منذ أن ظهرت صور وفيديوهات الأطفال الذين تم ويتم إنقاذهم، تتالت صيحات وطلبات تبني هؤلاء الأطفال من قبل أشخاص أو مجموعات، بالرغم من النيّة الحقيقية والصادقة عند الناس، لكن لا يُخفى ضمن هذه الطلبات، التخوف من جرائم الإتجار بالأطفال.
تنبهت إلى ذلك الاتفاقيات الدولية من مثل اتفاقية حقوق الطفل، والبروتوكولات الاختيارية التابعة للاتفاقية، والتي تحمي الأطفال من الاتجار بهم واستغلالهم، فقد أكّدت الاتفاقية على عدة نقاط لحماية الأطفال في حال التبني، ووضعت شروطاً واضحة وحمائية للأطفال، من مثل أن يكون الطفل في وضع مناسب للتبني، بعد توفر جهود حقيقية للبحث عن أسرة الطفل المراد تبنيه، ومحاولة جمع ولم شمل أسرة هذا الطفل.
كما تخوّفت الاتفاقية من العنف ضد الأطفال الأيتام، ففي التقرير الخاص بالجلسة الخامسة والعشرين ضمن لجنة حقوق الطفل عام 2000م علقت بما يلي”لسوء الحظ فإن الأطفال المحرومين من حماية الأسرة، هم في الغالب الضحايا الأكثر شيوعاً بالنسبة لأسوأ أشكال المعاملة والإساءة، إما على أيدي كوادر اجهزة الدولة، وإما تصبح ممكنة بسبب موافقة الدولة أو تسامحها أو ‘همالها”
وأعربت اللجنة عن قلقها إزاء انتهاكات حقوق الطفل، التي تحدث في محيط الرعاية البديلة، و الافتقار لمراقبة الأطفال بشكل منهجي مع هؤلاء الذين يعيشون في المؤسسات، أو الأسر البديلة غير الرسمية، وافتقار الأطفال للعاطفة.
ونوّهت الاتفاقية إلى نظام الكفالة، واعتبرته جيداً، على أن تنظم طرق لإيصال شكاوى الأطفال حول سوء المعاملة في مراكز الرعاية.
عن الوضع في سوريا
بالنسبة ل “سورية”، مثل العديد من الدول العربية، تحفظت على نظام التبني، وأيدت طريقة كفالة اليتيم، وكان القانون قد قسّم الأطفال لنوعين: مجهولي النسب والأيتام، أما مجهولي النسب فهم الذين واللواتي لا يعرف عن اهلهم شيء، وهم عادة ضحايا الحروب والكوارث الطبيعية والتخي/ الترك، ويتم ايداعهم في دور تسمى دور (اللقطاء)، ولا يخفى كم من العنف في هذه التسمية، لذلك جاء القانون الجديد عام 2023 ليراعي هذه الحالات.
أما الأيتام فهم الذين يعرف أحد أبويهم أو كلاهما معاً، وقد يتم إيداعهم من قبل الأهل أو العائلة الكبرى لعدم وجود من يرعاهم، ويتم إيداعهم في دور الأيتام أو قرى الأطفال التي ترعاها الأمم المتحدةال sos.
وقد تساءل الناس كثيراً بعد كارثة الزلزال، عن مصير الأطفال الضحايا الذين ضاعت معالم أهلهم، ولم يعرف لهم أهل، أو الأطفال الذين مات آباؤهم، لكن تم التعرف عليهم من قبل عائلتهم الكبرى، أو الجيران والأقارب.
الطفل مجهول النسب
كيف يُمكن التعامل مع الطفل الذي يتم العثور عليه وفق قانون الأحوال المدنية 2021 م:
المادة (29)
أ- يجـب على من يعثر على مجهـول النسـب، أن يقـوم بتبليغ الشرطة أو المختار، فـور عثوره عليه ليتم تنظيـم الضبـط اللازم بذلك، ومن ثم يتم تسليمه إلى إحـدى المـؤسسـات، أو الأشخـاص الذيـن تعتمدهـم وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل.
ب- تنظم المؤسسة أو الشخص المذكور فـي الفقرة (أ) شهـادة ولادة، ويسجـل فـي السجـل المدنـي، بعد أن يقوم رئيـس المركز باختيار اسـم له، ولكـل من والديه، ونسبـة والدتـه، واسم جـد، ويكـون اسم الجد نسبـة لـه، أو مـا تقترحـه دور الرعايـة بالنسبـة لاسـم مجهول النسـب فقط.
ج- يجب ألّا تذكر عبارة مجهول النسب في الوثائق التي تمنح له.
د- يعتبر مجهـول النسب عربيـاً سوريـاً مسلماً، ومولوداً فـي سورية وفـي المكـان الـذي عثر عليـه فيـه، ما لم يثبت خلاف ذلك.
الطفل مجهول النسب وفق هذا القانون:
ه- يعد بحكم مجهول النسب:
1- الطفل المجهول النسب، ولا يوجد من يقوم بإعالته شرعاً.
2- الطفـل الـذي يضل الطريـق، ولا يملك المقدرة للإرشاد عن ذويه، لصغر سنه أو ضعفـه العقلـي، أو لأنه أصم أبكم، ولا يحاول أهله استرداده.
لحن الحياة والطفل مجهول النسب وفق المرسوم التشريعي رقم (2) عام 2023
يتم تعريف مجهول النسب بأنه: الطفل الذي يُعثر عليه، ولم يعرف والداه أو لم يثبت نسبه.
الأسرة البديلة: الزوجان، أو المرأة التي لا زوج لها، ممن يعهد إليهم رعاية الطفل مجهول النسب.
مؤسسة الرعاية: مؤسسة تقدم الرعاية للأطفال، سواء أكانت عامة أم خاصة أم أهلية، يعهد إليها رعاية الطفل مجهول النسب.
الإلحاق: توفير الرعاية البديلة للطفل مجهول النسب، ضمن أسرة بديلة، أو في مؤسسة رعاية.
المنظمات غير الحكومية: الجمعيات والمؤسسات الخاصة، المشهرة وفق أحكام القانون رقم “93” لعام 1958 وتعديلاته.
المادة 3:
أ. يطبق هذا المرسوم التشريعي على الطفل مجهول النسب، ومن في حكمه.
ب. يعد بحكم مجهول النسب:
الطفل مجهول النسب، ولا يوجد من يقوم بإعالته شرعاً.
الطفل الذي يضل الطريق، ولا يملك المقدرة على الإرشاد عن ذويه لصغر سنّه، أو ضعفه العقلي، أو لأنّه أصم أبكم لا يحاول أهله استرداده.
الفصل الرابع
الهيئة الناظمة لشؤون الأطفال مجهولي النسب
المادة 7:
أ. تحدث في الجمهورية العربية السورية هيئة عامة ذات طابع إداري تسمى “بيوت لحن الحياة”، تتمتع بالشخصية الاعتبارية والاستقلال الإداري والمالي، ترتبط بالوزير، ويكون مقرها ريف دمشق.
ب. تعد “بيوت لحن الحياة” الجهة المخولة قانوناً بكل ما يتعلق بالأطفال مجهولي النسب على كافة أراضي الجمهورية العربية السورية.
الخطوات القانونية الواجبة عند العثور على طفل
وهنا يتم السؤال كثيراً عن الخطوات القانونية الواجب القيام بها، من قبل من يعثر على طفل.
يقول الفصل الخامس من القانون في المادة 18:
أ. على كل من يعثر على طفل مجهول النسب أن يبلغ أقرب وحدة شرطية، أو يسلمه إليها فور عثوره عليه مع الملابس التي كان يرتديها، وجميع الأشياء الأخرى التي وجدها معه، أو بالقرب منه.
ب. يقوم رئيس الوحدة الشرطية في الحال بإعلام كل من النيابة العامّة، وبيوت لحن الحياة بالعثور على الطفل مجهول النسب.
ج. تقوم الوحدة الشرطية على الفور بتنظيم ضبط أصولي بالواقعة، وتحدد التعليمات التنفيذية الأوصاف والبيانات التي يجب أن ترد في الضبط.
د. تقوم الوحدة الشرطية بوضع الطفل مجهول النسب في إحدى المشافي العامة، في المحافظة التي عثر عليه فيها، ريثما يتم تسليمه لبيوت لحن الحياة.
هـ. تلتزم المشافي العامة باستقبال الطفل مجهول النسب، وإجراء الفحوصات اللازمة له، وتنظيم تقرير من الطبابة الشرعية بحالته الصحيّة.
و. تلتزم المشافي العامة باحتضان الطفل مجهول النسب والعناية به، لحين استقرار وضعه الصحي، واستكمال إجراءات نقله إلى بيوت لحن الحياة خلال ثمان وأربعين ساعة، ما لم تستدعِ حالة الطفل الصحية غير ذلك.
ز. يسلم الطفل مجهول النسب إلى بيوت لحن الحياة مع تقرير الطبابة الشرعية، وضبط الشرطة وقرار النيابة العامة بالتسليم.
ح. يُحظّر الاطلاع على ضبط العثور إلا بأمر من النيابة العامّة، أو المحكمة المختصة.
بيوت لحن الحياة هي المعنية أولاً في الطفل مجهول النسب
تقول المادة 19:
تتولى بيوت لحن الحياة عند استلام الطفل مجهول النسب الآتي:
أ. اختيار اسم مُناسب له.
ب. تنظيم شهادة ولادة للطفل مجهول النسب.
ج. تسجيل الطفل مجهول النسب وفق قانون الأحوال المدنية.
المادة 20:
يعدّ مكان العثور على الطفل مجهول النسب هو مكان ولادته، ما لم يثبت خلاف ذلك.
المادة 21:
يُعدُّ الطفل مجهول النسب عربياً سورياً، ما لم يثبت خلاف ذلك بحكم قضائي قطعي.
المادة 22:
يُعدُّ الطفل مجهول النسب مُسلماً، ما لم يثبت خلاف ذلك.
المادة 30:
يلحق الطفل مجهول النسب بأسرة بديلة، أو بمؤسسة رعاية بموجب عقد إلحاق، وتبين التعليمات التنفيذية وثائق وإجراءات الإلحاق.
المادة 31:
يستمر عقد الإلحاق حتى إتمام الطفل مجهول النسب الثامنة عشرة من عمره، ويتم خلال تلك المدة متابعة شؤون رعاية الطفل الملحق، عبر تقييم وضعه دورياً، وتحدد التعليمات التنفيذية إجراءات المتابعة والتقييم.
المادة 32:
أ. يلحق الطفل مجهول النسب الذي لم يبلغ السابعة من العمر بأسرة بديلة.
ب. يلحق الطفل مجهول النسب الذي بلغ السابعة من العمر فما فوق بمؤسسة رعاية.
ج. يلحق الطفل مجهول النسب بمؤسسة رعاية دون التقيد بشرط العمر، وفق الحالات المحددة في التعليمات التنفيذية.
الشروط الواجبة في الأسرة البديلة:
وهي الأسرة التي يمكن أن ترعى الطفل، لكن عن طريق مؤسسة لحن الحياة، وعبر عقد يسمى “عقد الإلحاق”، ويشترط عدد من الشروط تم ذكرها في المادة 34:
يُشترط في الأسرة البديلة (الزوج والزوجة) طالبة الإلحاق الشروط الآتية:
أ. أن يكون كلاهما من حاملي الجنسية العربية السورية، أو من في حكمهما، ويُقيمان ضمن أراضي الجمهورية العربية السورية.
ب. أن يكون الزوجان مُتحدين في الدين مع الطفل مجهول النسب.
ج. ألّا يقل سن كل منهما عن ثلاثين عاماً، ولا يتجاوزان خمسة وخمسين عاماً.
د. ألّا يكون أي منهما محكوماً بجناية أو جنحة.
هـ. أن يكون قد مضى على زواجهما خمس سنوات على الأقل، وتكون المدة ثلاث سنوات إذا ثبت بشهادة صحية عدم القدرة على الإنجاب.
و. أن يثبت خلوّهما من الأمراض السارية، أو المعدية، أو من أي مرض قد يؤثر على صحة الطفل مجهول النسب وسلامته.
ز. القدرة على الإنفاق على الطفل مجهول النسب.
المادة 35:
يشترط في الأسرة البديلة (المرأة التي لا زوج لها) طالبة الإلحاق، بالإضافة إلى الشروط المذكورة في المادة (34) من هذا المرسوم التشريعي، باستثناء شرطي الزواج والعمر، ألا يقل عمرها عن أربعين عاماً إذا كانت المرأة غير متزوجة، أو ألا يقل عن ثلاثين عاماً إذا كانت المرأة مطلقة أو أرملة غير قادرة على الإنجاب، وفي كل الحالات يجب ألا يتجاوز عمرها خمسين عاماً.
كفالة الطفل فاقد الرعاية ضمن قانون حقوق الطفل
فاقد الرعاية وفق القانون رقم (21) المتضمن قانون حقوق الطفل 2022م.
تكفل الدولة توفير رعاية بديلة مناسبة للطفل.
–المادة 43
تهدف الرعاية البديلة إلى تقديم جميع أشكال الحماية، والرعاية للطفل فاقد الرعاية الأسرية.
2- الأسرة الممتدة هي الخيار الأنسب للرعاية البديلة، وفق معياري درجة القرابة والكفاءة.
4- الحفاظ على نَسَبِ الطفل وفق الحقوق الشرعية.
5- تُراعى المَحرمية عند اختيار أحد أشكال الرعاية البديلة.
6- يُفضل رعاية أطفال الأسرة في مكان واحد.
ب- تلتزم الجهات المنفذة للرعاية البديلة بحق الطفل في رعاية كريمة من دون تمييز، وضمان سلامته، وصحته، ونموه، وتعليمه ورفاهيته.
كل ذلك وفق القوانين السورية يحكم السوريين، والأطفال في سورية ضمن الأراضي السورية.
ملاحظة: لم تصدر التعليمات التنفيذية بعد للقانون الجديد.
*المحامية: رهادة عبدوش، مسؤول الشؤون القانونية في مؤسسة نداء.