ألغت وزارة العدل في حكومة النظام السوري جميع البلاغات والإجراءات المستندة إلى الجرائم المنصوص عليها في قانون الإرهاب، الصادرة بحق جميع المواطنين السوريين في الداخل والخارج، “ما لم يتسبب فعلهم بموت إنسان” أو “يثبت استمرار انتمائهم إلى تنظيمات إرهابية” أو “ارتباطهم بدول أخرى”. الأمر الذي قوبل بتشكيك من جهات حقوقية.
وجاء في بيان صادر عن وزير العدل أحمد السيد، مساء يوم أمس السبت، أن القرار جاء تنفيذًا لأحكام المرسوم التشريعي رقم 7 لعام 2022، المتضمن عفوًا عن “الجرائم الإرهابية” المرتكبة من السوريين قبل تاريخ 30 نيسان/إبريل 2022.
وأكد البيان إلغاء جميع البلاغات والإجراءات (إذاعة بحث، توقيف، مراجعة) المستندة إلى الجرائم المنصوص عليها في قانون مكافحة الإرهاب رقم 19 لعام 2012.
وجاء هذا القرار عقب إصدار رئيس النظام السوري بشار الأسد مرسوماً تشريعياً، في إبريل/نيسان الماضي، يقضي بمنح عفو عام عن “الجرائم الإرهابية” التي ارتكبت قبل تاريخ الـ30 من نيسان، عدا تلك التي أفضت إلى موت إنسان.
قرنفل: ليس باستطاعة وزير تقييد مرسوم لأن المرسوم قانونيا هو أعلى من التعميم الصادر عن وزير ولا يحق لوزير العدل أن يتوسع في تفسير المرسوم ويعطيه تأويلات غير موجودة في المرسوم
وحول تبعات هذا القرار ومن يشمله، قال رئيس “تجمع المحامين السوريين الأحرار” غزوان قرنفل، لـ”العربي الجديد”، إن قرار وزارة العدل لا يعد إلا كونه “شططاً “في الكلام لا يحمل أي معنى قانوني باعتباره يتوسع في التأويل والتفسير لمرسوم رئاسي، والمرسوم جاء بصيغة مطلقة وهناك قاعدة قانونية تقول إن “الإطلاق يجري على إطلاقه”، أي ليس باستطاعة وزير تقييد مرسوم لأن المرسوم قانونيا هو أعلى من التعميم الصادر عن وزير، وبالتالي لا يحق لوزير العدل أن يتوسع في تفسير المرسوم ويعطيه تأويلات غير موجودة فيه.
وتساءل: “كيف يمكن للنظام أن يثبت أن هذا الشخص غير منتم لمنظمة إرهابية؟
وبرأيه، ليس لهذا التعميم وزن قانوني، والهدف منه هو “التعمية على إطلاق المعتقلين لأنه من الواضح أن من أطلق سراحهم هم من المعتقلين حديثا ولا يتجاوز عددهم 400 شخص، بينما هناك أكثر من 130 ألف معتقل موثق ومختف قسريا لم يطلق سراحهم، لا سيما معتقلي الرأي، أمثال عبد العزيز الخير ورجاء الناصر وغيرهما الكثير من الشخصيات الحقوقية والسياسية، رغم عدم انتمائهم لأي منظمة إرهابية”.
وأضاف قرنفل أن الأجهزة الأمنية لا تحتاج أصلا إلى قرار من وزير لتوقف الناس، لأنها مطلقة الصلاحيات في سورية، وهناك قانون يحميها من المساءلة، إذ لا ضمانات لكف يدها عن الناس، سواء أولئك المشمولون بالعفو أو غيرهم. مؤكدا أن لديه معلومات عن اعتقال شخص شمله عفو سابق وأطلق سراحه قبل أيام بالعفو الجديد.
يحيى: المحاكم السورية لا ترسل مذكرات للمتهمين بقضايا إرهابية لحضور المحاكم وإنما تقوم الأجهزة الأمنية باعتقالهم وانتزاع الاعترافات منهم وتنقلهم إليها
من جانبه، قال المحامي السوري نزار يحيى، في حديث لـ”العربي الجديد”، إن التعميم الجديد لا يحدد المقصود بالضبط ومن يشمله، لأن المحاكم السورية لا ترسل مذكرات للمتهمين بقضايا إرهابية لحضور المحاكم، وإنما تقوم الأجهزة الأمنية باعتقالهم وانتزاع الاعترافات منهم وتنقلهم إليها. وتساءل: “هل التعميم يوقف جميع المطلوبين بقضايا الإرهاب للأفرع الأمنية؟ وتشطب أسماؤهم؟ الجواب لا، لأن إذاعة البحث الصادرة عن المحاكم لها إجراءات خاصة ولا علاقة لها بأجهزة أمن النظام.
وأضاف أن استثناء التعميم بعبارة “ما لم يتسبب بموت إنسان” أو “يثبت استمرار انتمائهم إلى تنظيمات إرهابية” يعتبر “فخا قانونيا وفضفاضا يمكن التلاعب به قانونيا”، موضحا أن النظام يصنف جميع مؤسسات المعارضة والمعارضين، وحتى الشخص الذي يتواصل معهم، إرهابيين، فكيف سيتم إثبات عدم استمرار انتمائه إلى تنظيمات إرهابية؟ أو أنه لم يتسبب بموت إنسان، فهذه الأمور يمكن انتزاعها عنوة من أي شخص يسلم نفسه لأفرع المخابرات.
وفي تقرير صدر يوم أمس عن “الشبكة السورية لحقوق الإنسان”، قالت المنظمة الحقوقية، إن النظام السوري لا يزال يصدر مزيدا من القوانين التي تعارض جوهر القانون، وهي أقرب إلى نصوص أمنية تهدف إلى شرعنة انتهاك حقوق المواطنين.
المصدر: العربي الجديد