“قانون قيصر سيمنع الرئيس حسان دياب من زيارة سوريا”، لأنّه “سيعطيه العذر الكافي لعدم زيارتها في حين يتعرّض لضغوط سياسية ليقوم بهذه الزيارة”، وكذلك “كل شخص يثبت تهريبه المازوت إلى سوريا سيُعاقبه قيصر”، و”سيدعم طلب صندوق النقد الدولي إقفال الحدود بين لبنان وسوريا لوقف التهريب” و”هناك أكثر من 600 لبناني معتقل في سوريا، سيضغط هذا القانون بقوة على النظام للإفراج عن معلومات بشأنهم”.
هذا ما يؤكّده السفير “فوق العادة” ومدير البرامج لدى “المؤسسة الأميركية لتكنولوجيا السلام”، نزار زكّا، في حديث خاص لموقع “أساس”. وهو في الوقت نفسه أحد أعضاء فريق الـ monitoring الذي أنشأه الكونغرس الأميركي، وكلّفه بمراقبة تنفيذ “قانون قيصر لحماية المدنيين” للحرص على ألا يسمح بمعاقبة “أبرياء” خلال تنفيذه.
“هذا القانون لا يعاقب اللبنانيين، بل يساعدهم، بعكس ما يُروّج له”، يقول زكّا، ويضيف أنّ “قيصر سيضغط على حزب الله ليعود إلى لبنان”، لأنّ أيّ “لينك” أو رابط، فوق الطاولة أو تحتها، مع آل الأسد والنظام السوري، لن يكون بمنأى عن المحاسبة. لكن من سيأتي ليقول إنّ علاقته بحزب الله والنظام السوري تصبّ في مصلحة الولايات المتحدة الأميركية، فلن يؤخذ بكلامه وسيُعتبر “تفنيصة”.
و”قانون قيصر”، ورغم الصمت الرسمي اللبناني عنه حتى الآن، و للمرّة الأولى في تاريخ مسار الصراع الأميركي مع سوريا وإيران، “قد يطال الحكومة اللبنانية وشخصيات سياسية وغير سياسية، وليس فقط قيادات حزب الله، ضمن ضوابط وشروط مستجدّة لم يألفها الجانب اللبناني سابقاً في التعامل مع النظام السوري، حتّى في سياسة القطيعة التي لا تزال تلتزم بها الدولة منذ 2011. وستكون تأثيراته مباشرة على القطاع الخاص في لبنان، وعلى التمهيد للانخراط في مشروع إعادة إعمار سوريا، إذا حصل شيء من هذا، وعلى خط التعامل التجاري و”البيزنس” مع سوريا، الذي يديره عدد كبير من رجال الأعمال المؤيّدين والداعمين للأسد”.
ويؤكد زكا أن “كلّ أشكال التعاون والبيزنس مع النظام السوري ستلحق به عقوبات، بما في ذلك الحسابات في مصارف لبنانية لمسؤولين سوريين، وجميع الحسابات المصرفية التي تضمّ ودائع لأشخاص على علاقة مع النظام السوري، كذلك فيما يخصّ تعاون مصارف لبنانية مع البنك المركزي السوري. فهناك بند خاص في القانون مرتبط بالبنك المركزي السوري. كما سيكون محظوراً على الجيش اللبناني التعامل مع الجيش السوري”.
لكنّ زكّا يوضح أنّ “أيّ تعامل تجاري، بما في ذلك استجرار الطاقة الكهربائية أو تنفيذ عقود، سيكون بمنأى عن المحاسبة إذا لم تكن نتيجة تلك الأعمال خدمة نظام الأسد ودعمه”.
وفيما تصنّف الولايات المتحدة حزب الله كمنظمة إرهابية ترتيبها رقم 2 بعد تنظيم “القاعدة” في قتل الأميركيين، يلفت زكّا إلى “التأثيرات المباشرة للقانون على حزب الله بالنظر إلى ارتباطه الوثيق مع النظام السوري”، لكنّ “الدولة اللبنانية لن يمسّها أيّ سوء. أما من يفتح خطاً جانبياً مع حزب الله والنظام السوري، سياسياً كان أو فرداً أو شركةً أو وزارةً، فسيطالهم القانون”، مذكّراً بأنّ “واشنطن لا تتعاون مع أيّ وزارة ترأسها شخصية من حزب الله”.
ومع ترقّب اللبنانيين مدى توسّع مروحة العقوبات مع دخول “قيصر” مدار التنفيذ وإمكانية أن يشمل من همّ خارج دائرة حزب الله، يطمئن زكّا أن “ليس هناك مفعول رجعي للقانون، بل هناك أربع مراحل من العقوبات تبدأ بـ17 حزيران وتنتهي في آخر آب، وتتضمّن أسماء مسؤولين وشركات ورجال أعمال في سوريا ولبنان والعراق وإيران وروسيا وكيانات حزبية وشركات وأفراداً قدّموا الدعم للنظام السوري منذ توقيع قانون “قيصر” في 19 كانون الأول الفائت”.
ويؤكد زكا أنّه “في لبنان ستتجاوز الدائرة حزب الله”، رافضاً “الدخول بلعبة الأسماء. وعلى الأرجح لن يكون في المرحلة الأولى من لائحة العقوبات العديد من اللبنانيين، ونسعى جهدنا كي يكون هناك أقل عدد من اللبنانيين مشمولين بالعقوبات. هذا الأمر يهمّنا كثيراً ومن لا يزال مرتبطاً بعلاقات مع النظام عليه أن يوقفها فوراً”.
في الخلاصة، فإنّ توصيف “حزب الله لقانون قيصر بـ”الإجراء الدكتاتوري الذي يكشف وقاحة الديمقراطية الكاذبة في الولايات المتحدة الأميركية” لا يحجب واقع أنّه – أي القانون – بات “شريكاً” مضارباً في صياغة قرار الدولة اللبنانية في التعاطي مع النظام السوري ومع حزب الله، إن على مستوى الحكومة أو على مستوى رجال الأعمال أو المصارف أو الشركات أو الأفراد والتجار…
نظام العقوبات الذي يعتبر الأقسى على نظام بشار الأسد وداعميه ومموّليه منذ 1979 مرورًا بـ2004 و2011، سيصل إلى مواقع ووظائف معيّنة في سوريا، بغضّ النظر عن شاغليها
الحكومة فتحت باب نقاش “قانون قيصر”، لكن الوقت قد لا يكون لصالحها في واقع دقيق وحسّاس يضع لبنان بكافة مستوياته أمام اختبار غير مسبوق في تاريخ العلاقة مع النظام السوري.
وفيما لا يزال مُبهماً “مصير” العلاقات العلنية لشخصيات لبنانية، سياسية (وزارية ونيابية…) وأمنية واقتصادية، مع الدولة السورية، في ظلّ “قانون قيصر”، فإن مطلعين يجزمون أنّ “بنود القانون قد ترتبط باستنسابية أميركية في تنفيذه. فبعض هذه الشخصيات على علاقة جيدة مع الأميركيين. ولا بدّ من فحص لائحة الأسماء التي قد تكون مشمولة بالعقوبات لفهم المعيار الأميركي المعتمد”.
يقول زكّا إنّ “نظام العقوبات الذي يعتبر الأقسى على نظام بشار الأسد وداعميه ومموّليه منذ 1979 مرورًا بـ2004 و2011، سيصل إلى مواقع ووظائف معيّنة في سوريا، بغضّ النظر عن شاغليها، من بينها مدير المخابرات الجوية، أو مواقع أمنية وحسّاسة. فمجرّد تعيين أيّ سوري فيها حتى لو لم يكن مرتكباً يدرج تلقائياً على لائحة العقوبات”.
ويشرح زكّا المقيم في واشنطن، والذي كان معتقلاً لسنوات في إيران، أنّ “قانون قيصر يطال أيّ جهة مرتبطة بالنظام السوري بدائرة 360 درجة، أي أنّه سدّ كلّ منافذ التعامل مع هذا النظام التي لم تكن ملحوظة في العقوبات السابقة”. ويتابع: “بكل بساطة يقول هذا القانون للبنانيين أوقفوا التعامل مع نظام الإجرام في سوريا الذي ارتكب جرائم لا سابق لها في التاريخ منذ الحرب العالمية الثانية”، مؤكّداً أنّ “كافة نوافذ التعامل التجاري والمالي مع سوريين لا علاقة لهم بنظام الأسد، هي خارج دائرة المحاسبة”، وأنّ “القانون سيحاول تحرير الشعوب من خطر التنظيمات الإرهابية”.
المصدر: أساس ميديا