الأدب السوري اللاجئ في تركيا

علاء الدين حسو

ملخص

 تتناول هذه الدراسة الأدب السوري اللاجئ في تركيا، من خلال نماذج: في الرواية، والقصة، والشعر المكتوب والمطبوع في تركيا، بعد اندلاع الثورة السورية، ولم تعتمدِ الدراسةُ أعمالًا لأدباء خارج تركيا.

 نناقش في هذه الدراسة الأدب السوري اللاجئ في تركيا، وكيف استطاع الأديبُ السوري نقل هموم اللاجئين السوريين، وهواجسهم، وأحلامهم، وتصوراتهم، وتتطرق إلى خصوصيّة السوري الذي لجأ إلى تركيا، واستقر فيها. لكونه يملك خصوصيَّة مختلفة، ومركبة، نابعةً من الظروف الجغرافية، والتاريخية، والروابط المشتركة، وتُظهر الدراسة، كيف أن تركيا كانت أرضًا خصبة لنمو الأدب السوري، وتعزيز التواصل بين السوريين، بعكس اللجوء في أماكن أخرى.

ABSTRACT

The current study deals with Syrian refugee literature in Turkey, through examples of novels, stories, and poetry written and printed in Turkey after the outbreak of the Syrian revolution. The study did not adopt the work of its owners outside Turkey. In this study, we discuss Syrian refugee literature in Turkey, and how the Syrian writer was able to convey the concerns, concerns, dreams, and perceptions of Syrian refugees, and address the privacy of the Syrian who sought refuge in Turkey and settled there. It has a different and complex specificity, stemming from geographical and historical conditions, and common ties. The study shows how Turkey was a fertile ground for the growth of literature and the promotion of communication between Syrians, in contrast to asylum in other places.

المدخل

كانت تركيا أكبرَ مستقبلٍ للسوريين اللاجئين على مستوى العالم، منذ بدايةِ موجاتِ اللجوءِ السوري؛ بفعل الحرب التي شنَّها نظامُ الأسد ضد الشعب السوري، بعد انطلاق الثورة السورية عام 2011م.

وبحسب تقديرات المفوضية السامية لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة ((UNHCR في العام 2018، قُدِّر عددُ اللاجئين إلى خارج سوريا بنحو 5.6 مليون لاجئ. ومع مرورِ الوقتِ تزايد عددُ اللاجئين السوريين، وبالطبع زادت حصةُ تركيا منهم، على ما يزيد على 3.7 مليون لاجئ، بحسب المديرية العامة للهجرة التركية، موزعين على مختلف الولايات والمدن التركية في العام 2021، يُستثنى منهم من استمر بالعيش في المخيمات، وإنِ انخفضت نسبتُهم من 10% في نهاية عام 2015، إلى 1.4% في عام 2021، حسب إحصائيات جمعية اللاجئين.1

لم تعدْ قضيةُ اللجوء قضيةً صغيرة، بل باتتِ اليوم على رأس أولويات الدول، ولقد صدرت عدةُ كتب خلال عامين 2016 و2017 تتحدث عن هذه الظاهرة، وأنَّها باتت إحدى المشكلتين الرئيستين في العالم، نقصد بذلك مشكلتي اللجوء والمناخ، ومن أبرز تلك الكتب، كتابٌ أعدَّه الصحفي الألماني مارك إنجلهارت، باسم (ثورة اللاجئين)،2 وهو كتابٌ جمع فيه مقالاتٍ لمراسلين ألمان، يعرضون قصصًا لطالبي اللجوءِ الذين تمَّ احتجازُهم في مخيمات اللاجئين في العالم. تتحدث التقاريرُ عن معاناة اللاجئين وأحلامهم وطموحاتهم وقلقهم من المستقبل، وكذلك محاولاتهم للتكيّف مع البلدِ الذي استقروا فيه، أو لجؤوا إليه، والذين فقدوا أقاربهم، أو أصيبوا أثناء فرارهم. وليس غريبًا أن تتصدرَ الحكايةُ السورية مقدمة الكتاب؛ لأنَّها كانت أكثرَ القضايا سخونةً قبل الحرب الروسية على أوكرانيا.

وقد ظهرت دراساتٌ ومقالاتٌ تناولت أدب اللجوء بصفة عامة، واختارت بعضُها الحالة السورية من الناحية الاجتماعية، ولكنَّها لم تكن مخصصةً بأدب السوري اللاجئ في تركيا بشكل خاص. قُدّمت دراساتٌ ومقالاتٌ تناولتِ اللجوءَ بشكل عامٍّ، والحالةُ السوريةُ جزءٌ منها.3 وهناك دراساتٌ تناولتِ الحالة السورية بشكل عام في كل دول اللجوء.4 ودراسات أخرى تحدثت عن اللجوء ضمن سياقٍ محدَّد، وركزت على الرواية.5 وقسمٌ من هذه الدراسات تناول الرواية ضمن أطرٍ سياسية أو قوالب أخرى، مثل: أدب السجون الذي كتب في دول اللجوء،6 أو السرد المناهض الذي له امتدادٌ تاريخيٌّ قبل الثورة السورية.7 وبعضُ المقالات ناقشت جنسية الأدب، وتساءلت: هل هناك أدب لجوء؟8 وكانت أغلب الدراسات تتناول الرواية لكتّاب مشهورين في بلاد مختلفة، فكادت هذه الدراسات تكون مكررة، وإن تناولت العمل ذاته من زاوية مختلفة. وقد تناولت هذه الدراساتُ أعمالًا مختلفة في التوجهات، وتحدثت عن شخصيات تكاد تكون في مناطق متباعدة، فبعضُها تناول حالة اللجوء كمتفرج، وبعضُها كناقل، وبعضُها كمن عاشها.

وسنحاول الإجابة عن سؤال إشكالي: هل استطاع الأدب السوري في تركيا أن ينقل إلى القارئ صورة اللاجئ وحالته وهواجسه وأحلامه؟ وهل تمكّن الأدبُ -شعرًا أو نثرًا- من التعبير عن النشاط السوري والحالة السورية في بلد اللجوء تركيا؟

الأدب السوري اللاجئ في تركيا

ربما السؤال الأبرز هو: هل ينطبق تعريف اللاجئ الذي وضعته الأمم المتحدة على السوري في تركيا؟ بمعنى إلى أي مدى ينطبق تعريف اللاجئ في الاتفاقية المعروفة باسم اتفاقية جنيف 1951، حيث تشير المادة 1 منه إلى أنَّ “اللاجئين هم الأشخاص الذين تعرضوا في وطنهم الأصلي أو البلد الذي كانوا يعيشون فيه في الفترة السابقة لمخاطر جدِّية، أو عانوا من الخوف الشديد لأسباب معينة، بسبب العرق أو الدين أو الجنسية أو الانتماء إلى فئة اجتماعية معينة أو الرأي السياسي”. أو ضمن تعريف قانون الأجانب والحماية الدولية التركي، الذي ينص على أنّ الشخص اللاجئ هو “الشخص الأجنبي الموجود خارج البلد الذي ينتمي إلى جنسيته، ولا يستطيع الاستفادة من الحماية التي يؤمنها هذا البلدُ، لأسباب محقة تتعلق بخوفه من تعرضه للظلم بسبب عرقه ودينه وانتمائه وانتسابه إلى مجموعة معينة، أو بسبب أفكاره السياسية، أو لا يرغب في الاستفادة من هذه الحماية بسبب هذا الخوف”.9

الخوض في التعريف ليس موضوعَ البحث، ولهذا كان عنوان الأدب السوري اللاجئ في تركيا، وليس أدب اللجوء السوري.

 يمكن تقسيم الأدب السوري بعد الثورة السورية، إلى أدبين، أدبِ ما قبل الثورة السورية، وأدبِ ما بعد الثورة. وهذا طبيعي نتيجة انكسار الجدار الأمني الرهيب والمحكم من قبل نظام استبدادي حكم الناس بالحديد والنار والإقصاء؛ فقد كان الأدب المنتشر والمسموح له قبل الثورة هو الأدب الموالي للنظام، سياسيًّا وثقافيًّا واجتماعيًّا. وكون مساحة الحرية محدودة، لم تتح للأدب المناهض أن يخرج للعلن. وإن كان المثلث الشهير الممنوع الاقتراب منه (الدين والجنس والسياسة)، فإنَّ الجنس كان علامةً مميزةً للأدب، وخاصّة في الرواية والقصة، حيث هي المساحة التي يستطيع فيها الأديب أن يرسل رسائلَه المناهضةَ وتوقه للحرية وكراهيته للعنف والاستبداد.

ومع انطلاق الربيع العربي، ووصوله إلى سوريا، وقيام الثورة، كان الأدب هذه المرة مختلفًا، سواء في الشعر أو الرواية أو القصة، وحتى المسرح، والفنون التشكيلية، حيث واكب الثورةَ وما تبعها من مأساة العصر، من تشتت وقتل وقمع واعتقال وموت، في كلّ مظاهرها، من الرحيل واللجوء والمجازر، وعبّر عن حياة المشردين المعذبين في الخيام وعن تطلعاتهم للمستقبل؛ وكذلك فتح الدفاتر القديمة والتاريخ القديم، ونفض الغبار عن القيم والذكريات والأحداث التي حاول النظام طمسها أو دفنها.

وعلى ضوء واقع اللجوء، بدأ الأدباء السوريون في طرح همومهم وهواجسهم وأحلامهم وتصوراتهم في كل مكان لجؤوا إليه. ومن هؤلاء الأدباء أسماء كبيرة، ومنهم أسماء كانت مقيدة، ومنهم أسماء ظهرت لأول مرة.

الشعر:

الشعر ديوان العرب، وكان الشاعر في العصر القديم هو الرجل الإعلامي الأول، وهو السفير المفضل والجليس الذي لا غنى عنه، والشعر السوري جزءٌ من الشعر العربي الحديث الذي وُلد بعد عصر النهضة مع بدايات القرن التاسعَ عشرَ حتى اليوم، ومن أهمِّ خصائصِ الشعر الحديث تبلورُ شخصية الشاعر، فلم يعد يكتفي بالفخر والمدح والذم الشخصي؛ وإنَّما التوجه نحو العام لظهور اتّجاهاتٍ سياسية وقومية وإنسانية وإسلامية ووطنية واجتماعية.10 ويمكن أن نعُدَّ الشعر السوري في تركيا امتدادًا لهذا الشعر، إذ تناول الثورة واللجوء والخيام والأمل والقيم والتغني بالمجد السابق.

 من خلال متابعة الإصدارات في تركيا، نجد نوعين من الإصدارات، نوعًا يعتمد على طباعة دواوين لشعراءَ بنسخ محدودة وخاصة، ونوعًا يعمد على دور نشر عربية تأسست في إسطنبول، مثل دار موازييك التي تأسست عام 2019،11 ودار أنشأت فرعًا لها في تركيا مثل دار نون4 12، كما ظهرت إصداراتٌ جماعيةٌ برعاية منظمات، مثل منظمة الرواد التي أصدرت ثلاثة أجزاء تحت اسم حتى (آخر كلمة) جمعت أقلامًا من رحم الثورة. تضمن الجزء الأول 56 شاعرًا وشاعرة، استلهمت قصائدُهم روح الثورة، فمجدت الثورة والثوار، وأدانتِ الظلم والطغيان والاستبداد،13 وهذه ميزةٌ مهمةٌ للشاعر السوري، إذا تكلم بنفس واحد، وإن تعددتِ الأصوات، لغاية واحدة، ولهدف واحد، وهذا ما لا نجده في أماكن أخرى، حيث تشتت السوري فيها.

نختار من هذا الكتاب، قصيدةً للشاعر طالب سليمان الشنتوت، باسم المطالع، قدّم فيها صورًا جميلة بأحاسيس مرهفة رقيقة تنضح بالحنين والشوق للوطن، كما عبّر فيها عن تمسكِه بالقيم، وعن رؤيته للحل، مختتمًا إياها بالتفاؤل والأمل؛ مستعيرًا قميص يوسف ليعود إليه النور، فهو يحمل الشوق والأمل، حيث يقول:

فمِنْ ياسمينِ الشَّامِ هاتوا قميصَهُ … ليرتَدَّ نورٌ حجَّبَتْهُ المواجعُ

ويرى أنَّه لا حلَّ إلا بالعودة إلى الديار والتمسّك بالجذور التاريخية والقومية كوطن واحد، وأنَّ الطريق إلى ذلك مخضبة بالدماء والتضحيات، فيقول:

وإن أَبَدتِ الحَربُ الضروسُ نُيوبَها.. بَرزْنَا لها كالموجِ إذْ يَتدافعُ

مؤكدًا على الإخوة وعلى الوحدة العربية:

إذا ضَفَّرتْ بغدادُ عُرفَ فُراتِها … تَرَانا بساحاتِ الشَّآمِ نُبايعُ

وأنَّ السلاح الذي يملكه أمضى من كل سلاح، وهو سلاح القيم، فيقول:

مَآذِنُنا فوقَ البلادِ بَيارقٌ … وَأخلاقُنا قدْ هَذّبتها الجَوامِعُ

ويؤكد في نهاية القصيدة على عدالة قضيتنا، وأنَّها ستتحقق في النهاية، حيث يقول:

أَيا صبحُ قد طالَ البعادُ فَعُدْ لنا … فأنتَ كَفُلِّ الشَّامِ لا شكَّ رَائِعُ

طَوينَا جراحَ العُمرِ ثُرْنا، وَإِنّنا … عنِ الحقِّ في كُلِّ البلادِ نُدافِعُ14

كلُّ القصائد في هذا الكتاب تسير على ذات الاتجاه: تمجيد التاريخ، واعتزاز بالدولة الإسلامية، وعدالة قضيتنا، فالثورة ضد الظلم والقهر والاستعباد، والشعب سيصل إلى غايته، وإن طال الزمن وارتفع الثمن؛ فالحق يؤخذ عنوة، كما يقول الشاعر عمر كرنو في الكتاب ذاته، حيث يختم قصيدته:

لا يُؤخَذُ الحقُّ إلا عنوةً قسَمًا… باللهِ، لكن بُلينا نحنُ بالمحنِ15

 وعندما تناول الشعراء قضية اللجوء، نجد أن بعض الشعراء تناولها من زاوية الثائر، ففي قصيدة لاجئة للشاعر ناجي نعسان آغا، يحدثنا عن لاجئة حكت له ما جرى، وهي تشكو بثها إلى الله، حدثته عن بيتها، وكيف دمّر الطيران قريتها وفرق أهلها، وخيبتها ممن ظنت أنَّهم أهلها، وهدم الثلج خيمتها، وفقدت صغارها، ولكنّ إيمانَها بالله ما يزال كبيرًا:

البردُ جمَّدَ قلبَكمْ لكنَّني … رغمَ الجليدِ ورغمَ ما أضناني

إيمانُ قلبي لم يزلْ بثباتِهِ … أنَّ الكريمَ بعفوِهِ يرعاني16

وفي هذا الكتاب، نجد أنَّ السوري الشاعر، وهو في تركيا، كأنّه في سوريا، دعوته في المقام الأول، وفي طريقها ثائر، وهذه ميزةٌ أصليةٌ ومترسخةٌ عند الشاعر السوري، صحيح أنَّه يتحدث عن اللجوء والغربة والاغتراب والقلق، ولكنه لا يعدُّ نفسه لاجئًا بقدر كونه ثائرًا مدافعًا عن حق سيعود إليه.

وللإصدارات الفردية نصيبٌ كبير، حيث يبث الشاعر فيها همومه، ويحاول أن يرسم لنا بقصائده صورًا تجعلنا نعيش الحالة التي قصدها، مستخدمًا أغراض الشعر المعروفة من رثاء وحكمة وغزل.

ولعلنا بالاطلاع على عناوين الكتب أو القصائد نلمس ذلك بصورة أوضح، فالعتبة النصيَّةُ تسمح لك فورًا بالولوج إلى عالم الشاعر، فالشاعر مهند الدغيم، في طبعة خاصة لديوان له صدر في أورفا تحت عنوان (شعر من وحي الألم)،17 ينقل لنا في قصيدة (أم وشهيد) حالة الأم التي استشهد ولدها، فصراخها يهزُّه، ولكنَّه مثل الملاك مبشرًا بأنَّه حي يرزق، فهو اليوم عريس، ويحق له الفرح، لأن الألم فارقه، وهو في الخلود ينعم.

لا تَكْتَرِثْ

فاليَوْم عُرْسُكَ يَاْ بُنَيْ

 قَدْ قَاْلَهَاْ تَوًّا أَبُوكْ

لا تَكْتَرِثْ

لَوْ فِيْ دِمَاْئِكَ أرسلوكْ

 لا تَكْتَرِثْ لَمْ يَقْتُلُوكْ

 لا تَكْتَرِثْ

فاليَوْم فَاْرَقَكَ الأَلَمْ

واليَوْم عَرْشُكَ فيْ القِمَمْ.18

العيش في الخيام تجربة جديدة مؤلمة للسوري، وهو جزءٌ مهمٌّ في الأدب السوري في تركيا، ولا يكاد شاعرٌ مرّ هذه التجربة إلا وتحدث عنها، منهم الشاعر أحمد عبد الرحمن جنيدو، الذي ينقل لنا في قصيدة، تحت عنوان (في مخيم اللاجئين)، معاناة اللاجئ في المخيم، واصفًا لنا حياته، وكذلك شعوره، وخيبته، وطموحه، وأمله، ويؤرخ زمن كتابتها ومكانها، التي تعدُّ شاهدًا وجزءًا من القصيدة، كتبها بتاريخ 27-6-2013 في مخيم مابك ملاطيا.19

وللغربة نصيبٌ كبيرٌ في الشعر السوري، وهنا نختار مقطعًا من قصيد ة (غربة) للشاعرة السورية سميرة بدران، حيث تقول:

غُرْبَةٌ حَمقَاءُ تَتَلَبَّسُنِي..

تُعَشِّشُ في دَاخِلِي مِنْ قُرُونٍ..

 تَتَعَمْلَقُ في الرُّوحِ،

 وتُوغِلُ في لُعبَةِ مَدِّ جُذُورِهَا

 إلى عُمْقِ قَلبِي،

 لتُحِيطَنِي بقَلَقٍ مُستَمِرٍّ،20

وكذلك للاغتراب، حظٌّ في شعر سميرة بدران، حيث الشعور بالنفي والشوق للمدنية الأم يشغل الجزء الآخر من الشاعرة، حيث نختار من قصيدتها (على قيد المنفى) المقطع التالي:

بِئسَ الفَرَحُ المَغْزُولُ بلَعْنَةِ الغِيابِ ..!

مَن يُرخِي ظِلالَ العَدْلِ على رْوحِي،

 خَلْفَ جِدَارِ العَتْمَةِ..؟

 أتَشَتَّتُ كخَيطِ بَياضٍ في فَضَاءٍ مُتَّسِعٍ،

 حتَّى التَّلاشِي..21

 فلا لذة ولا متعة طالما أنت بعيد عن مسقط رأسه.

ما تقدم من شواهد لشعراء من مرحلة عمرية تجاوز سن الشباب، عاشوا مرحلة نظام الأسد الأب والابن، وكانوا على وعي تام بأحداث الثورة. وهنا السؤال يبرز السؤال الملحُّ: ماذا عن الشباب، ممن كان في مرحلة الطفولة واليافعة وبات اليوم شابًّا؟ أو من كان مراهقًا وبات اليوم ناضجًا؟ هل تختلف أحلامُهم وهواجسهم؟

 الجواب: نعم، وبلا شك، سنجد الشاب يحمل توجهاتٍ مختلفةً، ويواجه تحدياتٍ مختلفة، ولديه طموحاتٌ مختلفة، فهو يشعر بانكسار مختلف. فالربيع العربي كان خيبةَ أملٍ بالنسبة للشباب المتعطش للحرية؛ وهذا ما انعكس في كل البلاد العربية تقريبًا، سواء دخلت الربيع أو كانت تنتظر نتائجه. ففئة الشباب هي الأكثر تأثرًا، وهي التي دفعت القسم الأكبر من الفاتورة الباهظة، مع أنَّها هي القوة الضخمة غير المفعلة التي أُهملت من قبل الحكومات والمجتمعات العربية، وتمَّ إلهاؤها عن قضايا أمتها المصيرية، فعاشت أزمة هوية، وأزمة ثقافية، وشعرت بفقدان الانتماء الثقافي، وقلق وجودي حول المستقبل.22

 سنختار الشاعر حسين الضاهر، وقد أصدر كتابين في الشعر عام 2020 و2021. عن دار موزاييك التي تأسست في تركيا عام 2019، وهي الأكثر نشاطًا هذه الفترة، الكتاب الأول تحت (اسم مياه صالحة للقتل)23، والثاني تحت اسم (مشاهد يتلوها بدوي)24. يعكس فيهما بوضوح أزمة الشاب، التي يمكن أن نُضيف إليها مشكلة الفراغ، إضافة للاستغراب والفقد والسلب والخيبة وضياع الأفق، وهذا برأيي ليس كلّه سيِّئًا، فثمة نضج في طريقه للتبلور والمستقبل، حاملٌ ومبشرٌ رغم سوداوية المشهد.

يستفتح الشاعر حسين الضاهر كتابه الشعري (مياه صالحة للقتل) بنص يعنونه بالمؤلف معرِّفًا نفسه:

أنا حسين الضّاهر

الأكثرُ حُزنًا في حَيّنا

والوجعُ الوحيدُ  لأهلِي

 عُمري الآن لجوءان وبضع ذكرياتٍ تالفة…25

ثم يوضح حاله بأنه في المدرسة تعلّم الحزن، وفي البيت أدمن التلفاز المجبر على متابعة قناته الوحيدة، في المسجد تعلم إخفاء أحذية من السرقات، ولم يعد يذكر لون المركب الذي يركبه في الشارع، كانت أولى هجرته إلى بيروت فتعلم سرقة الصحف، ثم عاد، تزوج، ولجأ إلى تركيا بعد سيطرة داعش على بلدته. وهو اليوم أمام الحاسب يعالج أحرفًا خرساء.26

يصف لنا الشاعر لحظة اللجوء إلى تركيا أنَّها حلم، فهي طريق العبور إلى الفردوس، قائلًا:

طرقتُ أسلاكًا شائكةً منذ لا أذكر

فصرت قادرًا على الحزن بلغةٍ إضافيّة

 سيقول ابني:

 أنا اللاجئ

 وُلدت في طابور الإغاثة

 من لاجئٍ ابنِ ستّين…لاجئ

 يقول آخر:

لم أكن مريدًا للخوف عندما مشيت على الماء، بل كنت وليًّا على القهر

 قال المهرّب:

 اصمتوا وإلا هبطتم من الجنة27

يظهر الشاعر في كتابه الثاني أكثر نضجًا، لقد تجاوز مرحلة اللجوء، ومعاناة العبور، إلى تحديات العيش، وهنا يقدم لنا صورًا عن الخيبة والاغتراب والسلب والفقد ونضيف إليه صفة الفراغ، وهذه من أقسى التحديات، لذلك نلمح مفردة (الفراغ) كلمة سحرية تكرر كثيرًا في كتابه الثاني، فيقول في افتتاحية الكتاب:

لم أكتبْ لأحرّك الدهشة في حقل وجدانِك

 ولا لأسند جرّة الكون بحرف…

 لم تكن كلماتي خيطًا يرتق ثقب الأوزون

 ولا رصاصة تثقب صدر الطاغية…

 ببساطة

 أكتب لأصنع كدمات في وجه الفراغ.28

إذن هنا الشاعر يخرج /يهرب من ذاتيته البيولوجية، إن صح التعبير، من احتياجاته الشخصية، من سقف وطعام ودفءٍ، من تأمين سبل العيش والبطالة، إلى العالم الداخلي، فقد أدرك بأن رغبة الشباب في التغيير ليست بالسهولة، ولكن يثبت أنَّه موجود.

وعن العودة للوطن، نجده يعبّر بكلّ وضوح، أنَّ ذلك يعني الذهاب إلى المقصلة بإرادتك، حيث ينتظرك القمع والسجن والعذاب:

هل سترجع؟

 أنت النبي تحت سقوف بلدان العالم الأول

 لم تلبس الخوف

 اضرب بعصاك البحر

 واجعله شطرين كما في الأمنيات

 ومرّ

 ستجد

 كلَّ شيء ما زال في مكانه… ينتظرك

 حليب أمك

 ينتظرك.29

وعن الحاضر والمستقبل القريب، يرى أنَّه لا شيء جديد حتى الآن؛ فالشمس هي الشمس، والجمعة عطلة، والنزوح عطلة، والأطفال تفرح بالعطلة، والشعراء في أبراجهم على الأوهام يتكئون، والعائدون من الحقول يتفقدون أصابعهم، لا شيء جديد، كانوا حطبًا في مدفأة الوطن، واليوم هم رماد في جرار اللجوء، وعود كاذبة، وتسلسل خيبة.30

مع سوداوية المشهدِ عند الشباب، نجد هناك نضجًا سياسيًّا، ووعيًا سياسيًّا، مما يبشر بالخير في المستقبل، إن تمَّ الانتباه لذلك، ومعالجة الإهمال وتهميش الشباب. هناك الكثير يمكن أن يقال، ولكن تهميش الشعر من الدراسات أو عدم أخذ حقه سيجعل التاريخ ناقصًا؛ لأنَّ شباب اليوم هم الذين سيسطرون لنا صورة السوري اللاجئ في كتاب المستقبل.

في نهاية هذا المبحث، نشير إلى أنَّ الشعر السوري في تركيا استطاع وبجدارة أن ينقل لنا حالة السوري وطموحاته وهواجسه، ولكنه في الوقت ذاته لم يحظَ بالاهتمام في الدارسات مثلما حظيت بها الرواية، مع أنه أكثر نشاطًا، وربما يكون ذلك نتيجة طبيعية كون العالم اليوم هو عالم الرواية.

ونحن في هذه العجالة، إذ نتناول قضية هامة من قضايا الأدب في هذه المرحلة الاستثنائية، فإنَّنا لم نمرَّ إلا على جدول صغير يرفد بحرًا هائجًا مائجًا يضمُّ في أحشائه ما لا يحصى من الفنون الأدبية التي لا حصر لها، وفي مقدمتها الشعر؛ ففي هذا المجال هناك قامات شعرية يقف الإنسان في محرابها خاشعًا من هول ما يسمع، ومن فخامة وجزالة التراكيب، ومن بديع الصور والخيالات؛ التي تأخذ الإنسان إلى عالم آخر، فمن هؤلاء حذيفة العرجي و أنس الدغيم الذي ينحدر من عائلةٍ الشعرُ فطرتُها، ومتأصل فيها، تجيش صدورها بالشعر فينساب عذبًا فراتًا،  ويحتاج دارسة خاصة عنه، لكن البحث محدود.  لا يسع البحث جميع الأدباء والشعراء السوريين في تركيا؛ إذ لا بد من بحوث لتناول اهتمامات الشعر السوري في هواجسه وطموحاته وآلامه وآماله وموضوعاته، ونحن في هذا المقام علينا أن نعتذر من جميع الأدباء والشعراء الذين أبلوا بلاءً حسنًا على الساحة السورية وفي ميادينها، ولهم منا كلُّ الاحترام والإجلال والتقدير.

 الرواية

لا شكَّ بأنَّ الرواية اليوم هي المتربعة على عرش الأدب، عالميًّا وإقليميًّا وسوريًّا؛ ولهذا حظيت باهتمام أكبرَ لدى الدارسين للأبداع السوري في كافة بقاع الدنيا، فلم تعد بقعة لم يرحل إليها السوري. هناك العديد من الدراسات التي تناولت الرواية ذكرتها في المدخل، ولا نجد فائدة من ذكرها مرة أخرى، ولكن ما يهمنا هنا التركيز على الروايات والقصص التي صدرت في تركيا أو كتَّابها لاجئون في تركيا.

وعند متابعتنا لجدول إصدارات دارين للنشر، تطبع وتوزع في تركيا، نجد نسبة الروايات تتجاوز بكثير عدد دواوين الشعر المطبوعة. فعلى سبيل المثال دار نون 4 نشرت حوالي عشرة كتب في الشعر، مقابل 19 رواية، و4 مجموعات قصصية، وذلك بين أعوام (2015-2022) ودار موازييك نشرت 12 كتابًا في الشعر بالمقابل نشرت 26 ما بين رواية وسيرة وثلاث مجموعات قصصية. 31

ومن المؤكد أنَّ فضاء الرواية أكثرُ مرونة في تصوير المأساة السورية، ومن خلال عشرات الروايات التي صدرت في أوقات مختلفة من السنوات العشر الأخيرة؛ كانت أقوى صوتًا وأبلغ تأثيرًا من باقي الأجناس، ولكن ذلك لا يعني بأنها كانت الأكمل؛ لأنّها لم تكن قادرة على فصل التاريخ السابق، أو عدم الاستناد عليه وشرحه، وكان يرى اللجوء فرعًا دراميًّا من المشكلة الأكبر، وهي مرحلة مؤقتة عابرة. في حين بات اللجوء اليوم مشكلةً من أهمِّ المشاكل التي يواجها السوري من ناحية وجوده. ففي البلاد البعيدة، تيار المعيشة يجرف الإنسان لحياة أخرى، وتبقى الكتب التي تطبع هناك متنفسًا له أو منفذًا لمن ليس هناك ويريد أن يعبر عن رأيه.

الوضع في تركيا مختلف، وله خصوصيّة، وعلى الرغم من أهمية الرواية، فإنَّ الساحة التركية لم تقدر على إظهار الرواية والقصة القصيرة قياسًا للشعر.

والروايات التي صدرت في تركيا، يمكن تقسيمُها إلى روايات كانت جاهزة، وتمَّت طباعتُها هنا بعد تعديلات طفيفة، وهذه بدايات الثورة مثل رواية (لوجين) للفنان والأديب السوري أيمن الناصر، حيث تدور أحداثها في زمن قبل الثورة، وإن كان فيها حريّة أكثر من خلال ظهور شخصيات لم تكن تظهر سابقًا، مثل لوجين الفتاة الايزيدية المتنورة.32 أو رواية تتحدث عن الفساد عند النظام الأسدي الذي كان سببًا للثورة من دون التطرق لما بعد الثورة، مثل رواية الكاتب محمود الوهب الذي تحدث عن الفساد في حلب، ونقل الواقع المعاش هناك، وهي سرد وتأريخ للأمكنة في حلب، ومراجعة للأفكار السياسية، ولكنها تتحدث عن مسببات الانفجار أو بعضٍ منه33، وهناك روايات نشرت هنا، ولكن أصحابها يعيشون في الغرب، وكلها تتحدث عن الوضع في سوريا قبل الثورة وعن أحداثٍ أثناء الثورة وأسبابها، وبالتحديد أطفال درعا التي كانت شرارة الربيع العربي في سوريا. 34

ولا تخلو الروايات التي صدرت في تركيا لروائيين معروفين في هذا المنحى، وكانتِ المدرسة الواقعية، والأسلوب الواقعي بالطبع، هما المسيطران لنقل الواقع المعاش، بأبعاده السياسية والاجتماعية والاقتصادية والنفسية، لا دور للسريالية هنا، وهناك روايات كتبت تحاول إعادةَ كتابة التاريخ بعد تحررها من قيد الرقيب المستبد والرغبة في التعبير، وهذا ما أظهر كتابًّا كتبوا لأول مرة.35 ومنهم من دوّن رحلة اللجوء مثل الروائية ابتسام شاكوش في روايات، ولكنها قدمت نصوصًا قصصية عن واقع السوري اللاجئ في الخيام، سنتحدث عنها لاحقًا حين نتحدث عن القصة.

بشكل عام، يمكن أن نحدد نموذجين للرواية المكتوبة في تركيا، النموذج الأول: يتناول القمع السياسي والاجتماعي وأهوال الحرب ورحلة اللجوء وتحديات البقاء، والنموذج الثاني يتناول القمع السياسي والاعتقال والنفي وحياة اللاجئ في تركيا واستمرار نشاطه وطرح الأسئلة الكبرى عن الثورة والحرية والنضال.

تنتمي رواية (أبناء الوحشة) للنموذج الأول، الصادرة عن دار موزاييك عام 2019، في هذه الراوية تنقل لنا الكاتبة فوز الفارس -التي تعيش حاليًّا في ماردين، وهي ابنة حماة -الصراع المركب للمرأة السورية، صراعًا على صعيد الوطن، وما حدث للوطن، وصراعًا على الصعيد الذاتي، وهو صراع اجتماعي ضد العادات والتقاليد؛ فهي من جهة تنقل لنا الأهوال التي عاشتها بسبب الحرب التي شنها النظام، وما تبعه من مضاعفات من اعتقال ونزوح وتهجير وقلق وخوف، ومن جهة أخرى، تنقل لنا صراعها الذاتي، من خلال شخصية راضية المتعلمة مع زوجها المتشدد المتصلب ينتهي في النهاية إلى خيانة من الطرفين، وحاولت الروائية فوز فارس، من خلال شخصيات الأب والأم والأخ والأهل، نقل عادات القرى وتقاليدها بشكل واقعي، مظهرة الشرخ الموجود، الذي لم يكن واضحًا، فالحرب عملت على كشفه، وبالتالي القيد لم يعد حكرًا بيد المتحكمين سواء مجتمعيًا أو عند الدولة؛ لأن ذلك القيدَ تحطم، بالمقابل أصبح الألم أشدَّ وجعًا، والثمن أقسى، وما (محمد) شخصية الحبيب السابق والمتمكن اليوم بحكم نفوذه إلا خيبة أخرى؛ لأنَّه وصولي لا يفكر بغير الانتقام.

ثمة رسائلُ كثيرة تريد إيصالها لنا الروائية الشابة فوز من خلال شخصياتها، فنقرأ مثلًا عن راضية حين يسألها أطفالها متى ستنتهي الحرب؟ تقول لهم: “عندما نحب بعضنا بعضًا، ولا نسمح للغرباء بالتدخل في شؤوننا”.36 تعبر بكل صراحة عن رأيها في هذه الحرب وفي أخطاء المعارضة، وعن ظروف النزوح والمشاكل الاجتماعية، فنقلت لنا ذلك بصدق وشفافية، صورت حياة النازحين في الشمال السوري، دون إضافة أية مسحة خيالية أو دعائية، ويكفي أن نشير إلى المشهد في الفصل العاشر من روايتها: “فعلًا كما يقولون، لا يشعر بالألم إلا صاحبُه، ما أقساها من حياة!! وكم هي بدائية تلك الحياة التي تعيشها عائلتها!! لم يدر بخلدها يومًا أنَّ الحياة في الشمال قاسية إلى هذه الدرجة لا كهرباء ولا ماء، تعرفت هنا إلى مصطلحات جديدة لم تكن تعرفها، فالكهرباء هنا ليست نظامية، إنما اشتراك أمبيرات قليلة بالكاد تنير البيت، وفي أفضل الأحوال وإن كنت محظوظًا قد تستطيع مشاهدة التلفاز، لتتابع أخبار حرب، تصبر نفسك بيوم تنتهي فيه، وتعود حياتك إلى سابق عهدها. هل المطالبة بالحرية تفضي إلى عبودية كهذه؟”.37

 وهكذا نجد أنه رغم قتامة المشهد والنهاية الموجعة المفعمة باليأس والخيبة، فإن المُشرقَ هنا بروزُ أسماء جديدة تعبر عن حالها. وهذا ما نعنيه هنا بأنَّ اللجوء منح للإنسان السوري حريّة أن يقول ما يريد قوله، ومكنه من إظهار طاقاته الإبداعية، فكان مساهمًا في التوثيق والمراجعة والبناء للمستقبل.

ويمكن عدُّ رواية (غيابات الجبّ) لمحمد جمال طحان، من النموذج الثاني، فقد كُتبت في تركيا ووزعت في تركيا، ونشرت إلكترونيًّا في تركيا، ولكنها طبعت ورقيًّا في مصر، فهي من الروايات الضخمة، حوالي 530 صفحة من القطع الكبير، تناول فيها الكاتب تجربته مع الاعتقال وسيرته مع الثورة السورية منذ انطلاقها وحتى نهاية عام 2015 في عينتاب.38

 الرواية مقسمة إلى فصول عشرة، يبدأ الفصل الأول في عنتاب 20 أيلول 2013، وتنتهي في غازي عينتاب 2015. وهي رواية على طريقة السيرة الذاتية، إذ تبدأ من عثور بطل الرواية (شهم)، وهو صاحب دار نشر دمشقي على أوراق تحت شجرة على جسر مشاة في عنتاب. يكتشف أنها جزء من مذكرات معتقل (كمال)، يحكي فيها ملابسات اعتقاله، كما عاشها تمامًا من غير مغالاة أو مواربة أو خجل.39 وما عاناه من ويلات داخل زنزانة منفردة، مع ما يرافقها من أساليب وحشيّة لانتزاع الاعترافات.

 تستهوي “شهم” المذكرات، فيعقد العزم على البحث عن تكملتها؛ ليطبعَها في داره، يعرض الأوراق على أشخاص فيعرفون صاحبها، ويقولون له: إنَّه عاد إلى حلب، فيتبعه إلى حلب، ويسأل عنه معارفه في مكان عمله، ومنزله. يلتقي بأشخاص يحدثونه عن “كمال” وعمله وعلاقاته، ويزوده أحدهم بجزء آخر من المذكرات، ويخبره أنَّه سافر إلى الرياض. يغتنم الناشر وجوده في سوريا فيجدّد جواز سفره، ويتجول في مناطق مختلفة من حلب ليتعرّف عليها بين الماضي والحاضر.

 في تلك الأثناء، يسير بنا الراوي مع بعض الشخصيات، يبسط مشكلاتها، ويبيّن التناقضات التي تعانيها، ويلقي الأضواء على آرائها في الحبّ والحرب. من تلك الشخصيات “سراب” الذي تنشأ بينه وبين “لجين” قصة حب تنتهي بمأساة. عندها يجد “شهم” فرصة في معرض الكتاب في الرياض، فيسافر إليها لتشارك داره في المعرض، ويبحث هو عن صاحب المذكرات.

هناك يلتقي بأشخاص يعرفون صاحب المذكرات، يحدّثونه عن ظروف إقامته في الرياض، وينيرون جوانب مختلفة من حياته، ودوره في الحياة الاجتماعية هناك، ويزوده أحدهم بقسم من المذكرات، كان “كمال” قد كتبه قبل أن يسافر إلى الإمارات. في العام التالي، يسافر “شهم”، صاحب دار النشر، للمشاركة في معرض الكتاب بالشارقة. يعقد جلسات متعدّدة مع معارف “كمال”، ويعرف منهم بعض تفاصيل حياة كمال في الإمارات. أحدهم يزوّده بقسم من المذكرات كان كمال قد أودعها لديه قبل سفره إلى تركيا.

 في تركيا، تشارك الدار بمعرض الكتب في إسطنبول، وهناك يلتقي شهم بأحد أصحاب كمال، فيأخذ منه عنوان إقامته في عينتاب. عندما يلتقيه يعرف بأنَّه لم يكملِ المذكرات نتيجة انشغاله في مركز الأبحاث، فيتّفق معه على لقاءات يسمع منه خلالها بقية مذكرات الاعتقال، وتفاصيل الإفراج، ويدوّنها حتى تكتمل المذكرات، وتصبح جاهزة للنشر في كتاب.

 يكمل الراوي تفاصيل حياة كمال، وصراعاته النفسية في عنتاب، والحوادث التي جرت فيها، ويلقي الضوء على مصائر بعض الشخصيات الواردة في المذكرات.

المميز في هذه الرواية، هو التوثيق والتأريخ لحالة السوري في تركيا، وحالة السوري قبل قدومه لتركيا. فهي شاملة تجمع أدب المنفى والسجون واللجوء والسياسة، بل تضع أسماء شخصيات حقيقية واجتماعات واقعية حدثت في الفصل العاشر الذي هو مراجعة للأحداث وتوثيق عما كان يجري في عينتاب في تلك الفترة؛ فيتحدث عن ندوة واقعية حدثت بالفعل في المنتدى الثقافي لدار نون 4 في عينتاب، ويذكر الشخصيات بأسمائها، وهي تتحدث عن الأحزاب ودور الأحزاب. حتى المؤلف ذاته كان شخصيةً من الشخصيات الحقيقية في الراوية، فيتداخل التخيلي مع الواقعي، حين يسأل بطلُ الرواية المؤلف كشخصية باحث وناشط عن عثرات الثورة، يقوم بالإجابة ومن ثم يدور النقاش حول كيف يمكن أن تنتصر الثورة، وعن خوف العالم من الثورة السورية؛ لأنَّها ستؤدي إلى تغير جذري في الحكومات العربية، وعن ظاهرة داعش وضررها، وحول التحلي بالصبر وتوسيع الوعي، وعن علاقة المثقف والثورة، فينقل لنا أفكار وآراء الشخصيات التي هي شاهد على الأحداث، فكانت هي شاهد للرواية مثلما هي شاهدة للأحداث.40

القصّة:

حظ القصّة القصيرة من النشر كمجموعات قصصية قليلٌ جدًا في تركيا، مع أن القصّة القصيرة تجمع الومضة مع الحدث، وتجمع انفعال الشعر ومرونته لمواكبة الحدث مع حرية أكثر للبوح وللشرح، كونها من جنس الحكي والروي.

ومن خلال متابعة الإصدارات، نجد أنَّ عدد المجموعات القصصية لا يتجاوز العشرة، رغم كل هذه السنوات، ولكن هل هذا يقدم لنا الحقيقة؟ لا أعتقد؛ لأنَّ القصّة موجودة في كل نشرة دورية، ولكننا هنا نتحدث عن الكتب الموثقة أو القصص المطبوعة ضمن كتاب.

 لعل ابتسام شاكوش، الروائية السورية التي لجأت من جبل الأكراد في اللاذقية سيرًا على الأقدام إلى تركيا، وعاشت في مخيم جيلان بنر الحدودي، هي أفضل من وثق حالة السوري اللاجئ في الخيام، فنقلت لنا عبر مجموعتها القصصية المميزة (بين الخيام) التي صدرت عام 2016، حياة السوريين في المخيمات بصورة نقية صادقة من دون تصنع ولا تكلف، نقلت لنا دور النساء والشباب، والرجال الكبار، وكذلك نقلت حالة العزِّ والعنفوان لدى اللاجئ الذي كان يرى الحالة مؤقتة وصعبة، ولكنه ثمنٌ لا بد منه لهدف أسمى هو الخلاص من الاستبداد الجاثم على صدور السوريين عقودًا طويلة.41

الروائية والقاصة ابتسام شاكوش استطاعت أن تقدّم لنا صورة تكاد تكون مكتملة عن حالة السوري في الخيام، من خلال قصص حيّة واقعية، تنبض بالحياة وحبّ الحياة رغم الألم. تصوّر لنا رحلات القهر والتهجير، وتعرض لنا فجائع القتل العشوائي وأغلب الضحايا من الأبرياء البسطاء، وتركز على الطفولة بنسبة كبيرة، وكذلك دور المرأة ونشاطها؛42 لتشكل القصص بمجموعها لوحةً المأساة السورية عبر لوحات متعددة.

ضمت المجموعة ستَ عشرةَ قصة، يمكن فهمُ مواضيع القصص من خلال العناوين، دمية على الحرب، اجتياح، أم حسن، النازحة، ثوب فاطمة، هدية الغائب، وجه القمر، يوميات مرابط، رتاج، حمزة المحروق، أين خيمتي؟ خيمتان، هل تعرفون أم علي حلوم؟ أم غزوان، أسنان عائشة، شبه مسرحية.43

في قصة (يوميات مرابط)، تظهر لنا شخصية الثوري، الذي لا يكتفي بالحراسة، وإنما يعمل على إغاثة ومساعدة الكبار وتأمين احتياجاتهم.44 وفي قصة (رتاج)، تتحدث عن الرضيعة رتاج، وحليبِ والدتها الذي جفَّ، وهي ابنة خمسة أشهر، وهما في خيمة صعبة جدًّا، بكاء الرضيعة يُتعب الأم، فطعام المخيم يأتي مطبوخًا، ويغلب عليه الفلفل الحار، حيث لا يصلح لتغذية الرضيعة، ومن ثم نتعرَّف معها على بعض ساكني المخيم، والحياة فيه، وكيف ساعدتها جارتها على تأمين خبز وشاي لإسكات الطفلة، وانفجارها على زوجها الذي يتقاعس عن تأمين العيش، وانهيار الزوج بسبب قلة الحيلة، وندم الزوجة؛ لأنها نسيت أسباب تقاعس الزوج. ولكن رغم كلِّ هذا الشقاء تختم القصة بمفارقة صادمة، حين نعرف سبب عجز الزوج، “الآن فقط عرفت سبب إصراره على تسمية ابنتهما: رتاج، ربما كان يتمنى أن تكون ولادتها رتاجًا لبؤسه، لتشرده، لعيشة الخيام التي ما تمناها ولا سعى إليها، بل أجبره عليها عكازان يحملهما تحت إبطيه، يستعيض بهما عن ساق فقدها في المعركة، فأقعدته مؤقتًا عن مواصلة الجهاد، كانت الطفلة قد تعبت من البكاء فاستسلمت للنوم، وظل كوب الشاي مع فتات الخبز، ينتظر استيقاظها، أمام دموع الزوج المتعانقين”.45

نلاحظ من خاتمة القصة أنَّ الطفلة رتاج تحولت إلى رمز للمستقبل، فرغم كل المعاناة والتضحيات، هي الأمل لإصلاح الحال، ولكن إصابة الزوج منعته مؤقتًا من مواصلة النضال، وهما في صبر وانتظار ومتعانقين. ويمكن أن تقرأ القصة على أنَّها رسالة بأنَّ الذي جاء إلى المخيم ليس هربًا من الحرب، وإنَّما استراحة اضطرارية للعودة من جديد. ومن الجدير بالذكر أنَّها قصص تعود للسنوات الأولى من 2012 -2016.

ولم تكنِ القصص فقط تتحدث عن حالات اللجوء والنزوح وعن الخيام، بل تناولت الحياة الجديدة في تركيا، وكما في الشعر بدأت تظهر أصوات تتحدث عن الحالة النفسية، والتحديات الجديدة، وهذا ما نجده في قصص مصطفى تاج الدين التي جمعها في مجموعة تحت اسم لافت للنظر (ساعدونا على التخلص من الشعراء) صدرت عام 2019 46، وهي مجموعة ضخمة ضمت 74 قصة كتبت من 2013 -2019، بعضها في إدلب، وقسم في الريحانية، وقسم في إسطنبول، يوضح المؤلف في بداية المجموعة سبب عنوان الكتاب، حيث اعتمد في اختيار العنوان على التصويت، حين أرسل عناوين القصص الـ 74 لأصدقائه، فحصل هذا العنوان “ساعدونا على التخلص من الشعراء”، على الرقم الأعلى في التصويت، والمفارقة أنَّ أغلب الذين صوّتوا على هذا العنوان هم أصدقاؤه الشعراء47.

بتصوري هذه الحكاية، حكاية اختيار العنوان تُعَدُّ مدخلًا مهمًّا للتطور الأدبي السوري، فهي تشير إلى ديمقراطية غير معهودة، لعمل فردي، لمؤلف عاش في بلد استبدادي، لا يقبل المشورة، ولا الرأي الآخر.

تختلف قصص مصطفى تاج الدين الموسى الذي ينتمي لجيل الشباب 40 عامًا، وهو ابن قاصّ معروفٍ: تاج الدين موسى، عن قصص ابتسام شاكوش الواقعية، فهنا نجد لونًا آخر، من التجريب إلى الواقعية السحرية، من الغرائبية والعجائبية إلى العبثية. وهذا مؤشر على أن الأديبَ السوري، وخاصة الشباب الذين ينتمون للمرحلة العمرية (30-45)، لم يهتمَّوا بالواقعية التصويرية، أو فائقة الدقة، بل تطرقوا إلى ألوان أخرى، وهذا مؤشر آخرُ إلى تجاوز السوري في تركيا فكرة العبور أو المؤقت إلى فكرة الاستقرار، وتحديات هذا الاستقرار، والعمل على قضاياه من خلال القضايا الإنسانية انطلاقًا من ذاته؛ ففي قصة (في غرفة الإعدام) التي وضعت تاريخ كتابتها، إسطنبول 6/10/2019، تتحدث عن محكوم بالإعدام في سجن ما في مكان ما، يطلب المحكوم سيجارة كآخر أمنية له، يعطيه مدير السجن سيجارة ليدخنها، لكن ما حدث بعد تدخين السيجارة عجائبية الحالة، نكتشف في نهاية القصة اختفاء المتهم، فبدلًا من شنقه يكتشف المقتحمون المكان بجثث ثلاثة رجال الشرطة ومدير السجن وموظف وزارة الداخلية والشيخ والطبيب وشرطي آخر ضخم الجثة”.48

يمكن تأويل القصة من عدة وجوه، ومن الواضح أنَّ القصة طرحت دون تحديد اسم محدد للمكان والزمان، فهي تصلح لأي مكان استبدادي، وهي تظهر تطور إنتاجه الأدبي مع الزمن، فلو عدنا إلى قصته المعنونة (من طردني من صوري القديمة) التي كتبت في الريحانية 10/11/2015، كما يشير المؤلف، يتذكر بطل القصة، وهو خلف طاولته، وقد هرمت روحه، بعد مغادرة بلاده خوفًا من الحرب، ليلته الأخيرة في بيته، في وطنه، وأنَّه كيف سرق ألبوم الصور من غرفة أمه؛ ليحافظ على ذكرياته في الغربة، ولكنه يتفاجأ بأنَّه لم يعد موجودًا في صوره، ينزل إلى الشارع يصادف غريبًا يطلب منه التدقيق في صوره عله يعثر عليه، ولكن هيهات، فيتألم، ويطعن الرجل الغريب، فيكون هو المتألم ويختم القصة: “من جرحي العميق، خرج عدة أشخاص، يشبهونني في سنوات مختلفة من طفولتي وحياتي، ولهم ابتسامتي ذاتها، ثم دخلوا تباعًا إلى هذه الصور المتناثرة على الرصيف، كل واحد دخل في صورة. تركت الحياة فوق الرصيف، وعدت مطمئنًا إلى صوري العتيقة”.49

في هذه القصة التي تنتهي بالانتحار، تظهر لنا حالة الاغتراب والسلب، وتنقل لها بعبثية وجودية أسئلة كبرى تتجاوز الحالة السورية إلى الحالة الإنسانية.

النشاطات والفعاليات الأدبية:

النشاط الشعري في تركيا غزيرٌ جدًّا، قياسًا للنشاطات الأدبية الأخرى، والشعر ليس كتابًا تلفظه المطبعة، بل يلقى على منابر ومنصات؛ لذلك كان الشعر عروس المنابر الثقافية والمناسبات الوطنية، وكذلك المهرجانات الشعرية، ولا يمرّ عام وإلا نشهد أكثر من مهرجان شعري، يجمع الشعراء السوريين وغيرهم من الشعراء العرب، حتى إنَّ بعض هذه المهرجانات باتت تقليدًا في السنوات الأخيرة، مثل مهرجان الشعر العربي في إسطنبول، حيث بات ملتقى للشعراء العرب.

الحضور الكبير للأمسيات الأدبية والمهرجانات الشعرية في تركيا مكَّن السوري اللاجئ من البوح بمشاعره وطرح رؤاه، رغم صعوبة الحياة، والشروط القاسية للاجئ، عبر النشاطات الأدبية من شعر وقصة وحتى المسرح والمعارض الفنية التي لم تنقطع في مختلف الولايات التركية التي يوجد فيها السوريون، مثل أورفا وعنتاب ومرعش وكلس ومرسين وأنطاكيا وإسطنبول، وحتى إزمير. تستحق هذه الظاهرة دراسة مستفيضة مفصلة؛ فبعض هذه الفعاليات كانت مميزة، لأنَّها مشتركة بين شعراء أتراك وسوريين، ويكفي أن نشير إلى مهرجان الشعر في مرعش، برعاية وقف رضوان خوجة، في شباط عام 2019، حيث ضمّ عددًا من الشعراء الأتراك والسوريين، وحقق نجاحًا على الصعيد النخبوي، بل كتبت عنه صحفٌ تركية محلية في مرعش، تشير إلى أنَّه لأول مرة ترى سوريًّا مثقفًا له طموحاته وهواجسه ويشرح قضاياه.50

 ويمكن أن نعُّدَّ مدينة غازي عينتاب -حتى نهايات عام 2016- هي العاصمة البديلة للسوريين ثقافيًّا، وحتى سياسيًّا واجتماعيًّا. وقد انتشرتِ الفعاليات الثقافية السورية عبر منظمات أو تجمّع أفراد في الشعر والقصة حتى وصل إلى وضع خطة للتنظيم فيما بينها.51 ولأسباب عديدة وعوامل عدة، خفت الحالة بعد 2017؛ كسقوط حلب، وتغير الوضع الجيوسياسي، وكذلك السياسات والأزمات التي مرت بها تركيا، وباتت المسألة السورية جزءًا من الحالة التركية، وبدأت محاولات جديدة تحاول -عبر الشعر- المساهمة في العيش المشترك والتكيف الاجتماعي. هذا وإن بدا خجولًا خلال هذه السنوات، إلا أنَّه بتصوري، سيكون أهم ما يميز المرحلة القادمة للأدب السوري اللاجئ في تركيا.

 الخاتمة:

هكذا نجد في هذا البحث أنَّ الأدب السوري اللاجئ في تركيا استطاع أن ينقل للقارئ صورة اللاجئ وحالته وهواجسه وأحلامه، سواء عبر الشعر أو النثر، وعلى التعبير عن النشاط السوري والحالة السورية في بلد اللجوء تركيا.

إذن، لم تعُدْ تركيا وعينتاب مجرد ساحة عبور فقط، أو بلد لجوء بقدر ما هي مقر للثورة والنشاط الفكري والسياسي والإعلامي والحراك الثوري، وهذه ميزة لا تجدها في مكان آخر في أي دولة أخرى عربية كانت أو غربية أو شرقية لجأ إليها السوري.

