تطرح الصحافة العالمية، بما فيها الروسية، تساؤلاتٍ جدّية بشأن مصير بشار الأسد. وتدور سجالات وحوارات عديدة، تتناول شتى الافتراضات المتعلقة به، وبما إذا كان سيبقى في الموقع الذي ورثه عن أبيه.
يقتصر الحديث في هذه التساؤلات على الأسد وروسيا، الدولة التي أنقذته، ويقال إنها أخذت تفكّر بتغيير موقفها منه، من دون أن تتخلى بالضرورة عنه، على الرغم من تراجع ثقتها به، الذي يُحتمل أن ينتهي بإخراجه من السلطة، كما قال الموسادي الإسرائيلي، إيدي كوهين، الذي ما أن أقاله ورشّح بديلا له، حتى بادر نفر من السوريين إلى إعلان نجاحهم في الانتخابات التي قد تجري بعد نيف وعام، وشاهد الشعب وجوههم أول مرة في التاريخ السوري القديم والمعاصر!
ماذا لو حدث شيءٌ آخر، كأن يستبدل بشار بشقيقه، فيبقي الوضع على حاله، وتعزّز طهران وضعها السوري، وترفع “سعرها” عند موسكو وواشنطن وأنقرة وتل أبيب، وتفتح بابا للخروج من مأزقها السوري العصيب، عبر صفقةٍ مع موسكو تتعهد فيها بمساعدة بوتين على تحقيق هدفيه: الانفراد بسورية، ودعم مشروعه لاستعادة حضور ونفوذ السوفيات السابقين في الدول العربية، مقابل عدم تعاونه مع واشنطن على إخراجها من سورية. سيكون هذا العرض مغريا لروسيا، ومثله العرض الذي يمكنها أن تقدمه عندئذ لواشنطن، ويقوم على القبول بتفكيك دورها السوري في مقابل مبادرة واشنطن إلى تفكيك عقوباتها عليها، وقبول الملالي الانخراط في تعاون استراتيجي واسع مع إسرائيل، يتم بواسطة البيت الأبيض وتحت إشرافه، هدفه عدوهما المشترك: العالم العربي الذي سيوضع تحت يدها، من دون أن تتعب نفسها معه، ما دامت ستنسق خطط وبرامج قيامهما بضبط حركته التي ستوسع كثيرا دور إسرائيل فيه، وسيجعل منها سيدة المنطقة بتعاون آيات الله الذين يسيطرون على شرقها.
ماذا يبقى لإيران إن بقيت مكتوفة اليدين، ونجحت روسيا بإبقاء بشار وأصلحت نظامه، وتعاونت مع أميركا لإخراجها من سورية، تنفيذا لطلب يقدمه النظام الجديد؟ وهل لدى طهران أي بديل لانفجار داخلي، غير رفع الحصار الأميركي والتعاون مع إسرائيل، والقيام بإجراء استباقي تستبدل بواسطته الصفقة الأميركية الروسية المحتملة ضدها بصفقةٍ تنجزها هي مع واشنطن، تزيح بشار، وتقوّي وضع حرسها الثوري فترة تتفق خلالها مع واشنطن، من دون أن تقطع مع موسكو، أو تهدّد موقعها السوري الذي تعرّض لتهديداتٍ أطلقها بهجت سليمان، لواء المخابرات المتقاعد الذي قال كلاما خطيرا عن طردها من سورية خلال نصف ساعة!
ما الذي يمنع إيران من القيام بخطوة استباقية، تحولها من أداة بيد الآخرين إلى طرف فاعل، ولديه خيارات مرشحة لقلب وضعه العام، العصيب، ولا بد أن تخرج منه إلى فرصةٍ قد تستمر سنوات مقبلة، من دون أن تتطلب إخراجها من جوارها، وتدفع الأمور باتجاه إعادة هيكلة دورها في إطار علاقات جديدة، على العكس مما سيحدث، إذا ما نجح الخيار الروسي، وأحكم بوتين قبضته على سورية عبر ما يشاع اليوم عن مفاوضات عن صفقةٍ تمهد لحل دولي شامل لمشكلاتها، إن قاومته تعاون الجميع على طردها من سورية باعتبارها عدوة للسلام، وإن قبلته تعرّضت لنتائج كارثية تعمّق أزماتها وتجعلها قاتلة.
أنصح طهران بالتحرّك قبل فوات الوقت، وبضرورة أن تتحرّك بين شهر يوليو/ تموز المقبل، حسب نصيحة الموسادي كوهين، وآخر العام، حسب أقوال العارفين بخبايا السجال الأميركي/ الروسي/ التركي الراهن وآرائهم بشأن توزيع الكعكة السورية.
هل تتحرّك إيران، وتعلن قريبا نبأ تولي ماهر الأسد الرئاسة، في نقلةٍ تقلب الطاولة على رؤوس من يخطّطون لإخراجها من مستعمرة الولي الفقيه، فيحدث تغيير جدّي في وضعها السوري وعلاقات الآخرين معها، ويتم إنقاذ نظام وليها الفقيه.
المصدر: العربي الجديد