هكذا تقتحم شرطة الأخلاق مساحات خاصة في حياة الإيرانيات

تتكون شرطة الأخلاق الإيرانية أساساً من ميليشيات الباسيج الخاضعة مباشرة لسلطة المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية.

شرطة الأخلاق الإيرانية تعود إلى التمدد في عهد رئيسي.

*تنديد أممي ودولي بممارسات شرطة الأخلاق في إيران.

حفيد الخميني يقول عن شرطة الأخلاق “هذا ليس إسلاميا”.

طهران – فرضت الثورة الإسلامية في إيران منذ العام 1979 قوانين تلزم النساء في إيران بتغطية الرأس والعنق، أيا كانت جنسيتهن أو ديانتهن. ويسهر جهاز “تنفيذي” على حسن امتثال النساء لتلك الضوابط، ويسمى ذلك الجهاز شرطة الأخلاق، أو “شرطة الأمن الأخلاقي” حسب التسمية الرسمية أو “غشت إرشاد” باللغة الفارسية. وتقوم شرطة الأخلاق منذ العام 2005 بتسيير دوريات في الأماكن العامة، كالأسواق ومحطات المترو، لمراقبة هندام النساء -خاصة غطاء الرأس الذي يأخذ أشكالا مختلفة عند الإيرانيات.

وكثيرا ما تعمد الشابات الإيرانيات إلى وضع الحجاب بشكل متراخ يُظهر الجزء الأمامي من الشعر، وهو ما لا تسمح به شرطة الأخلاق. وقد وتوفيت فتاة إيرانية تبلغ من العمر 22 عامًا الجمعة، بعد أيام من اعتقالها على يد شرطة الأخلاق لمزاعم تتعلق بعدم امتثالها للقواعد الصارمة المتعلقة بغطاء الرأس.

ويقول شهود عيان أن الفتاة، مهسا أميني، تعرضت للضرب على يد عناصر من شرطة الأخلاق أثناء اعتقالها في طهران مما أدى إلى وفاتها، بينما نفت الشرطة الإيرانية رواية الشهود، مؤكدة أن الفتاة “أصيب بمشكلة في القلب أدت إلى وفاتها بعد أيام”. وقد اندلعت مظاهرات عنيفة عقب الحادثة في عدة مدن إيرانية تسببت في جرح ومقتل العشرات من المتظاهرين ومن رجال الشرطة.

وترتبط القوة التنفيذية لشرطة الأخلاق بمساحة التحرك التي تمنحها إياها السلطة السياسية في البلاد، لذلك عرفت فترات من التشدد والصرامة وفترات أخرى من التراجع والتراخي.

ومع تولي أحمدي نجاد الحكم عرفت الجمهورية الإسلامية منعطفاً كبيراً نحو التيار الديني المتشدد على عكس الاتجاهات الإصلاحية للرؤساء المعتدلين السابقين، وهو ما يفسر إنشاء شرطة الأخلاق في عهده.

ولا يقتصر دور شرطة الأخلاق على مراقبة هندام النساء وتصرفاتهن بل يشمل في أحيان كثيرة محاسبة بعض الرجال على ارتداء القمصان الضيقة أو كشف الأجزاء العلوية من صدورهم أو الحصول على تسريحات شعر تُعتبر غريبة.

وتراقب أيضا بعض الممارسات الاجتماعية بشكل عام كالطقوس والاحتفالات التي تعتبرها دخيلة على المجتمعات الإسلامية على غرار عزف الموسيقى أو الاحتفال بعيد الحب.

وتقوم شرطة الأخلاق في إيران بتحذير الأشخاص وفرض غرامات عليهم واعتقالهم إذا استوجب الأمر.

ويُعتقد أن غالبية أفرادها هم من ميليشيات الباسيج (قوات التعبئة والتحرك لأجل الفقراء والمستضعفين) الخاضعة لسلطة المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية. وأنشأها الخميني عام 1979 لحماية ثورته، وتضم شبابا “متطوعين” ومجموعات من رجال الدين وتابعيهم، يفرضون رقابة أخلاقية على السلوك العام ويقومون بقمع المظاهرات المناوئة للسلطة.

وعندما تلاحظ إحدى دوريات المراقبة مخالفة للقوانين المتعلقة باللباس وتحديدا الحجاب، تقوم باعتقال المرأة المخالفة لتنقلها مباشرة إلى منشأة إصلاحية أو إلى مركز للشرطة وتُلقى على مسامعها محاضرة حول كيفية ارتداء الملابس.

وغالبا ما يُطلق سراحها في نفس اليوم بعد حضور أحد أفراد العائلة لاستلامها، وغالبا ما يكون ذكرا.

ومع تولي الرئيس حسن روحاني سدة الحكم في البلاد في 2013، تراجع نفوذ شرطة الأخلاق، خاصة بعد إصدار قرار 30 كانون الأول (ديسمبر) 2017 القاضي بـ”عدم التعرض أو اعتقال النساء اللواتي يتجولن في الأماكن العامة بدون غطاء الرأس وعدم رفع دعاوى قضائية ضدهن”.

وبات دور شرطة الأخلاق يقتصر على التقاط الصور للنساء “غير المحتشمات” واستدعاء أقاربهن في بعض الحالات لإعلامهم بالأمر.

وعادت شرطة الأخلاق لتتمتع بنفوذ قوي مع وصول إبراهيم رئيسي للحكم الذين ينظر إليه الكثير من الإيرانيين على أنه رئيس محافظ ومتشدد.

ودعا رئيسي في حزيران (يونيو) الماضي، إلى تطبيق قوانين وقواعد الحجاب في إيران “بشكل كامل”، مشددا على أن “أعداء إيران والإسلام” يستهدفون “الأسس الدينية وقيم المجتمع”.

واعتبر أن “الإجراءات الضرورية والاحترازية يجب أن يتم اتخاذها”، داعيا المؤسسات المعنية إلى “اتخاذ خطوات ممنهجة ومدمجة في هذا الشأن”.

ومطلع تموز (يوليو) الفائت، أفادت وسائل إعلام محلية بأن النساء اللاتي لا يلتزمن بالحجاب سيُمنعن من استخدام المترو في مدينة مشهد الواقعة شمال شرق البلاد، والتي تُعتبر مدينة مقدسة لدى المسلمين الشيعة لاحتضانها مرقد الإمام الرضا، كما أغلقت السلطات ثلاثة مقاه في مدينة قم المقدسة جنوب طهران، لأن النساء لم يلتزمن بوضع الحجاب فيها.

وتفيد تقارير إعلامية غربية وإيرانية أن الشعب الإيراني ينظر إلى شرطة الأخلاق على أنها “غير مرغوب فيها وتشكل خطرا على النساء”.

وتشن الصحف الإيرانية الإصلاحية حملات متقطعة ضد ممارسات شرطة الأخلاق.

ونشرت صحيفة سازند مقالا بعنوان “أوقفوا الشرطة الأخلاقية”، وحذرت صحيفة “شرق” من أن السلم الاجتماعية مهددة في إيران بسبب شرطة الأخلاق بينما دعت صحيفة “آرمان ملي” شرطة الأخلاق إلى التعامل “بلطف”.

ونشر حسن الخميني، أحد الوجوه الإصلاحية وحفيد مؤسس النظام الإيراني الخميني، تعليقا منتقدا لشرطة الأخلاق في بلاده عبر حسابه على انستغرام في تموز (يوليو) الماضي قال فيه ” هذا ليس توجيها، هذا ليس إسلاميا، هذا ليس حكيما ولا فائدة منه”.

وقال رئيس البرلمان محمد باقر قاليباف الثلاثاء إنه يجب مراجعة الأساليب التي تستخدمها دوريات شرطة الأخلاق”.

كما قالت هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وهي منظمة مؤثرة تابعة للدولة تأسست في العام 1993، في بيان عقب وفاة أميني، إنها “تعارض العملية التي تؤدي إلى المواجهة المباشرة بين دورية التوجيه في الشرطة والنساء اللواتي يرتدين الحجاب بشكل غير لائق وتوقيف ومحاكمة الأشخاص العاديين”.

ونددت الأمم المتحدة بوفاة أميني وبالقمع العنيف للاحتجاجات التي أعقبت ذلك وطالبت بإجراء تحقيق مستقل. وأعلنت فرنسا أن وفاة الشابة “مروعة للغاية” ودعت إلى “تحقيق شفاف لإلقاء الضوء على ملابسات هذه المأساة”. كما انتقدت الولايات المتحدة ظروف وفاة الشابة والطريقة التي تعاملت بها قوات الأمن مع الاحتجاجات التي تلت ذلك.

وعمد إيرانيون، نساء ورجالا، إلى إنشاء تطبيق على هواتف أندرويد يدعى “غشت إرشاد” يساعد الأشخاص على تجنب نقاط تفتيش الدوريات التابعة لشرطة الأخلاق.

المصدر:  (ميدل إيست أونلاين)/الغد الأردنية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى