روسيا تمطر كييف بعشرات الصواريخ مما أدى إلى مقتل مدنيين وتدمير البنية التحتية وسط تنديد دولي وألمانيا تزود زيلينسكي بمنظومة دفاع جوي.
قصفت روسيا مدناً في أنحاء أوكرانيا خلال ساعة الذروة صباح الإثنين، العاشر من أكتوبر (تشرين الأول) الحالي. وفيما أشار فولوديمير زيلينسكي إلى استخدام عشرات الصواريخ وطائرات مسيرة إيرانية في الهجمات، أعلن الجيش الأوكراني أن موسكو أمطرت البلاد بـ80 صاروخاً، الأمر الذي أدى إلى مقتل مدنيين وتدمير البنية التحتية، فيما يبدو أنها ضربات انتقامية بعد أن أعلن الرئيس فلاديمير بوتين أن انفجاراً على الجسر المؤدي إلى شبه جزيرة القرم كان هجوماً إرهابياً.
واتهم الجيش الأوكراني، في بيان على “فيسبوك” “استخدم العدو طائرات مسيرة من طراز شاهد-136 أطلقت من أراضي بيلاروس” وشبه جزيرة القرم التي ضمتها روسيا، مضيفاً أنه تم “تدمير” تسع مسيرات.
وضربت الصواريخ كييف في أعنف هجمات على العاصمة منذ أن تخلت روسيا عن محاولة السيطرة عليها في الأسابيع الأولى من الحرب، كما أفادت تقارير بوقوع انفجارات في لفيف وترنوبل وجيتومير في غرب أوكرانيا ودنيبرو وكريمنشوك وسط كييف وزابوريجيا جنوباً وخاركيف شرقاً، كما سمع شاهد في منطقة بيلجورود الروسية بالقرب من الحدود الأوكرانية دوي انفجار في المنطقة الحدودية.
هجمات ساعة الذروة
في كييف ضربت الهجمات وسط المدينة المزدحم. ورقد جسد رجل يرتدي الجينز في شارع عند تقاطع رئيس محاطاً بالسيارات المشتعلة. وفي إحدى الحدائق، قطع جندي ملابس امرأة ملقاة على العشب في محاولة لعلاج جروحها، وكانت امرأة أخرى تنزف في مكان قريب.
وقالت شرطة المدينة إن خمسة أشخاص في الأقل قتلوا وأصيب 12.
وعند أحد تقاطعات الطرق الأكثر ازدحاماً في كييف، وقع انفجار أحدث حفرة بالقرب من ملعب للأطفال في حديقة بوسط كييف، وتصاعد الدخان من بقايا ما بدا أنه صاروخ سقط في أرض موحلة، وأدى الانفجار كذلك إلى تدمير سيارات وتضرر عدد من المباني. ووجود عمال الطوارئ في الموقع. وتحطمت تماماً سيارتان وشاحنة صغيرة بالقرب من الحفرة.
وتحطمت نوافذ في مباني جامعة تاراس شيفتشينكو الكبرى في كييف. واصطف جنود الحرس الوطني حاملين معدات قتالية كاملة ومعهم بنادق هجومية أمام مبنى إحدى النقابات التعليمية.
وفي وقت لاحق من الصباح، سقط وابل آخر من الصواريخ على العاصمة حيث سارع المارة للبحث عن مأوى عند مداخل محطات المترو وداخل مواقف السيارات.
وصباح الإثنين، ذكر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، أن أوكرانيا نفذت “أعمالاً إرهابية” ضد روسيا وتعهد “برد قاس” عليها.
وأكد في تصريحات تلفزيونية أن موسكو شنت هجمات بصواريخ طويلة المدى على البنية التحتية الأوكرانية في مجالات الطاقة والاتصالات والدفاع صباح اليوم، رداً على هجوم في مطلع الأسبوع على جسر يربط روسيا بشبه جزيرة القرم التي ضمتها موسكو.
أعلنت وزارة الدفاع الروسية أن الضربات التي استهدفت عدة مناطق في أوكرانيا “حققت هدفها”، بعد أن أفاد مسؤولون في أوكرانيا عن تعطل منشآت للطاقة والمياه. وقالت إن “الهدف من الضربات تحقق. تم ضرب جميع الأهداف”.
تفكيك السلطة في كييف
ودعا الرئيس الروسي السابق ونائب رئيس مجلس الأمن الروسي الحالي دميتري ميدفيديف إلى “التفكيك الكامل” للسلطة السياسية الأوكرانية، مؤكداً أن الضربات على أوكرانيا ليست إلا “الحلقة الأولى”.
وكتب ميدفيديف على “تيليغرام”، بعد اجتماع لمجلس الأمن الروسي ترأسه الرئيس فلاديمير بوتين، “انتهت الحلقة الأولى، وستكون هناك حلقات أخرى”، مضيفاً “من وجهة نظري، يجب أن يكون (الهدف) هو التفكيك الكامل للنظام السياسي في أوكرانيا”.
قوة عسكرية مشتركة بين بيلاروس وموسكو
من جانبه اتهم رئيس بيلاروس ألكسندر لوكاشنكو، الإثنين، أوكرانيا بالتحضير لشن هجوم على بلاده، مؤكداً أنه سيتم نشر قوات مشتركة روسية وبيلاروسية، من دون أن يحدد موقع انتشارها.
وقال لوكاشنكو خلال اجتماع مع مسؤولين أمنيين “قلت بالفعل إن أوكرانيا اليوم لا تبحث فحسب، بل تخطط لضربات على أراضي بيلاروس”. وأضاف “اتفقنا على نشر قوة إقليمية لجمهورية روسيا الاتحادية وجمهورية بيلاروس”.
وأفاد بأن تشكيل هذه القوة بدأ قبل يومين، تزامناً مع الانفجار على الجسر الذي يربط القرم بروسيا، وحملت موسكو أوكرانيا مسؤوليته.
وقال “من دون تصعيد الوضع، عليكم أن تفهموا: إذا أردتم السلام، فعليكم الاستعداد للحرب، دائماً”. وأشار إلى أن على بيلاروس “أن تضع خططاً مسبقة لمواجهة جميع الأوغاد الذين يحاولون جرنا إلى القتال”. وأضاف “يجب ألا تندلع أي حرب على أراضي بيلاروس”.
يشار إلى أن بيلاروس تعتمد مالياً وسياسياً على حليفتها الأبرز موسكو، التي اتخذت من أراضيها نقطة انطلاق للحرب ضد أوكرانيا في 24 فبراير (شباط)، حيث أرسلت قوات ومعدات إلى شمال أوكرانيا من قواعد في بيلاروس.
“شاهد” الإيرانية تدمر البنية التحتية الأوكرانية
وفي السياق، أعلن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي أن روسيا استهدفت البنية التحتية للطاقة في حملة القصف التي شنتها على جميع أنحاء أوكرانيا الإثنين، مشيراً إلى استخدام عشرات الصواريخ وطائرات مسيرة إيرانية.
وقال زيلينسكي، في فيديو نشره على مواقع التواصل الاجتماعي “يريدون بث الذعر والفوضى، يريدون تدمير نظام الطاقة”، مضيفاً أن ضربات بواسطة “عشرات الصواريخ” وطائرات مسيرة إيرانية من نوع “شاهد” استهدفت جميع أنحاء أوكرانيا، لا سيما كييف ومناطق خميلنيتسكي ولفيف ودنيبرو وفينيتسيا وزابوريجيا وسومي وخاركيف وجيتومير.
وقال في شريط فيديو تم تصويره في الخارج بوسط كييف إن “انقطاعاً موقتاً في التيار الكهربائي ممكن لكن لن يكون هناك انقطاع في ثقتنا بالنصر”. وأضاف أن “العدو يريدنا أن نخاف وأن يفر الناس لكن لا يمكننا المضي إلا إلى الأمام، وسنظهر ذلك في ساحة المعركة” داعياً الأوكرانيين إلى البقاء في ملاجئهم.
وأعلن القائد العام للجيش الأوكراني فاليري زالوجنيي عبر “تيليغرام”، “أطلق المعتدي في الصباح 75 صاروخاً بينها 41 أسقطها دفاعنا الجوي”، موضحاً أن روسيا استخدمت أيضاً “طائرات مقاتلة من دون طيار”، فيما أشار زيلينكسي أيضاً إلى إسقاط 38 صاروخاً.
في كييف توقفت حركة المترو جزئياً حيث تم تحويل المحطات إلى ملاجئ من الغارات الجوية.
وأوقفت حركة السير أيضاً في وسط المدينة بحسب رئيس البلدية فيتالي كليتشكو.
حديث الصواريخ
في السياق كتب وزير الخارجية الأوكراني دميترو كوليبا على “تويتر”، “أسلوب بوتين الوحيد هو الإرهاب في المدن الأوكرانية المسالمة، لكنه لن يكسر أوكرانيا. وهذا أيضاً رده على كل الساعين إلى التهدئة الذين يريدون التحدث معه عن السلام. بوتين إرهابي يتحدث بالصواريخ”.
وقال رئيس البلدية فيتالي كليتشكو على مواقع التواصل الاجتماعي “العاصمة تتعرض لهجوم من الإرهابيين الروس! أصابت الصواريخ أهدافاً في وسط المدينة (في منطقة شيفتشينسكيفسكي) وفي منطقة سولوميانسكي. تنطلق صفارات الإنذار، بالتالي فإن التهديد مستمر”.
وأضاف “أغلق ضباط إنفاذ القانون الشوارع في وسط كييف، وخدمات الإنقاذ جارية”.
وقال في وقت لاحق إن مرافق بنية تحتية مهمة تعرضت للقصف.
وجاءت الضربات بعد يومين من انفجار ألحق أضراراً بالجسر الوحيد فوق مضيق كيرتش المؤدي إلى شبه جزيرة القرم. وفيما تعلن أوكرانيا مسؤوليتها عن الانفجار على الجسر لكنها احتفلت به. وطالب كبار المسؤولين الروس برد سريع من الكرملين قبل اجتماع لمجلس الأمن الذي يرأسه بوتين اليوم الإثنين.
رد فعل دولي
وفي أول رد فعل دولي اعتبر وزير الخارجية البريطاني جيمس كليفرلي، الإثنين، أن الضربات الصاروخية الروسية على العاصمة الأوكرانية كييف ومدن أخرى “غير مقبولة”. وقال على “تويتر”، “هذا دليل على ضعف بوتين وليس على قوته”، مضيفاً أنه اتصل بنظيره الأوكراني دميترو كوليبا.
من جانبه أعرب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون عن “قلقه البالغ” حيال الضربات الروسية على أوكرانيا الإثنين، وذلك خلال اتصال مع نظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي بينما تعهد أن باريس ستزيد دعمها العسكري لكييف.
وجاء في بيان صدر عن مكتب ماكرون أن “الرئيس تحدث عن قلقه البالغ حيال الضربات التي أودت بضحايا مدنيين. وأكد دعمه التام والكامل للرئيس زيلينسكي والتزام فرنسا زيادة دعمها لأوكرانيا، بما يتوافق مع الحاجات التي عبرت عنها كييف، بما في ذلك في مجال المعدات العسكرية”.
منظومة دفاع جوي ألمانية في أوكرانيا خلال أيام
وأعلنت وزيرة الدفاع الألمانية كريستين لامبرخت، اليوم الإثنين، أن ألمانيا ستسلم أول منظومة من أربعة أنظمة دفاع جوي طراز (آي آر أي أس-تي) إلى أوكرانيا في غضون أيام.
وأضافت في بيان “إطلاق الصواريخ مجدداً على كييف وعديد من المدن الأخرى يظهر مدى أهمية تزويد أوكرانيا بأنظمة دفاع جوي بسرعة”.
وأردفت “الهجمات الروسية بالصواريخ والطائرات المسيرة ترهب السكان المدنيين على وجه الخصوص. لهذا السبب نقدم الآن الدعم خصوصاً بأسلحة دفاع جوي”.
الاتحاد الأوروبي يعد القصف جريمة حرب
فيما رأى الاتحاد الأوروبي أن الضربات الصاروخية الروسية على المدنيين في أوكرانيا “ترقى إلى جريمة حرب”، وفق ما أفاد ناطق باسم مسؤول شؤون التكتل الخارجية جوزيب بوريل الإثنين.
وقال المتحدث بيتر ستانو إن “استهداف الناس عشوائياً بوابل جبان ومروع من الصواريخ ضرب أهدافاً مدنية يمثل حتماً تصعيداً إضافياً”. وأعلن “يدين الاتحاد الأوروبي بأشد العبارات هذه الهجمات الشنيعة على المدنيين والبنى التحتية المدنية. إنه أمر يتعارض مع القانون الإنساني الدولي ويرقى هذا الاستهداف للمدنيين من دون تمييز إلى جريمة حرب”.
قرار أممي يندد بالضم
واعتباراً من الإثنين تدرس الجمعية العامة للأمم المتحدة قراراً يندد بضم روسيا أربع مناطق أوكرانية، في خطوة يأمل الغربيون من خلالها إثبات عزلة موسكو على الساحة الدولية.
واتخذ القرار برفع الملف إلى الجمعية العامة، إذ لكل من أعضاء الأمم المتحدة الـ193 صوتاً من دون أن تمتلك أي دولة حق النقض، بعد أن عرقلت روسيا نصاً مماثلاً طرح على مجلس الأمن في 30 سبتمبر (أيلول).
وقال سفير الاتحاد الأوروبي أولوف سكوغ المكلف صياغة مسودة القرار بالتعاون مع أوكرانيا ودول أخرى “إذا لم يرد النظام الأممي والمجتمع الدولي من خلال الجمعية العامة على هذا النوع من المحاولات غير القانونية سنكون في وضع سيئ جداً”. وحذر من أن عدم تصويت الجمعية العامة على النص في ختام المداولات، التي يتوقع ألا تنتهي قبل الأربعاء، قد “يطلق يد دول أخرى للقيام بالأمر نفسه أو للاعتراف بما فعلته روسيا”.
ويندد النص بالضم “غير القانوني” لمناطق دونيتسك ولوغانسك وزابوريجيا وخيرسون الأوكرانية بعد “استفتاءات مزعومة” ويشدد على أن هذه الخطوات “لا صلاحية لها إطلاقاً” بنظر القانون الدولي، كما يدعو كل الدول إلى عدم الاعتراف بعمليات الضم ويطالب روسيا بسحب قواتها فوراً من أوكرانيا.
الاقتراع السري
وحملت روسيا في رسالة موجهة إلى الدول الأعضاء على “الوفود الغربية” معتبرة أن عملها “لا يمت إلى الدفاع عن القانون الدولي”. وقال السفير الروسي فاسيلي نيبينزيا “إنها تواصل أهدافها الجيوسياسية الخاصة” مندداً بـ”الضغط” الذي تمارسه الولايات المتحدة وحلفاؤها على العواصم الأخرى. وطالب بعملية تصويت بالاقتراع السري، وهي آلية استثنائية مخصصة مبدئياً للانتخابات مثل انتخاب أعضاء مجلس الأمن.
وعلق مسؤول كبير في الإدارة الأميركية ساخراً “هذا لا يظهر ثقة كبرى في النتيجة”، واصفاً المسعى الروسي بأنه “محاولة يائسة بعض الشيء”.
ولفتت المتحدثة باسم الجمعية العامة إلى أن مثل هذه الآلية يجب أن تخضع أولاً لتصويت الدول الأعضاء في عملية اقتراع غير سرية.
وكان الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش المكلف ضمان “قيم” الأمم المتحدة وميثاقها، ندد بوضوح بضم مناطق أوكرانية.
المصدر: اندبندنت عربية