يبدو أنه من الصعب التخيل أن دولة ذات تعدد ديني وعرقي وثقافي في الواقع تعتدي على أحد الأديان وهو الإسلام. ولكن عند الدراسة المفصلة لجوهر سلطة تلك الدولة إن كانت سوفيتية أو روسية فيتضح أنها لا تتميز بمعايير أخلاقية عالية بل بالنعرات الدينية والفتنة الطائفية لأن إثارتها كانت ولا تزال تساهم في إنشاء نظام استبدادي وقمعي.
منذ قومة روسيا الاتحادية نشأ في المجتمع الروسي عدم التسامح العرقي والديني على الصعيد الإعلامي بحيث ظهرت كليشيهات من قبيل “شخص من العرقية القوقازية” وغيرها، وذلك لصرف انتباه المجتمع عن المشاكل الاقتصادية والسياسية الداخلية من جهة وتعزيز تدابير السيطرة على المجتمع من جهة أخرى.
بالإضافة إلى ذلك، استخدمت روسيا تلك الخلافات العرقية والدينية لشن الحروب والاستفزازات وتزييف الأخبار والتلاعبات. على سبيل المثال، كان لعامل الكراهية العرقية دور إعلامي مهم للغاية خلال الحربين الشيشانية الأولى والثانية أكبر بحيث شوه جوهر الأحداث الجارية أنذاك وكان ذريعة لارتكاب إبادة جماعية بحق الشعب الشيشاني.
لم يتوقف الجيش الروسي أمام مسح المدن السورية بأكملها عن وجه الأرض عن طريق القصف المكثف لها وتدمير المدارس والمستشفيات والمناطق السكنية بحيث جلبوا إلى الشعب السوري المحن والمعانات التي لا تقل عن تلك التي جلبها الدكتاتور السوري بشار الأسد.
وتأتي مثالاً آخر الأحداث التي وقعت في كاراباخ عام 2020 خلال الحرب التي استمرت 44 يوماً حينئذ نشر مروجو الدعاية الروسية أخباراً مزيقة ومقاطع فيديو مفبركة مفادها أن القوات الأذربيجانية تقصف الأماكن الدينية والكنائس المسيحية وحتى المساجد. وقصفت التشكيلات المسلحة الأرمينية غير الشرعية في كاراباخ المسجد الإيراني القديم في شوشه عمداً وألقت اللوم على الجيش الأذربيجاني. ومن غرض ذلك إثارة عدم الثقة في العالم الإسلامي تجاه الأذربيجانيين وتشويه سمعتهم في عيون إخوانهم المؤمنين.
وابتداء من عام 2023 يشهد العالم سلسلة من إحراق نسخ المصحف الشريف حينما قام المدعو راسموس بالودان بإحراق نسخ من القرآن على مرأى الناس أمام السفارة التركية في السويد. وزعم أنه فعل ذلك رداً على مماطلة أنقرة وتترددها فيما يتعلق بقبول السويد في حلف الناتو، لكن في الحقيقة، ما كانت أفعاله سوى استفزازات.
وبات معلوماً أن راسموس بالودان تربطه علاقة وثيقة بالمخابرات الروسية ويلتقي بممثلي شركة “فاغنر” الروسية العسكرية الخاصة. ومن البديهي أنه وقع دمية في يد المخابرات الروسية في لعبة تشويه سمعة السويد وأصبحت نسخ من القرآن الكريم أداة له.
تتداول مواقع التواصل الاجتماعي هذا الأسبوع مقاطع فيديو تظهر جنوداً أوكرانيين يقطعون شحم الخنزير على المصحف ويشعلون النار بأوراق منه ويستخدمونه للاحتياجات الشخصية. ومن اللافت أنهم يستخدمون بسكين صينية من العلامة التجارية “كولومبيا” وهي الماركة التي زودت بها قوات “أخمات” الشيشانية الخاصةـ بالإضافة إلى لكنتهم التي لا تشبه اللغة الأوكرانية.
وبالتالي، لا تثير تلك المقاطع سوى شكوك في صحتها إذ لا يمكن أن يصدقها أحد وحتى أطفال صغار. وهذه هي الحالة عندما يحاول الشرير أن يلقي اللوم على شخص آخر في حين كل الدلائل تدل عليه.
إذن، ما هي روسيا الحديثة إن لم تكن عدواً للإسلام؟ إنها مستعدة لتدنيس الأماكن والكتب المقدسة الإسلامية وقتل المسلمين لتحقيق أهدافها أينما كانت في كاراباخ أو في سوريا أو أوكرانيا.
المصدر: الخبير العسكري ألكسندر كوفالينكو