وزير الدفاع الإسرائيلي بيني غانتس يناقش التحديات الاستراتيجية لبلاده

بيني غانتس

 يشارك وزير الدفاع الإسرائيلي رؤيته حول الهجمات الإرهابية الأخيرة، والمحادثات النووية الإيرانية، وحرب أوكرانيا، وتوسيع التعاون مع الدول في المنطقة، وغير ذلك.

“في 11 نيسان/أبريل، عقد معهد واشنطن منتدى سياسي افتراضي مع وزير الدفاع الإسرائيلي بيني غانتس. وغانتس هو أحد الأعمدة الرئيسية للحكومة الائتلافية في بلاده، وزعيم “حزب أزرق أبيض” ورئيس الأركان السابق لـ “جيش الدفاع الإسرائيلي”. وأدار محادثة الفيديو روبرت ساتلوف، المدير التنفيذي للمعهد ورئيس “كرسي هوارد بي بيركويتز” لسياسة الولايات المتحدة في الشرق الأوسط. وفيما يلي نسخة من الملاحظات الافتتاحية لغانتس وجلسة الأسئلة والأجوبة اللاحقة، والتي تم تعديلها من أجل الأسلوب والقواعد والوضوح”.

روبرت ساتلوف: يسرني أن أرحب بوزير دفاع إسرائيل ونائب رئيس الوزراء ورئيس هيئة الأركان السابق ونائب رئيس هيئة الأركان العامة في الجيش الإسرائيلي، بيني غانتس. نشكرك على حضورك، بيني، وأنا مسرور فعلاً أنك تمكنت من تخصيص هذا الوقت لنا. أعلم أنك منشغل للغاية، وتواجه تحديات كبيرة محلياً وخارجياً، وأنا أقدم لك جزيل الشكر لانضمامك إلينا. أنت في لقاء مباشر عبر الإنترنت مع “معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى” وينضم إلينا أشخاص عبر منصات متعددة، وأنا أتطلع إلى إجراء حوار مثمر معك. ولكنني أود أولاً أن أفسح لك المجال لتلقي كلمة افتتاحية في هذا الوقت المهم للغاية لك ولدولة إسرائيل. سيداتي وسادتي، بيني غانتس.

بيني غانتس. شكراً لك روب. قبل أن أبدأ، أود أن أقول رمضان كريم لجميع الصائمين. نحن في زمن الأيام المقدسة التي تكتسي أهمية كبيرة بالنسبة إلينا جميعاً. وآمل أن يعم الهدوء في هذه الفترة قدر المستطاع. صحيح أنها شهدت أحداثاً مؤسفة في بدايتها، ولكن هذا هو الواقع.

من وجهة نظري، يجب على إسرائيل مواجهة خمسة تحديات استراتيجية، اثنان منها محليان يتعلقان بنسيج المجتمع الإسرائيلي وبنية إسرائيل التحتية، أي الأطراف شمالاً وجنوباً. بعد إذنك لن أتطرق إلى التحديات الداخلية التي تعترضنا، ولكنني سأركز على التحديات الخارجية أو الإقليمية الثلاثة التي أعتقد أنه علينا مواجهتها، وهي ترتبط بإسرائيل والساحة العالمية والتحدي الذي تطرحه إيران والعلاقات مع جيراننا الفلسطينيين.

في ما يتعلق بإسرائيل والساحة العالمية، لا بدّ من القول إن مكانة إسرائيل العالمية وعلاقاتها الدولية تحمل تحديات وفرصاً على حد سواء. أولاً، بالنسبة إلى العلاقات الأمريكية الإسرائيلية، وكما سبق لي أن قلت مراراً، ثمة رابط فريد يجمع البلدين. وفعلاً، إن عدد الزيارات بينهما والدعم الذي نحصل عليه من واشنطن لا يضاهى. ونحن ممتنون جداً للمساعدة الأمنية التي نحصل عليها وطبعاً لإصدار القرارات الأخيرة وغيرها من الأنشطة.

وأظن أنه علينا إيجاد سبل لمواصلة تمتين علاقاتنا بالمجتمع الدولي بقيادة الولايات المتحدة، كما علينا توطيد وتمتين علاقاتنا بجيراننا في المنطقة، وهذا التوجّه جيد جداً حتماً. في الواقع ما نراه حالياً هو توجهات متزامنة. ثمة التوجه الإيجابي للتطبيع من جهة، الذي يقوم بشكل أساسي على اتفاقيْ السلام اللذين أبرمناهما مع مصر والأردن، بالإضافة إلى الاتفاقات الموقعة مع البحرين والإمارات والمغرب، ولن أنسى العلاقات الجيدة التي تجمعنا بدول أخرى حتى لو لم نوقع معاهدات رسمية معها. أما التوجه الثاني، فهو جهود الفلسطينيين لتجريد إسرائيل من شرعيتها، سواء من خلال حركة المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات أو “الفصل العنصري” أو الضغوط التي يمارسها علينا المجتمع الدولي بسبب القضية الفلسطينية.

وأنا أعتقد أنه علينا إيجاد سبل للحدّ من الضغوط الدولية. بالطبع، من وجهة نظري السياسية، أعتقد أنه لا بدّ من إيجاد طرق للتعايش مع الفلسطينيين في إطار ما أسميه “وضع يضم كيانين” مقابل العبارة القديمة “حل الدولتين”. ويمكننا الغوص في تفاصيل هذه النقطة لاحقاً إذا أردت.

وأيضاً على الساحة الدولية، سأتحدث قليلاً عن أوكرانيا. من الواضح أن إسرائيل تقف مع الغرب. ونحن نسعى إلى نهاية سريعة للحرب. فنحن ملتزمون تماماً بتقديم المساعدات الإنسانية ونحافظ على جهود الوساطة والتواصل مع أوكراينا وروسيا. وهذا بالطبع أمر في غاية الأهمية.

تبارها مشكلة إسرائيلية فحسب لأنه عندها قد يقول البعض “تفضلوا وحلّوا المشكلة” – ولكنني لا أظن أن هذه هي الحال. إيران منخرطة في الساحة العالمية، وفي الساحة الإقليمية، وعلينا التعامل معها من هذا المنطلق.

فالجمهورية الإسلامية تواصل تخصيب اليورانيوم، كما نعلم جميعنا، ولقد اقتربت كثيراً من نسبة نقاء 90 في المئة، ويمكنني أن أقول إن أسابيع قليلة تفصلها عن بلوغ هذا الهدف. لذا تسعى الأطراف كافة إلى التوصل إلى اتفاق معها بشأن هذه المسألة، ويقول الكثيرون إنه من الأفضل أن نجعل الإيرانيين يتراجعون قليلاً عن المستوى الذي بلغوه حالياً.

ونعلم جميعنا أن فترة ما بعد الاتفاق ستشكّل وضعاً مختلفاً تماماً على صعيد أنشطة إيران في المنطقة. إذ سيوفّر الاتفاق الكثير من الأموال للإيرانيين وأعتقد أن ذلك قد يؤثر سلباً في الأنشطة الإقليمية نظراً إلى توفر هذه الأموال. لذا لا بدّ من أن أقول إنني لا أحبذ التوصل إلى اتفاق ضعيف في إطار محاولة حل مشكلة كبيرة. وفي حال التوصل إلى اتفاق، يجب أن يكون متيناً وأن يسد الثغرات كافة، على غرار بند انقضاء الوقت، والرؤوس الحربية، وغيرها. لن أكرر القائمة بكاملها، فالجميع يعرفها مسبقاً.

أضف إلى ذلك أنه يجب مراعاة احتمال عدم التوصل إلى اتفاق. أظن أنه في هذه الحالة سيكون هناك فراغاً وعندها يجب أن نبحث عن خطة بديلة يفعّلها المجتمع الدولي الذي يمكنه أن يتحد كما حصل في الأزمة الأوكرانية. وإذا دعت الحاجة، يمكننا اللجوء إلى الضغوط الاقتصادية والتعاون الاستخباراتي والضغوط الدبلوماسية وإبراز القوة وأنشطة مكافحة الإرهاب في المنطقة، وما إلى ذلك.

ومن وجهة نظرنا طبعاً، تطرح إيران تهديداً عملياتياً، وعلينا أن نستعد للتعامل معها كحزمة واحدة، إن صح التعبير: على صعيد القضية النووية، وعلى صعيد الدولة بافتراض أنها ستعمل ضدنا. وأعتقد أنه يجب أن نواصل العمل ضد “الحرس الثوري الإيراني” و”فيلق القدس”، فهما أكبر مصدّر للإرهاب في العالم ويجب التعامل معهما على هذا الأساس. وعلينا أيضاً تعميق تعاوننا وتوسيع نطاقه في المنطقة.

لقد تحدثت إذاً عن أهمية الحفاظ على الروابط مع المجتمع الدولي والتحديات ذات الصلة. وتطرقت إلى أهمية مواجهة إيران بوضعها الحالي وليس بحسب ما نأمل أن تكون عليه. وبعد إذنك، سأتحدث قليلاً عن المسألة الفلسطينية وبعدها يمكننا الانتقال إلى الأسئلة.

عموماً، فيما يتعلق بغزة، لقد غيّرنا سياساتنا منذ عملية “حارس الأسوار” قبل نحو عام. نحن متشددون جداً على صعيد الأنشطة العسكرية. ولكننا منفتحون للغاية بالنسبة إلى الأنشطة الإنسانية والاقتصادية. يأتي حوالى 12 ألف عامل تقريباً من غزة، ووفر ذلك معونة اقتصادية كبيرة للقطاع. صحيح أن ذلك يشكل تحدياً كبيراً من الناحية العملياتية، ولكن الأوضاع هادئة جداً حالياً. وحتماً قد تتغير بين ساعة وأخرى، لذا لا تتفاجأوا إن حدث شيء ما اليوم أو غداً أو في أي وقت، فاحتمال أن يتغير الوضع قائم دائماً ونحن نمر بأوقات حساسة للغاية.

أما فيما يخص “السلطة الفلسطينية” وما تبقى من الضفة الغربية، فعلينا مواصلة تمتين روابطنا مع “السلطة” على جميع المستويات، من مستوى الدولة إلى المستوى العملياتي، فهذا أمر مهم للغاية. وعلينا المحافظة على تعاوننا الأمني مع “السلطة”، فضلاً عن الاستمرار في اتخاذ تدابير بناء الثقة معها، من أجل إصدار المزيد من التراخيص وموافقات البناء والمناطق الصناعية التي يبنونها. وعلينا أن نبذل قصارى جهدنا لضمان إقامة علاقات جيدة معها.

وتنطوي سياستي على ضمان أمننا والاستثمار في مستقبل الفلسطينيين في الوقت نفسه، ولكن عموماً سأحرص من منظوري الخاص على بقاء إسرائيل دولة يهودية وديمقراطية – كما قلت سابقاً، في إطار مفهوم “الكيانين”. وعندما يقول الناس “حل الدولتين”، فهذا يُحدث فجوة هائلة بين جملة قديمة من جهة، ورؤية بعيدة جداً من جهة أخرى. فأسلوب التعبير هذا معقد للغاية. والحل الوسط الذي أحاول إذاً أن أبنيه هو مرجع أفضل للفلسطينيين ولنا – أولاً لضمان أمننا وثانياً لتطوير الاقتصاد، ومن ثم تعزيز الحوكمة الفلسطينية قدر الإمكان. وبما أنني أريد التعامل مع المدنيين الإسرائيليين وليس الفلسطينيين – فأريدهم أن يتولوا الأمر بنفسهم، وأنا أعتبر هذا الأمر مهماً للغاية.

وأخيراً وليس آخراً، فلنتحدث عن الهجمات الإرهابية التي حدثت مؤخراً. لقد تعرضنا لعدة هجمات في الأسبوعين الماضيين. ولسوء الحظ، لقي 14 شخصاً حتفهم، ولكننا نجحنا في منع عشرات الهجمات. فعلياً، تستخدم قواتنا مثلث الأنشطة الاستخباراتية، أي الهجوم المرتبط بالأنشطة الاستخباراتية لكي نتوخى أقصى درجات الدقة والتحديد الممكنة، ونعترض تلك التي يجب اعتراضها ونترك الآخرين يعيشون قدر الإمكان، ونستخدم التدابير الدفاعية، ونسعى إلى الفصل قدر الإمكان بين الإرهابيين الذين نحاربهم وبالطبع عامة الناس.

إنه وقت حساس ومليء بالتحديات. فشهر رمضان يجب أن يكون فترة مخصصة للصلاة وتمضية الوقت مع الأسرة، إلخ. وأعتقد، صدقاً، أن معظم المدنيين الإسرائيليين والفلسطينيين يريدون الاحتفال بالعيد بهذه الطريقة.

ويوم السبت التاسع من نيسان/أبريل تناولتُ الإفطار مع أصدقاء مسلمين في مدينة الطيبة في إسرائيل. وهم يعارضون بشدة الأنشطة الإرهابية ويريدون أن يعيشوا حياتهم، وهذا خير مثال على ما كنت أقوله. علينا أن نحرص على فتح المسجد الأقصى أمام المصلين. ويوم الجمعة الثامن نيسان/أبريل، وصل عدد المصلين في المسجد إلى نحو 50 ألفاً، وأنا واثق ومتفائل من أن ذلك سيتكرر في المستقبل أيضاً.

لا بدّ من الإشارة إلى أهمية إدانة المسؤولين في “السلطة الفلسطينية” للهجمات، مع العلم أن بعض المسؤولين يحرضون على أعمال الإرهاب في منطقة جنين عموماً، وهذا يضر بالفلسطينيين والإسرائيليين على حد سواء. وآمل أن تتخذ “السلطة الفلسطينية” إجراءات ملموسة في هذا الصدد. ولكن حتماً لن نبقى مكتوفي الأيدي بانتظار أن يتحرك المسؤولون، وسنحاول الحفاظ على قنوات التواصل معهم قدر المستطاع.

وحين أنظر إلى موجة الإرهاب هذه، أرى أن الوضع قد يتفاقم ويتحول إلى حملة واسعة النطاق في غزة أو بعض الأحداث في لبنان، أو أي شيء آخر – نحن نعيش كل يوم بيومه ومن الصعب جداً التنبؤ بما سيحمله المستقبل. ولكنني متأكد من أننا سنهزم موجة الإرهاب هذه بفضل قواتنا الأمنية القوية، وقدرة أمتنا وشعبنا على الصمود، وإقامة توازن بين العزم والعزيمة العملياتية والسياسة المسؤولة قدر الإمكان.

يكفي هذا القدر من الملاحظات الافتتاحية، روب، أصبح بإمكاني الإجابة على أية أسئلة.

ساتلوف: ممتاز، شكراً جزيلاً بيني. لقد أعطيتَ لمحة مفيدة للغاية حول مجموعة واسعة من المواضيع. لدينا الكثير من المسائل لمناقشتها. لذا أعتقد أنه من المهم أن نبدأ من حيث ختمت أي من موجة الإرهاب التي يواجهها الإسرائيليون.

أود أن أسألك عن تحليلك لمصدر هذه الهجمات. فبعض الهجمات تبناها تنظيم “الدولة الإسلامية”، وأخرى أثنت عليها “حركة حماس” وجنين وعناصر متطرفون من “فتح”. هل هي أعمال منظمة؟ وهل هذه الجهات هم أفراد منعزلون؟ ما هو تقييمك لما خلف موجة الإرهاب؟

غانتس: نعم، كما قلتُ سابقاً، إن الشريحة الكبرى من شعب إسرائيل، في الضفة الغربية، وسأخاطر بقول غزة أيضاً، يريدون تمضية شهر رمضان كما يجب. فجميعهم يعارضون ما يحصل. عندما تنظر إلى الأمر من منظور التنظيم، سأميز بين “داعش”/”الدولة الإسلامية” كمزيج من الأفكار والتنظيم. أحياناً يمكنك اعتباره فكرة أكثر من تنظيم محض على الرغم من أنه يضم هيكلاً تنظيمياً نوعاً ما. وبالنسبة إلى الفاعلين الثلاثة فهم يعتبرون أنفسهم من عناصر التنظيم. ولكن واقع الحال أن التنظيم لم يرسلهم.

أظن أن هناك الكثيرين مثلهم. ونحن نسعى بذكاء إلى رصدهم والتصدي لهم مباشرة. فلنأخذ مثلاً بلدية أم الفحم، التي يأتي منها الشابان اللذان نفذا العملية – ترى أن رئيس البلدية  يشن هجوماً عليهما بالقسوة نفسها التي أَستخدمُها، وهذا أمر مهم للغاية من وجهة نظري وأنا أشجع على هذا النوع من الأنشطة.

وعندما أنظر إلى “حركة حماس” و”حركة الجهاد الإسلامي في فلسطين”، أعتقد أنه بإمكاني استخدام عبارة “ليس في عقر داري”. فهم يشجعون الأنشطة الإرهابية وإنما ليس في منطقتهم لأنهم يريدون الحفاظ على الهدوء قدر الإمكان. ولا يجب أن ننسى أن هذه الأنشطة لا تبقى دائماً تحت السيطرة. فالتصعيد قد يحصل ويتحول إلى دوامة تغذي نفسها. ولذا الأمر خطير جداً. إذا قضيت يوماً هادئاً فقد يؤدي إلى يوم هادئ أيضاً. وإذا مررت بيوم شهد أحداثاً، فقد يعقبه يوم مماثل.

وليس هناك الكثير لأقوله في هذا الموضوع، آمل أن نتمكن من الحفاظ على الهدوء وأن نعيش كل يوم بيومه. فأنا أقيّم الوضع يومياً – في محاولة لإبقاء الغالبية الساحقة من الشعب خارج الأحداث الدائرة وآمل أن أتمكّن من مواصلة ذلك.

ساتلوف: إذاً قبل عام، كانت القدس محور التوترات واندلع النزاع. هذا العام الوضع هادئ، حتى الآن على الأقل، وآمل أن يبقى كذلك. والآن أدرك أنك كنت تسعى إلى تحقيق ذلك نوعاً ما. ما الذي تغير بين العام الماضي والحالي، بحيث بقيت الأوضاع هادئة في القدس حتى الآن؟

غانتس: أعتقد أننا طوينا عدة صفحات، على غرار قضية الشيخ جراح التي أغلقتها المحكمة ولم تعد تطرح مشكلة. وغيّرنا أيضاً بعض التكتيكات التي نستخدمها لمحاولة تخفيف حدة النزاعات في الميدان، أي في بعض المناطق. على غرار بوابة نابلس مثلاً، فبدلاً من الاكتفاء بنشر الجنود هناك، فتحنا محال صغيرة مختلفة وأماكن مماثلة ليتمكن للناس من القدوم والاستمتاع بالمكان.

ومع ذلك، واجهنا حدثين خلال الأيام القليلة الماضية بدآ يتحولان إلى معضلة. لقد حاولنا الحرص على فتح المسجد للمصلين الراغبين في الصلاة فيه. وسمحنا لمن هم فوق الخمسين من العمر بالدخول بدون تصاريح، وإذا بقي الوضع جيداً سأوسع نطاق القرار ليشمل من هم فوق سن الخامسة والأربعين. بالطبع، آمل أن تكون الأمور على ما يرام ولكني مستعد للأسوأ، وآمل أن نتمكن من مواصلة فعل الخير.

ساتلوف: الآن أود أن أسألك عن كيفية استجابة حكومتك والائتلاف الحالي للإرهاب، ومقارنة الاستجابة بردود الحكومات السابقة. في الماضي، ردّتْ غالباً إسرائيل على الإرهاب – إلى جانب التدابير الأمنية – من خلال الموافقة على برامج استيطان قيد الإعداد. أعلم أنك قمت بإعداد مجموعة من تدابير بناء الثقة تعمل على تطبيقها بالتعاون مع الفلسطينيين والسلطات الفلسطينية. هل تتوقع أيضاً أن تسلك الحكومة الحالية المسار الآخر والموافقة على نشاط استيطاني مختلف في أعقاب موجة الإرهاب هذه؟

غانتس: لقد استلمتُ منصبي منذ عامين تقريباً، ووافقت على بناء آلاف المنازل للإسرائيليين والفلسطينيين على السواء. لم أوافق على إضافات لطرف واحد بل للطرفين معاً لكي يتمكنا من عيش حياة طبيعية، وإنشاء مستوطنات إسرائيلية ضمن الكتل في المقام الأول وخارجها أيضاً. ولكني في الوقت نفسه وافقت على الكثير من خطط البناء الفلسطينية في المنطقة، وهكذا دواليك.

أعتقد عموماً أنه علينا الانتقال من النزاع حول الطرف الذي لن يعيش في المنطقة إلى كيفية العيش معاً فيها. وهذا نهج مختلف للغاية. فنحن نواصل أعمال البناء للإسرائيليين والفلسطينيين على السواء بطريقة شرعية. وفي الوقت المناسب – في المستقبل القريب على ما أعتقد، ولكن في الوقت المناسب – سيحصل ذلك بموجب تقييم دقيق للوضع كما قلت، ولكنه لن يتوقف. وسنمضي قدماً في تدابير بناء الثقة وبعض الأنشطة الاقتصادية قدر الإمكان.

سأعطيك مثالاً عن أمر لم نقم به سابقاً ولكننا نفعله الآن. لديك مثلاً مصانع في نابلس منحناها الإذن لإنتاج سلع مطابقة للمعايير الإسرائيلية. وهي تعمل في نابلس، وتسوّق المنتجات مباشرة في إسرائيل من دون أن تخضع للتفتيش. فالأمور إذاً تتحسن وكلما تحسّن الوضع الاقتصادي، ازداد الاستقرار، ومتى عم الاستقرار وازدهر الاقتصاد، تحسن الوضع الأمني.

ونحن نقول لجيراننا الفلسطينيين “عندما يسود الهدوء ستتمتعون بالازدهار الاقتصادي”. وهذه هي الحال في غزة. هناك 12500 شخص يأتون من غزة للعمل في إسرائيل. وإذا بقي الوضع هادئاً، سأحرص على زيادة العدد. ولكن إذا ساء الوضع فسأضطر إلى وقف هذا الإجراء. آمل أن يفهموا ذلك وإن لم يفعلوا، لا سمح الله، يبقى الخيار السلبي قائماً. ويمكننا اعتماده دائماً فهذا سهل بالنسبة إلينا.

ساتلوف: في سياق متصل، وخلال الساعات الأربع والعشرين الماضية، أعلم أنك أشرت إلى رئيس بلدية أم الفحم الذي يعارض بشدة الإرهابيين من سكان قريته الذين نفذوا الهجمات. ورأينا سياسياً إسرائيلياً عربياً بارزاً، وهو أيمن عودة، يحث الإسرائيليين العرب الذين يخدمون في صفوف قوات الأمن أو الشرطة على ترك عملهم. ما ردك على ذلك؟

غانتس: أظن أن هذا التصريح غير مسؤول. أعلم أن أيمن عودة أدان الأنشطة الإرهابية قبل عدة أيام. وأظن أنه مخطئ تماماً ولا يجدر به الإدلاء بتصريحات مماثلة. فهو قائد عربي وعليه أن يحاول التخفيف من الضغوط والاحتدام بدلاً من إطلاق تصريحات سلبية مماثلة.

ولا يجب أن ننسى الشرطي أمير خوري – الذي صودف أنني كنت أعرفه على المستوى الشخصي – وقد لقي حتفه في بني براك قبل نحو عشرة أيام بينما كان يقود دراجته النارية محاولاً اعتراض الإرهابيين. إنه إسرائيلي عربي مسيحي. وجميعنا بشر، ويمكن للضحايا أن يكونوا إسرائيليين سواء أكانوا يهود أو مسلمين. والقوات الأمنية تعمل على ضمان أمن الجميع. وأعتقد أنه ما كان يجب على أيمن عودة قول ذلك، بغض النظر عما قاله.

ساتلوف: بيني، لقد تطرقنا إلى موضوع تقاطع الأمن والسياسة، لذا قبل أن أنتقل إلى مسألتيْ أوكرانيا وإيران يجب أن أسألك: نظراً إلى الأحداث السياسية التي جرت في الأيام الماضية، كيف تقيّم استقرار واستمرارية الائتلاف الذي تنتمي إليه؟

غانتس: من الصعب جداً الإجابة على هذا السؤال ولكنني سأقول لك التالي. في حين لا يمكنك أبداً التأكد من هوية الحزب أو الائتلاف الحاكم المقبل، بإمكاني أن أؤكد لك أن إسرائيل ستبقى دولة ديمقراطية. وهذا أمر واضح. حسناً، أنا أفهم اللعبة السياسية وأن الأفراد يسعون إلى ضمان مستقبلهم السياسي، والأمر معقد جداً لأننا نملك 60 مقعداً مقابل 60 للمعارضة وسيكون العمل بهذه الطريق مليئاً بالتحديات.

برأيي، على الرغم من أن حكومتنا معقدة جداً، فهي تعكس عموماً درجة تعقيد المجتمع الإسرائيلي. فهي تضم اليمين واليسار واليهود والعرب والمتدينين والعلمانيين. ولكن لسوء الحظ لم ينضم الأرثوذكس المتطرفون إليها.

أعتقد أننا نقوم بعمل جيد لدولة إسرائيل في العديد من الجوانب المختلفة ونحافظ في الوقت نفسه على الأمن ونتعامل مع البيئة الدولية. ونواصل تقدّمنا للارتقاء بالمجتمع الإسرائيلي. نحن نتعامل بشكل ممتاز مع فيروس كورونا، ونراقب ما نسميه بموجات هجرة أو المهاجرين القادمين بالآلاف من أوكرانيا وروسيا وبيلاروسيا بشكل رئيسي. وأعدنا أيضاً تشغيل عجلة النمو الاقتصادي في إسرائيل.

لذلك آمل أن نتمكن من الحفاظ على الحكومة، ولكن يا روب، أنت عملت في مجال السياسة أكثر مني. فأنا بدأت العمل السياسي منذ ثلاث سنوات فقط ولا أعلم كيف سيكون الوضع في الأسبوع المقبل. بالنسبة لي، أنا أعلم أين أريد أن نكون الأسبوع المقبل، نريد أن نكون ضمن حكومة فاعلة، وحكومة مسؤولة تخدم المجتمع الإسرائيلي بكامله.

ساتلوف: حسناً، هذا منصف. فلننتقل إلى مجموعة من الأسئلة عن إيران واحتمال التوصل إلى اتفاق نووي معها. لقد خرجت أصوات متعددة علانية وتردد أنها من حكومتك. من جهة، يصف بعض ممثلي ائتلافكم الاتفاق المحتمل بأنه أسوأ من الأساسي، وأنه أسوأ حتى من “خطة العمل المشتركة الشاملة” المبرمة في عام 2015 من وجهة نظر إسرائيل. في حين قال مسؤولون آخرون، وهو كلام تناقلته الصحافة، إن الاتفاق السيئ يبقى أفضل من عدم التوصل إلى اتفاق في الأساس، لأنه يمنح إسرائيل فرصة التمتع بالوقت لإعداد خيارات إضافية. ما الصحيح؟ أو هل تكون وجهتا النظر صحيحتين؟

غانتس: روب أنت تتذكر ربما أن أول خطاب أدليتُ به بعد تقاعدي من الجيش كان في “معهد واشنطن” في عام 2015. وعندما أتيتُ على ذكر الاتفاق النووي، قلتُ فيما يخص مسألة التوصل إلى اتفاق جيد أو سيئ، المهم هو عقد اتفاق. لذا فلننظر إلى ما يمكننا فعله من هذا المنطلق.

أظن أنه في ظل الظروف الحالية، إذا سعينا إلى التوصل إلى اتفاق، يجب أن يكون متيناً من أجل محاولة تقليص الثغرات التي نراها ضمن الاتفاق بحد ذاته. ودعنا لا ننسى أننا خسرنا – أو ربحنا، رهناً بالطرف الذي تطرح عليه هذا السؤال – سبع سنوات بين عاميْ 2015 و 2022. وأصبحت نهايته أقرب قليلاً مما كانت عليها عندما تحدثنا عن التوصل إلى اتفاق في عام 2015. لذا يتوقف الأمر، صراحةً، على نظرتك إليه. أنا أتفهم الرغبة الأمريكية في وضع المسألة الإيرانية جانباً. ولكن إذا لم يتم سَد الثغرات القائمة، سنواجه مشاكل خطيرة لاحقاً. لذا أنا أدرك مزايا التوصل إلى اتفاق محتمل، طالما أنه يأخذ في الحسبان النقاط الضرورية.

لا أعلم إذا كان سيتمّ التوصل إلى اتفاق أم لا. وإذا حصل ذلك، سنضطر إلى استغلال الوقت المسموح به لمواصلة ضمان قدراتنا العملياتية، وما إلى ذلك. أما في حال عدم التوصل إلى اتفاق، سننتقل إلى “الخطة ب”، كما قلتُ سابقاً. وعندما أستخدم صيغة الجمع، أي “نحن”، أقصد المجتمع الدولي والمجتمع الإقليمي وإسرائيل.

ساتلوف: هل يمكنك أن تقول المزيد عن كيفية استخدام الوقت المتاح، إذا كانت هناك خطة، والدَوْر الذي ترغبون في أن تلعبه الولايات المتحدة للاستفادة من هذا الوقت واستغلاله إلى أقصى حد، من أجل إعداد كل ما يلزم؟

غانتس: على صعيد هذه المسألة، لن أسمح لنفسي بالاستفاضة، لأننا نتحدث عن قضايا حساسة للغاية. وفي الواقع، إن أخبرتك بصدق بما أنوي فعله، سأضطر إلى إطلاق النار عليك لاحقاً. وهذا أمر لا أود القيام به بالطبع.

ساتلوف: هذا لطف منك.

غانتس: ولكن جدياً، إذا ترتب عليَّ اقتراح عدة مجالات للأنشطة، سأقول إنه علينا السعي إلى زيادة تعاوننا الاستخباراتي وإنشاء ما يشبه ائتلافاً استخباراتياً إن صح التعبير. ائتلاف واسع النطاق يعمل ضد إيران ويُعوِّض النقص على صعيد قدرات التفتيش. فإذا أردت التوصل إلى اتفاق جيد، لا بدّ من التفتيش “في الأوقات والمناطق كافة”. ولكن هذا لا ينطبق على الاتفاق. علينا سد الفجوات الاستخباراتية.

وسيتعين علينا أيضاً تعزيز القدرات الهجومية وعروض القوة والتعاون والتدريب في الوقت نفسه، وضمان قدرتنا على العمل معاً – سأقول شيئاً عن إسرائيل لاحقاً، وإنما بشأن قدراتها الهجومية. سنضطر إلى اعتراض الأنشطة الإقليمية التي تنفذها إيران في مواقع مختلفة. وهذه الدول معروفة جيداً: اليمن، وسوريا، وبالطبع العراق، ولبنان، وغزة. ولكنها تنفِّذ أنشطة في مناطق أخرى على غرار الجزائر، والصحراء الغربية، وأمريكا الجنوبية. إذاً إنه أمر لا بدّ لنا من مواجهته.

وسنضطر إلى تعزيز قدرتنا الدفاعية في مناطق مختلفة. وكما قلت سابقاً، سنضطر إلى التواصل مع المجتمع الإيراني الذي أعْتقِدْ أنه مجتمع جيد يقع رهينة نظام سلبي للغاية. ولكن ذلك سيكون نشاطاً طويل الأمد.

بالنسبة إلى أوكرانيا، فمن وجهة نظر إسرائيل تتمحور العبرة الرئيسية حول جانبين. أولاً نحن نرى درجة الحذر الذي يتعاطى به العالم الغربي مع روسيا. فهو يستخدم الضغوط الاقتصادية والسياسية وغيرها. ولكنه يتوخى الحذر تماماً بالنسبة إلى الخيارات العسكرية. أظن أن الأمر متعلق بواقع أن روسيا هي قوة نووية عظمى، لذا تختلف الحسابات نوعاً ما عندما تواجه تحدياً مماثلاً. وبالتالي يجب منع إيران من تحقيق التقدم في هذا المجال. صحيح أن هذه الآراء دولية، ولكنها برأيي إقليمية وحتماً إسرائيلية.

أما العبرة الثانية من أزمة أوكرانيا، فهي درس تعلمناه منذ سنوات: في نهاية المطاف ستضطر إلى حل مشاكلك الخاصة. لن يهب أحد للمساعدة. إسرائيل لم تطلب من أحد قط المحاربة نيابة عنها وعلينا اتخاذ الإجراءات الخاصة بنا بشأن المسألة برمتها التي تحدثتُ عنها.

وتتمثل النقطة الأخيرة في قدرتنا المحدودة على التأثير في المجتمع الإيراني أو الاقتصاد الإيراني لأننا دولة صغيرة. ولكننا قادرون على التعامل مع الجانبيْن الأمني والعسكري وعلينا أن نحافظ على هذه القدرة.

ساتلوف: دعني أطرح عليك سؤالين عن أوكرانيا. أولاً، هل لاحظتم أي تغيير في الانتشار أو العمليات الروسية في جارتكم سوريا؟ وهل يمهّد التركيز الروسي على أوكرانيا لأي فرص في سوريا؟ هل هناك تغيير في الوضع الاستراتيجي يمكنكم تحديده؟

غانتس: هناك تغييرات في سوريا، ولكني لست متأكداً من ارتباطها الشديد بالمسألة الأوكرانية. دعني أؤكد أنه بشكل أساسي، ليس لدينا أي اهتمام على الإطلاق في سوريا باستثناء عمليات نقل الأسلحة التي تجري عبرها وأنشطة القواعد الإيرانية التي نراها هناك. ونحن نتصدى للأمر منذ عدة سنوات، ولطالما فعلنا ذلك وسنواصل القيام بذلك، ولا نرى فرقاً كبيراً فيما يتم القيام به هناك من حيث السياسة الروسية.

يسعدني أن أرى بعض الاستقرار الإضافي في سوريا – صحيح أن الأسد لا يزال على رأس النظام ولكن الوضع أكثر استقراراً مما كان عليه. كما أنني ألاحظ بعض الأنشطة بين سوريا والدول الأعضاء في جامعة الدول العربية والدول المجاورة لها، على غرار المحادثات والاجتماعات التي تحصل للمرة الأولى منذ عشر سنوات تقريباً. وأعتقد أنه في نهاية المطاف إذا أراد الأسد أن يكون جزءاً من المنطقة – المنطقة القريبة، عليه وضع حدّ لعلاقاته السلبية مع إيران فيما يتعلق بالأنشطة العسكرية والإرهابية في المنطقة. ولكن الأمور لم تتخذ بعد هذا الاتجاه. ولست متأكداً من قدرته على فعل ذلك. سنراقب ونرى ما يحدث.

ساتلوف: أما السؤال الثاني الذي أود طرحه بشأن أوكرانيا – وكنتَ قد أشرتَ إليه في ملاحظاتك – فيتعلق بتلقي إسرائيل بعض الانتقادات. فقد اتهمها البعض بعدم إظهار الدعم الكافي لأوكرانيا وعدم إنفاذها بشكل كافٍ العقوبات المفروضة على روسيا أو انضمامها إليها. ما ردك على ذلك؟

غانتس: أسمع الانتقاد ولا أقبل به. نحن بلد صغير لديه الكثير من العوامل التي يتعين علينا أخذها في الحسبان. لقد انضممنا إلى الغرب والولايات المتحدة في إدانة العدوان الروسي. وقدمنا أيضاً مئات الأطنان من الدعم الإنساني إلى جانب الدعم الطبي. وسوف نواصل بذل ما في وسعنا لمساعدة الشعب الأوكراني في هذه الأوقات العصيبة. فالصور والواقع أمران مريران للغاية حقاً، لا شك في ذلك. ولكننا عملياً نتشارك حدوداً جوية مع روسيا فوق أجواء سوريا ولبنان، وأعتقد أننا نتصرف بشكل صحيح.

ساتلوف: شهدتْ علاقاتكم مع الدول العربية موجة من التقدّم في الأشهر الثمانية عشر الماضية بحيث يصعب مواكبتها. وتمثل إنجازان مهمان في رحلتك إلى المغرب والبحرين لتوقيع اتفاقات أمنية. ويصعب التصديق أن إسرائيل وقعت فعلياً اتفاقات أمنية مع دول في الخليج وشمال أفريقيا. ما هو المضمون وما هو المغزى؟ وهل تنظرون في تحويل هذه الاتفاقات الثنائية إلى فرص تعاون في المنطقة؟

غانتس: بالفعل روب إنه خبر جيد جداً. عندما كنتُ جندياً مظلياً في مخيم التدريب، استُدعيت لتوفير أمن موكب الرئيس أنور السادات خلال توجهه إلى القدس في عام 1977. وبعد أربعين عاماً تقريباً، استخدمتُ نفس تلك الطائرة للسفر إلى البحرين كوزيراً للدفاع. ويُظهر ذلك لك مدى جودة طائرات “بوينغ” التي ما زالت تحلّق! وهذا أمر مثير للاهتمام.

ولكن لا يجب التسليم للأمر. نحن نتواصل مع أصدقائنا في مصر والأردن والبحرين والإمارات والمغرب. ونتمنى أن نتقدم في العلاقات مع السودان وغيرها من دول المنطقة مع مرور الوقت. لذلك، فهذه أخبار جيدة جداً بالفعل. وأرجو أن تنتقل الأمور من المستوى الدبلوماسي والعسكري والتعاون الاستخباراتي والعملياتي إلى المستوى الشعبي. أعتقد أن فرص تحقيق ذلك كبيرة، ولا سيما بالنسبة إلى الإمارات والبحرين والمغرب، التي تجمعنا بها علاقات جيدة يمكننا الاستفادة منها. في 4 نيسان/أبريل، استُبدل قائد القوات الجوية الجنرال بار بالجنرال نوركين، وخلال الاحتفال استُخدمت ثلاث لغات بالتزامن – العبرية والإنكليزية والعربية – لأن نظراءه من المنطقة جاؤوا للمشاركة. لقد انتقلنا إلى منطقة مسؤولية “القيادة المركزية الأمريكية”، مما يمنحنا الإطار التنظيمي للمضي قدماً في مسألة التعاون.

لذلك فإن هذه الاتجاهات جيدة بالفعل. وسوف نعززها ونوسعها قدر المستطاع. أعتقد أنه بينما نلاحظ جانباً سلبياً في الشمال يمتد من إيران إلى شمال العراق فسوريا ولبنان، هناك معسكر معتدل في الجنوب: إسرائيل والأردن والسعودية ودول الخليج وبالطبع مصر. أرجو أن نسمع أخباراً جيدة من تركيا أيضاً. فقد شهدنا بعض أنشطة التقارب المشجعة مؤخراً.

لا أعرف إن كنتَ ترى ذلك، ولكن لدي صورة نصف كوب ممتلئ من النبيذ هنا [يسحب صورة عن الرف]. وأحاول دائماً النظر إلى النصف الممتلئ من الكوب. صحيح أنني لا أتجاهل النصف الفارغ، ولكن ثمة بعض الاتجاهات الجيدة أيضاً.

ساتلوف: في هذا الصدد، وقبل أن نختتم محادثتنا، هل ترى إمكانات واقعية لمساعي إقليمية بشأن قضايا مثل تقنية دفاع صاروخية أو مضادة للطائرات المسيرة، أي شراكات عملية بينكم وبين هذه الدول؟ ليس فقط العلاقات الثنائية التي تبنيها مع البلدان الفردية؟

غانتس: من دون الخوض في تفاصيل هذه القضية، سأقول إن ذلك ممكن بكل تأكيد.

ساتلوف: حسناً. أشكرك على الوقت الذي خصصته لنا بيني. أعلم أن الجميع يطلبون مقابلة منك في الوقت الحاضر. أشكرك جزيل الشكر وأتمنى لك عيد فصح سعيد. وأرجو أن تمضي وعائلتك عطلة هادئة وخالية من الأحداث.

غانتس: شكراً جزيلاً لك وأنا أيضاً آمل ذلك. أتمنى لكل المسلمين رمضان كريم. أعتقد أنه بالنسبة لنا نحن القادة السياسيون، في إسرائيل وفي مناطق أخرى أيضاً، ثمة دائماً طبقة عملياتية علينا الحرص على تفعيلها. ولكن في الوقت نفسه، يجب أن نحاول السعي إلى رسم معالم المستقبل ليكون عالماً أفضل وأكثر إيجابية. وهذا ما نحاول القيام به.

ساتلوف: جيد جداً. شكراً جزيلاً معالي وزير الدفاع بيني غانتس.

أصبح بالإمكان نشر مقالات “منتدى السياسات” بفضل كرم “عائلة فلورنسا وروبرت كوفمان”.

المصدر: معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى