عرض للأحزاب القومية ـ 2 / 3
4ـ الحزب الاشتراكي العربي
في مدينة حماة الواقعة وسط سوريا، تشكلت في العام 1937 منظمة شبابية ثورية لمواجهة الاستعمار، ولعبت هذه المنظمة دورا مهما في الانتفاضات الشعبية، وخاصة تلك التي مورست فيها أعمال عنف ضد الفرنسيين.
وفي العام 1939 تسلم قيادة المنظمة شاب مغامر متحمس يدعى أكرم الحوراني، هذا الرجل الذي استطاع أن يكون بحق أحد المحاور الرئيسية للسياسة السورية في مرحلة الخمسينات، وهو من عائلة اقطاعية أصر، ولكنه ناضل لفترة طويلة ضد الاقطاع وإلى جانب الفلاحين.
في العام 1941 أرسل متطوعين لنصرة ثورة رشيد عالي الكيلاني، وكانت له علاقات واسعة مع الضباط الوطنيين في الجيش الذي كان لايزال خاضعا لسيطرة الإفرنسيين، وانطلق من قاعدة العمل الوطني ضد فرنسا، وفي هذه المرحلة يحكى عن التعاون الوثيق بين حركة الشباب، وبين الحزب القومي السوري ـ ويعتقد أن الاعجاب المشترك بالنظام الألماني الهتلري كان القاعدة الأساسية لهذا اللقاء ـ.
وقطعا لم تكن العقيدة القومية السورية هي التي جمعت الطرفين، فأكرم الحوراني رجل عملي ذو برنامج اشتراكي المسحة، بينما الحزب القومي السوري من الأحزاب اليمنية بشكل عام.
دخل الحوراني الحياة البرلمانية لأول مرة عام 1943 إلى جانب الكتلة الوطنية ضد خصومها ” المعتدلين”، ودخوله المعترك البرلماني لم يغير كثيرا من عقيدته العملية، حيث حافظ على علاقاته بالعسكريين، ودفع أنصاره ومعظمهم من أبناء الفلاحين للدخول في الكلية الحربية، وبالواقع كان الحوراني أول سياسي سوري فهم دور الجيش في البلدان المتخلفة.
في عام 1945، وفي شهر أيار أسس أكرم الحوراني الحزب العربي الاشتراكي، واستطاع خلال فترة وجيزة الانتشار في ريف إدلب وحماة وحمص مستفيدا من قوة شخصيته وقدرته الانتخابية، وكانت مواقفه البرلمانية قوية لصالح الفلاحين.
وفي العام 1948 دخل حرب فلسطين إلى جانب جيش الإنقاذ بقيادة فوزي القاوقجي، ومجموعة الضباط الوطنيين، وخلال هذه الفترة بدأ الحديث همسا عن ضرورة تدخل الجيش لتصحيح الأمور السياسية وإبعاد العناصر ” الرجعية” عن مقاليد الأمور.
وفعلا حدث أول انقلاب عسكري في منطقة الشرق الأوسط في سوريا بقيادة حسني الزعيم في 30 آذار / مارس عام 1949، وبتأثير أجواء حرب فلسطين، وكان أكرم الحوراني أول السياسيين المؤيدين للانقلاب. وذكر أنه هو من صاغ البيان الأول للانقلاب، ولكنه سرعان ما اختلف معه وانقلب عليه، وكذلك كان من مؤيدي انقلاب أديب الشيشكلي، خاصة وأن الكثيرين من أنصار الحوراني كانوا من ضمن منفذي العملية الانقلابية، حتى أن أديب الشيشكلي وشقيقه صلاح يعتبران من أصدقاء الحوراني.
