تحت عنوان “صفقة الغاز بين إسرائيل ومصر والاتحاد الأوروبي هي ضوء أخضر آخر للاحتلال وانتهاكات الحقوق”، قالت إيناس عبد الرازق المديرة في المعهد الفلسطيني للدبلوماسية العامة، وهي منظمة فلسطينية مستقلة تركز على التعبئة الدولية والحملات الرقمية من أجل العدالة والحرية والمساواة، في مقال بموقع “ميدل إيست آي” البريطاني، إن الاتحاد الأوروبي وقع مؤخرا اتفاقية غاز ثلاثية مع مصر وإسرائيل من شأنها زيادة اعتماد الاتحاد الأوروبي على الغاز الإسرائيلي. ووصف رئيس مفوضية الاتحاد الأوروبي الصفقة بأنها “اتفاقية تاريخية”. وتثبت هذه الصفقة أنه عندما يتعلق الأمر باحترام حقوق الإنسان والقانون الدولي، فإن الاتحاد الأوروبي والدول الأعضاء فيه لا يتمتعون بالمصداقية.
وتشير الكاتبة إلى أن الاتفاق يأتي في الوقت الذي يبحث فيه الاتحاد الأوروبي عن بدائل للنفط الروسي وسط الحرب الدائرة في أوكرانيا. ويقول رئيس المجلس الأوروبي “تشارلز ميشيل” إن واردات النفط الروسية “مصدر ضخم لتمويل الآلة الحربية الروسية”.
وبدلا من ذلك ـ تشدد الكاتبة ـ يتبنى الاتحاد الأوروبي مسارا سيجعله أكثر اعتمادا على الغاز الإسرائيلي، بالرغم من استمرار الاحتلال الإسرائيلي لأراضي الفلسطينيين، واستمرار بناء الوحدات الاستيطانية والانتهاكات الجسيمة بحق الفلسطينيين.
وتضيف أن الاتفاقية ستجعل الاتحاد الأوروبي أكثر اعتمادا على مصر التي يحكمها نظام ديكتاتوري تضم معتقلاته نحو 60 ألف سجين سياسي.
وتنوه أنه في وقت سابق من هذا العام، خصص الاتحاد الأوروبي 688 مليون دولار من أجل خط أوراسيا وهو خط تحت البحر يربط بين شبكات الكهرباء في إسرائيل وقبرص واليونان وأوروبا.
وتضيف الكاتبة أنه على مدى عقود، كانت إسرائيل تبني دولتها وتغذي مشروعها الاستيطاني من خلال مصادرة الأراضي ونهب الموارد الطبيعية الفلسطينية، بما في ذلك المياه والنفط والغاز والمعادن. ويأتي جزء من الغاز المقرر تصديره إلى أوروبا من حقول قبالة سواحل غزة التي تفرض إسرائيل عليها حصارا وحشيا منذ 15 عامًا.
وتؤكد أنه في الواقع، تستخدم إسرائيل قطاع الطاقة لبناء العلاقات الدبلوماسية بلا خجل بينما ترتكب جرائم ضد الفلسطينيين. وتقدم إسرائيل نفسها على أنها منارة للتكنولوجيا العسكرية، وتقوم بتجربة واختبار هذه التقنيات على الفلسطينيين الخاضعين لسيطرتها.
شددت على أن تعاون أوروبا مع إسرائيل في قطاع الطاقة، إلى جانب الزيارات رفيعة المستوى لإسرائيل من قبل قادة أوروبيين وأمريكيين، يعد بمثابة ضوء أخضر لحكومة الاحتلال لمواصلة حملتها القمعية، دون مساءلة دولية.
وأشارت إلى أنه على مدار العام الماضي، قتلت القوات الإسرائيلية مئات الفلسطينيين وهدمت مئات المنازل وواصلت حملات التطهير العرقي واستمرت في اضطهاد ناشطي حقوق الإنسان. وبدلا من معاقبة إسرائيل وعزلها، يكافئها المجتمع الدولي على تلك الجرائم من خلال الصفقات والأنشطة الدبلوماسية، مما يعزز ثقافة الإفلات من العقاب.
وتقول إنه في أحسن الأحوال، تواصل الحكومات الأوروبية إصدار بيانات ضعيفة منفصلة عن الحقائق على الأرض، مثل “الحاجة إلى حل الدولتين”.
وبحسبها التزمت القيادة الفلسطينية الصمت حيال صفقة الغاز بين إسرائيل ومصر والاتحاد الأوروبي، والتي تم الإعلان عنها بعد يومين فقط من قيام الاتحاد الأوروبي بتحرير حوالي 200 مليون دولار من التمويل الذي تأخر طويلاً للسلطة الفلسطينية.
ويؤكد ذلك ـ برأي الكاتبة ـ مرة أخرى أن السلطة الفلسطينية قبلت الخضوع للاحتلال الإسرائيلي في مقابل بقائها السياسي.
وتختم بالقول إن صفقة الغاز الأخيرة تمثل وصمة عار أخرى على القيم التأسيسية للاتحاد الأوروبي. وبدلاً من الضغط على الدول الاستبدادية وتبني سياسة خارجية قائمة على القيم، تختار أوروبا ببساطة الوقوف مع المحتلين ومنتهكي حقوق الإنسان.
المصدر: “القدس العربي”