الجامعة العربية: تباين عربي يرجئ فك تجميد المقعد السوري

سوسن أبو حسين

أكد الأمين العام المساعد للجامعة العربية السفير حسام زكي، وجود تباين في وجهات النظر بشأن عودة سوريا إلى الجامعة العربية.

وحول ما يتردد عن وجود جهود جزائرية – مصرية – إماراتية لفك تجميد المقعد السوري، وكذلك الآليات التي يجب اتخاذها لتنفيذ ذلك، أوضح زكي في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن هذا الموضوع يحظى بالاهتمام بشكل موسمي كلما اقتربت اجتماعات مجلس الجامعة على المستوى الوزاري أو القمة… لكن خلاصة الموقف في الأمانة العامة للجامعة «لم يحدث أي تقدم… فلا بد أن يكون هناك توافق، بينما الواقع يشير إلى وجود وجهات نظر مختلفة بين الدول وتباين… لكن نتابع وبكل اهتمام الأمر كي نرى ما هي إمكانية انتهاء هذا التباين قبل القمة العربية المقبلة أم سيبقى كما هو».

وبسبب جائحة «كورونا المستجد» علقت الجامعة العربية نشاطها أكثر من شهر، ومن بينها القمة التي كانت ستعقد في الجزائر أواخر مارس (آذار) الماضي، قبل أن تبدأ عودة متدرجة بأقل من نصف موظفيها، مستخدمة دبلوماسية الهاتف والاجتماعات عبر «الفيديو كونفرانس».

وقال زكي إن مستويات العمل تعود بشكل متدرج مع الاسترشاد بالإجراءات التي تتخذها دولة المقر (مصر)، وإيقاع تطبيقها، نافيا عودة الموظفين إلى دولهم، «فقط عدد محدود كان في إجازة بوطنه ولم يتسن له العودة بعد توقف رحلات الطيران».

وأوضح أن الاجتماعات في الفترة الأولى لمواجهة الوباء تم إلغاؤها بشكل كلي، وتم تطبيق إجراءات احترازية في مقدمتها تخفيف قوة العمل، حيث كان العمل يتم على مرحلتين الأولى 50 في المائة والثانية إلى 15 في المائة، واستمر هذا الوضع لمدة تزيد على شهر، والآن يجري النظر في كيفية العودة التدريجية إلى مستويات العمل الأصلية مع الاسترشاد بالإجراءات التي تتخذها دولة المقر وإيقاع تطبيقها.

ولفت إلى إجراءات تعقيم المبنى بشكل منتظم والفحص السريع للموظفين والعاملين بالمبنى على نفقة الأمانة العامة للتعرف على أي إصابات، مؤكدا أن الوضع مطمئن تماماً.

وحول موعد استئناف عمل الجامعة بشكل طبيعي، أوضح زكي أن توقف الاجتماعات جاء تجاوباً مع متطلبات الوضع الصحي العام ليس في مصر دولة المقر فقط وإنما في مختلف دول العالم، لكن مع مرور الوقت واحتياج المنظمات الدولية للمزيد من تنسيق مواقفها، فإن وتيرة الاجتماعات تعود بشكل تدريجي وإن كنت أظن أن مسألة استئناف الاجتماعات بالطريقة المعتادة سوف تأخذ بعض الوقت، وتابع «الحل الآن هو في المنصات الرقمية والاستفادة منها».

واعتبر زكي أزمة كورونا «فرصة مهمة لتكون مصدر تفكير عميق للعديد من المنظمات الإقليمية والعالمية في كيفية تعاملها المستقبلي مع أي أزمة مشابهة، وكيف يمكن أن تحقق أكبر قدر من الحماية لدولها الأعضاء»، مشيرا إلى أن الأمانة العامة كانت لديها أوراق تدرس أثر الجائحة على الدول العربية اقتصادياً واجتماعياً وتم عرضها على الدول الأعضاء، داعيا الدول العربية لتخرج جميعاً من تلك الأزمة أكثر تلاحماً ومناعة في مواجهة الكوارث الطبيعية.

ورفض المسؤول العربي الانتقادات التي تدور حول الدول العربية في الأزمات، مؤكدا أن «هذه الدعاوي على مر تاريخ الجامعة موجودة وذهب المرددون لها وبقيت الجامعة العربية»، مشيرا إلى أن «هذا الكلام يمكن النظر له من زاويتين، الأولى أن يكون مرددوه من الخصوم أو كارهي منظمتنا العريقة وفي هذه الحالة لا يؤثر فينا كثيراً، أما عندما يقال هذا الكلام من جانب محبي الجامعة والمؤمنين بضرورة تعزيز دورها فله كل الاحترام ونتفاعل معه لتوضيح بعض العقبات التي تعترض طريق العمل العربي سواء من جانب الدول الأعضاء ذاتها أو من جانب احتياج النصوص والنظم المطبقة للتطوير والتحديث».

وأضاف «الجامعة عمرها 75 عاماً… وكانت لها إنجازات عديدة كسقف للعرب لا غنى عنه، كما كانت لها إخفاقات للأسف ولا بد أن نعترف بذلك».

وأبدى زكي قلقه من تغيرات تطال العالم أجمع ما بعد كورونا، مشيرا إلى أن الوباء وتداعياته من كل الوجوه محل دراسات عديدة حالياً، خاصة التبعات الاقتصادية الضخمة بعد توقف الحركة الاقتصادية في معاقل مهمة عالميا، بالتأكيد ستمكث وقتاً طويلاً ولن يكون التغلب عليها بالأمر السهل للأسف، خاصة أن كل المنادين بالعولمة في الغرب عانوا كثيراً من اكتشاف عدم وجود قدرات وطنية لديهم لإنتاج مستلزمات أساسية لمواجهة الوباء، واضطروا للاستعانة بالمصنعين من الخارج على مضض، مثل هذه الأمور ستترك آثارها في المرحلة المقبلة، ودولنا العربية سوف تتأثر بذلك بدرجات متفاوتة.

واستدرك قائلا: «بالطبع الحديث دائما يذهب في اتجاه القطبية العالمية ودور الصين المستقبلي بعد انجلاء الأزمة، لكن أعتقد أن الأزمة لم تغير المعطيات الاستراتيجية الأساسية بعد، ربما يحدث هذا في المستقبل، لكن في الوقت الحالي فإن الوضع الاستراتيجي الدولي باق على حاله، وإن كان ذلك ليس بشكل مفتوح الأمد، فهناك ضبابية في النظام العالمي، وأعتقد أن الانتخابات الأميركية في نوفمبر (تشرين الثاني) قد تضعنا في مرحلة جديدة».

المصدر: الشرق الأوسط

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى