عقدت الجمعية العامة للأمم المتحدة، الأربعاء، جلسة خاصة لبحث استخدام روسيا، الأسبوع الماضي، حق النقض (الفيتو)، ضد مشروع قرار سويسري برازيلي يجدد آلية إدخال المساعدات الإنسانية العابرة للحدود لشمال غرب سورية، عبر معبر باب الهوى.
ويأتي هذا النقاش ضمن إجراء جديد بدأت الجمعية العامة للأمم المتحدة العمل به بموجب قرار تبنته في إبريل/نيسان من العام الماضي، ينص على أنّ تعقد الجمعية العامة جلسة خلال عشرة أيام عمل من استخدام “الفيتو” في مجلس الأمن من قبل أي من الدول دائمة العضوية (روسيا والصين وفرنسا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة).
ويأتي ذلك بغية نقاش استخدام “الفيتو” والسماح لبقية الدول، بما فيها الدول غير العضوة بمجلس الأمن، بالتعليق على ذلك وإيضاح موقفها.
وكانت روسيا قد استخدمت “الفيتو”، في وقت سابق، ضد قرارات مشابهة، إلا أنّ الدول الأعضاء تمكنت من العمل سوياً والتوصل لاتفاق أو حلّ وسط والتجديد للآلية.
واعترضت روسيا بالأساس على مدة التمديد، إذ رفضت التمديد لتسعة أشهر، وهي الصيغة الوسطية التي توصلت لها كل من البرازيل وسويسرا في صياغة المشروع، ولا يبدو حالياً أن هذا السيناريو ممكن، خصوصاً بعدما أعلن النظام سماحه للأمم المتحدة باستخدام معبر باب الهوى، وبهذا لا تحتاج الأمم المتحدة، على الأقل نظرياً، إلى التفويض من مجلس الأمن لاستخدام ذلك المعبر لإدخال المساعدات عبر باب الهوى.
يُذكر أنّ الأمم المتحدة تحتاج تفويضاً لإدخال المساعدات الإنسانية لأي بلد من حكومة ذلك البلد، حتى لو كانت بعض المناطق ليست تحت سيطرته، كما هو الحال في حالة الشمال السوري الذي ترسل المساعدات إليه عبر باب الهوى. وفي حال لم تحصل على موافقة حكومة النظام، تحتاج الأمم المتحدة إلى الحصول على تفويض من مجلس الأمن، وهو ما حدث منذ عام 2014، إذ كان النظام يرفض السماح لها بإدخال المساعدات العابرة للحدود.
وبعث مكتب مساعد الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية (أوتشا) رداً على رسالة النظام السوري لمجلس الأمن، مفادها أن الشروط التي وضعها النظام السوري “لا تستوفي مبادئ العمل الإنساني وتقديم المساعدات التي تعمل الأمم المتحدة وفقها”.
وخص الرد بالتحديد طلب النظام بأن تقوم كل من “اللجنة الدولية للصليب الأحمر والهلال الأحمر العربي السوري بالإشراف على تسهيل وتوزيع المساعدات” في تلك المناطق التي لا تقع تحت سيطرته، وهو ما يجعل المهمة مستحيلة، لأن الهلال الأحمر السوري غير متواجد أصلاً في تلك المنطقة، ولا يحظى بثقة السلطات الفاعلة على أرض الواقع بسبب ارتباطه بالنظام، كما أن ذلك “يخالف مبادئ عمل الأمم المتحدة واستقلاليتها”.
وشددت رسالة النظام على عدم تواصل الأمم المتحدة وممثليها وطواقمها مع من سمتهم بـ”المجموعات الإرهابية والهياكل الإدارية واللاشرعية المرتبطة بها في شمال غرب سورية، بما فيها ما يسمى بـ(الحكومة المؤقتة أو حكومة الإنقاذ)”.
وفي العادة، تضطر الأمم المتحدة للتواصل مع “سلطات الأمر الواقع” في المناطق التي تقدم فيها المساعدات لتسهيل وصولها للمدنيين.
وقال رئيس الجمعية العامة في دورتها الحالية تشابا كوروشي، عند افتتاحه للجلسة: “يأتي اجتماع اليوم لأن عضواً دائماً في مجلس الأمن (الاتحاد الروسي) استخدم حق النقض (الفيتو) ضد تجديد الآلية العابرة للحدود لإيصال المساعدات المنقذة للحياة إلى الناس في شمال سورية”.
وأضاف كوروشي: “لنكن واضحين، استُخدم معبر باب الهوى الحدودي مع تركيا من قبل الأمم المتحدة ووكالات الإغاثة منذ عام 2014 (…) ويقدم عبره 85 في المائة من شحنات مساعدات الأمم المتحدة إلى تلك المنطقة”.
وأشار إلى توقف دخول المساعدات الإنسانية عبر باب الهوى منذ استخدام “الفيتو”، الأسبوع الماضي، في وقت “تزداد فيه الاحتياجات الإنسانية (…)، إذ إنّ هناك قرابة 4.1 ملايين شخص في شمال سورية لا يمكن لأغلبهم الحصول على الطعام والماء والأدوية التي يحتاجون إليها للبقاء على قيد الحياة (…) 80 بالمائة منهم من النساء والأطفال (…) والزلزال الذي ضرب تلك المنطقة زاد معاناة الملايين احتياجاتهم”.
وتحدث رئيس الجمعية العامة عن أن “تفشي الكوليرا زاد تعقيد الأمور وتفاقم الاحتياجات”، داعياً الدول إلى “عدم استغلال الحاجة الماسة للسوريين من أجل مصالحها السياسية الضيقة”، كما حثّ أعضاء مجلس الأمن على “الأخذ بعين الاعتبار الحاجة الماسة للسوريين”، مشدداً على أنّ “هناك مسؤولية أخلاقية تقع على عاتق الدول الأعضاء، ويجب الالتزام بها للتوصل لحل”.
المصدر: العربي الجديد