(الولد الشقي) محمود السعدني

منة الله الأبيض

لم يكن الكاتب الساخر محمود السعدني أو كما يطلق عليه “الولد الشقي”، رفيقًا عاديًا في حياة أخيه الأصغر الفنان صلاح السعدني الذي سلك طريق التمثيل من كلية الزراعة، أو محطة عابرة في حياته، لكنه كان تجربة ملهمة جدًا وحكاية مؤثرة لأخيه الفنان تأثر بها في مراحل حياته المختلفة منذ طفولته وحتى الآن.

من قهوة “محمد عبدالله” بميدان الجيزة، تشكل وعي صلاح السعدني لما كان أخوه الولد الشقي الكاتب الكبير محمود السعدني يصطحبه ليجتمع بأهل الأدب والثقافة ليلتقي بمتعدد المواهب الحكاء عبدالرحمن الخميسي ويوسف إدريس، فيجلس صلاح في حضرة الحكاية، مستمعًا وتلميذًا لأهل الثقافة، يتشكل وعيه ومخزونه الفكري والثقافي على يد هؤلاء الرموز.

تحتفل “بوابة الأهرام” بقيمة فنية كبيرة من جيل عمالقة الفن، عطاؤهم الفني لا ينضب، وتجربتهم الثرية يتعلم منها الأجيال، الفنان الكبير صلاح السعدني الذي يبلغ من العمر 78 عامًا، ورغم تواريه قليلًا عن الساحة الفنية بعد آخر أعماله الناجحة مسلسل “القاصرات”، إلا أنه لازال يعيش انتعاشة فنية بفضل أعماله التي لازالت تُعرض حتى الآن عبر القنوات الفضائية ولازالت عالقة في أذهان الجمهور.

علاقة الأخوين كانت علاقة استثنائية وفريدة، ويُحكى أن محمود السعدني ذهب لأداء اختبارات معهد التمثيل مع شقيقه صلاح السعدني والفنان عادل إمام والفنان سعيد صالح بعد أن سمع أن الفائز في اختبارات المعهد سيحصل على 7 جنيهات، ليجتاز محمود السعدني الوحيد الاختبارات بينما رسب صلاح السعدني وعادل إمام وسعيد صالح، إذ كان يملك الشقيق الأكبر كافة المؤهلات لكنه سلك طريق الكتابة والسياسة بتحقق.

يقول صلاح السعدني عن شقيقه الأكبر بـ15 عام “لم يكن مجرد فرد، وإنما كان قبيلة بأكملها، كان الوالد الحنون، أشرف على جميع تفاصيل حياتي، بدءا من المدرسة وطعام وملبس وشراب، وصولا لأدق تفاصيل الحياة”.

لم يكن صلاح السعدني يسير على خطى أخيه الأكبر في الحياة فقط، بل قيل أن شخصية العمدة سليمان غانم التي كان يجسدها صلاح السعدني في مسلسل “ليالي الحلمية”، المسلسل الأشهر والأنجح، أنه استمد ملامح الشخصية من أخيه، القفشات والأسلوب والشكل.

استفاد أيضًا صلاح السعدني من تجربة شقيقه في السياسية، إذ حذره الأخير من الولوج إلى عالم السياسية “الخطير”، وأن يستكمل مشواره في الفن بتعبيره “خليك في الفن”، بخاصة أن مشوار محمود السعدني لم يكن مفروشًا بالورود إذ ذاق الاعتقال في عهد رئيسين، وكما استفاد أيضًا صلاح من أخيه، ذاق لعنة الأخوة أيضًا فكان صلاح من المغضوبين عليهم في فترة من الفترات بسبب آراء أخيه محمود.

تقمص صلاح السعدني شخصية أخيه الأب والصديق، أو بمعنى أخر “تطبّع بطباعه”، ففي إحدى المقالات يقول أكرم السعدني متحدثًا عن والده وعمه وعشقهما للكنبة يقول “لمدة عامين كاملين خرج السعدني من السجن ليجلس على الكنبة بعد أن خاصم الحجرات المغلقة وطلقها بالثلاث، فعلى الكنبة يأكل وعليها يقرأ وعليها يكتب كتبه ومقالاته الأسبوعية في المصور وفي أخبار اليوم وعليها يقابل الأصدقاء.. وعليها أيضًا ينام وعن السعدني الكبير محمود أخذ السعدني صلاح ولاية العهد فكان خير خلف لخير سلف واستقبلني العم على الكنبة التي هي بمثابة العرش السعدني غير مسموح لأحد الاقتراب منه أوالجلوس عليه ومن أدوات العرش السعدني.. الريموت كونترول الخاص بالرسيفر والتليفزيون فمن أمسك بهما أمسك بزمام العرش”.

المصدر: جريدة الاهرام

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى