رأي كينيث كاتزمان محلل شؤون الشرق الأوسط بمنتدى الخليج الدولي، أن اتفاق استعادة العلاقات الدبلوماسية بين إيران والسعودية يمثل خطوة إيجابية لخفض التوترات فى الخليج، لكنه قد يشعلها في مناطق أخرى بالشرق الأوسط.
وأوضح كاتزمان أن الاتفاق الذي توسطت فيه الصين، لن يغير قواعد اللعبة بالنسبة للقوة الرئيسية في المنطقة، لا سيما فيما يتعلق النفوذ الأمريكي بالخليج.
وأضاف أن الاتفاق نفسه قد يكون عرضة للانهيار المفاجئ، كما حدث في عدة مناسبات في الماضي نتيجة إعدام السعودية لمعارضين شيعة بارزين، أو المظاهرات التي ينفذها الحجاج الإيرانيون خلال المناسك، أو هجمات الحوثيين -المدعومين من إيران- على على المملكة.
ولفت كاتزمان أن الاتفاق لا يمنح الصين عباءة الضامن لأمن الخليج، بل يشير إلى أن الصين تريد توسيع دورها كقوة عالمية ليشمل الخليج.
وعقب أن الولايات المتحدة لا تزال تحتفظ بأكثر من 35 ألف فرد عسكري في قواعد ومنشآت مختلفة في جميع أنحاء الخليج.
كما لا يوجد للصين وجود عسكري دائم كبير في الخليج، على الرغم من أنها سعت إلى بناء قاعدة في الإمارات وساعدت السعودية على تطوير قدرة على إنتاج صواريخ باليستية محليًا.
وإدراكًا منهم أن أولوية الولايات المتحدة في الخليج لا تتعرض للتهديد الوشيك من قبل الصين، فقد أعرب المسؤولون الأمريكيون عن دعمهم للاتفاق السعودي الإيراني.
واعتبر المسؤولون أن الاتفاق فرصة لتقليل التوترات في الخليج، وتسهيل تسوية الحرب المتواصلة منذ فترة طويلة في اليمن، بجانب ذلك يعطي فرصة للغرب للتركيز على الأزمة الأكثر إلحاحًا في أوكرانيا دون التعرض لخطر التشتيت بسبب حالة الطوارئ في الخليج.
وذكر المحلل أنه حتى حال تنفيذ الاتفاق السعودي الإيراني واستمراره فإنه لن يؤدي إلى قطع العلاقات والتعاون الأمني الواسع والطويل الأمد بين الرياض وواشنطن، بما في ذلك تسريع الجهود لتطوير الدفاع الجوي والصاروخي المتكامل. ولن يعرقل الاتفاق أي مبيعات أسلحة أمريكية مستقبلية للمملكة.
وعلى صعيد آخر، فعلى الرغم من أن الاتفاق يخفف جزئيا العزلة العالمية التي تواجها إيران، إلا أنه لا يغير سياسة الولايات المتحدة تجاه إيران بأي شكل ملموس.
وأضاف أن الولايات المتحدة ليست ملزمة – سواء بموجب الاتفاق أو بأي مناقشات غير رسمية منفصلة مع الرياض- لتخفيف أي من عقوباتها الشاملة متعددة القطاعات على إيران.
علاوة على ذلك، فإن المجموعة الواسعة من العقوبات الثانوية الأمريكية على إيران، والتي تمنح الشركاء الإيرانيين المحتملين خيارًا فعليًا بين الانحياز إلى طهران أو واشنطن، من المرجح أن تكون بمثابة كابح أمام الاستثمار السعودي في إيران.
كما أنه من غير المرجح أن تقلل المصالحة الإيرانية السعودية من فرص قيام الكونجرس الأمريكي بفرض عقوبات إضافية على إيران بسبب إمدادها روسيا بطائرات مسيرة مسلحة، وقمعها للمتظاهرين، وغير ذلك من التجاوزات المتصورة.
وإضافة إلي ذلك لن يتأثر الدعم الكبير في الكونجرس للدعم الأمريكي الصريح والمادي لخصوم النظام الإيراني من خلال المصالحة الإيرانية السعودية، على الرغم من أن الولايات المتحدة لديها قدرة قليلة على التأثير على الأحداث السياسية المحلية داخل إيران.
ونظرًا لعدم وجود أي تنازلات أمريكية أخرى معروضة على طهران، فمن غير المرجح أن يدفع الاتفاق مع السعودية إيران إلى قبول المقترحات المطروحة على الطاولة لاستعادة الاتفاقية النووية متعددة الأطراف لعام 2015.
على الرغم من أن المصالحة الإيرانية السعودية قد لا تغير المشهد الجيوسياسي للخليج، إلا أن الاتفاق قلب الحسابات الأمنية لإسرائيل، الشريك الرئيسي للولايات المتحدة.
كانت تل أبيب تأمل في أن يستمر تعاونها الهادئ مع الرياض في التوسع وإضفاء الطابع المؤسسي. وتوجه مصالحة المملكة مع طهران – التي يعتبر برنامجها النووي تل أبيب “تهديدًا وجوديًا” – ضربة خطيرة لتطلعات إسرائيل في تطبيع علاقاتها مع السعودية.
على الرغم من أن الاتفاقية لن توقف التوسع التدريجي للتعاون بين إسرائيل والسعودية ، يبدو أن الاتفاقية تشير بالتأكيد إلى أن السعودية لن تدعم العمل العسكري الإسرائيلي ضد برنامج إيران النووي.
كما تعارض الولايات المتحدة العمل العسكري الإسرائيلي ضد المنشآت النووية الإيرانية، لذا فإن إصلاح السعودية لعلاقاتها مع إيران لا يضيف بشكل ملموس إلى القيود التي تفرضها واشنطن بالفعل على إسرائيل.
لكن إسرائيل أبدت استعدادها لتجاهل مخاوف الولايات المتحدة في الماضي من خلال التصرف بشكل حاسم عندما ترى أن مصالحها الأساسية مهددة ، ومن غير المرجح أن تؤثر الصفقة الإيرانية السعودية على تصورات إسرائيل لمصالحها الأساسية.
وخلص كاتزمان إلي أنه في حين أن الصفقة التي توسطت فيها بكين تعد بخفض حدة التوتر بين القوتين الرئيسيتين في الخليج ، تظل التوترات عالية في جميع أنحاء المنطقة – ويواجه التنفيذ الكامل للاتفاقية تحديات كبيرة.
المصدر | كينيث كاتزمان/ منتدى الخليج الدولي- ترجمة وتحرير الخليج الجديد