في اليوم العالمي لمناهضة التعذيب..|| تقارير تتحدث عن مملكة الرعب في سورية

أستاذ جامعي.. في أواخر الخمسينيات من عمره ” كنت قاب قوسين من فقدان عقلي”

 وهو يصف تأثير الحبس الانفرادي في حلب.

يصادف 26 حزيران/ يونيو من كل عام، اليوم الدولي للأمم المتحدة لمساندة ضحايا التعذيب، والتي دخلت فيه اتفاقية الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة القاسية أو غير الإنسانية أو المهينة، وهي إحدى الأدوات الرئيسة في مكافحة التعذيب، حيز النفاذ في عام 1987. وتصّدق اليوم 162 دولة على هذه الاتفاقية.

وكانت سوريا أصدرت مرسوماً تشريعياً عام 2004 يقضي “بانضمام سوريا إلى اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة”. لكن المرسوم التشريعي نص على عدم اعتراف سوريا باختصاص لجنة مناهضة التعذيب المنصوص عليها في المادة 20 من الاتفاقية المذكورة.

وفي تصريح سابق، قال المحامي والناشط في مجال حقوق الإنسان، أنور البني: “إن انضمام سوريا إلى اتفاقية مناهضة التعذيب لم يقدم شيئاً ملموساً على هذا الصعيد لوجود عدم الاعتراف باختصاص لجنة مناهضة التعذيب المنصوص عليها في المادة 20 التي تسمح للجنة بالقيام بالتفتيش في السجون بشكل مفاجئ ودوري للتأكد من عدم ممارسة التعذيب”.

وتتشكل لجنة مناهضة التعذيب للأمم المتحدة من عشرة خبراء مستقلين مكلفين بمراقبة احترام البلدان الموقعة المعاهدة، التي وقعها 135 بلداً.

ويضيف البني: “رغم أن الدستور نص على عدم ممارسة التعذيب ونص قانون العقوبات السوري على عقاب من يمارسه إلا أن السلطات تتجاهل ذلك والتعذيب يمارس بشكل اعتيادي في سوريا بدون أي رادع”.

وخلص إلى القول: “إن هذا التوقيع ليس إلا محاولة لتجميل وجه قبيح من ممارسات التعذيب ووفاة عدة أشخاص تحت التعذيب منذ وقت قصير، وثبوت ممارسات التعذيب الوحشية في بعض الأحيان ضد المعتقلين خير شاهد على ذلك”.

وكان توقيع النظام السوري على اتفاقية مناهضة التعذيب بعد شهر من انتفاضة الكرد السوريين عام 2004 والتي انتهى المطاف بقرابة 2000 منهم في سجون ومعتقلات الأسد، وقتذاك أكد العديد من الأحزاب الكردية في بيانات صدرت في دمشق وبيروت أن “العديد من الشبان الأكراد (السوريين) لقوا حتفهم تحت التعذيب” في فروع النظام الأمنية.

توريث التعذيب

الاعتقال والتعذيب في سجون النظام السوري، مثل توريث الحكم الذي حدث منتصف عام 2000، حيث ورثَ بشار الأسد وفروعه الأمنية، التعذيب عمن سبقهم من الحرس السابق الذي أسسه حافظ الأسد، فكل من يسوقه القدر إلى معتقلات هذا النظام، لا بدّ أن يخرج بعاهة مؤقتة أو دائمة، نتيجة التعذيب والمعاملة التي يلقاها المعتقل، فالضرب مسموح به لكل العناصر، وليس للسجانين فقط. وفي آب من عام 2011، قام مدير مكتب رئيس فرع الأمن الجنائي في حلب “محمد الضاهر”، بالنزول إلى الزنزانات والمنفردات (المنفردة غرفة مساحتها تقارب المتر مربع) بضرب وتعذيب المعتقل “درويش خليفة” ولعدة ساعات متواصلة دون غيره من المعتقلين، والذي تم إحضاره من فرع الأمن العسكري في المدينة، وكانت الدماء الجافة ما تزال على أجزاء كبيرة من وجه “خليفة” الذي اعتقل بعد مظاهرة تنادي للحرية ووحدة الشعب السوري.

