يترقب النظام السوري وداعموه موعد تطبيق “قانون قيصر” الذي وقعه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في العام الماضي، بعد موافقة مجلسي النواب والشيوخ في الكونغرس عليه، والذي من المفترض أن يتم تطبيقه أوائل شهر جزيران الجاري.. فإلى أي حدٍّ يمكن أن تؤثر العقوبات الأميركية على النظام السوري؟ وهل يمكن أن تؤدي هذه العقوبات إلى إسقاط النظام كما يتوقّع البعض؟
يقول الباحث والسياسي السوري، حازم نهار، لـ آدار برس: «وقّع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قانون سيزر في 21 كانون الأول/ ديسمبر عام 2019، بعد أن أقرّه الكونغرس الأميركي، وتُرك مدة 6 أشهر لبدء تطبيقه، ربما بهدف إعطاء وقت معقول للدول والمؤسسات التي لديها علاقات مع النظام لترتيب أعمالها».
ويضيف: «من المعروف أن نص القانون يفرض عقوبات جديدة على أي شخص أو جهة تتعامل مع الحكومة السورية أو يوفر لها التمويل، بما في ذلك أجهزة الاستخبارات والأمن السورية، والمصرف المركزي السوري، ورجال الأعمال الموالين للنظام، إضافة إلى داعميه من الدول، روسيا وإيران. لكن يبقى الأمر المهم منوطًا بأهداف السياسة الأميركية في سورية، وماذا تريد من وراء القانون؛ هل تريد أميركا فعلًا إسقاط النظام عبر تطبيق القانون؟ شخصيًا لا أعتقد ذلك؛ وأرى أن أميركا ستخدم القانون في الابتزاز السياسي للنظام وشركائه بقصد تحقيق أهدافها».
ورأى حازم نهار أن أول هذه الأهداف هو «تحصيل مكاسب سياسية في الساحة السورية، أي استخدامه بطريقة تضغط على النظام إلى الحدّ الذي لا يسقطه، أي إلى الحد الذي يسمح ببقائه لكن مع تقديم تنازلات مهمة في عدة مستويات داخلية وخارجية؛ فالقانون وسيلة ضغط قوية لإجبار النظام السوري وحلفائه على التعاون في مسار الحل السياسي، ولدفعهم باتجاه التفاوض الفعلي وإجراء عملية الانتقال السياسي في سورية وفق القرار 2254. ومن الجدير الانتباه إلى أن القانون يسمح للرئيس الأميركي برفع هذه العقوبات في حال لمس خطوات حقيقية من النظام السوري وشركائه باتجاه الحل السياسي».
فيما ذكر أن الهدف الثاني يكمن في أن «القانون رسالة واضحة من أميركا إلى كل من روسيا وإيران، بأن أي حلّ للوضع السوري لن يسير من دونها؛ فأمريكا تؤيد إعادة تأهيل النظام، لكن وفق مقتضيات القرار الدولي 2254، ومن ثم ستقف هذه العقوبات في وجه المؤسسات والشركات الحكومية والخاصة، في سورية وروسيا وإيران، الساعية للمشاركة في إعادة الإعمار في سورية من دون إنجاز التغيير السياسي المطلوب».
ورأى أن الهدف الثالث يتمثّل في أن «القانون يقدِّم تبريرًا تشريعيًا للوجود الأميركي في منطقة شرق الفرات، والتحكم في نفطه، ومنع وصول النظام إليه، بما يعزِّز السيطرة الأمريكية، ويحرم النظام وحلفاءه من نفط تلك المنطقة، على الرغم من أن أميركا لا تحتاج إلى التشريعات لفرض سيطرتها، لكنها قد تفرض وضعًا سياسيًا جديدًا في تلك المنطقة يتوافق ومصالحها، وهذه نقطة خطر كبيرة».
وقال حازم نهار: «أودّ الإشارة إلى نقطتين مهمتين؛ الأولى: إن المكسب المضمون من القانون هو أن النظام بشكله القديم قد انتهت شرعيته، ومن غير المقبول إعادة إنتاجه عالميًا من دون تغيير؛ فالأمر لم يعد رهن سياسة إدارة أميركية محدّدة، بل رهن سياسة الولايات المتحدة الأميركية، وهذا عنصر حاسم في تحديد طبيعة النظام المقبل في سورية. والثانية: إن نقطة الخطر والقلق الرئيسة هي أن القانون، في حال جرى تطبيقه، سيؤثر سلبًا على الوضع الاقتصادي المتدهور أصلًا، وسيزيد من تردي الوضع المعيشي للسوريين».
واختتم حديثه بالقول: «من معرفتنا بطبيعة النظام السوري، فإنه لن يرضخ للقانون، وسيذهب في اتجاه المناورة والالتفاف على العقوبات الاقتصادية، لكن لا يمكننا الآن تحديد مدى قدرته وشركائه على فعل ذلك، وإن حصل هذا، فمعناه أنه سيحمِّل الآثار الكارثية للقانون على كاهل الشعب السوري، الذي بدأ يتململ تحت ضغط تدهور أوضاعه المعيشية، لكن لا يمكن التكهن، في هذه اللحظة، بمدى قدرته على تحويل التململ إلى احتجاج حقيقي وملموس”.
المصدر: آدار برس