كان تاريخ 24 شباط نقطة تحول بالنسبة لأوكرانيا والعالم بأسره. فقد شن دكتاتور الكرملين بوتين حرباً واسعة النطاق ضد دولة ذات سيادة، مصحوبةً بهجمات صاروخية واجتياح مما أدى إلى إلحاق دمار هائل بالبنية التحتية وخسائر بشرية كبيرة. هذا الصراع العسكري هو الأول من نوعه في القارة الأوروبية منذ عام 1945. في اليومين الأولين من الحرب، أوقف الجيش الأوكراني الهجوم الروسي، وألحق به هزيمة تكتيكية ثم بدأ في السيطرة على الوضع على الأرض.
سعى بوتين إلى تحقيق الهدف الوحيد الممكن – الاستيلاء على أوكرانيا. هذا عمل عدواني غير مسبوق ضد دولة ذات سيادة في أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية. وإدراكًا منه أنّ “الحرب الصغيرة الخاطفة المنتصرة” لم تنجح ، انتقل بوتين إلى ما يسمى “حرب البنى التحتية”. ترافق تقدم الجيش الروسي مع تدمير هائل للمباني السكنية والمصانع ومراكز التسوق وقتل النساء والأطفال. كان سلوك الجيش الروسي أسوأ من سلوك الغزاة النازيين خلال الحرب العالمية الثانية. إنّ الرقابة غير المسبوقة على وسائل الإعلام، والتي تم فرضها على الفور في روسيا بعد وقت قصير من غزو أوكرانيا، تهدف إلى إخفاء حقيقة ما يحصل. في الواقع، بالنسبة لجمهوره المحلي، يستخدم بوتين السرد القائل بأن هذه ليست حربًا، ولكنها “عملية خاصة لنزع السلاح ونزع النازية من أوكرانيا”. باستخدام المعايير المزدوجة وتحريف الحقائق والأكاذيب الواضحة، يحاول ديكتاتور الكرملين بكل قوته الاحتفاظ بالسلطة من خلال إنشاء دولة إرهابية استبدادية من روسيا، والتي أدار لها العالم المتحضر ظهره بالفعل.
في الرابع من آذار، قد يتم فرض الأحكام العرفية في روسيا من أجل السيطرة تقريبًا على الوضع ومواصلة الحرب بمشاركة دول أخرى تابعة للكرملين، على سبيل المثال، بيلاروسيا، قيرغيزستان، كازاخستان، أرمينيا. يبحث بوتين عن فرص إضافية لإشراك آخرين في مجريات الحرب، ورغم كل شيء، ففي الأسبوع الأول، تجاوز عدد القتلى من الجنود الروس 9000 و الجرحى 30.000. على الرغم من الرقابة الشديدة، بدأ الروس يدركون حجم الكارثة التي بدأت تتكشف، فتأييد ما يقوم به بوتين في أدنى مستوى، إلا أنّ بوتين انحاز إلى حل القضايا باستخدام القوة وهو مستعد للذهاب حتى النهاية بغض النظر عن عدد الضحايا. سيذهب حتى النهاية، حتى إغراق الأراضي الأوكرانية بالجنود الروس القتلى، وإلحاق دمار هائل بالمدن الأوكرانية، وسقوط عدد كبير من الضحايا.
روسيا اليوم بالفعل في عزلة دولية كاملة، وهي تخضع للحصار الاقتصادي، وإفلاسها مسألة وقت. لقد كانت الجرائم التي ارتكبتها روسيا ضد الشعب الأوكراني بالفعل بمثابة نقطة تحول في صورة روسيا وبوتين في عيون الأوكرانيين وفي عيون العالم بأسره، لكن السؤال الأهم هو كيفية الخروج من هذا الوضع. من الناحية النظرية، قد يفكر بوتين في شن ضربة نووية وقائية، خاصة على خلفية الهزيمة الكاملة التي منى بها وفشل وحداته القتالية في التقدم.
إننا نشهد الآن كارثة جيوسياسية بمستويات غير مسبوقة. إن روسيا ترتكب جرائم في أوكرانيا، وتدمر البنية التحتية، وتنهب، وتقتل الناس. لم يطلق بوتين العنان للحرب فحسب، بل أطلق إبادة جماعية للشعب الأوكراني. العالم كله يتضامن مع أوكرانيا ويدين الجرائم التي ارتكبتها روسيا في أوكرانيا. من المهم للغاية إيجاد صيغة لتسوية الأزمات ووضع آلية لوقف إطلاق النار. أضحت هذه الحرب مصدر قلق للجميع، لأن المجرم الدولي بوتين جعل العالم كله على شفا حرب نووية. فقط العزلة السياسية والاقتصادية الكاملة لروسيا يمكنها أن توقف هذه الأعمال الهمجية.
المصدر: الخارجية الاوكرانية