وهذا ما لمسناه من خلال النشاط الأدبي للشباب، سواء في الشعر أو القصة، تجاوز الشباب مرحلة الوقوف عند الذكريات والحنين والتوجه نحو قضايا أكثر عمقًا.

 بدأتِ الأصواتُ الشابةُ تعبِّر عن ذاتها وتتجاوز أزمة الحرب، وتبحث عن قضايا أوسع وأعمق، حيثُ التفكيرُ بنضج ووعي أكبر. فلم تعد عناصر القصيدة أو القصة هي الخيمة والطريق والقصف والجوع والنضال والاكتفاء بالوصف الخارجي ومناظر تصور الأهوال، بل تناولت قضايا أوسع نفسيًّا ووجوديًّا، كما رأينا عند القاص مصطفى تاج الدين موسى، والشاعر حسين الضاهر. والسؤال بتصوري اليوم: ماذا عن المستقبل، مستقبل الأدب السوري اللاجئ في تركيا؟

وإذا أضفنا المهرجانات والأمسيات والنشاطات المشتركة، وكذلك المجلات الدورية التي تصدر باللغتين التركية والعربية، مثل صحيفة (إشراق) التي تصدر في عينتاب عن مركز الشرق الأوسط للميديا، وكذلك صحيفة (المشترك) التي تصدر عن بلدية مرعش، فإننا نخلص إلى أنَّ مستقبل الأدب السوري لن يكون بمفرده، بل ستكون هناك علاقةٌ عضويةٌ مع آداب شعوب المنطقة، وهذه تجعل من السوري اللاجئ فرصة للمستقبل، وأنَّها ليست أزمة كما هي عند الغرب.

 

المصادر والهوامش:

  1. محمد سالم، الهجرة السورية إلى تركيا: أثيرات اقتصادية وارتدادات

 مجتمعية، مركز الحوار السوري، وحدة تحليل السياسات، 12 تشرين

 الأول 2022م.

  1. للمزيد من القصص يمكن مراجعة الكتاب:

Marc engelhardt(hrsg), DIE FLÜCHTLINGS REVOLUTIO wie die neue

 Völkerwanderung die ganze welt verandet, pantheon August2016.

  1. ماجد حاج حمود، أثر اللجوء في الأدب العربي المعاصر المأساة

 السورية أنموذجًا، جامعة شرناق، مجلة كلية الإلهيات الجلد 11 العدد

 24، حزيران 2020.

  1. محمد السلوم، أدب اللجوء السوري الشتات والتعبير الأدبي، مركز

 حرمون للدراسات المعاصرة، 31 كانون الثاني/ يناير 2018.

  1. عبد القادر داود، أدب اللجوء في الرواية السورية الحديثة، مقالات، موقع

 رابطة علماء الشام، 29 ديسمبر، 2019.

  1. أدب السجون، مجلة رواق ميسلون، العددان السابع والثامن تشرين الثاني/ نوفمبر 2022.
  2. العدد الثامن من مجلة قلمون، ملف الرواية السورية، اكتشاف خرائط

 السرد المناهض، نيسان/ أبريل 2019.

  1. عارف حمزة، تقسيم جديد وغريب للأدب السوري، ضفة ثالثة، 20

نوفمبر 2019

  1. المادة 61 من قانون الأجانب والحماية الدولية التركي.
  2. نعمات أحمد فؤاد، خصائص الشعر الحديث، دار الفكر العربي، بيروت، عام

 1980.

  1. دار موزاييك للدراسات والنشر تأسست عام، 2019.
  2. دار 4 للنشر والطباعة، مركزها الأساسي في حلب، افتتحت فرعًا لها في

 مدينة غازي عنتاب عام 2014 حيث استقر صاحبُها في المدينة.

  1. حتى آخر كلمة، الجزء الأول، أقلام من رحم الثورة، مجموعة من الشعراء،

 نون 4، غازي عنتاب 2019، برعاية منظمة الرواد.

  1. المرجع 13، الصفحة 54-55.
  2. المرجع 13، الصفحة 81.
  3. المرجع 13، الصفحة 100.
  4. مهند الدغيم، شعر من وحي الألم، ديوان شعر، طبعة خاصة أورفا 2017.
  5. المرجع 17، الصفحة 47.
  6. أحمد عبد الرحمن جنيدو، وطن للحقيقة والموت، شعر، دار الإسلام للطباعة

 والنشر.

  1. سميرة بدران، مزامير متمردة، شعر، نون 4 للنشر، غازي عنتاب،

 2014 صفحة 27.

  1. المرجع 20 الصفحة62.
  2. يحيى السيد عمر، الشباب العربي (أزمة هوية) و(مستقبل مهدد)، دار أصالة

 للنشر والتوزيع، إسطنبول، طبعة ثانية، 2021.

  1. حسين الضاهر، مياه صالحة للقتل، شعر، دار موزاييك للنشر، إسطنبول،

 2020.

  1. حسين الضاهر، مشاهد يتلوها بدوي، شعر، دار موزاييك للنشر، إسطنبول،

 2021.

  1. المرجع 23 صفحة 9.
  2. المرجع 23 الصفحة 10.
  3. المرجع 23 الصفحة 17.
  4. المرجع 24، الصفحة 7.
  5. المرجع 24، الصفحة 22.
  6. المرجع 24، الصفحة 28و29.
  7. تمَّ الحصول على المعلومات وفق جدول مرسل من قبل الدارين يوضح فيه

 مجموعات إصداراتهما.

  1. أيمن الناصر، لوجين، رواية، طبعة خاصة، 2019.
  2. محمود الوهب، قبل الميلاد، رواية، دار نون 4، عينتاب، 2016.
  3. قصي قويدر، الخبز الأحمر، رواية، دار نون 4 عينتاب، 2016.
  4. أغفل البحث التطرق إلى أعمال كتبت وطبعت في تركيا، ولكنها كانت تتحدث

 عن التاريخ السوري ما قبل الثورة وإعادة تشكيله وفق رؤيته، يمكن للراغب

 الاطلاع على روايات أديب يوسف الملحمة الوسطى والملحمة الصغرى من

 إصدارات نون 4 عامي 2017 و2018.

  1. فوز الفارس، أبناء الوحشة، رواية، موازييك للنشر 2019، إسطنبول.
  2. المرجع 36 الصفحة 193.
  3. محمد جمال طحان، غيابات الجب، مؤسسة الأمة للنشر والتوزيع، مصر

 2020.

  1. المرجع 38، الصفحة 15.
  2. المرجع 38، الصفحات (501-526).
  3. ابتسام شاكوش، بين الخيام، قصصن دار نون4 عنتاب،2016.
  4. المرجع 41، الصفحة 6.
  5. المرجع 41، الصفحة 62.
  6. المرجع 41، الصفحة 30.
  7. المرجع 41، الصفحة 36.
  8. مصطفى تاج الدين موسى، ساعدونا على التخلص من الشعراء، قصص، دار

 نون 4، عينتاب، 2019.

  1. المرجع 46، الصفحات 7—8.
  2. المرجع 46، الصفحة 27.
  3. المرجع 46، الصفحة30.
  4. انظر موقع مرعش بوصلة

 Türk ve Suriyeli Şairler Kahramanmaraş’ta Bir Araya Geldi. https://www.maraspusula.com/turk

  1. كان في عنتاب في نهاية عام 2015، عشرة منتديات ثقافية تقريبًا، نذكر منها:

 المنتدى الثقافي لمنظمة منبر الشام، والمنتدى الثقافي السوري في غازي

 عنتاب في دار نون 4 للنشر. ومركز السلام الثقافي، ومكتب حزب وعد

 الثقافي، ومكتب تيار وعد الثقافي، ونادي منظمة بردى الثقافي العائد للاتحاد

 الديمقراطيين، وبيتنا سوريا، وغيرهم. اجتمع ممثلون مع بعضهم، وكنت

 حاضرًا عن منظمة منبر الشام في دار نون 4 لتنظيم الندوات.

 المصدر: رؤية تركية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى