أعلنت النظام السوري، أمس (السبت)، إعادة فتح طريق دمشق – حلب (إم 5)، مروراً بمدينة سراقب الواقعة عند تقاطع طرق استراتيجي في محافظة إدلب التي سيطرت عليها قوات النظام، بدعم روسي، في إطار هجومها الضخم المستمر منذ أسابيع. وبالتزامن مع ذلك، بدا أن قوات النظام تتأهب لبدء هجوم جديد جنوب محافظة إدلب قد يكون هدفه الوصول إلى طريق دولية أخرى تربط غرب البلاد بشرقها (إم 4)، ما يهدد بمواجهة أوسع مع القوات التركية التي تنتشر في هذه المحافظة الواقعة شمال غربي سوريا.
وأعلن وزير النقل السوري، علي حمود، أمس، افتتاح الطريق الدولية دمشق – حلب بشكل رسمي أمام حركة السير والمرور ووضعها «في خدمة المواطنين». ونقلت وكالة الأنباء السورية (سانا) عن حمود قوله، خلال جلسة عقدها مجلس الوزراء السوري في مدينة حلب: «بعد استكمال صيانة الطريق وقيام المؤسسة العامة للجسور بفحص كل الجسور وإزالة السواتر الترابية وعملية ترميم للطريق من مدينة سراقب باتجاه حلب، فقد باتت الطريق، واعتباراً من اليوم (أمس)، جاهزة للعمل وأمام الجميع»، مضيفاً أن وزارته ستعمل على ترميم سكة حديد حلب – حمص «خلال الأشهر القليلة المقبلة».
وأشارت وكالة الأنباء الألمانية (د ب أ) إلى أن طريق حلب – دمشق التي تمتد لنحو 350 كيلومتراً، أُغلقت منذ نهاية عام 2012 بعد سيطرة فصائل المعارضة على مناطق واسعة في محافظات حمص وحماة وإدلب وحلب، موضحة أن قوات الحكومة السورية لجأت إلى تأمين الوصول إلى مدينة حلب عبر طريق حماة – إثريا – خناصر – حلب، بعد استعادتها منطقة خناصر من سيطرة مسلحي المعارضة وتنظيم داعش. وتابعت أن طريق حلب – خناصر التي يزيد طولها على 450 كيلومتراً، وهي طريق صغيرة، شهدت عشرات الحوادث التي راح ضحيتها مئات من القتلى والجرحى خلال السنوات الماضية.
وأوردت الوكالة الألمانية أن وفداً حكومياً سورياً يضم جميع الوزراء وصل للمرة الأولى إلى حلب برّاً، أول من أمس، بعدما تفقد بلدات تقع على طريق دمشق. كما لفتت الوكالة إلى أن أول طائرة مدنية تابعة لشركة الطيران السوري وصلت يوم الأربعاء الماضي، إلى مدينة حلب بعد إغلاق مطارها لمدة 8 سنوات، بسبب سيطرة فصائل المعارضة على مناطق في محيط المطار.
وواصلت قوات النظام السوري، في غضون ذلك، تقدمها وسيطرتها على طريق حلب – دمشق الدولية (إم 5)، التي تعتبر من أهم الطرق الدولية في سوريا، كما استطاعت تأمين محيط مدينة حلب من الجهة الغربية والشمالية قبل أيام.
وبالتزامن مع ذلك، أشار تقرير لـ«المرصد السوري لحقوق الإنسان» إلى أن القوات السورية والروسية تصعّد ضرباتها في منطقتي جبل الزاوية وجبل شحشبو بمحافظة إدلب «تمهيداً لعملية عسكرية مرتقبة هناك في محاولة للتقدم باتجاه أوتوستراد حلب – اللاذقية (إم 4) انطلاقاً من جنوب إدلب بعد إغلاق المنافذ للأوتوستراد من ريف إدلب الشرقي من قبل القوات التركية».
ورصد «المرصد»، في تقرير أمس، استقدام القوات التركية لتعزيزات عسكرية جديدة نحو الأراضي السورية، مشيراً إلى دخول «رتل عسكري تركي عبر معبر كفرلوسين الحدودي شمال مدينة إدلب». وأوضح أن الرتل يتألف من نحو 80 آلية عسكرية وقد اتجه نحو المواقع التركية في إدلب. وتابع أن عدد الشاحنات والآليات العسكرية التي وصلت إلى منطقة «خفض التصعيد» خلال الفترة الممتدة من 2 فبراير (شباط) الجاري وحتى الآن، بلغ أكثر من 2690 شاحنة وآلية تحمل دبابات وناقلات جند ومدرعات وغرف حراسة جاهزة مضادة للرصاص ورادارات عسكرية، فيما بلغ عدد الجنود الأتراك الذين انتشروا في إدلب وحلب خلال الفترة ذاتها أكثر من 7400 جندي.
وفي إطار مرتبط، أفادت وكالة «رويترز» بأن إقليم غازي عنتاب التركي أعلن أمس، أن أحد أفراد الجيش التركي قُتل في هجوم بقنبلة نفذته قوات الحكومة السورية في إدلب، ليصبح بذلك الجندي التركي السادس عشر الذي يُقتل في المنطقة هذا الشهر. وأضاف الإقليم التركي أن القتيل كان من عمّال صيانة الدبابات. وأعلنت وزارة الدفاع التركية في وقت لاحق أنها ردت على مقتل الجندي بقصف 21 موقعاً للنظام السوري.
إلى ذلك، تحدث «المرصد» أيضاً عن مقتل طفلة جراء قصف جوي روسي على قرية جوزف بجبل الزاوية (محافظة إدلب)، موضحاً أن عدد الغارات التي شنتها طائرات حربية روسية وسورية تجاوز أمس 75 غارة استهدفت بلدات كفرنبل والبارة واحسم وبينين والفطيرة وابيين والفطيرة وسرجة وجوزف وأماكن أخرى بجبل الزاوية في القطاع الجنوبي من الريف الإدلبي، بالتزامن مع قصف صاروخي مكثف استهدف المناطق ذاتها. وتابع أنه «يبدو أن التصعيد، جواً وبراً، من قبل الروس والنظام السوري على جبل الزاوية وجبل شحشبو يأتي تمهيداً لعملية عسكرية مرتقبة هناك في محاولة للتقدم باتجاه أوتوستراد حلب – اللاذقية». وتابع أن مدفعية القوات التركية المتمركزة عند الحدود السورية مع لواء إسكندرونة قصفت مناطق تسيطر عليها قوات النظام بالقطاع الغربي من ريف إدلب، في حين أسقطت فصائل معارضة «طائرة استطلاع مذخّرة في أجواء منطقة جبل الزاوية بعد استهدافها بالرشاشات الثقيلة».
المصدر: الشرق الأوسط