أعلنت الأمم المتحدة، الثلاثاء، خفض مساعداتها الغذائية إلى سورية بنحو النصف في ظل أزمة نقص التمويل.
وجاء في بيان لبرنامج الأغذية العالمي: “أجبرت أزمة التمويل غير المسبوقة في سورية برنامج الأغذية العالمي على تخفيض مساعداته لحوالي 2.5 مليون شخص من حوالي 5.5 مليون يعتمدون على المساعدات التي تقدمها الوكالة لاحتياجاتهم الأساسية من الغذاء”.
يعني القرار أن الأشخاص الذين ستتوقف عنهم المساعدات سيغرقون في الفقر والجوع ما سيجبرهم على الاعتماد بشكل متزايد على آليات التأقلم الضارة مثل عمالة الأطفال أو الزواج المبكر أو تراكم المزيد من الديون.
ويأتي الإعلان بالتزامن مع اجتماع الاتحاد الأوروبي تحضيراً لانعقاد مؤتمر بروكسل السنوي السابع حول “دعم مستقبل سورية والمنطقة” يوم الأربعاء.
ووفقاً للأمم المتحدة، فإنه بعد استنفاذ جميع الخيارات في ظل الموارد المحدودة للغاية، قرر برنامج الأغذية العالمي إعطاء الأولوية لـ 3 ملايين سوري غير قادرين على البقاء من أسبوع إلى آخر دون مساعدة غذائية بدلاً من مواصلة المساعدة لـ 5.5 مليون شخص ونفاد المساعدات الغذائية تمامًا بحلول أكتوبر/تشرين الأول 2023.
صرّح كين كروسلي ممثل برنامج الأغذية العالمي والمدير القطري في سورية: “بدلاً من زيادة المساعدات أو حتى الإبقاء عليها لمواكبة الاحتياجات المتزايدة نحن نواجه مشهداً قاتماً يتمثل في انتزاع المساعدات من الناس في وقت هم في أشد الحاجة إليها”.
وأكد البيان، أنه بعد 12 عاماً من الصراع وموجات النزوح الكبيرة والجائحة العالمية وآثارها على الأزمة الاقتصادية التي دفعت بأسعار الأغذية إلى مستويات قياسية ومؤخراً الزلازل المدمرة، يعيش السوريون في حالة طوارئ دائمة. في الوقت الحالي يغطي الدخل المتوسط حوالي ربع احتياجات الأسرة فقط حتى أولئك الذين يتلقون مساعدات غذائية بشكل منتظم من برنامج الأغذية العالمي يعانون للتأقلم مع الوضع.
ووفقاً للمصدر نفسه، فإنه على مدى العامين الماضيين قام برنامج الأغذية العالمي باتخاذ كافة التدابير الممكنة لاستغلال الموارد المتاحة ومواصلة تقديم المساعدة للأشخاص الأشد احتياجًا وشمل ذلك تخفيضًا تدريجيًا لحجم الحصة الغذائية للفرد الواحد ليصل الآن لنصف الحجم الموصى به.
يواجه البرنامج التحدي المتمثل بالاحتياجات المتزايدة بوتيرة لم يستطع التمويل مواكبتها، بينما ارتفعت تكلفة إيصال الدعم الغذائي لمستوى غير مسبوق بسبب ارتفاع أسعار الغذاء والوقود.
وأضاف كروسلي: “من المستحيل تخفيض حجم الحصص الغذائية أكثر والحل الوحيد لدينا هو تخفيض عدد المستفيدين. لقد عانى الأشخاص الذين نخدمهم من ويلات الصراع والهرب من منازلهم وفقدان أفراد عائلاتهم ومصادر رزقهم. بدون مساعدتنا ستتضاعف معاناتهم”.
حتى قبل الزلازل المدمرة التي ضربت شمال وغرب سورية في شهر فبراير/شباط والتي ألحقت أضراراً جسيمة وخسائر في الأرواح ومزيدًا من النزوح، كان هناك 12.1 مليون شخص في كافة أنحاء البلد في قبضة الجوع.
إن معدلات سوء التغذية في أعلى مستوياتها على الإطلاق إذ تعاني واحدة من أربع من الأمهات الحوامل والمرضعات من سوء التغذية الحاد ويعاني في بعض أجزاء من البلاد طفل من كل أربعة من التقزم. بدون المساعدات الكافية في الوقت المناسب سيكون جيل سورية القادم ومستقبلها في خطر.
وقال كروسلي: ” لدينا القدرة والحلول لتقليل الاعتماد على المساعدات الإنسانية وإحداث تغيير دائم في حياة الناس. من المهم أن نستمر في تقديم المساعدات الغذائية المنقذة للحياة لمساعدة العائلات على تجاوز الأمر كل أسبوع وكل شهر، بينما نعمل على التدخلات التي تساعد الأشخاص على إعادة بناء حياتهم والوقوف على أقدامهم”.
يشعر برنامج الأغذية العالمي بالقلق الشديد من أن الأشخاص الذين ستتوقف عنهم المساعدات سيغرقون في الفقر والجوع، ما سيجبرهم على الاعتماد بشكل متزايد على آليات التأقلم الضارة مثل عمالة الأطفال أو الزواج المبكر أو تراكم المزيد من الديون.
ويحتاج برنامج الأغذية العالمي بشكل عاجل إلى حوالي 180 مليون دولار أميركي كحد أدنى لتجنب هذه التخفيضات في المساعدات ومواصلة تقديمها بمستواها الحالي حتى نهاية العام الحالي.
المصدر: العربي الجديد