حددت “هيئة الزراعة والري” في مناطق “الإدارة الذاتية” شمال شرقي سورية الخاضع لـ”قوات سورية الديمقراطية”، سعر بذور القمح المحلي للموسم القادم، بينما يتجه غالبية الفلاحين في المنطقة إلى شراء بذور أميركية “هجينة” أعلى إنتاجاً.
وبيّنت الهيئة منذ عدة أيام أن بذور القمح المعقم تُباع للفلاحين بـ2300 ليرة سورية (ما يعادل نحو نصف دولار)، مشيرة إلى أن السعر للفلاحين المتعاقدين مع المؤسسة العامة لإكثار البذور يبلغ 2500 ليرة سورية.
ولم يتجاوز إنتاج القمح في عموم سورية خلال موسم 2022 الـ1.2 مليون طن، في تراجع جديد لمستوى الإنتاج في البلاد منذ عام 2011. وكانت منطقة “شرقي نهر الفرات” التي تقع تحت سيطرة قوات سورية الديمقراطية (قسد)، هي الأعلى بإنتاج القمح، حيث قُدر بنحو نصف مليون طن، بينما وصل الإنتاج في مناطق المعارضة نحو 200 ألف طن، والباقي في مناطق سيطرة النظام.
ويُرجع المزارع كريم العلي، في ريف الرقة الغربي، أسباب تدني الإنتاج خلال الموسم الفائت إلى قلة جودة البذور المستخدمة والموزعة من الإدارة الذاتية، مشيراً في حديث مع “العربي الجديد” إلى أن الدونم الواحد المزروع بهذه البذور أنتج نحو 500 كيلو، بينما أنتج الدونم المزروع بالبذور الأميركية “الهجينة” نحو طن من القمح.
وأشار إلى أن أغلب الفلاحين يتجهون إلى شراء البذور الأميركية التي تأتي إلى المنطقة من تركيا وإقليم كردستان، موضحاً أن سعر الكيلو من هذه البذور يبلغ دولاراً واحداً.
وكانت سفارة الولايات المتحدة في دمشق قد أعلنت على موقعها الرسمي على “فيسبوك” أواخر العام الماضي أن “الوكالة الأميركية للتنمية الدولية تقدم ما يقرب من 3 آلاف طن من بذور القمح عالية الجودة للمزارعين في شمال شرقي سورية مع بدء موسم زراعة القمح”، لافتة إلى أن “القمح يعتبر العمود الفقري لقطاع الزراعة”.
وصدرت تحذيرات من استخدام بذور القمح الأميركية في شمال شرقي سورية، خشية عدم ملاءمتها الظروف المناخية وطبيعة التربة. وفي هذا الصدد، كانت وزارة الزراعة في حكومة النظام قد أشارت في العام الماضي إلى أن البذور التي وزعتها الوكالة الأميركية ذات منشأ تركي، وتلحق ضرراً مع مرور الوقت.
وكانت سورية تنتج عام 2011 نحو 4 ملايين طن من القمح، جله من منطقة شرقي نهر الفرات، وهو ما يكفي حاجة السوريين، ويفيض منه جزء للتصدير.
ولكن الإنتاج من القمح تراجع إلى أدنى المستويات، وهو ما خلق أزمات معيشية في مناطق سيطرة النظام التي يُزرع بها القمح ولكن بشكل محدود. ويتراوح إنتاج “شرقي الفرات” بعد عام 2011 ما بين 500 إلى 700 ألف طن وهو ما يكفي حاجة هذه المنطقة قليلة السكان.
وأوضح الخبير الزراعي إبراهيم مسلم في حديث مع “العربي الجديد” أن “زراعة بذور غريبة عن منطقة ما، تحتاج إلى تجارب واختبارات حتى تتلاءم هذه البذور مع الظروف البيئية لتلك المنطقة من حيث طبيعة التربة والمناخ”.
وتابع: “ربما نجد زيادة في إنتاجية القمح بالموسم الأول لكن ربما تكون النتائج كارثية في الموسم الذي يليه، وخاصة لجهة آثاره المترتبة على التربة نتيجة نقله لآفات وأمراض جديدة إليها.
وبيّن مسلم، وهو من أبناء منطقة شرقي نهر الفرات، أنه “قبل اندلاع الثورة السورية في عام 2011 كان المزارعون في محافظة الرقة، وخاصة في المناطق الحدودية، يلجؤون إلى بذور القطن التركية”.
وأضاف: “كانت هذه البذور جيدة من حيث الكمية والنوعية، إلا أنها خلفت آثارا سلبية في التربة استمرت سنوات كثيرة”. وأردف بالقول: “هناك منظمات دولية تعمل بالزراعة في محافظة الرقة ربما قامت باختبارات وتجارب على بذور القمح الأميركية قبل تعميمها على مزارعي الرقة والمناطق الأخرى في شمال شرقي سورية”.
المصدر: العربي الجديد