كثرت التحليلات وتزايد المحللون الذين يدلون بدلوهم في الأوضاع السورية ومآلاتها والنتائج المرتقبة خلال الأيام والأشهر القادمة. كل ذلك يأتي نتيجة حراك مستجد لأطراف المسالة السورية نتيجة الأوضاع المأزومة في الشمال السوري امتدادًا من مناطق سيطرة قسد في الحسكة والرقة ودير الزور بما فيها من مناطق تماس لأجزاء من الحدود التركية السورية إلى إمارة جبهة النصرة في إدلب ومناطق سيطرة الجيش الوطني المدعوم من تركيا في باقي المناطق الخارجة عن سيطرة النظام، ورغم الاتفاق بين تركيا وروسيا في سوتشي على إبعاد إرهابيي قسد من قوات بي كي كي وبي واي دي عن الحدود التركية لمسافة 30 كم إلا أن الروس لم ينفذوا هذه الاتفاقات وبقيت قوات مايسمى قسد تهدد هذه المناطق وسكانها بشكل يومي تقريبًا وتمنع استقرار هذه المناطق التي تسعى تركيا إلى توطين جزء من اللاجئين السوريين على أراضيها في هذه المناطق التي نزحوا منها أصلًا نتيجة عدوان النظام السوري المجرم على شعبه منذ عام 2011، وبعد تكرار عدوان قوات قسد على هذه المناطق التي توجت بالتفجير الإرهابي في وسط اسطنبول وفي أهم ساحاتها وهي ساحة تقسيم والذي أودى بحياة العديد من القتلى مع أعداد كبيرة من الجرحى واعتراف المنفذين بأنهم يتبعون قسد، جددت القيادة التركية مطالبتها بتنفيذ تلك الاتفاقات أو أنها ستقوم بعملية عسكرية لتنفذ هذا الاتفاق بالقوة، لذلك نرى هذه التحركات العالمية لتلافي هذه العملية، ومع أن الجميع يقر بالمطالب التركية المشروعة بحماية أمن حدودها الجنوبية الطويلة مع سورية، إلاّ أنهم يحاولون بطرق شتى الالتفاف على هذه المطالب، فروسيا تقترح محادثات مباشرة بين النظام وتركيا بوساطتها لحل هذه الإشكالات، ومع استعداد القيادة التركية وتعنت النظام ورفضه لهذه الوساطة تراوح الأزمة مكانها دون حل، وعلى الطريقة الروسية بتمييع الأمور يبقى التوتر وتبقى الأمور معلقة، ومع أن قرار قسد بيد أميركا وقرار النظام ليس بيده مع تعدد الاحتلالات التي تجسم على صدر الوطن من روسية وإيرانية متضاربة أحيانًا ومتوافقة في أحيان أخرى لايبدو أن هناك حل لأزمة الشمال أو المسألة السورية عمومًا يلوح في الأفق وتبقى المعضلة السورية بدون حل رغم تفاؤل المتفائلين، فليس هناك بوادر تدل على أي حل، ولكن الواضح أن الضغوط تزداد على النظام من أميركا في قانون الكبتاغون الجديد الذي أقره الكونغرس الأميركي بغرفتيه الذي صنف رئيس النظام السوري كمنتج ومهرب للمخدرات وليس كرئيس دولة، كما من الواضح أنه حتى حلفاء النظام لم يعودوا قادرين أو راغبين في حل أزماته المستعصية مع تعنته، أما جميع المبادرات، ويبدو أنهم لا يدرون أن قبوله بأي مبادرة سيعجل برحيله المحتوم.
نحن ندرك تمامًا أن العلاقات بين الدول قائمة على تبادل المصالح، ومن مصلحة سورية وتركيا محاصرة قسد وتحطيم نفوذها الساعي إلى إقامة كيان انفصالي في المناطق التي أتاح لها التحالف الدولي بقيادة أميركا السيطرة عليها، فقسد لاتمثل معارضة سورية لنظام الإجرام في دمشق وهو الذي سهل لها الدخول لهذه المناطق تحت مسمى محاربة الإرهاب وليبعد المعارضة الحقيقية عن هذه المناطق، فهل يمكن أن نرى في ظل هذه الظروف أي حل لمشاكل الشمال أو للمعضلة السورية بشكل كامل؟ عندما يكون هناك تباشير لحل يجب أن تكون هناك مقدمات لهذا الحل، ولكننا لانرى في الوضع السوري إلا المزيد من الاستعصاء والمزيد من الفشل والمزيد من الضغط على شعبنا في الداخل وفي أماكن النزوح واللجوء من غلاء ومحاصرة وانعدام الأمن، وهذا لايعطي أي مؤشر على أن هناك أمل في انفراج قريب. أعان الله سورية وخلصها من النظام المجرم الذي بسقوطه ستفتح أبواب الحل لمعضلتنا التي طالت.
المصدر: إشراق