سلم وزير الخارجية الإيراني، حسين أمير عبداللهيان، أوراق اعتماد بدر عبدالله المنيخ، أول سفير للكويت في طهران منذ خفضت الكويت تمثيلها الدبلوماسي في إيران في عام 2016، وهي خطوة تأتي في إطار توجه جديد لدول الخليج، وفق الباحث في مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، عمرو الشوبكي.
ويعتقد الشوبكي، الذي تحدث مع موقع الحرة في مقابلة عبر الهاتف، أن هذه الخطوة مرتبطة بـ”التقدم” الحاصل في المفاوضات مع إيران بشأن برنامجها النووي، مشيرا إلى أن هناك استشعارا بين دول الخليج بقرب حدوث انفراجة نووية، والحاجة إلى تبني خطاب أكثر انفتاحا مع إيران ووجود قنوات اتصال دبلوماسي.
وكانت الكويت خفضت مستوى تمثيلها الدبلوماسي في طهران، في أعقاب قرار السعودية، في يناير 2016، قطع علاقاتها معها على خلفية تعرض بعثات دبلوماسية لها لاعتداءات من محتجين على إعدام الرياض لرجل الدين الشيعي السعودي المعارض نمر النمر.
وتأتي عودة السفير الكويتي إلى طهران، بعد أسابيع من إعلان الإمارات أنها تدرس إعادة سفيرها إلى العاصمة الإيرانية، بعد سنوات من قيامها بخطوة مماثلة للخطوة الكويتية.
ويشير الشوبكي إلى أن الأنباء الواردة بقرب التوصل إلى اتفاق مع إيران ربما كان لها تأثير على هذا القرار، رغم أن القضية النووية ليست العامل الوحيد لاستعادة العلاقات، فهناك توجه خليجي نحو إجراء مراجعة شاملة للعلاقات مع دول الجوار، مثلما حدث مع تركيا على سبيل المثال.
ويشير الباحث إلى أن دول المنطقة لا ترغب في الدخول في صراع، وحتى خلال التوتر الذي حصل أثناء ولاية الرئيس السابق، دونالد ترامب، بسبب استهداف سفن في الخليج، تجنبت واشنطن الدخول في مواجهة عسكرية مع طهران.
ويضيف أن هناك إدراكا أن الصراع لن ينتصر فيه أحد “فلا الحوثيين ولا التحالف في اليمن، ولا حزب الله اللبناني ولا مناهضيه، ولا الأحزاب المناوئة لإيران في العراق ولا التيار الصدري والا السنة، اختفوا من المشهد، لذلك لا يوجد في الصراع غالب ولا مغلوب، وأصبحت الحاجة ملحة للحوار مع الطرف الآخر طالما سيبقى هذا الطرف جارا وستبقى أدواته ولن تختفي”.
وأكدت إيران، الاثنين، أنها وصلت لـ “مرحلة متقدمة” من المفاوضات لإعادة إحياء الاتفاق النووي وأن “هناك أرضية للتوصل لاتفاق”.
وقال المتحدث باسم الخارجية الإيرانية، ناصر كنعاني، في مؤتمره الصحفي الأسبوعي: “نحن في مرحلة متقدمة من المفاوضات والتوصل لاتفاق يرتبط بتحقيق مطالبنا، وإذا احترمت مطالب إيران يمكن أن نشهد توقيعا للاتفاق في وقت قريب. نعتقد أن هناك أرضية للتوصل لاتفاق شريطة احترام خطوط إيران الحمراء”.
وتراجعت إيران عن مطلبين رئيسين في المفاوضات وطلبت شرطا جديدا للتوقيع على الصفقة، حسبما أفادت به صحيفة “نيويورك تايمز” في وقت سابق من أغسطس الجاري، نقلا عن أشخاص مطلعين على المحادثات.
وتنازلت إيران عن مطلب شطب الحرس الثوري من قائمة المنظمات الإرهابية الأميركية، بالإضافة إلى التخلي عن مطالباتها بالضمانات بأن الرئيس الأميركي المستقبلي لن ينسحب من الصفقة، كما فعل الرئيس دونالد ترامب سابقا.
وفي المقابل، طالبت إيران بشرط جديد يتمثل في تخلي الوكالة الدولية للطاقة الذرية التابعة للأمم المتحدة، عن تحقيق مدته 3 سنوات في اليورانيوم المخصب في منشآت إيرانية مختلفة، بما في ذلك بعض المواقع التي ترفض طهران السماح لمفتشي الوكالة الأممية بزيارتها، وفقا لـ “نيويورك تايمز”.
ويقول الشوبكي إن هناك قناعة بضرورة استعادة العلاقات مع إيران لدى دول مثل الإمارات التي لديها قنوات اتصال وتستعد لإرسال سفير، وكذلك الكويت التي فعلت ذلك بالفعل، وسلطنة عمان التي لديها أيضا علاقات جيدة معها، ويشير أيضا إلى الحوار الدائر بين السعودية وإيران، وهو ما يعكس رغبة هذه الدول في التوصل إلى تفاهمات.
ويقول إنه ستظل هناك خلافات، خاصة بين الرياض وطهران، ولكن سيتم التعامل مع الخلافات من خلال القنوات الدبلوماسية وليس القطيعة، ولكن لا يعني ذلك التحالف مع إيران ولكن إدارة الصراع بأدوات مختلفة عكس ما حدث السنوات السابقة.
ويوضح المحلل أن هذه التوجه سينعكس على تغيير شكل الحوار بين إيران والسعودية من خلال تحويل الحوار من قنوات غير معلنة إلى قنوات معلنة، وربما تحدث أيضا عودة سفيري البلدين.
وتجري إيران والسعودية منذ أكثر من عام حوارا، بتسهيل من العراق، سعيا لتحسين العلاقات بين الخصمين الاقليميين.
وكشف وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين، السبت، أن الاجتماع المقبل بين البلدين سيعقد في بغداد بشكل علني، على مستوى وزراء الخارجية.
وقال حسين إن “ولي العهد السعودي (الأمير محمد بن سلمان) طلب منا استضافة لقاء وزير الخارجية السعودي مع نظيره الإيراني في بغداد”.
وكان وزير الخارجية الإيراني صرح أيضا بأن بلاده تبلغت بموافقة السعودية على انتقال الحوار من المستوى الأمني إلى السياسي.
وبدأت جلسات الحوار بين البلدين، في أبريل 2021، بتسهيل من مصطفى الكاظمي الذي تربطه علاقات جيدة بالجانبين.
وتعد إيران والسعودية أبرز قوتين إقليميتين في الخليج، وهما على طرفي نقيض في معظم الملفات الاقليمية، وأبرزها النزاع في اليمن، حيث تقود الرياض تحالفا عسكريا داعما للحكومة المعترف بها دوليا، وتتهم طهران بدعم الحوثيين الذين يسيطرون على مناطق واسعة في شمال البلاد، أبرزها صنعاء.
كذلك، تبدي السعودية قلقها من نفوذ إيران الإقليمي وتتهمها بـ”التدخل” في دول عربية مثل سوريا والعراق ولبنان، وتتوجّس من برنامجها النووي وقدراتها الصاروخية.
ويقول الشوبكي إن الإمارات والكويت “تحركتا بإيقاع أسرع” من السعودية إزاء إيران، وهو ما قد يكون رسالة تحفيز للسعودية حتى تحذو حذوهما، وإشارة إلى أن هناك دولاً حليفة للسعودية، هي الكويت والإمارات وعُمان، لها علاقات مع إيران وهذه الدول جزء أساسي من مجلس التعاون الخليجي.
المصدر: الحرة. نت