لم تكن مجزرة حماة الكبرى (مأساة العصر) في شباط 1982 أول الانتهاكات التي تعرضت لها المدينة بعد انقلاب عام 1963…فقد سبقتها أحداث مسجد السلطان عام 1964 وأحداث الدستور 1973 وأحداث نيسان 1980 بل سلسلة طويلة من تغول السلطة واستئسادها على أهالي هذه المدينة.
بتاريخ 7 نيسان 1980 أفاق سكان مدينة حماة في الساعة الثالثة صباحاً على أصوات سيارات النجدة تعلن منع التجول في المدينة، أعقبها إطلاق نار غزير من مختلف الأسلحة الخفيفة والثقيلة، والتي توزعت في أنحاء المدينة، وكانت فرقة مدرعة كاملة مع كتيبتين من الوحدات الخاصة قد حاصرت حماة واحتلت مواقعها الرئيسية في ليل اليوم الفائت. ومع الصباح الباكر بدأت حملات التمشيط وتطويق الأحياء التي استمرت أسبوعاً كاملاً استباحت خلاله عناصر السلطة المدينة، وأعملوا فيها الحرق والنهب والتدمير، ومارسوا مع أهاليها أشنع وسائل القمع والإرهاب والإذلال وزجوا في السجون والمعتقلات أكثر من 200 مواطن، وقتلوا العشرات من أبناء حماة، كان أبرزهم:
– الدكتور عمر الشيشكلي: نقيب أطباء العيون في سورية. نُقل بعد تعذيبه إلى قرية “أبو قبيس” غربي حماة وهناك أعدموه رمياً بالرصاص واقتلعوا عينيه وأرجعوه إلى حماة ورموا جثته بالقرب من منزله على قارعة الطريق.
– خضر الشيشكلي (83) سنة، وهو من الوجوه الوطنية التي ناضلت ضد المستعمر الفرنسي وأحد أبرز أعضاء الكتلة الوطنية، قام جنود النظام بجرّه في الشوارع وهو حي ثم نقلوه باتجاه مدينة محردة غربي حماة، وفي مدخل مدينة محردة حرقوه حياً بعد التعذيب، وأعادوه إلى حماة ورموا جثته المحترقة أمام منزله ثم مثّلوا بجثته وهو ميت.
– الدكتور عبد القادر قندقجي صاحب مستشفى الحكمة، وهو طبيب جراح.
– أحمد قصاب باشي: عثر على جثته في “جسر الهوى” وقد مزقها الرصاص، وكان رجال الأمن قد أخذوه من منزله قبل يومين.
المصدر: صفحة يوسف العثمان