تزايدت مخاوف المواطنين في سورية من إعلان نظام بشار الأسد الإفلاس المالي أو عدم القدرة على دفع الرواتب لنحو 1.8 مليون موظف حكومي.
وتجددت المطالبات الشعبية بتحسين الوضع المعيشي من خلال مظاهرات احتجاجية عادت اليوم الأحد لمحافظة السويداء، جنوبي سورية.
ولم يفلح نفي مصرف سورية المركزي أمس السبت، أنباء نفاد الاحتياطي وإفلاسه، في تبديد تلك المخاوف، رغم تأكيده في بيان على توفر السيولة الكافية “لسنين وليس فقط لشهور”.
وجاء نفي “المركزي السوري” بعد نشر وكالة “أسوشييتد برس” أول من أمس خبراً قالت خلاله: إن مصرف سورية المركزي بات مفلسا، وسيتوقف عن دفع الرواتب بعد مدة ثلاثة شهور، وأن روسيا رفضت التمويل بعد طلب سورية قرضا منها.
توقعات بالعجز
يرى الاقتصادي السوري عماد الدين المصبح أن “سورية تعيش اليوم أسوأ ظروف اقتصادية منذ مطلع الثورة”، غير مستبعد عجز نظام بشار الأسد عن تسديد الأجور لنحو 2.3 مليون سوري “موظفين وعسكريين” بواقع تراجع موارد الخزينة وعدم القدرة على استيراد النفط والقمح.
ورجح المصبح “نفاد الاحتياطي من المصرف المركزي، التي كانت نحو 18 مليار دولار عام 2011، حيث تم تبديدها، على تمويل الحرب على الثورة، من خلال شراء الأسلحة ودفع الرشى لشركاء الأسد بالحرب”، مشيراً إلى “وجود مؤشرات مثل اتجاه المركزي لفرض إتاوات على رجال الأعمال بشكل علني لتمويل عمليات التجارة بعد تراجع قائمة الاستيراد”.
ويضيف المصبح لـ”العربي الجديد” أن “روسيا رفضت إقراض النظام أخيراً، بعد قرض بقيمة مليار دولار في أبريل/ نيسان الماضي، كما تم الاقتراض من إيران بقيمة ملياري دولار عبر آلية خطوط الائتمان، خلال زيارة رئيس النظام لطهران في مايو/أيار الماضي”، مؤكدا أن “كلا القرضين مشروطان بشراء سلع ونفط من روسيا وإيران، وليسا مخصصين لتمويل الشق الجاري بالموازنة لدفع الأجور للموظفين”.
ولا يستبعد الأكاديمي السوري لجوء النظام السوري إلى “التمويل بالعجز وطباعة أوراق نقدية بروسيا الاتحادية، رغم آثاره الكارثية على التضخم ومعيشة السوريين، خاصة بعد تهاوي سعر الليرة اليوم ليسجل الدولار 6150 ليرة سورية”.
ويرى المصبح أن “الأسد ربما يلجأ لتلك الطريقة كونها أسهل من إعلان العجز عن تسديد الأجور وخروج الناس للشارع بدافع الجوع”.
إفلاس غير معلن
من جهته، يقول الاقتصادي السوري محمود حسين لـ”العربي الجديد” إن “نفي المصرف المركزي الإفلاس أمر طبيعي، ولكن كل ما يجري، من ابتعاد المصرف عن دعم الليرة وعدم القدرة على استيراد المشتقات النفطية، إنما تدلل على الإفلاس والمكابرة”.
ويضيف حسين أن “نظام بشار الأسد يعاني من عدم القدرة على تمويل المتطلبات الأساسية للحكومة، بدليل التعطيل لثلاثة أيام وإغلاق المدارس والتعليم المفتوح، كما بالأسواق وغلاء الأسعار وغياب ملامح تدخل الحكومة، أدلة أخرى على ملامح الإفلاس”.
ويتساءل الاقتصادي السوري “هل تسمح الدول الكبرى والمتدخلة بالأرض والشأن السوري بانهيار نظام بشار الأسد وإعلانه الإفلاس، أم سنرى تدخلات لوقف انهيار العملة وإيجاد طرق لإيصال المحروقات والقمح، ريثما ينهي نظام الأسد دوره الوظيفي بتدمير كل شيء؟”، حسب وصفه.
أجور زهيدة
وتطابقت إجابات من تواصل معهم “العربي الجديد” من موظفين بدمشق، إذ أجمعت الآراء على زيادة المخاوف من توقف الأجور، رغم أنها “شبه صفرية” حسب وصفهم، فمتوسط الأجور لا يصل إلى 100 ألف ليرة في حين النفقات الشهرية تزيد على 3 ملايين ليرة.
ويضيف سوريون أن الوضع “سيئ للغاية” فالغلاء طاول كل شيء وبعد ندرة المحروقات ووصول سعر ليتر المازوت إلى 8 آلاف ليرة سورية، بدأنا نعاني من شح الخبز ووصول سعر الربطة “1100 غرام” إلى 1600 ليرة سورية بالسوق، بواقع تحديد كمية استهلاك الأسرة من الخبز والمحروقات من حكومة الأسد، وعدم الالتزام حتى بتلك الكمية.
وتبلغ كتلة الرواتب والأجور لنحو 1.8 مليون موظف بسورية نحو 900 مليار ليرة سنوياً، ما يشكل عبئا كبيرا على الموازنة العامة، بعد تراجع موارد الخزينة وإعلان عجز مسبق بموازنة العام المقبل بنحو 4860 مليار ليرة بزيادة بنسبة 19,65 في المائة عما كان عليه في موازنة 2022، بحسب تصريح وزير المالية بحكومة الأسد، كنان ياغي.
وكان رئيس النظام السوري قد أقر أول من أمس، الموازنة العامة للدولة لعام 2023 بمبلغ 16550 مليار ليرة سورية بزيادة قدرها 24.2 في المائة مقارنة بموازنة العام 2022.
وتوزعت الاعتمادات الأولية على 13550 مليارا للإنفاق الجاري و3000 مليار للإنفاق الاستثماري، وتم إقرار الدعم الاجتماعي بمبلغ 4927 مليار ليرة موزعة على 50 ملياراً للصندوق الوطني للمعونة الاجتماعية و50 ملياراً لصندوق دعم الإنتاج الزراعي.
بالإضافة إلى 1500 مليار ليرة لدعم الدقيق التمويني و3000 مليار لدعم المشتقات النفطية و300 مليار لدعم السكر والرز و7 مليارات لصندوق التخفيف من آثار الجفاف والكوارث الطبيعية و20 ملياراً لصندوق التحول إلى الري الحديث، كما تم اعتماد كتلة الرواتب والأجور والتعويضات بنحو 2114 مليار ليرة بزيادة 33 في المائة عن موازنة العام 2022.
المصدر: العربي الجديد