لم يكن يقتصر التعذيب في فروع النظام السوري على الرجال فقط، كان يشمل أيضاً النساء والأطفال وكل من يعارض السلطات أو له صلة بشخص معارض أو ينتقد سير الحكم والفساد الذي تمارسه الطبقة الحاكمة.

سوريا مملكة الرعب

وكانت منظمة العفو الدولية amnesty تحدثت في تقرير معنون بـ”ضعوا حداً للرعب والتعذيب في سجون سوريا” عن بعض التقنيات المستخدمة في التعذيب بفروع ومعتقلات النظام السوري بعد ثورة 2011، وهذه الأساليب شائعة جداً “إذ يُنادى كل واحد منهم باسم مستعار. ويُربط في لوح قابل للطي يسمى “بساط الريح” ووجهه نحو الأعلى، ثم يحرك كل جزء من اللوح باتجاه الجزء الاخر”.  وكذلك هناك ما يسمى بـ “الدولاب” حيث يُرغم المعتقلون على الجلوس على إطار عجلة وجباههم باتجاه الأرض نحو ركبهم أو كاحليهم ثم يضربون.

وأظهر التقرير أنواع التعذيب والأدوات المستخدمة، مثل “الضرب بخراطيم بلاستيكية، وقضبان مصنوعة من السيليكون، وعصي خشبية، والحرق بأعقاب السجائر. والوقوف في الماء وتلقي الصدمات الكهربائية”، وفق ما نقله المعتقلون السابقون في سجون الأسد.

ويشير التقرير إلى أن “هذا الرعب المطلق يهدف إلى كسر إرادة الشخص المحتجز وتدمير روحه. حيث تعرض الناجون لصدمات نفسية وكسور جسدية. كما إنهم يحتاجون، في الغالب، إلى دعم طبي مكثف ومساندة عاطفية لإعادة بناء حياتهم”.

إضافة إلى ذلك “في بعض الحالات يتعرض الرجال والنساء إلى الاغتصاب والتحرش الجنسي. كما تتلقى النساء تهديدات بالاغتصاب أمام ذويهم بهدف انتزاع اعترافات منهن”.

مجلس الأمن ولأول مرة يعقد جلسة حول قضية المعتقلين السوريين

وبالعودة إلى الاتفاقية، نجد أن المادة الثانية من الجزء الأول، لا تجيز للأطراف الموقعة على “الاتفاقية المناهضة للتعذيبˮ، بـ “التذرع بأية ظروف استثنائية أيا كانت، سواء أكانت هذه الظروف حالة حرب أو تهديداً بالحرب أو عدم استقرار سياسي داخلي أو أية حالة من حالات الطوارئ العامة الأخرى كمبرر للتعذيب”.

كما أنه “لا يجوز التذرع بالأوامر الصادرة عن موظفين أعلى مرتبة أو عن سلطة عامة كمبرر للتعذيب”، وفقاً للفقرة 3 من المادة المشار إليها أعلاه.

وتشير الفقرة الثالثة من المادة 20، أنه “في حالة إجراء تحقيق بمقتضى الفقرة 2 من هذه المادة، تلتمس اللجنة تعاون الدول الطرف المعنية. وقد يشمل التحقيق، بالاتفاق مع الدولة الطرف، القيام بزيارة أراضي الدولة المعنية”. وهو بالفعل ما حدث في أواخر عام 2011 عندما قررت لجنة من الأمم المتحدة زيارة المبنى الملحق في سجن حلب المركزي، الذي يتم وضع معتقلي الرأي الذي تظاهروا ضد النظام السوري في آذار 2011، لكن سرعان ما قامت قوات النظام وإدارة السجن بنقل المعتقلين إلى المبنى الرئيس من سجن حلب ووضعهم مع المساجين الجنائيين، ولمدة 3 حتى 4 أيام لحين مغادرة اللجنة مدينة حلب.

ما أوردناه في هذه المادة غيض من فيض في تاريخ حكم الأب والابن، حافظ وبشار الأسد، لسوريا، منذ عام 1970 حتى اللحظة الراهنة، حيث ما يزال يقبع في سجون النظام هناك 132 ألف معتقل ومختفٍ قسرياً، وفق تقارير صادرة عن منظمات حقوقية سورية.

المصدر: ليفانت

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى