شعراء رثوا أنفسهم.. شاعر اليمن الكبير عبد العزيز المقالح يرثي نفسه قبل رحيله اليوم

د. محمد الحسامي

يحفل التراث الشعري العربي، شعراء وشعرا، قديما وحديثا بالعديد من الشعراء الذين رثوا أنفسهم قبل رحيلهم عن الحياة الدنيا..
ذلك الرثاء الذي دون عبر قصائدهم الرثائية لتظل خالدة حتى يومنا هذا، كل عبر وبطريقته الخاصه عن مكنون نفسهم وما يعتمل فيها في قصائدهم الرثائية تلك…
لكن،فإنه يمكن القول إجمالا بأن من أهم “أسباب شعر رثاء النفس، التأسف على الشباب، التبرم من الدنيا، الغربة المكانية والزمانية والشعور بدنو الأجل.”.
حيث أن هذا النوع من الشعر الرثائي للنفس قد بين وكشف ووضح مكنونات أنفسهم وحيرتهم ونظرتهم لأنفسهم وللمحيطين بهم ولمسألة الحياة والموت عموما، بل أنه يعتبر جانب توثيقي لبعض جوانب الحياة الخاصة لهم وللبيئة التي نشأوا فيها..إلخ
إن من أهم أولئك الشعراء الذين رثوا أنفسهم قبل رحيلهم هم :
امرؤ القيس، طرفة بن العبد، مالك بن الريب، أبو فراس الحمداني، أبو الطيب المتنبي، بدر شاكر الشياب، الدكتور غازي القصيبي، محمود درويش
وأخيرا وليس آخرا/ شاعر اليمن الكبير/ الشاعر العربي/الدكتور/ عبدالعزيز المقالح
حيث أنه، وفي هذا اليوم الموافق 28/11/2022, وفي العاصمة اليمنية صنعاء، إنتقل إلى رحمة الله وغفرانه الدكتور/عبدالعزيز المقالح عن عمر يناهز ال84 عاما بعد أن قضى عمره ومنذ طفولته وريعان شبابه وحتى مماته في النضال من أجل الإنسان في بلده وأمته،مخلفا تراثا أدبيا عظيما للأجيال الحالية والقادمة، شعرا ونثرا،..إلخ
حيث أنه، ومنذ حوالي أربع سنوات، قد كتب رثاء نفسه بنفسه عبر قصيدته الرائعة بعنوان: “أعلنتُ اليأس”، والتي يقول فيها :

أنا هالكٌ حتماً
فما الداعي إلى تأجيل
موتي
جسدي يشيخُ
ومثله لغتي وصوتي
ذهبَ الذين أحبهم
وفقدتُ أسئلتي
ووقتي
أنا سائرٌ وسط القبورِ
أفرُّ من صمتي
لصمتي.

* * *
أبكي
فتضحكُ من بكائي
دورُ العبادةِ والملاهي
وأمّدُ كفي للسماء
تقولُ : رفقاً يا إلهي
الخلقُ – كل الخلق –
من بشرٍ ، ومن طيـرٍ
ومن شجرٍ
تكاثر حزنْهم
واليأسُ يأخذهم – صباحَ مساءَ –
من آهٍ ..لآه

* * *
حاولتُ ألاَّ أرتدي
يأسي
وأبدو مطمئناً
بين أعدائي وصحبي
لكنني لما رحلتُ
إلى دواخلهم
عرفتُ بأنهم مثلي
وأن اليأس ينهشُ
كل قلبِ .
أعلنتُ يأسي للجميع
وقلتُ إني لن اخبـي .

* * *
هذا زمان للتعاسة ِ
والكآبةْ .
لم يترك الشيطانُ فيهِ
مساحةً للضوء
أو وقتاً لتذكار المحبةِ
والصبابةْ .
أيامهُ مغبرّةُ
وسماؤُه مغبرّةُ
ورياحه السوداء
تعصف بالرؤؤس العاليات
وتزدري التاريخ
تهزأ بالكتابةْ.

* * *
أنا ليس لي وطنٌ
أفاخر باسمهِ
وأقول حين أراه:
فليحيا الوطنْ .
وطني هو الكلماتُ
والذكرى
وبعضٌ من مرارات الشجنْ
باعوه للمستثمرين وللصوص
وللحروبِ
ومشت على أشلائهِ
زمرُ المناصب والمذاهب
والفتن .

* * *
صنعاء …
يا بيتاً قديماً
ساكناً في الروح
يا تاريخنا المجروح
والمرسوم في وجه النوافذ
والحجارة
أخشى عليك من القريب
ودونما سببٍ
أخاف عليك منكِ
ومن صراعات الإمارةْ.
……
رحمة الله عليه والفردوس الأعلى مأواه وعظم أجر الجميع

المصدر: المدارنت”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى