تفاصيل اقتحام الأمن الفلسطيني مرتين مكان انعقاد مؤتمر حول إصلاح منظمة التحرير

جهاد بركات

كان المؤتمر الصحافي الذي عقده، الثلاثاء، “المؤتمر الشعبي الفلسطيني – 14 مليون”، المطالب بانتخابات للمجلس الوطني لمنظمة التحرير الفلسطينية يشارف على الانتهاء، حين اقتحم الأمن الفلسطيني مكان انعقاده في مقر التحالف الشعبي للتغيير في رام الله وسط الضفة الغربية. الاقتحام سبقه انقطاع التيار الكهربائي، وتبعه آخر بعد ساعات لمنع الاجتماع الأول للجنة التوجيهية للمؤتمر.

وفي التفاصيل، داهم عدد من العناصر الأمنية مقر التحالف الشعبي للتغيير، ومنعوا إكمال المؤتمر، وطردوا المشاركين، كذلك منعوا الصحافيين من استكمال التصوير واحتجزوا عدداً منهم، وسبق ذلك انقطاع التيار الكهربائي عن البناية بكاملها، وتجمع لأفراد أمن بزي مدني وعسكري حول المبنى.

وقبيل الاقتحام الأول بدقائق تحدث عضو اللجنة التحضيرية للمؤتمر عمر عساف عن تعمد قطع الأمن للتيار الكهربائي عن البناية، وخلال حديث الناشطة النسوية أمل خريشة عن ضرورة إصلاح منظمة التحرير والعودة إلى ميثاقها، اقتحم خمسة أفراد من الأمن معظمهم يرتدون لباساً مدنياً القاعة، ويتقدمهم شرطي باللباس العسكري، وأحد المقتحمين يحمل سلاحاً أوتوماتيكياً، بينما كان في الممر الخارجي عدد آخر من الأفراد بزي مدني، وآخرون بزي الشرطة الخاصة.

وتوجّه الأمن في بداية الأمر إلى الصحافيين، مقاطعاً المؤتمر الذي كان يوشك على الانتهاء، ويطالبهم بوقف التصوير، ويطلب منهم الخروج من القاعة.

وكان ما يقارب ثمانية صحافيين في القاعة بينهم مراسل “العربي الجديد” الذي كان يصور بهاتفه النقال، فطلب منه رجل أمن بزي مدني وقف التصوير، وحين سأل المراسل عن وجود قرار وورقة رسمية بمنع التصوير، حاول رجل أمن آخر بلباس مدني مصادرة هاتفه، لكن المراسل رفض إعطاءه الهاتف وأغلقه وتوجه إلى ضابط الشرطة باللباس العسكري، مطالباً إياه بورقة رسمية بمنع تصوير المؤتمر، فكان رده: “هذا ليس من شأنك. أعطني بطاقة هويتك”، ليحتجز البطاقة طوال اقتحام المقر، ويعيدها بعد إخلائه.

وفي ذلك الوقت، كان معظم الصحافيين الباقين محتجزين في الممر الخارجي للمكتب، حيث طلب الأمن منهم وقف أي تصوير وعدم مغادرة المكان.

وبعد مشادات ورفض الأمن إعطاء المؤتمرين أية ورقة رسمية، خرج الجميع من المقر، بمن فيهم الصحافيون، وقرر المشاركون في المؤتمر الاعتصام أمام المبنى، احتجاجاً على الاقتحام.

كذلك رفع المحتجون لافتات تطالب بانتخابات للمجلس الوطني، متمسكين في الوقت ذاته بمنظمة التحرير الممثل الشرعي والوحيد للفلسطينيين.

مطالبات يؤكد القائمون على المؤتمر أنها لا تختلف عن مضامين اتفاق المصالحة “لمّ الشمل” الذي وُقِّع بين الفصائل الفلسطينية في الجزائر الشهر الماضي، إذ نص على عقد انتخابات للمجلس الوطني والتشريعي خلال عام.

وبعد انتهاء الاعتصام ومؤتمر صحافي، أكد عضو اللجنة التحضيرية للمؤتمر تيسير الزبري، لـ”العربي الجديد”، عودة الأمن لاقتحام المقر مرة أخرى بعد ساعات، بعدما قررت لجنة التوجيه الوطني فرع الضفة الغربية عقد أول لقاء لها.

وقال إن “3 من أفراد الأمن عرّفوا عن أنفسهم بأنهم من الشرطة والمباحث، وطلبوا إخلاء المكان، تحت طائلة التهديد باقتحامه من الشرطة الخاصة”.

وبحسب الزبري، فقد قرر المجتمعون تفويت الفرصة على أية اشتباك أو مواجهة، وغادروا المكان.

بدوره، أكد الناشط السياسي، منسق التحالف الشعبي، عمر عساف، لـ”العربي الجديد”، أن “الأمن لم يقدم أي ورقة رسمية عند اقتحام مكان انعقاد المؤتمر، بل طالبهم بذلك، ورفضوا لأنهم يفتقدون مثل تلك الأوراق، ويعملون خارج القانون”.

ووصف عساف ما حصل بـ”العار”، معتبراً “أن الأمن لم يستخلص العبر من منع المؤتمر السبت الماضي، في رام الله، الذي رغم ذلك نجح بالانعقاد في الداخل والخارج”.

 من جهته، اعتبر النائب الثاني لرئيس المجلس التشريعي المنحل حسن خريشة، أن من أرسل “رجال الأمن لقمع المؤتمر والتجمع، إلى مقر يعتبر ملكية خاصة، وبالسلاح، لا يملكون أية شرعية”، قائلاً: “كنا نتمنى أن يحمي هذا السلاح المقاومين الجدد، لا أن يهدد به أبناء شعبنا ونخبه السياسية الذي يريدون إحداث تغيير في المجتمع”.

وأوضح خريشة، في حديث لـ”العربي الجديد”، أن “مجرد دخول اثنين يحملان بنادق إلى داخل المقر، فهذا عار على من أرسلهم، ليس على من حمل السلاح، بل على من أرسله”.

وأكد قائلاً: “نحن مستمرون رغم كل إجراءاتكم”، متسائلاً “عن معنى توجيه رسائل من جهات رسمية للحوار، وتكون النتيجة أن يكون الحوار باستخدام القمع ضد مقر مملوك لشخص؟”.

وكان خريشة خلال المؤتمر الصحافي، قبل اقتحامه، قد أكد أن المؤتمر الذي عقد السبت الماضي، ومنع في رام الله مثّل وحدة الساحات الفلسطينية في داخل الأراضي الفلسطينية والشتات، مطالباً بإجراء انتخابات مجلس وطني، وهي دعوة، بحسب خريشة، لا تمثل انقلاباً على أحد، بل دعوة لإصلاح المنظمة، وهي ليست جديدة، مستهجناً الهجوم على المؤتمر، عبر الإعلام الرسمي الفلسطيني، المملوك من الشعب، كما قال.

 يذكر أن المجلس الوطني أصدر بياناً السبت الماضي، استنكر فيه دعوة المؤتمر الشعبي الفلسطيني، لعقد مؤتمرات في الوطن والشتات، واعتبرها محاولة للالتفاف على منظمة التحرير الفلسطينية، الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني، والبيت الجامع للكل الفلسطيني.

وأكد المجلس الوطني، في بيانه، أن هذا المؤتمر دعوة صريحة لتعزيز الانقسام وتكريسه، ولا يخدم المصلحة الوطنية والتوافق الوطني والمواجهة الموحدة للمخطط الإسرائيلي.

وشدد على أن الشعب الفلسطيني سيفشل كل المؤامرات لخلق بدائل لمنظمة التحرير الفلسطينية، كما أفشل سابقاتها التي حاولت فرض الوصاية والتبعية والاحتواء ومصادرة القرار الوطني الفلسطيني المستقل.

المصدر: العربي الجديد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى