كشف تحقيق للشرطة الألمانية، عُرض خلال محاكمة الطبيب السوري علاء موسى، عن محاولة الإعلامي السوري أكثم سليمان مساعدة الطبيب على الهرب من ألمانيا.
وتضمّن التقرير الذي عُرض داخل المحكمة العليا في فرانكفورت غربي ألمانيا، رسائل عبر البريد الإلكتروني بين علاء موسى وأكثم سليمان، الذي اتضح أنه كان يعمل مسؤولًا إعلاميًا بالسفارة السورية في برلين خلال تلك الفترة، وفق ما نشره “المركز السوري للعدالة والمساءلة”، في 10 من تشرين الثاني الحالي.
ويواجه الطبيب السوري علاء موسى 18 تهمة، بعد بدء محاكمته في كانون الثاني الماضي، بموجب مبدأ “الولاية القضائية العالمية”، باعتباره ضالعًا في العنف الجنسي، والتعذيب، وقتل مدنيين في المستشفى “العسكري” وفرع “المخابرات العسكرية” بحمص.
محاولة هرب لم تكتمل
في رسائل البريد الإلكتروني المتبادلة بين الطرفين بالفترة الممتدة من أيار 2020 حتى حزيران من العام نفسه، سأل علاء موسى المسؤول في السفارة أكثم سليمان عن إمكانية عودته إلى سوريا أو سفره إلى موسكو أو طهران أو الإمارات، بعد انتشار العديد من التقارير حول ضلوع موسى بتعذيب المعتقلين خلال عمله طبيبًا في سوريا.
حاول سليمان مساعدة موسى بالعديد من الطرق، بينها ترجمة وثائقه وتوصيته بتوكيل المحامي أسامة العجي للدفاع عنه.
كما ربط سليمان موسى بأشخاص بالسفارة السورية في برلين، لمساعدته على مغادرة ألمانيا من خلال الاتصال بوزارتي الداخلية والخارجية السوريتين للحصول على تصريح لموسى للعودة على متن رحلة جوية إلى دمشق عبر بيروت (لأن الرحلات الجوية كانت مخصصة للطلاب الراغبين بالعودة إلى بلادهم بسبب الإغلاق جراء فيروس “كورونا”).
وعرض سليمان على موسى مقعدًا في الرحلة، لكنه رفض، مدعيًا أن زوجته هي التي أرادت السفر وتراجعت بعد أن حاول تهدئتها.
ولم تقتصر محاولات سليمان مساعدة موسى على ذلك، إذ عمل على تبرئته من خلال مقال كتبه في صحيفة “الأخبار” اللبنانية حول اتصال هاتفي تلقاه من موسى تحدث فيه عن تهديدات يتلقاها عبر مواقع التواصل الاجتماعي.
“كان مهذبًا ومسالمًا”، بهذه الكلمات وصف سليمان الطبيب، معتبرًا التهديدات التي يتلقاها “تصفية حسابات” من قبل زملاء سابقين.
كما تحدث سليمان عن التخبط الذي عاشه موسى، إذ فكر باللجوء إلى الإعلام أو إلى بعثة بلاده لدى الأمم المتحدة في نيويورك، بالإضافة إلى محاولة لجوئه إلى سفارة بلاده في ألمانيا.
من منقذ إلى متهم
أثار تقرير الشرطة الألمانية أسئلة حول احتمالية وجود تحرك قضائي ضد أكثم سليمان، بسبب محاولة مساعدة المتهم علاء موسى على الهرب.
مدير “المركز السوري للعدالة والمساءلة”، محمد العبد الله، قال لعنب بلدي، إن من غير الواضح إن كان سليمان سيواجه إجراءات قضائية إثر التحقيق.
وأوضح العبد الله، “نظريًا، أكثم سليمان موظف في السفارة السورية التي تواصل معها أحد مواطنيها لمغادرة ألمانيا خلال جائحة (كورونا) كأي سفارة في العالم”.
ولم يكن موسى حينها قيد التوقيف، كما لم يكن على دراية بوجود تحقيق جنائي بحقه من قبل الشرطة الفيدرالية الألمانية، وفق ما قاله العبد الله.
بينما أنكر سليمان ما نشره “المركز السوري للعدالة والمساءلة”، معتبرًا أنه “ليس طرفًا بالقضية ولا رأي له، بل الرأي فيها للقضاء”، بحسب ما قاله لموقع “الحرة“.
عدو مهنته
ظهر سليمان في العديد من اللقاءات عبر وسائل الإعلام الموالية للنظام السوري، منتقدًا وسائل الإعلام التي شاركت بدعم “الربيع العربي”.
ومن أبرز وسائل الإعلام التي انتقدها سليمان، قناة “الجزيرة” التي استقال من عمله فيها عام 2012، مبررًا ذلك بـ”افتقارها للمهنية”.
وفي لقاء له عبر “الإخبارية السورية” في شباط 2021، اعتبر سليمان أن عمل الصحفي تقف وراءه “منظومة مرتبطة بمصالح سياسية واقتصادية ورضا مدير التحرير والجمهور”.
وذكر سليمان أمثلة على آلية “صنع” قناة “الجزيرة” للأخبار لإيصال رسائل للجمهور بحسب رغبتها، معتبرًا أنه كان أحد المتورطين بنقل هذه الأخبار خلال عمله.
جاء ذلك بعد أن دافع سليمان عن “الجزيرة” عقب إغلاق مكاتبها في الكويت عام 2010، متحدثًا عن فرص حرية الإعلام في العالم العربي.
من أكثم سليمان؟
ولد أكثم سليمان في سوريا عام 1970، ويحمل درجة ماجستير في الإعلام تخصص صحافة من جامعة “برلين”.
عمل في عدد من الصحف والإذاعات والفضائيات العربية والألمانية، والتحق بمكتب قناة “الجزيرة” في برلين عام 2002، وتسلّم إدارته إلى أن استقال من عمله في 2012، إثر دعم القناة الحراك الشعبي في سوريا.
ويظهر سليمان على وسائل الإعلام السورية بصفة محلل سياسي وإعلامي، إلى جانب كتابته في صحيفة “الأخبار” اللبنانية.
المصدر: عنب بلدي