رجح مدير الأبحاث والتحليلات في المركز العربي بواشنطن عماد حرب أن الاتفاق بين السعودية وإيران سيساعد رئيس النظام السوري بشار الأسد على “استعادة مكانته داخل النظام السياسي العربي دون الحد من علاقاته الاستراتيجية القديمة مع طهران”.
في المقابل قال حرب، في تحليل نشره المركز وترجمه “الخليج الجديد”، إنه “من غير المؤكد ما إذا كان الانفراج بين السعودية وإيران سينعكس إيجابا على إجراء انتخابات رئاسية في لبنان”.
وفي 10 مارس/ آذار الجاري، وقّعت السعودية (ذات أغلبية سنية) وإيران (ذات أغلبية شيعية)، بوساطة صينية، اتفاقا لاستئناف علاقاتهما الدبلوماسية خلال أسبوعين، ما ينهي قطيعة استمرت 7 سنوات، منذ أن اقتحم محتجون سفارة المملكة بطهران، بعد أن أعدمت الرياض رجل الدين الشيعي السعودي نمر النمر مع مدانين آخرين، بينهم سُنة، بتهم منها الإرهاب.
حرب تابع: “يقف لبنان وسوريا في طليعة الدول التي ترتبط ارتباطا وثيقا بهما (السعودية وإيران) والتي ستتأثر بشكل كبير بنتائج اتفاق بكين وزيارة (الرئيس الإيراني إبراهيم) رئيسي المرتقبة إلى الرياض”.
وأردف: “كلا البلدين لهما روابط سياسية واقتصادية وثقافية ودينية قديمة مع السعودية وإيران، وكلاهما قد يجني فوائد كبيرة من التطورات الإيجابية، بينها الاستقرار والمساعدة المالية والسلام المدني”.
و”يُرجح أن الاتفاق السعودي الإيراني سيعجل بعودة سوريا إلى الصف العربي، لكن الدافع الرئيسي لهذه العودة، كان التغيير الجذري بين الدول العربية فيما يتعلق بالعلاقات مع سوريا”، وفقا لحرب.
وأضاف أن “الأسد زار سلطنة عمان مؤخرا، والتي لم تقطع علاقاتها الدبلوماسية مع بلاده، وكذلك زار الإمارات مرتين واجتمع مع رئيسها محمد بن زايد آل نهيان، كما زار دمشق وفد برلماني من العراق والأردن وفلسطين وليبيا ومصر وعمان ولبنان”.
وفي عام 2011 قطعت معظم الدول العربية علاقاتها مع رئيس النظام السوري، حين أقدم على استخدام القوة العسكرية لقمع احتجاجات شعبية مناهضة له تطالب بتداول سلمي للسلطة، مما زج بسوريا في حرب مدمرة.
مأزق لبنان
وفي لبنان، بحسب حرب، من المحتمل أن يؤثر الاتفاق السعودي الإيراني إيجابا على الأوضاع الراهنة، حيث يستمر الجمود السياسي والفراغ الرئاسي منذ أن انتهت ولاية الرئيس السابق ميشال عون بنهاية أكتوبر/ تشرين الأول الماضي.
ولفت إلى أن الأمين العام لجماعة “حزب الله” اللبنانية، أكبر قوة عسكرية وسياسية في البلاد والحليفة لإيران، حسن نصر الله، اعتبر أن الاتفاق “تطور جيد” يمكن أن تستفيد منه دول عديدة، بما فيها لبنان.
“لكن ليس من الصعب أيضا رؤية أن الاتفاق قد لا يؤدي إلى أي تأثير إيجابي على الأقل على المدى القصير؛ بسبب الظروف التي تؤثر على لبنان والتشابك الطائفي المتقاطع بين قواه السياسية العديدة”، بحسب حرب.
وأردف: “للجهات الفاعلة الخارجية، وخاصة السعودية وإيران، تأثير على الأحزاب اللبنانية، وبالتالي يمكن أن تساعد في توجيهها نحو التعاون، لكن نفوذ البلدين قد يواجه عقبات ناشئة عن المصالح السياسية الطائفية للأحزاب وأجنداتها المتنافسة”.
وأضاف أنه “مما يضاعف هذه الاعتبارات الأثر المصاحب للاتفاق على سوريا، التي لها علاقات وثيقة مع بعض الأطراف اللبنانية المؤثرة وعلاقات خصومة مع أطراف لبنانية أخرى”.
وبجانب أزمته السياسية، يعاني لبنان من أزمة اقتصادية حادة غير مسبوقة، مما أدى إلى انهيار قيمة عملته الليرة وشح في الأدوية والوقود وسلع أساسية أخرى إلى جانب هبوط حاد في القدرة الشرائية.
الفراغ الرئاسي
وقال حرب إنه “على رأس القضايا التي تنتظر نوعا من الحل في لبنان مسألة انتخاب رئيس للجمهورية”.
وتابع أنه “في حين أن هذه الانتخابات ليست العائق الخطير الوحيد على طريق تعافي لبنان، فمن المرجح أن يسهل نجاحها تخفيف المأزق السياسي العام. ومع عدم ظهور أي بوادر على انتهاء الفراغ الرئاسي، لا تستطيع حكومة تصريف الأعمال برئاسة نجيب ميقاتي، السلطة التنفيذية في البلاد، حتى الاتفاق على الإجراءات التنفيذية الضرورية بسبب الدفع والجذب بين الأيديولوجيات والمصالح المتنافسة بين أعضائها”.
ولفت إلى أنه “لا يمكن تشكيل حكومة جديدة لصياغة أجندة الإصلاح الاقتصادي، التي يطالب بها صندوق النقد الدولي، بدون رئيس منتخب حسب الدستور”.
وقال حرب إنه “من الصعب تصديق أن إيران ستضغط على حزب الله للتخلي عن مطالبته برئيس يحميه، فالقيام بذلك سيكون بمثابة التخلي عن أجندتها الخاصة بمقاومة إسرائيل والولايات المتحدة، كما أنه يشبه الاستسلام لخصوم الحزب اللبنانيين الذين يطالبون منذ وقت طويل بنزع سلاحه”.
و”من ناحية أخرى، من الصعب أن نتخيل أن السعودية ستقبل بسيطرة حزب الله الكاملة والمفتوحة على لبنان، خاصة وأن الحزب أحرق منذ فترة طويلة جسوره مع الرياض”، وفقا لحرب.
وخلص إلى أن “هناك احتمال واضح بأن لبنان سينتظر وقتا طويلا قبل أن يتمكن من استكمال انتخاباته الرئاسية، بغض النظر عن نتيجة التقارب السعودي الإيراني”.
المصدر | عماد حرب/ المركز العربي بواشنطن- ترجمة وتحرير الخليج الجديد