أولًا. نؤكد أن الربيع السوري الذي تفتح في آذار/مارس 2011 .كان بداية لعصر جديد بالنسبة للسوريين . ومفتوحا على كل الاحتمالات.. فالربيع السوري كان امتدادا للربيع العربي. وكان تأسيس للانتقال من عصر الدولة الاستبدادية. الى الدولة الديمقراطية . محققة مطالب أغلب الناس المظلومين بالحرية والكرامة والعدالة والحياة الأفضل
ثانياً. أن حصاد السنوات السابقة للوضع السوري .أكد أن القوى الدولية والإقليمية انقسمت بين طرفين بعضهم ( روسيا وإيران و المرتزقة الطائفيين) ساعد النظام السوري بكل أسباب الوجود والاستمرار مالا وسلاحا وغطاء دولي ورجالا.. وهذا ما جعل الثمن أغلى بالنسبة لثورتنا. وكان الطرف الآخر الغرب وامريكا والدول الخليجية وتركيا . يصطف مع الثورة السورية، في السنوات الأولى . بدعم ضعيف يؤدي لاستمرار الصراع وليس حسمه. فلا الثورة انتصرت ولا النظام انهزم
ثالثاً. كان لعدم الحسم في الثورة السورية تبعات كثيرة: فعلى مستوى النظام اُطلقت يده في مواجهة الشعب السوري قتلى واعتقالات وتشريد وتدمير للبلاد. والارقام تتحدث عن مئات آلاف الشهداء الموثقين. ومثلهم معتقلين. وما يزيد عن المليون من المصابين والمشوهين .ما يزيد عن الستة ملايين مهجرين خارجيا ومثلهم داخليا.. اسباب الحياة انعدمت عند الملايين وتحول أكثر من نصف الشعب السوري يعيش على المعونات. والنظام لم يترك اي صنف من السلاح إلّا واستعمله . وكان رد مجلس الأمن دائما تنديد دون أي فعل حقيقي يوقف مقتلة الشعب السوري. باستثناء السلاح الكيماوي .الذي سلمه النظام لمجلس الأمن لخطورته على حلفاء الغرب (اسرائيل) كما ادعى النظام طبعا. ولا أهمية للشعب السوري
رابعاً. من تبعات الحرب المفتوحة من النظام على الشعب السوري وصمْت العالم عنه. ومحدودية دعم أصدقاء الشعب السوري. أدى الى ظهور ونمو ظاهرة داعش من فعل النظام وأطراف أخرى .التي استفادت من طائفية ووحشية النظام .لتطرح نفسها بديلا مقاتلا. وتدخل في الصراع في سوريا والعراق تتصرف بطرق وحشية ذات طابع إعلامي إستعراضي مسرحي .تخلط أوراق الصراع وتتحول واقعيا إلى عدو للشعب السوري والعراقي، بعد أن استسهلت هدر دم الشعبين وثوارهم ايضا. وكانت واقعيا ان تتصرف وكأنها اداة للنظام السوري وحلفائه بالقضاء على الثورة السورية والعراقية . وتشويه صورتهم. كان النظام العالمي جاهزا ليتحرك للحرب على داعش بصفتها ارهاب. وتاركين أصل البلاء وهو النظامين العراقي والسوري. يقتلون بالشعبين ويعيدونا إلى الخلف عشرات السنين، حيث استمر ذلك لسنين وتم تحييد داعش وتحولها الى مجموعات صغيرة هامشية وبعضها تحول الى خلايا نائمة، والاهم ان الحرب على داعش اعادت تموضع النظام الاستبدادي العراقي بصيغته الطائفية الشيعية التابعة لإيران وجعلت العراق يدخل في استبداد مديد. وكذلك على مستوى سوريا حيث تم الصمت عن النظام ودخلنا في لعبة الحلول السياسية وان لا حل عسكري في سوريا، وان الحل بالتوافق جنيف واحد واثنين وقرار مجلس الأمن ٢٢٥٤ ، والنتيجة ترك النظام يقتل ويستعبد الشعب السوري للآن
خامساً. الأسوأ في كل ما حدث (وكله سيئ). إن الصراع الذي ابتدأ صراع شعب ضد النظام الاستبدادي ومن أجل الحرية والكرامة والعدالة والدولة الديمقراطية. حوله النظام الاستبدادي الطائفي ومع حلفائه الطائفيين من إيران والعراق وحزب الله والمرتزقة غيرهم. الى صراع طائفي اهلي . وكان لاستجابة داعش للحالة وبعض الفصائل ليؤكد أن الصراع السنة لمواجهة الشيعة والعلويين الذين تورطوا بدمائهم بالحرب على الشعب السوري. وزاد خلط الاوراق ايضا صراع التحالف الدولي مع داعش على انها حرب ضد الإرهاب.. المشهد أكثر تعقيدا وأكثر سوءا أيضا
سادساً. أدى أسلوب إدارة الصراع من النظام وحلفائه ومن داعمي الثورة السورية. للوصول لما وصل اليه. فالجيش الحر لم يحظى بالدعم الكافي مما أدى الى تآكله وتحوله لمجرد حضور رمزي و جزر معزولة. حيث سُكت دوليا – بداية – عن وجود ونمو داعش وأمثالها. وزاد التأثير أيضا عدم دعم الثوار بسلاح نوعي يعدل ميزان القوى ويحسم الصراع .وخاصة مضاد الطيران . الطيران الذي دمر وقتل في الشعب السوري في سابقة تاريخية لأي حكم في مواجهة شعبه ومع الزمن لم يبقى هناك دعم للجيش الحر إلا في الأرض المحررة بجوار تركيا برعاية تركية و حسابات مدروسة ، هذا اذا اضفنا الواقع الملتبس لهيئة تحرير الشام المهيمنة في إدلب وجوارها، تصنيفها السابق كارهاب، محاولتها أن تحصل على القبول الدولي وان تكون ورقة فاعلة، مازال ملفها ضبابي وغير محسوم ومتروك للقرار الأمريكي.
سابعاً. والمشهد السياسي في الثورة السورية ليس أقل سوءا. فحين صُنع الائتلاف وطور عن المجلس الوطني السوري .كان عيبه انه غير مرتبط بثوار الارض .وذلك بارادة الداعمين .بحيث كان امداد المال والسلاح مباشرة من الداعمين للثوار . وكل دولة حسب أجندتها الخاصة . مما جعل العلاقة بين جناحي الثورة السياسي والعسكري شبه مقطوع و عديم التأثير . العسكري مرتبط بمن يدعمه واجندته ايضا. وتصرفه غالبا لحظي بمقدار الدعم وحدود الحركة . وموجه احيانا لصراع فرعي بين المجموعات أو لحرب داعش. والحصاد صراع يطول وضحايا أكثر وتقدم على الأرض صفري هذا ما حصل حتى بدأ التدخل الروسي في عام ٢٠١٥بكل جبروته حيث حسم الصراع لصالح النظام بتحويل سوريا الى أرض محروقة و قتل شعبها وشرده ودمر مدنها وحواضرها.
. وعلى مستوى الائتلاف وأدائه كان الامر اسوأ ايضا.. نظام المحاصصة في الائتلاف الغى قدرته على تمثيل الشعب والثورة. فهناك اصطفاف مصلحي عصبوي شللي .مرتبط بالدول الداعمة.. وكل كتلة تتصرف وفق اجندتها وتكاد تكون اجندة الثورة غائبة.. الصراع على الحصص والدعم والقيادة .تارة بوجه يساري علماني بمواجهة يساري علماني أو بمواجهة إسلامي.. وبكل الأحوال هو صراع اجندات الدول الداعمة. مع المصلحة الخاصة للأفراد أو العصب وأمراضها النفسية. فتارة هم يتحركون لإنهاء الائتلاف وبناء بديل أكثر انسجاما (طاعة) .وتارة دفع الائتلاف لتنازلات لا يقبل بها الشعب من نوع إعادة إنتاج النظام . وهنا تدخل الدول وبدعم من دول الاستبداد العربي لتخفيض سقف مطالب الشعب السوري وتارة العمل لتوسيع مظلة المعارضة السورية لتكون معارضات متصارعة .لتستخدم في موسكو وغيرها.. وأن لا ممثلين متفقين يعبرون عن الشعب السوري.. والحل أن نعود لحضن الاستبداد على أنه أفضل ما قُدّم لنا
ثامناً. تحرك مجلس الأمن والقوى والدولية كثيرا. لكن دون جديّة ودون جدوى ودون نتائج قدم عدة مبادرات للحل قبل مبادرة دي مستورا وبعدها. والنتيجة مراوحة في المكان. ان لم تكن تتراجع عن مكتسبات الثورة بمقررات جنيف والقرار ٢٢٥٤ ورحيل النظام والانتقال إلى الدولة الوطنية الديمقراطية.. هناك عمل حثيث من حلفاء النظام لخرق المعارضة وشقها. ودفع أي طرف ليصنع تسوية ما مع النظام يعيد له شرعية فقدها.. وهناك عمل من حلفاء الثورة للعب بالوقت الضائع بدماء السوريين. باستحقاقات الائتلاف وصراع اجندات ومصالح القوى الاقليمية والدولية .وتركه يهرول بين العواصم لعله يستمر ومحافظته على الشرعية وبعض الدعم. وأنه ما زال مظلة للشعب السوري وثورته.. هناك محاولة لتوسيع التمثيل . وكأنها محاولة تقديم تنازلات عن مطالب الشعب السوري وثواره. ظهرت بوادرها في القاهرة وموسكو وباريس بعد ذلك.. وهناك ما هو اسوأ وهو حصار للائتلاف والحكومة المؤقتة بعدم دعمها. الحكومة التي لا تكاد تقدم الحد الادنى لاهلنا في المناطق المحررة. حيث ينعدم الدعم لشعبنا المشرد في دول الجوار وفي الحدود، شعب ضحية تشرد وجوع وفقر وغياب الأمل والأفق
تاسعاً. كان هناك كلام يتناثر من العواصم والمسؤولين .تارة عن صفقة مع النظام. وتارة إبعاد رأسه وعصبته فقط وتارة حكومة تكنوقراط ورأس النظام يوجد رمزيا. الكلام الكثير عن الإرهاب و أولوية الصراع معه.. ترك الحالة السورية توغل أكثر في صراع المكونات وأدلتها. مؤتمرات الطوائف والمكونات أصبحت القاسم المشترك المدعوم دوليا . تارة مؤتمر للأكراد وآخر التركمان والاشوريين والدروز وآخرهم العلويين .وكأن الشعب السوري اصطف كمكونات طائفية دينية إثنية. وان الفكر الوطني الديمقراطي .أصبح غائبا في الفكر والسلوك .وأصبح النموذج العراقي واللبناني للمحاصصة الطائفية الاثنية هو الحل المنتظر كمخلص رغم كل عيوبه .وأنه لا يحمل من الديمقراطية إلا اسمها. وتتركنا المحاصصة لنكون ضحايا صراع مكونات جديد مرعي دوليا، والى الابد، ومع ذلك فإن كل ذلك تم استبعاده وعاد النظام ليكون الحاكم المطلق بكل عنفه وظلمه واستبداده ولم يبقى على الاجندة الدولية الا متابعة مسار البحث في الدستور السوري على هامشيته وعدم تقدمه ابدا، وكأن الثورة قامت فقط من اجل تعديل الدستور السوري السيئ؟
عاشراً: لقد تغيرت معادلة الواقع بالنسبة للثورة السورية والواقع على الأرض، في الذكرى الحادية عشرة لاندلاع الثورة. فبعد أن دخلت روسيا بكل طاقتها العسكرية في صمت وتواطؤ دولي بالتعاون مع إيران والميليشيات الطائفية حزب الله وغيره، وبدؤوا سياسة الأرض المحروقة واستباحوا دماء الشعب السوري فسقط الضحايا وتشرد الملايين. وسرعان ما انسحب الداعمين للثورة السورية من الإمداد الميداني ليستمروا معها لفظيا فقط. ثم وضحت معالم حالة استنقاع جديد في الواقع السوري. فبعد مليون شهيد ومثلهم مصاب ومعاق ومعتقل ونصف الشعب السوري مشرد داخلا وخارجا. وتقسيم سوريا واقعا قسم مع النظام يعيش تحت القمع والفقر والبطالة والذل والفاقة، وقسم تسيطر عليه قوات سورية الديمقراطية ال ب ي د فرع حزب العمال الكردستاني في سورية، مسيطرة على الشمال الشرقي السوري مع الجزيرة وشرق الفرات حيث الأرض الخصبة والبترول، وهم تحت الحماية الامريكية. وقسم في ادلب وريفها تحت سيطرة هيئة تحرير الشام بوضعها الملتبس والشمال الغربي لسوريا المحاذي لتركيا والمحرر والذي يقع تحت سيطرة الجيش الحر والتمثيل السياسي للثورة السورية، تحت الرعاية التركية…
هذا الثبات الذي دخل نفق البحث في الدستور وتراجع الحديث عن القرار الدولي ٢٢٥٤ والتغيير السياسي في سورية وإسقاط الاستبداد ومحاسبة النظام. ولم يبقى على الاجندة الدولية الا متابعة مسار البحث في الدستور السوري على هامشيته وعدم تقدمه ابدا، وكأن الثورة قامت فقط من اجل تعديل الدستور السوري السيئ؟ !!، يبدو ان سوريا لم تعد على اجندة القوى الدولية الفاعلة ومتروكة لمستقبل سيء ومجهول…
لكن متغير الحرب الاوكرانية وتمرد روسيا على النظام العالمي قد يعيد تقييم دور روسيا في سوريا، وقد يحرك المياه الراكدة في سوريا، وتقترب من تحقيق مطالبنا المشروعة.
اخيرا. رغم كل المتغيرات فإن أصل الثورة لم يختلف ولو تغطى بكل هذا اللغط او هذا التشويه. وما زالت دماء الشهداء والتضحيات تطالبنا. بإسقاط النظام الاستبدادي ومحاسبته وبناء الدولة الوطنية الديمقراطية.. لن يفرض على الشعب ما لا يريد. علينا مزيد من إصلاح وضعنا الذاتي توحيد قوانا السياسية والعسكرية ورؤاها وسلوكها.. والتعامل الندي مع الحلفاء .للعمل جديا لنصرة ثورتنا وانتصارها..
.طريق ثورتنا فرش بالدماء .. مايهمنا انتصارنا بعد كل هذه التضحيات والسنوات المريره على شعبنا وبلادنا .فليس اقل من بناء الدولة الوطنية الديمقراطية وتحقيق الحرية والكرامة والعدالة لشعبنا ودخولنا في عصر انسانية الإنسان وبناء حياته الافضل..
عاش الشعب السوري العظيم..
.المجد والخلود لشهدائه كرامتنا وعزتنا..