دعا رئيس بعثة الأمم المتحدة المتكاملة لدعم الانتقال في السودان، فولكر بيرتس، كل الأطراف السودانية للتعبير عن “التزامهم بحل سياسي، وأهداف الثورة بالانتقال المدني نحو الديمقراطية”، مطالبا بضم الشباب ومن لديهم “مفتاح حل الأزمة” في الحوار.
وشدد في مقابلة خاصة مع “قناة الحرة” على أهمية الاتفاق على “أسلوب سلمي للوصول إلى هذا الحل”، مشيرا إلى أن الجميع اتفقوا “على المبادئ الكبيرة، ولكن هذا يحتاج إلى بعض التنازلات في سياق الحوار” و”عدم إقصاء أي طرف وقبول الآخر”.
وذكر أن بعض الأطراف عليها التنازل “عن جزء من السلطة الحالية أو التي كانت لديهم قبل 25 من أكتوبر”.
وحول أسباب تأجيل الجلسة التحضيرية للحوار بين الأطراف السودانية المختلفة، أوضح بيرتس أن الآلية الثلاثية التي تضم الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي وإيغاد (الهيئة الحكومية للتنمية) سعت إلى “تسهيل حوار سوداني – سوداني للخروج من الأزمة الحالية”.
وأشار إلى أن الجميع لم “يكونوا موجودين” في الحوار، ولهذا “كل الأطراف المهمة أو غير المهمة لم تكن موجودة” ما يعني أن “هناك نقصا”.
وأضاف “نحن نعرف أنه في السودان أطراف أساسيين، ولديهم مفتاح حل الأزمة”، مبينا أن “قوى الحرية والتغيير والمجلس المركزي غابت عن الاجتماعات” والذين حضروا “اتفقوا على أن الآلية الثلاثة عليها التعامل مع الأطراف الغائبة، والتعاطي معهم لخلق جو مناسب لاجتماع كل الأطراف المهمة”.
تحرك مكوكي
وأوضح بيرتس أنه تقرر “تأجيل الجلسة القادمة، وقررنا أن نتواصل مع كل الأطراف بشكل مكوكي”.
ويشرح أن بعض هذه الأطراف كانت قد أعلنت موقفها واعتذروا عن المشاركة في الاجتماع، وأن “لديهم ملاحظات على طريقة إدارة الحوار، ولديهم ملاحظات على بعض الموجودين، ولكن في الوقت نفسه قالوا إنهم ملتزمين بالتعاون مع الآلية الثلاثية، ونحن نراهن على هذا التعاون ليس فقط منهم، أيضا العسكر ذكروا أكثر من مرة بأنهم ملتزمين بالتعاون مع الآلية الثلاثية”.
النظام البائد
ورفض بيرتس الاتهامات بأن الآلية الثلاثية أعطت وسيلة للتفاوض لبعض واجهات النظام السابق، وقال: “هذا غير دقيق وغير صحيح. يمكن أن يكون داخل القاعة شخص معين كان لديه دور معين في فترة معينة في فترة النظام البائد، ولكن نحن نعرف أن كل القوى السياسية والحركات المسلحة في فترة من الفترات كانوا يتعاطون مع النظام البائد، إما عن طريق مفاوضات سلام أو عن طريق المشاركة في حكومة ائتلافية قبل انفصال جنوب السودان أو عن طريق حوارات وطنية”.
وأضاف “هذا النظام استمر لمدة ثلاثين عاما، فالكل تقريبا، ولا أقصد الشباب أو بعض الأحزاب التي لم تعمل مع النظام البائد، ولكن جميع القوى العسكرية والمسلحة والسياسية كانت لهم علاقات مع النظام البائد”.
مهادنة العسكر
وأكد أن الاتهامات الموجهة بحق المبعوث الأفريقي للسودان، محمد الحسن ولد لبات، بأنه يهادن المكون العسكري، لا أساس لها، مبينا “أننا نعمل مع بعضنا كطاقم واحد، ولد لبات لديه تفويض واضح جدا من الاتحاد الأفريقي، وهو يعبر عن هذا التفويض بشكل صريح جدا، وأن تفويضه جاء لينهي حالة الانقلاب في السودان، وأن كل مسهّل أو وسيط يجب عليه أن يكون له علاقات جيدة مع الأطراف”.
وشدد أن البعثة الأممية “لا تهادن أي أطراف بعينها، نحن نعمل حسب قوانين هذا البلد”، مشيرا إلى تواجد “اتهامات شديدة اللهجة وبعض التجمعات خارج مكتب البعثة من حزب النظام المخلوع (حزب المؤتمر الوطني)”.
وقال بيرتس: “ليس لدينا مانع من أن نتحدث مع الإسلاميين أو حتى ندخلهم إلى الحوار، ولكن في نفس الوقت نحن لا نملك سيادة، السودان دولة ذات سيادة، وإن كانت هناك قوانين تقول إن هذا الحزب ممنوع فلا أستطيع أن أعمل مع هذا الحزب، أنا أعمل تحت قوانين هذه الدولة”.
وحدد بيرتس أولويات المرحلة التي تلي الخروج من الأزمة السياسية الحالية، بأن “العدالة الاجتماعية” ستكون من أولويات المرحلة الانتقالية، مشيرا إلى أنها ترتبط بـ”مسألة الضمانات لحكم مدني”.
ونوه إلى أنها ترتبط أيضا بتعاطي “السودان مع جرائم الماضي، بما في ذلك جريمة فض الاعتصام في 30 يونيو 2019”.
الشباب السوداني
وأكد بيرتس على أهمية “الشباب” في التوصل لحل لأزمات البلاد، وقال: “إن المتظاهرين أو المواكب ولجان المقاومة كانوا عناصر مهمة لدفع بقية الأطراف إلى قبول التفاوض والمحادثات، وإذا لم يكن هناك مقاومة للانقلاب لما قامت السلطات بقبول المحادثات والتفاوض”.
ويعتقد أن “لجان المقاومة لعبت، ولا تزال تلعب، دورا مهما، لأن الأحزاب والعسكر والقوى الفاعلة، أدركوا خلال الأشهر الأخيرة أن من دون الشباب لا يوجد حل في هذه البلاد”.
كما لفت بيرتس إلى استمرار اللقاءات والاتصالات مع “لجان المقاومة” رغم أنه “ليس لديها هياكل قيادية مثل الأحزاب، ولذلك في كل مرة نجتمع مع لجنة تخرج لجنة أخرى وتقول إنها لا تمثلنا، ولهذا السبب اجتمعنا مع لجان مختلفة من الخرطوم وحتى من الولايات”، داعيا الجميع للقاء معهم وقال: “بابنا مفتوح ونحن أحيانا نبحث عن هذه اللقاءات ونحن نسرّ بلقائهم”.
أوراق الضغط
ويشرح بأن الأمم المتحدة لا تقوم بأي “ضغوط” في السودان، وهي تنشط في “المساعي الحميدة”، حيث يتم الجلوس مع الأطرف المختلفة و”يُشرَح لهم ما هو وضع البلد والوضع الجيوسياسي”، مشيرا إلى أن أكبر “الضغوط” حاليا لكل الأطراف هو “عدم وجود حكومة منذ سبعة أشهر، وتضخم اقتصادي والتدهور الأمني”.
ويكشف بيرتس أن “الاتحاد الأفريقي لديه وسيلة ضغط ملموسة، تعليق عضوية السودان من الاتحاد الأفريقي”، ويعتقد “أن الكل مدرك أن السودان يجب أن يخرج من الحالة شبه المعزولة من الاتحاد الأفريقي”.
وأضاف أن “البنك الدولي والدول المانحة لا يمكنهم أن يضغطوا بشكل سياسي، ولكن طبعا جميعم الدول المانحة والبنك الدولي يحتاجون لحكومة كشريك ليعملوا معه”.
ضمانات
ويشير بيرتس إلى أنه في حالة الوصول إلى اتفاق فإنه يجب أن تتركز الضمانات في “المؤسسات التي تحكم”، حتى لا يتكرر ما حدث في 25 من أكتوبر، موضحا “خلال أول عامين من الفترة الانتقالية، لم يكن هناك مجلس تشريعي، وهذا كان نقص كبير في المؤسسات ونقص هيكلي، أحسن ضمان لأي اتفاق في أي بلد يكون بالمؤسسات القوية”.
ويرى أن “السودان يحتاج إلى سلطة تشريعية إلى جانب السلطة التنفيذية والسيادية وهذا يكون ضمانا داخليا. طبعا المجتمع الدولي يستطيع أن يلعب دورا، فإذا اتفق السودانيون مثلا على آلية التقويم أو آلية المراقبة، وهذا أيضا يحتاج إلى اتفاق بين السودانيين، ولكن آليات كتلك قد تشكل ضمانا لاتفاقيات داخلية”.
وبيّن بيرتس أن التقارير التي تُرفَع لمجلس الأمن “فاعلة، إذ لا يوجد طرف لا يرى هذه التقارير أو يعلق عليها، وعادة تؤخذ هذه التقارير بجدية من العسكر ولجان المقاومة، ونحن نعلم الحالة الجيوسياسية”.
وأضاف “لا نتوقع حاليا أن هذه الدول ستتفق على ضغوط مثلا على أي طرف في السودان، هذا ليس واردا في الوقت الحالي”.
المصدر: الحرة. نت