دفعت قوات النظام السوري والميليشيات المدعومة من إيران بتعزيزات عسكرية وصفت بـالأضخم منذ عام 2016 إلى منطقتي تل رفعت ومنبج في أرياف حلب الشمالية والشرقية، حيث تهدد تركيا بشن عملية عسكرية جديدة منذ أسابيع، بينما تواصل سوريا تعزيز وجودها على الارض شمالا.
وحسب مصادر محلية لـ «القدس العربي» انسحبت قوات سوريا الديمقراطية (قسد) ذات الغالبية الكردية، من مواقع عسكرية في مطار منغ العسكري القريب من تل رفعت شمال حلب وحلت مكانها ميليشيا «لواء الباقر» ومجموعات محلية من بلدتي نبل والزهراء. وأكد الصحافي المتواجد في الشمال السوري همام عيسى وصول تعزيزات إلى جبهات تل رفعت، بينها نحو 10 دبابات وعربات ثقيلة بالإضافة إلى عشرات العناصر من «لواء الباقر» المدعوم من الحرس الثوري الإيراني. وأضاف عيسى لـ«القدس العربي» أن النظام السوري وافق على إرسال تعزيزات عسكرية إلى محاور تل رفعت والساجور ومنغ وعين عيسى وعين العرب في ريفي حلب والرقة وذلك لمنع الأتراك من السيطرة على مناطق جديدة. وفي منبج، انتشرت قوات النظام في مناطق عدة، وتوزعت غالبيتها على خطوط التماس مع الجيش الوطني المعارض. وذكر الصحافي الموجود في المنطقة، زين العابدين العكيدي، أن رتلاً عسكرياً ضخماً وصل ريف منبج في حماية الطيران المروحي الروسي، وانتشر في قرية تل الرفيع، وخط الساجور، وقرية صافي والعوسلجي، مبيناً أن قوات النظام لم تدخل مركز مدينة منبج، واقتصر الانتشار على الريف. أما في شرق الفرات فقد عززت قوات النظام انتشارها على تخوم تل أبيض، ونقاط التماس بين «قسد» و»الجيش الوطني»، عند منطقة العمليات العسكرية التركية «نبع السلام». وأوضح العكيدي لـ «القدس العربي» أن قوات النظام أنشأت 7 نقاط بمحاذاة الخط الفاصل بين الطرفين غرب تل أبيض، وجنوب رأس العين، وتم تعزيز النقاط الثابتة التي أسسها جيش النظام على الحدود التركية – السورية. يأتي ذلك بعد إعلان قائد «قسد» مظلوم عبدي، الجمعة، أن لقاءاتهم الأخيرة مع الجانب الروسي أفضت إلى الاتفاق على تعزيز جديد للقوات النظامية في مناطق حدودية مع تركيا، مثل عين العرب ومنبج للقيام بواجبها في الدفاع عن «الأرض السورية». وأضاف في تصريحاته «لا نريد الحرب، لكن إن فتح الجانب التركي أبواب هذه الحرب، فلن يستطيع إيقافها وستكون واسعة وشاملة وطويلة الأمد و»قسد» ستحدد نهايتها».
وذكرت مصادر من «قسد» أن التعزيزات من جانب النظام، والتي تمركزت في منطقة تل رفعت، وعين عرب، وغرب تل أبيض، وعين عيسى، ومنبج خلال الفترة المقبلة، تأتي في إطار التفاهم السياسي مع النظام السوري. وتتحدث «قسد» عن تفاهمات موجودة أساساً، ويقول الناطق الرسمي باسمها، فرهاد الشامي إن «القوات الحكومية موجودة أصلاً في المنطقة في إطار التفاهمات العسكرية مع النظام في دمشق واتفاق سوتشي 2019 بين تركيا وروسيا و»قسد».
في المقابل، حصلت «القدس العربي» على معلومات تشير إلى أن «قسد» اتفقت مع النظام السوري على فتح الباب أمام حوار سياسي واسع، مقابل نشر النظام قواته في المناطق المهددة بالاجتياح التركي، وقد وافقت «قسد» على سيطرة قوات دمشق على «طريق M4»، لكن هذا كله شريطة عدم تدخل الحكومة السورية في شؤون الإدارة الذاتية، بما فيها الجانب الأمني، حسب ما تسرب من تفاهمات لم تكتمل بنودها للان استناد للمصادر الكردية.
وكانت الانتقادات من طرف المعارضين السوريين زادت حدتها ضد تركيا بعد إعلانها المتكرر عن عمليات شمال سوريا تبقى في الإطار الإعلامي، بينما أدت هذه التهديدات التركية إلى الضغط على «قسد» لتقديم تنازلات للجانب السوري الحكومي للوصول لتفاهم نهائي مع دمشق، وانعكست هذه التفاهمات حتى الآن بوصول قوات النظام السوري لمناطق انسحبت منها «قسد» شمال حلب. وحقق النظام ذلك دون خوض أي معركة، مستفيدا من تهديدات انقرة التي تفضل وجود قوات النظام السوري على قوات الأكراد. في هذه الاثناء يواصل الرئيس التركي رجب طيب اردوغان إطلاق تصريحاته التي تترجم لواقع سوى تقدم دمشق، فقد أشار مؤخرا إلى أن «موعد العملية قد يكون مفاجئاً»، وقال رداً على سؤال صحافي عما إذا تأجلت العملية العسكرية التركية على شمال وشرق سوريا لأسباب دبلوماسية أو عسكرية، قال: «لا داعي للقلق، لا حاجة إلى الاستعجال، نحن نعمل بالفعل على ذلك الآن».
المصدر: «القدس العربي»