ولكن مرة أخرى انقلب الحوراني على صديق الأمس، وخاصة بعد أن انفرد الشيشكلي بالسلطة وأصدر قراره بحل الأحزاب، فأصدر الحوراني بيانا نشر في جريدة الدستور اللبنانية في كانون الثاني عام 1953 اتهم فيه الشيشكلي بكبت الحريات، وتقييد الصحافة، واضطهاد المعارضين لنظام الحكم، واتهم الشيشكلي بالخضوع للغرب، وكان الحزب الاشتراكي قبل ذلك بعام قد أعلن منهاجه الحزبي الذي تضمن خطة ثورية في التغيير الاجتماعي فقد دعا إلى:
1ـ توزيع الأراضي على الفلاحين الفقراء في اول مطالبة بإصلاح زراعي.
2ـ إخماد الطائفية الدينية
3ـ تحرير المرأة
4ـ التعليم المجاني، وافتتاح مدار زراعية وصناعية وتجارية.
5ـ دعا لسن قانون الخدمة العسكرية الإلزامية، ولإنشاء صناعة الأسلحة.
وفي هذه الفترة أخذ ينسق مواقفه ضمن البرلمان مع ممثلي حزب البعث العربي، وتعمق التنسيق خلال فترة الاضطهاد المشترك الذي مورس على الحزبين من قبل نظام الشيشكلي.
وطرحت فكرة التوحيد بين الحزبين، فقد رأى البعثيون في القاعدة الفلاحية للحوراني سندا قويا للفكرة الاشتراكية التي يدعون غليها، بينما رأى الحوراني في الوحدة طريقا للخروج من مثلث ريف ” إدلب ـ حماة ـ حمص”، الذي انحصر فيه حزبه، وتمت الوحدة بين الحزبين أواخر 1952 على قاعدة التكافؤ، وتشكلت قيادة الحزب الجديد الذي أخذ اسم “حزب البعث العربي الاشتراكي” من ميشيل عفلق، وأكرم الحوراني، وصلاح البيطار، وفي عام 1954 ساهم أنصار أكرم الحوراني في الجيش وعلى راسهم الرائد مصطفى حمدون ، وعبد الغني قنوت وغيرهما مساهمة مؤثرة في الانقلاب المضاد لأديب الشيشكلي.
وفي أيلول / سبتمبر من العام 1954 دخل حزب البعث العربي الاشتراكي المعركة الانتخابية، وحصل الحزب على 22 مقعدا منها 17 مقعدا لأنصار الحوراني، وقفزت هذه الانتخابات بالحوراني إلى مقدمة السياسيين السوريين، واعتبارا من عام 1956 أصبح يمثل إحدى القوى المؤثرة في رسم السياسة السورية، وكان ركنا من أركان الجبهة الوطنية التي حكمت سوريا.
وقد ساهم حزب البعث العربي الاشتراكي في الدعوة الى الوحدة مع مصر، ووافق على حل نفسه في دولة الوحدة، وتسلم الحوراني أرفع منصب يطمح إليه وهو نائب رئيس الجمهورية العربية المتحدة، إلا أنه سرعان ما انقلب مع زملائه البعثيين على عهد الوحدة، بعد أن رفض جمال عبد الناصر طلبهم في تشكيل مكتب سياسي يقود الحكم ويضم ثلاثة مصريين، وقادة حزب البعث الثلاثة، وانتقل أكرم الحوراني على بيروت ليمارس نشاطه ضد الوحدة.
عندما وقعت جريمة انفصال سوريا عن الجمهورية العربية المتحدة في 28 أيلول / سبتمبر 1961 كان من المؤيدين الأوائل لها، ونشر مجموعة كتابات ضد عهد الوحدة، وانقلب على جميع الإجراءات التي كان يتبناها طوال عشرين عاما، واشتهر بأنه من أكبر منظري العهد الانفصالي، وساهم في الحكومات الانفصالية بعد أن أعاد تأسيس حزبه المستقل عقب اختلافه مع رفاقه البعثيين الذين سرعان ما حاولوا تقليص تورطهم في تأييد الانفصال، ولبع أنصار الحوراني دورا سيئا أثناء النظر في الشكوى التي أقامها الحكم الانفصالي ضد الجمهورية العربية المتحدة التي عقدت جلساتها في بلدة “شتورا” اللبنانية، وأراد الانفصاليون منها إدخال قيادة جمال عبد الناصر في مهاترات لا تخدم إلا أعداء الأمة العربية.
بعد حركة 8 آذار / مارس 1963 في سوريا كان الموقف من الحوراني غير محسوم، إذ رأى بعض من قدامى البعثيين أن الحوراني رجل وطني شريف يمكن الاعتماد عليه، وعلى رأس هؤلاء العسكريين كان أمين الحافظ، الذي تسلم قيادة الدولة لاحقا، بينما كانت أغلبية التنظيم العسكري التي تضم مجموعة ” جديد ـ الأسد ـ عمران” لا تثق بالحوراني، كما أن الجسور كانت قد قطعت بينه وبين قادة البعثيين المدنيين “عفلق والبيطار”.
إلا أن هذه الجسور سرعان ما أعيدت بعد انقلاب 23 شباط / فبراير 1966، حيث انتقل الحوراني إلى سياسة التعاون مع أنصار القيادة القومية ” أمين الحافظ ـ عفلق ـ البيطار”، من مقره في بيروت، ثم تعمق التعاون بعد انتقال الجميع إلى بغداد عقب انقلاب 17 تموز / يوليو 1968 في العراق واستلام البعث السلطة مجددا، واستمرت سياسة التعاون هذه، وهو الآن عضو في التحالف الوطني لتحرير سوريا الذي يضم حزب البعث المؤيد من العراق، والاخوان المسلمين، والحزب العربي الاشتراكي، وآخرين.
ولم يعد للحزب العربي الاشتراكي منذ الانفصال، وأكثر تحديدا منذ الثامن من آذار/ مارس 1963 أثر يذكر في الحياة السياسية في سوريا، وخاصة بعد أن انتقل معظم أنصاره وجماهيره إلى صفوف البعث الحاكم، وبعد أن انشق عنه الكثير من أنصاره وعلى رأسهم العقيد “عبد الغني قنوت”، وهم يشاركون اليوم في الجبهة الوطنية التقدمية الحاكمة في سوريا. كذلك انشقت عنه مجموعة صغيرة لا تتعدى بضعة أشخاص يطلق عليها جناح عبد الغني عياش انضمت إلى “التجمع الوطني المعارض في سوريا”
ونشاط الحزب التنظيمي معدوم ولا يتعدى بعض الولاء الشخصي لعدد محدود من العائلات، وتأثيره في التحالف الوطني المعارض ومركزه بغداد محدود أيضا وهامشي.
5ـ حركة الاشتراكيين العرب
وهي مجموعة منشقة عن الحزب الاشتراكي العربي الذي يقوده أكرم الحوراني وتتألف من العناصر التي رأت في سياسة التعاون مع النظام السوري بقيادة حزب البعث أفضل سبل العمل السياسي. فبدأت بتعاون فردي بين بعض رموزها وبين حزب البعث الذي انشقت قيادتهم عنه، وشاركوا في عضوية المجلس الوطني، ولجان الدفاع عن الثورة التي تشكلت عامي 1965 ـ 1966، وتحولت هذه المشاركة الفردية إلى نشاط حزبي رسمي مع قيام الحركة التصحيحية بقيادة حافظ الأسد عام 1970.
وأهم رموز الحركة عبد العزيز عثمان، وعبد الغني قنوت، وهي ممثلة بعضوين في القيادة المركزية للجبهة الوطنية التقدمية، ولها وزيران وستة أعضاء في مجلس الشعب، وبرنامجها الحالي يتضمن:
** في القضية الفلسطينية: تدعو الحركة لوحدة منظمة التحرير الفلسطينية على قاعدة الاحتكام إلى المؤسسة القيادية الأولى وهي المجلس الوطني الفلسطيني، كما هو منصوص عليه في برنامج الحركة السياسي، وهي تعلن صراحة عن موافقتها على عقد مؤتمر دولي لحل أزمة الصراع العربي ـ الصهيوني، رغم تأكيدها أن الصراع مع الصهيونية صراع وجود.
** وفي المسألة اللبنانية: تدعو الحركة لوحدة لبنان، وإقامة الدولة العربية العلمانية الديموقراطية.
** وفي الموقف من النظام المصري: تدين اتفاقية كامب ديفيد، وتدعو مبارك للعدول عنها.
ويقر البرنامج السياسي للحركة أن الواقع الحالي لا يسمح بالحديث عن طموحات قومية كبرى كالوحدة العربية، لذا فإن الحركة تدعو إلى التنسيق بين الدول العربية (سوريا، الجزائر، فلسطين، اليمن الجنوبي، ليبيا) من أجل مقاومة الهجمة الامريكية الإسرائيلية والصمود في وجهها.
ويحدد البرنامج أهداف الحركة بتحرير الأراضي العربية المحتلة، ويطالب بتدعيم سياسة التحالف مع منظومة الدول الاشتراكية.
وتطرح الحركة شعار: الاشتراكية والديموقراطية الشعبية الوطنية التقدمية، وتدعو لتطبيق الاشتراكية على مراحل، وتدعو لتطوير الجبهة الوطنية التقدمية بحيث تسمح باستقلالية أكبر لأحزابها ولضم قوى جديدة إليها.
أما عن الوجود الفعلي للحركة فهو محدود جدا، وتأثيرها السياسي معدوم، ومواقفها السياسية المعلنة متطابقة مع موقف النظام السوري الحاكم، ولها نشرة خاصة باسم “الاشتراكي العربي”.
6ـ حزب العمال الثوري العربي
يعرف “حزب العمال الثوري العربي” نفسه بأنه حزب سياسي للطبقة العاملة العربية، لذا فهو فصيلة طليعية من الطبقة العاملة… هذا ما نصت عليه مقدمة نظامه الداخلي، وهو حزب قومي، بمعنى أن العضوية فيه لا تقتصر على السوريين، فهي عضوية مفتوحة لكل مواطن عربي.
تأسس هذا الحزب في 25 / 12 / 1964، بمبادرة من بعض القيادات البعثية المبعدة عن الحزب والمنتمية إلى الجناح اليساري فيه*، ومن بعض العناصر الشيوعية السابقة المنتمية إلى التيار القومي. **
وعقدت هذه الجماعات مؤتمرها في بيروت، وأعلنت عن تشكيل حزب يساري جديد يجمع بين الماركسية اللينينية والقومية العربية. حيث جاء في الوثيقة التي تحمل سيماء الحزب الطبقية” إن حزب العمال الثوري العربي حزب طبقي أي أنه الحزب السياسي للطبقة العاملة العربية، وفي نفس الوقت فإن حزب العمال الثوري يعتبر نفسه حزبا قوميا، إن حزبنا قومي بمعنى أنه يعي انتماءه إلى الأمة، لكنه ليس قومي النزعة والمذهب لأنه يرفض تحويل هذا الانتماء إلى أيديولوجيا”.
وشكل المؤتمر قيادات قومية، الا ان المسيرة القومية للحزب أصبحت عاجزة منذ أن انفصل عنه التيار البعثي ـ أو معظمه على ألأقل ـ ، كما أن الحزب لم يستطع أن ينغرس في الطبقة العاملة، ولم تستطع فروعه في لبنان والعراق والأردن أن تنهض على قدميها، وبقي الحزب مجموعة من المثقفين والكتاب.
وفي سوريا بعد مرحلة الانتشار الأولى أيضا ـ ولم تكن شعبية ـ تقلص الحزب لينحصر في أعداد قليلة تتمركز في محافظة جبل العرب، ولا تتجاوز المئة عضو حسب تقديرات أصدقائه.
ارتبطت قيادات الحزب الرئيسية بعلاقات جيدة مع الدكتور جمال الأتاسي منذ أواخر الستينات، وكان هناك عرض جدي للاندماج مع الاتحاد الاشتراكي تبناه جمال الأتاسي، ولكنه رفض باستمرار من قيادة الاتحاد الاشتراكي وكوادره الأساسية.
وللحزب نشرة داخلية اسمها الديموقراطي العربي، تحمل شعارين ” الثورة العربية
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
*تمثل هذه المجموعة علي صالح السعدي الأمين القطري لمنظمة البعث في العراق بعد حركة شباط / فبراير 1963
**من أشهر رموز هذا التيار ياسين الحافظ، وإلياس مرقص
الديموقراطية طريقنا إلى النهضة والتحرر”، و “لنناضل من أجل جبهة وطنية عريضة”، وانضم هذا الحزب إلى التجمع الوطني الديموقراطي إلى جانب الاتحاد الاشتراكي والحزب الشيوعي ـ المكتب السياسي والبعث القومي.
ولعل أهم مرتكزات الحزب دعوته الملحة للعصرنة، حيث اعتبر أن أهم مقومات التخلف في المجتمع العربي هي اغراقه في السلفية، وهو حزب علماني، ويصر على منح المثقفين دورهم الريادي في كافة المجالات.
ويحدد برنامجه السياسي الصادر في أواخر العام 1983 منطلقاته ومواقفه، فيؤكد على أن الأساس النظري الذي يسترشد به البرنامج هو ” الماركسية اللينينية”، وتطبيقاتها الخلاقة، ويعتبر أن “الثورة القومية الديموقراطية العلمانية العربية حجر الزاوية، والحلقة المركزية، والمقدمة الحياتية اللازمة للثورة الاشتراكية”.
وينظر الى الثورة العربية الراهنة باعتبارها ثورة متواصلة ديموقراطية علمانية وحدوية واشتراكية المآل.. ويؤكد على أن:
** التأخر التاريخي الناجم عن هيمنة الأيديولوجيا التقليدية السلفية في نظرتها للطبيعة والمجتمع والانسان (والمرأة خاصة)، والعمل والفائدة…. هو قاعدة التخلف العربي الراهن.
** وفي التركيبة الطبقية، حيث نشوء طبقة عاملة يستوجب وجود طبقة رأسمالية متكاملة ومتجذرة.، ويتبين أن القوى الأساسية التي تستطيع تحقيق الثورة القومية الديموقراطية هي القوى الاشتراكية والقوى الوطنية الراديكالية المعادية للإمبريالية.
** وفي الواقع العربي: يعتبر الحزب أن محاولة النهوض العربية الثانية التي تمثلت بقيادة جمال عبد الناصر قد فشلت كما فشلت الحركات التي عاصرتها (الأحزاب الشيوعية السوفياتية، البعث، حركة القوميين العرب)، واستطالاتهم (حركة المقاومة الفلسطينية، والحركة الوطنية اللبنانية)، ويرى أن أسباب فشلها تعود إلى رؤيتها غير المطابقة للواقع، أو في عدم امتلاكها وعيا تاريخيا كونيا وحديثا، ـ أو في ممارساتها اللاعقلانية، واللاواقعية، واللاثورية.. ولكن عبد الناصر كان قد خطا نحو تشكيل دولة، وإن لم تكن دولة قومية حديثة، ولكن بعد سقوط محاولة عبد الناصر عاد الوضع العربي إلى مرحلة اللادولة، والواقع العربي الحالي في مرحلة تراجع وانهيار.
** وفي مواجهة الهجمة الصهيونية: يدعو الحزب إلى إزالة آثار عدوان 1967 بدون صلح أو اعتراف بإسرائيل، ولكنه وفي ظل كيزان القوى الحالي لا يدعو لمواجهة عسكرية مباشرة مع إسرائيل، بل يدعو الى انتهاج سياسة دفاعية رسمية وشعبية لمع الاستفادة من الأوضاع العربية والدولية للجم التوجهات العدوانية الإسرائيلية، وذلك ريثما يتحقق توازن حضاري وثقافي واقتصادي وعسكري مع إسرائيل.
** وفي القضية الفلسطينية: والموقف من حركة المقاومة، يرى الحزب أن على المقاومة الفلسطينية أن تعيد النظر في كافة مناهجها وبرامجها وممارساتها وتنظيماتها وبشكل خاص عليها أن تعي أن قضية فلسطين هي قضية عربية، وأنها أكبر من ايدي الفلسطينيين، وأن عليها أن تندمج في الوسط العربي في كافة الأقطار العربية التي تتواجد فيها لتشكل مع القوى العربية الديموقراطية حركتها الثورية العربية الديموقراطية الشاملة والعميقة، وعليها أن تعي أن لحرب التحرير الشعبية شروطا وظروفا لا تتوفر الآن في حربنا مع إسرائيل، وأن عليها أن تعمد حاليا إذكاء نار المقاومة في الأرض المحتلة.
** وفي القضية اللبنانية: يدعو الحزب الى إقامة لبنان المحرر الديموقراطي العربي، ويدعو إلى نهوض وطني ضمن الأقلية المارونية، والأغلبية السنية، وعدم الاعتماد على بناء لبنان على أساس التفوق العددي طائفيا.
** وعلى المستوى الدولي: يؤكد الحزب على أن مصلحتنا القومية تتوافق مع مصلحة الاتحاد السوفياتي، ويطالب الثورة العربية بانتهاج سياسة الصداقة والتعاون مع كافة الدول الاشتراكية ومع كافة الحركات القومية الديموقراطية والاشتراكية في العالم.
** وعلى مستوى القطر: يؤكد على أن أهم معالم الواقع الاقتصادي والاجتماعي هي:
التفجر السكاني، تدني متوسط دخل الفرد، سوء التغذية (الجوع)، وضعف الخدمات الصحية وتفاوتها، وأزمة السكن الحادة، وعجز السياسة التعليمية عن تحقيق تعليم عصري قومي تقدمي علمي، وضعف الاندماج الوطني، وبروز التشكيلات الطائفية والقومية والعشائرية والمذهبية، وتخلف المرأة السورية.
أما عن البنية الطبقية للمجتمع فليس هناك طبقات متميزة بممارساتها الطبقية السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وهناك تخلف في التكوين الطبقي، تخلف في قوى الإنتاج وعلاقات الإنتاج.
وهناك أيضا اختلال بين المدينة والريف، وتدن في مستوى الزراعة، بيروقراطية متخلفة، وتدن في القيمة الإنتاجية للقطاع الصناعي، وتبعية تجارية للسوق العالمية، واختلال حاد في ميزان المدفوعات.
وعلى المستوى السياسي: انغماس في المستنقع اللبناني، وإرهاب استبدادي شرعي، وغياب الدولة، وتسلط عسكري.
وأما على مستوى الأحزاب السياسية فيهاجم حزب البعث ويعتبره كما مهملا ملحقا بالسلطة العسكرية، ومتربطا بالأجهزة الأمنية.
ويعيب على الحزب الشيوعي افتقاده للمسألة القومية، وافتقاده للوعي بأهمية الديموقراطية على المستوى الشعبي والداخلية. ويهاجم لمعارضة الدينية باعتبارها سلفية.
ويهاجم وينتقد أخيرا الدور السوري في لبنان بسبب محاولته تمزيق الصف الوطني ووقوفه عند الهامش المسموح به دوليا.
وعلى المستوى السياسي والعملي، لا وجود سياسي أو شعبي للحزب، بينما تلعب بعض رموزه دورا ثقافيا محدودا، له بعض المعتقلين، تشكيلاته سرية، له تواجد محدود في جامعتي دمشق وحلب، وفي منطقة السويداء.