مـوحدون

د. عبد الناصر سكرية

أعظم ما في تجربة الوحدة عام 1958، أنها جعلت منها فكرة قابلة للتحقيق، وليست حلما بعيد المنال. ثم انها بينت مدى جماهيرية فكرة الوحدة، بحيث حازت حماس وتأييد الشعب العربي بأسره، من المحيط الى الخليج، وليس فقط في مصر وسوريا.

الذين حاربوا الوحدة من العرب والأجانب؛ أعلنوا عداءهم المطلق للفكرة اساسا، كما للتجربة قبل البدء في تطبيقها وتحويلها الى دولة – نواة.

ليس فقط انظمة “سايكس/ بيكو” الوظيفية، ومعها النظام العالمي الامريكي ـ الصهيوني، انما ايضا احزاب دينية لا وطنية، واحزاب يسارية لا عروبية، فضلا عمّن كانت مصالحهم الشخصية هي المحرك لمواقفهم، واؤلئك “الليبراليين”، الذين كانت لهم ارتباطات او صداقات او تبعيات للغرب الاستعماري.

هؤلاء جميعا، لا يزالون ضد الوحدة كفكرة ومبدأ وضرورة ومصلحة عربية. بل ازدادوا شراسة في محاربتها، على الرغم من وفاة جمال عبد الناصر قبل 50 سنة، وعلى الرغم من الانفصال قبل 60 سنة، ها هم هؤلاء جميعا، يجسّدون كل انواع السلوكيات الانفصالية – التقسيمية، بعد ان اضيفت إليهم قوى واحزاب وكيانات مذهبية تقسيمية، معادية ايضا للوحدة وللعروبة معها.

إن إدراك هذه الحقيقة، يمثل أحد اعمدة العمل في سبيل الوحدة، حتى لا تبقى مجرد حلم رومانسي، يلاحق الوحدويين، الذين أصبحوا على هامش الفعالية العربية.

الفعالية الوحيدة القائمة للوحدة هي الحاجة الشعبية الماسة اليها لوضع حدّ للتردي العربي الراهن، هذه الفعالية الشعبية، هي التي ستفرض الوحدة مجددا، لأنها حقيقة الوجود العربي والمستقبل العربي، والارادة الشعبية العربية.

ولعله من الموضوعية القول، ان تلك القوى التي كانت تنادي بالوحدة، ثم تحولت الى الارتهان لأنظمة المال او الاجهزة والاستبداد؛ قد أضحت في عداد القوى المعادية للوحدة، او المعرقلة لها، والمخربة لمسيرتها الشعبية، او إدراك الوعي الشعبي لحقيقتها، على اقل تقدير. “الله غالب”.

المصدر: المدار نت

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى