات لديها القدرة على العمل كمركز لوجستي وتوزيع لهذا الممر.
وأظهر قطاع التكنولوجيا الزراعية في الإمارات نموًا ملحوظًا في السنوات الأخيرة.
وكان من المتوقع أن تتجاوز الاستثمارات من شركات رأس المال الاستثماري في الشركات الناشئة في مجال التكنولوجيا الزراعية في الإمارات 500 مليون دولار بحلول عام 2023.
كما أن تعزيز الشراكات مع الشركات الناشئة في مجال التكنولوجيا الزراعية في الإمارات مثل RightFarm و Madar Farms وغيرها يمكن أن يفتح أيضًا طرقًا جديدة للشركات الناشئة الهندية للوصول إلى التقنيات المتقدمة وفرص الاستثمار.
جهود الهند
وإلى جانب الاستثمار الكبير لدولة الإمارات البالغ 2 مليار دولار في تطوير “حدائق الطعام” في الهند، اتخذت الحكومة الهندية تدابير استباقية لإنشاء مجمعات غذائية متطورة، حيث أعلنت ميزانية الاتحاد 2023-24 عن استثمار كبير في صندوق تسريع الزراعة لتشجيع الشركات الزراعية الناشئة.
ونفذت وزارة الصناعات التحويلية الغذائية الهندية مخطط المجمع الغذائي الضخم (MFPS) لإنشاء بنية تحتية حديثة على طول سلسلة القيمة بأكملها من المزرعة إلى السوق في قطاع تجهيز الأغذية.
وكجزء من هذه المبادرة ، منحت الوزارة الموافقة على 41 مشروعًا ضخمًا لمجمعات الطعام، منها 24 مشروعًا قيد التشغيل حاليًا.
ونفذت نيودلهي مجموعة ضخمة من المبادرات بمختلف أنحاء البلاد، بما في ذلك الموافقة على 41 حديقة غذائية ضخمة (Mega Food Parks)، و376 مشروعًا لسلاسل غذائية مبردة، و 79 مجموعة معالجة زراعية، و 482 اقتراحًا لإنشاء / توسيع سعات تجهيز الأغذية وحفظهاCEFPPC ، و61 مشروعًا لإنشاء روابط خلفية وأمامية، و46 مشروعًا للعمليات الخضراء، و183 مشروعًا معتمدًا في إطار مختبرات اختبار الأغذية، منها 140 مشروعًا تم الانتهاء منها.
وفي عام 2022، نفذت الهند مجموعة من المبادرات المبتكرة مثل 558 نظامًا فريدًا لتحديد الهوية، وطائرات بدون طيار من طراز Kisan لتقييم المحاصيل، ورقمنة سجلات الأراضي، وتطوير تقنيات رش المبيدات.
المصدر | إنفست إنديا – ترجمة وتحرير الخليج الجديد