يهدّد تلوث مياه الشرب في محافظة طرطوس بالساحل السوري، صحة الأهالي ويزيد من احتمال إصابتهم بالأمراض، في ظل حديث عن تلوث عينات من المياه التي يحصل عليها السكان في عبوات بلاستيكية عبر الباعة الجوالين.
وفي السياق، يقول غياث حسن (36 عاماً)، المقيم في ريف طرطوس، لـ”العربي الجديد”، “نحن نشتري المياه غالباً عبر عبوات بلاستيكية سعة 25 لتراً، لنحصل على مياه صالحة للشرب، وخاصة أنها من ينابيع طبيعية، في حين أنّ التي تأتي من الشبكة كلسية وغير صالحة للشرب”.
وأضاف “لكن المشكلة في بائعي المياه، حيث لا يتم تعقيم هذه العبوات، وهناك بعضهم يجلبون المياه من مصادر غير معروفة، وهو ما يهدد صحة وسلامة المستهلك، خاصة في ظل الحاجة المتزايدة لمياه آمنة”.
من جانبه، يوضح علي حسن (43 عاما)، المقيم في طرطوس، “منذ سنوات نشتري المياه من الباعة الجوالين، وهو عمل يقوم به أي شخص لديه شاحنة صغيرة أو حتى دراجة نارية، حيث تجدهم يوميا في الصباح الباكر أو المساء بالقرب من منازل من يتعاملون معهم لتأمين مياه الشرب”.
يضيف “منذ فصل الشتاء نعاني من تعكر المياه، وهناك أشخاص أصيبوا بأمراض هضمية وآخرون بالتهاب الكبد”، مبينا أن “العائلات تحاول تعقيم المياه عبر غليها وتبريدها، وهناك من يجلبون أقراص كلور للتعقيم، لكنهم قلة في المجتمع”.
بدوره، نقل موقع إعلامي محلي عن مصدر في مديرية التجارة الداخلية وحماية المستهلك في طرطوس لم يكشف هويته، تصريحه بوجود تلوث في 9 عينات من أصل 11 عينة تم أخذها من بيدونات مياه تباع بواسطة سيارات جوالة في طرطوس، لافتا إلى سحب 20 عينة من قبل لجنة مشتركة بين الموارد المائية والتجارة الداخلية.
وبينت مؤشرات التلوث للمصادر المائية المقاسة بأنها دون مستوى الإصابة بالتهاب الكبد الوبائي، مع ارتفاع مؤشر العصيات البرازية في مياه بعض المصادر المائية في جبل النبي متى.
وذكر أن عدداً كبيراً من أهالي المحافظة يضطرون لشراء مياه البيدونات خاصة في الصيف أثناء انقطاع المياه لعدة أيام، إضافة إلى اعتقادهم بأن مياه الينابيع أكثر عذوبة ونقاء من مياه الشبكة الرئيسية التابعة لمؤسسة المياه.
وكان مدير التجارة الداخلية وحماية المستهلك في طرطوس، سالم ناصر، قد قال في تصريح صحافي سابق، إنهم بصدد تكليف رؤساء البلديات بمتابعة تعقيم خزانات المدارس والمنازل، بالإضافة للخزانات الخاصة التي يتم سحب مياه الآبار إليها، ليصار فيما بعد إلى تعبئة المياه بالبيدونات وبيعها للأهالي، مبيناً أنه تم توزيع أقراص تعقيم تكفي لجميع الخزانات لتصبح المياه صحية وسليمة خالية من العصيات البرازية، بالإضافة لاستمرار مديرية التجارة الداخلية وحماية المستهلك بأخذ عينات من مصادر مياه الشرب وتحليلها للتأكد من سلامتها ومطابقتها للمواصفات.
يشار إلى أنّ 400 شخص في منطقة الدريكيش أصيبوا بالتهاب الكبد الوبائي خلال الشهر الماضي، وذلك بسبب تلوث مياه الشرب، بحسب تقارير إعلامية.
وكان مهندس زراعي من طرطوس، طلب عدم ذكر اسمه لأسباب خاصة، أفاد في حديث سابق مع “العربي الجديد”، بأنه يعتقد أنّ “السبب الرئيسي لتلوث مياه الينابيع، سوء البنية التحتية للخدمات، وخاصة شبكة الصرف الصحي، ما يسبب تسرب المياه الآسنة إلى المياه الجوفية، وزيادة مؤشرات التلوث فيها، إضافة إلى مخلفات معامل المنظفات وغيرها من الجهات، التي تساهم بتلويث المياه، في ظل غياب الرقابة وانتشار الفساد”.
وأوضح أنّ “معظم المعامل في المنطقة لا تتقيد بإنشاء محطات معالجة خاصة بمخلفات المعامل التي منها ما يطرح ملوثات جرثومية أو كيميائية مثل النترات أو ملوثات مسرطنة مثل الرصاص”.
وحذر من أنّ “الخطر يتضاعف مع تراجع إمكانات القطاع الصحي، جراء وجود نقص في الكوادر الطبية والأدوية، فيما ارتفعت أسعار الأدوية كثيراً، ما يحرم الغالبية الساحقة فرصة الحصول عليها، في ظل تردي الأوضاع المعيشية والاقتصادية”.
يشار إلى أنّ التهاب الكبد “أ”، يمكن أن يسبب مرضاً تتراوح شدته بين الخفيف والخطير. وتنتقل العدوى بهذا الفيروس من طريق تناول الأطعمة والمياه الملوّثة أو المخالطة المباشرة لشخص مصاب بالعدوى، بحسب منظمة الصحة العالمية، التي تعتبر أنّ من عوامل الإصابة الخطرة تردي خدمات الصرف الصحي، وعدم توافر المياه الآمنة.
المصدر: العربي الجديد